يائيل برون بيفيه... طموحات كبيرة رغم الصعوبات

الرئيسة الجديدة لمجلس النواب الفرنسي لم تكن مرشحة ماكرون المفضلة

يائيل برون بيفيه... طموحات كبيرة رغم الصعوبات
TT

يائيل برون بيفيه... طموحات كبيرة رغم الصعوبات

يائيل برون بيفيه... طموحات كبيرة رغم الصعوبات

بعد 64 سنة من تولي جاك شابان دلماس رئاسة «الجمعية الوطنية» (مجلس النواب) الأولى في عهدة «الجمهورية الخامسة» بفرنسا، وأربع سنوات على تولي ريشار فيران رئاسة هذه المؤسسة السياسية العريقة، انتخبت النائبة يائيل برون بيفيه (52 سنة) أخيراً رئيسة لمجلس النواب. ومع انتخاب نواب «الجمعية الوطنية» (إحدى مجلسي البرلمان بجانب مجلس الشيوخ) برون بيفيه، بـ242 صوتاً، فإنها باتت أول امرأة تتولى هذا المنصب في تاريخ فرنسا. ويأتي هذا الاختيار اللافت على رأس السلطة التشريعية بعد شهرٍ واحد من تعيين سيدة أخرى هي إليزابيث بورن رئيسة لمجلس الوزراء (الحكومة) خلفاً لجان كاستيكس. ومع بورن وانتخاب أورور بيرجيه، لرئاسة كتلة «حزب النهضة» الرئاسي في مجلس النواب، يُشكّل هذا «الثلاثي النسائي» في السلطة سابقة في فرنسا.
مراقبو المشهد السياسي في فرنسا لا يرون في تولي يائيل برون بيفيه رئاسة «الجمعية الوطنية»، أي مجلس النواب، خطوة مفاجأة، بل هو نتيجة مساعٍ حثيثة قامت بها هذه الأخيرة للفوز بهذا المنصب المرموق.
إنها مساعٍ استمرت لأشهر طويلة حتى قيل إن تعيينها على رأس وزارة أراضي ما وراء البحار، يوم 20 من مايو (أيار) الماضي، كان محاولة من الأوساط المقربة للرئيس إيمانويل ماكرون لإخماد طموحها في الوصول إلى قصر البوربون (مقر «الجمعية الوطنية» في باريس). وللعلم، فإن رئيس مجلس النواب السابق ريشار فيران كان قد أعرب عن نيتّه الترشح من جديد، وكانت طموحات براون بيفيه ستضعه في وضعية منافسة قد تكون صعبة. وهنا نشير إلى أن عين برون بيفيه على المنصب المرموق تعود إلى 2018 حين أعلنت عن ترشحها لأول مرة في مواجهة زميلها فيران قبل أن تنسحب وتعلن دعمها لهذا الأخير.
ثم في ديسمبر (كانون الأول) من عام 2021 عادت لتحاول من جديد، وهذه المرة جاءت النائبة الطموحة وهي مستعدة و«حافظة» لدرسها. وبالفعل، فإنها عمدت على تحضير تقرير لـ«مؤسسة جان جوريس» القريبة من اليسار - والتي تعتبر بمثابة مختبر للأفكار - بعنوان «دعوة من أجل برلمان قوي». ويومذاك فُسّر التقرير بأنه برنامج برون بيفيه لرئاسة مجلس النواب، لا سيما أنه تضمّن 25 مقترحاً لتحقيق توازن القوى بين السلطة التنفيذية والتشريعية، وتعزيز دور البرلمان وتخطّي الحواجز التي تحّد من حرية هذا الجهاز، إضافة إلى تعزيز دور المعارضة وحقوقها، وتطبيق مراقبة صارمة على نشاط الحكومة. وحقاً، شدّ التقرير الذي حضرته النائبة انتباه زملائها من النواب ولاقى استحسانهم، وبخاصة، أنهم لا طالما ندّدوا بضعف موقف المعارضة وضيق هامش المناورة في مواجهة الرأي الآخر.
في المقابل، لم يكن ترشح برون بيفيه لرئاسة مجلس النواب خطوة إيجابية من وجهة نظر قصر الإليزيه (أي رئاسة الجمهورية) لعدة اعتبارات، أبرزها: الأول، أن ترشحها يعني تخليها عن منصب وزاري حسّاس يخصّ أراضي ما وراء البحار. والثاني أنها بذا ستكون رابع وزيرة تترك منصبها بعد الهزائم التي تعرّضت لها ثلاث وزيرات في الانتخابات التشريعية الأخيرة. والثالث والأهم أن الرئيس ماكرون، على المستوى الشخصي، لم يكن يدعم ترشحها.
والحقيقة، أنه بعد انسحاب ريشار فيران - في أعقاب هزيمته في الانتخابات، وهو الذي كان الخيار رقم واحد للرئيس - تحوّل الرئيس ماكرون إلى دعم ترشح نائب آخر هو رولان لوسكور الذي كان يبدو أنسب للمنصب، حسب مصادر رئاسية. لكن مع هذا، لم يُضعف هذا الموقف من عزيمة برون بيفيه، التي كثّفت مساعيها، وأقامت مأدبة عشاء بمناسبة عيد الموسيقى، دعت إليها زملاءها من النواب، وكان الغرض طبعاً هو حرصها على التأكد من حشد التأييد وحصّد عدد كافٍ من أصوات زملائها النواب. ثم اجتهدت أيضاً في كواليس المؤسسة التشريعية لتفعيل دعم ملف ترشحها، لا سيما في أوساط معارفها من الحزب الاشتراكي الذي كانت تنتمي إليه.
- بدايات سياسية صعبة
هنا لا بد من القول، إن الرئيسة الجديدة لمجلس النواب تتمتع بسمعة جيدة في الأوساط السياسية الفرنسية. إذ يصفها زملاؤها بـ«المجتهدة»، فبعد وقت قصير من توليها مهامها البرلمانية شرعت في الزيارات الميدانية للسجون ومراكز الإصلاح في إطار مشروع قانون قدمته لإطلاق ما يسمى بـ«سجون الأمن المفتوحة». وكانت أيضاً وراء مشروع قانون حول إعادة وضع تدابير أمنية للإرهابيين الخارجين من السجون، ومشروع ثالث يتعلّق بسن قانون أساسي من أجل الثقة في الحياة السياسية.
إلا أن الوضع لم يكن كذلك في البداية. ففي حوار لصحيفة «لونوفيل إكونوميست» كشفت برون بيفيه أن بداياتها في السياسة كانت على أصعب ما يكون. وذكرت أن قلّة خبرتها في المجال السياسي جعلتها عرضة لانتقادات شديدة، مضيفة أنها «حين دخلت المعترك السياسي لم تكن تدرك أنها ستتلقى الكّم الهائل الذي تلقته من الضربات»... وللتذكير، كانت رئيسة مجلس النواب الجديدة منخرطة في صفوف الحزب الاشتراكي من دون أن تُسند إليها أي مسؤوليات. وهي بعد عودتها إلى فرنسا بعد إقامة طويلة في الخارج انضمت إلى حزب الرئيس إيمانويل ماكرون المسمى «لا غوبوبريك أون مارش» - أو «الجمهورية إلى الأمام» - الذي كان يبحث آنذاك عن وجوه جديدة. ثم دخلت حلبة الانتخابات، وفازت بمقعد برلماني عام 2017 عن إحدى دوائر محافظة الإيفلين (بجنوب غربي باريس) وعاصمتها فرساي.
- طموح وصعود
إلا أن طموح النائبة المبتدئة في السياسة دفعها خلال فترة قصيرة إلى تقديم ترشحها لمنصب أكثر أهمية وهو منصب رئيسة لجنة القوانين في الغرفة الثانية للبرلمان، وهو منصب رفيع المستوى من النادر أن يحظى به مُشرع مبتدئ. وبعد أسبوعين فقط فازت به متغلّبة بذلك على أكثر المرشحين خبرة من الرجال. وكانت ثاني امرأة في تاريخ فرنسا تفوز بهذا المنصب بعد كاترين تاسكا، التي شغلت المنصب ذاته من 1997 إلى 2000 وهي سياسية مُحنّكة شغلت عدة حقائب وزارية.
وبعد أسابيع من توليها هذا المنصب، كشف صحافي من صحيفة «لوكانار أنشينيه» الفرنسية الساخرة كان حاضراً في جلسة اللجنة بأن برون بيفيه تفتقر لأدنى درجات المهنية المنتظرة من المُشرع ألا وهي التحكّم في المُصطلحات القانونية. ونقل هذا الأخير أنه إبّان سير إحدى الجلسات سألت النائبة أعضاء اللجنة «متى نصوّت على المراسيم؟... وهذا قبل أن ينبهّها بعض النواب بأن المراسيم ليست من صلاحيات النواب ولا يجري التصويت عليها، بل إن الحكومة هي الجهة التي تُصدرها.
كذلك، ذكر مقال «لوكانار أنشينيه» أن النائبة «كذبت على الملأ حين أعلنت في وسائل الإعلام أنها بحكم تكوينها القانوني ومعارفها قادرة على ممارسة نشاطها النيابي على أكمل وجه، بينما نبقى مصدومين بجهلها لأبسط عناصر لغة المشرع وهو التفريق بين القانون والمرسوم». أما نواب المعارضة فقد انتقدوا بشدة سير أعمال لجنة القوانين التي ترأسها برون بيفيه، ونقل عن نائب المعارضة الاشتراكي أوليفيه دوسومبت قوله بأنه لم يشهد في حياته لجنة بهذا القدر من «الفوضوية».
الانتقادات التي طالت مهنية برون بيفيه شملت أيضاً إعفاءها من العمل كل يوم أربعاء الذي كانت قد طلبته من أجل الاهتمام بأطفالها بينما بعض الملفات لا تحتمل الانتظار، وحادثة الميكروفون الذي تركته مفتوحاً بعد إحدى الجلسات حين سُمعت وهي تنتقد زملاءها في البرلمان، مما اضطرها إلى تقديم اعتذار رسمي.
حملة الهجوم هذه لم تتوقّف عند هذا الحّد، بل زادت حدّة بعدما شاركت برون بيفيه في لجنة تحقيق برلمانية في «قضية بنالا». وهنا نذكّر بأن ألكسندر بنالا كان مساعداً لمدير مكتب الرئيس ماكرون جرى توقيفه ووضعه رهن الحجز الاحترازي بعدما نشرت صحيفة «لوموند» شريط فيديو يظهر فيه وهو يضرب متظاهراً في يوم عيد العمال منتحلاً صفة رجل أمن، الأمر الذي أدى إلى إقالته من مهامه. لجنة التحقيق البرلمانية هوجمت بشدة يومذاك لأنها لم تسلّط الضوء على مسؤولية الإليزيه (أي الرئيس ماكرون) في ممارسات بنالا بما فيه الكفاية. كذلك تعرّضت برون بيفيه تحديداً لهجمات معادية للسامية، وتلّقت رسائل تهديد عبر وسائل التواصل الاجتماعي، كشفت عنها النائبة بنفسها على «تويتر» وفي مجلس النواب الذي علّق جلسته تضامناً معها وتّم فتح تحقيق في القضية.
- المحاماة والنشاط الخيري
في حوار مع صحيفة «لونوفيل إكونوميست» تتذكر يائيل برون بيفيه أنها حلُمت بمهنة المحاماة منذ نعومة أظافرها حين عثرت في مكتبة والديها على كتاب جيل بيرو «السترة الحمراء» فانبهرت بكل تفاصيل قضية القاتل كريستيان غنوشي، المعروف أيضاً بكونه آخر سجين يحكم عليه بالإعدام في فرنسا. وأنها «رغم طبعها المتّمرد وشخصيتها العنيدة» كانت تتقّبل نصائح والديها بصدر رحب، ولا سيما والدتها التي شجعّتها مع أخيها على المواظبة في الدراسة والتفوق لإحراز النجاحات والوصول إلى منزلة اجتماعية مرموقة.
وبالفعل، بعد حصولها على شهادة القانون الجنائي، عملت يائيل في مكتب أكبر المحامين الفرنسيين وهو إرفيه تميم الذي تقول إنه من علّمها مبادئ المحاماة. وهي تذكر كيف أنه هبّ لمواساتها حين خسرت أول دعوى قضائية لها بصفتها محامية المساعدة القانونية بقوله: «عليك أن تتذكري أن العدالة لن تأتي دائماً في موعدها... لا بأس هي ليست نهاية العالم.....». وعن هذه الكلمات تقول النائبة: «لم أنسها البتة لأنها كانت تساعدني على التهوين من الإحباط حين أشعر بالظلم».
وبعد بضع سنوات أمضتها النائبة في الخارج مع عائلتها بعيداً عن أي نشاط مهني، عادت إلى الحياة العملية من خلال مشروع استثماري تمثّل في عرض للإيواء والسكن مقابل نقل معرفي مهما كان نوعه، فناً يدوياً أو علمياً. الفكرة لم تنجح وباعتراف برون بيفيه نفسها: «المقاولات لم تكن مناسبة لي»، ورغم المحاولات فإنها طّوت هذه الصفحة نهائياً لتتحول إلى مجال آخر يناسب أكثر قيمها ويمكّنها من خدمة المجتمع وهو النشاط الخيري.
في هذا المضمار أدارت أحد المطاعم المنتمية للمنظمة الخيرية «مطاعم القلب» (بمعنى مطاعم المحبة) التي تقدم سلالاً غذائية أو وجبات غذائية ساخنة للمحتاجين واللاجئين، وهي الفكرة التي أطلقها الكوميدي الراحل «كولوش» في عقد الثمانينات وهي اليوم من أهم المنظمات الخيرية والمنتشرة في كامل أرجاء فرنسا. وفي عام 2014 أشرفت على افتتاح مطعم خيري جديد واهتمت بإدارته، إضافة لمركز مجاني للاستشارات القانونية يستفيد منه المحتاجون وكل من يحتاج لمساعدة محامي.
الدفاع عن حقوق المرأة من القضايا القريبة على قلب برون بيفيه أيضاً، وهي التي خصّصت أول زيارة لها بعد توليها منصب رئيسة الجمعية لمركز «بيت النساء»، الذي يهتم بضحايا العنف الجنسي والعائلي واستقبال طلبات الإجهاض العاجلة. وكانت المناسبة التي أكدت فيها الرئيسة دعمها الكامل لكل القضايا التي تحسن وضع المرأة. وعلى ضوء تداعيات صدور حكم إسقاط حق الإجهاض في الولايات المتحدة فإن أولى جلسات المناقشة التي تنتظر الرئيسة الجديدة بعد الاهتمام بالقدرة الشرائية للفرنسيين ستكون مشروع تكريس حق الإجهاض في الدستور الفرنسي.
- العائلة تأتي أولاً
في حوار مع قناة «فرانس 3» صرّحت برون بيفيه بأنها، ورغم إحساسها بالتألق في حياتها المهنية، فإن عائلتها لا تزال مركز اهتمامها وإحدى أولى أولوياتها... وقد كانت كذلك منذ البداية. فهي أم لخمسة أطفال في مراحل تعليمية مختلفة، وكانت قد جمّدت عملياً نشاطها المهني من أجل التفرغ لتربيتهم حين تلقى زوجها عرضاً للعمل خارج فرنسا. وكشفت برون بيفيه بأنها مرت بمرحلة كان فيها التوفيق بين عملها والاهتمام بأطفالها مستحيلاً، فاختارت أن تتفرغ لهم أكثر من ثماني سنوات بانتظار أن يكتسبوا القدر الكافي من الاستقلال الذاتي.
خلال هذه الفترة أقامت عائلتها في تايوان والبرتغال واليابان التي ولد فيها طفلاها الأخيران. وهي حريصة رغم مسؤولياتها الكثيرة - وبفضل تنظيم مُحكم - على الالتقاء بعائلتها على الأقل مرتين في الأسبوع حول وجبة غذاء تجرى فيها مناقشة مواضيع مختلفة، بما فيها السياسية، والبقاء على اتصال دائم مع كل أفراد عائلتها.
- بطاقة هوية
* ولدت يائيل برون بيفيه يوم 7 ديسمبر (كانون الأول) من عام 1970 بمدينة نانسي، في شمال شرقي فرنسا
* حاصلة على شهادة في القانون الجنائي من جامعة باريس - نانتير، وهي عضو في نقابة المحاميين منذ 1996
* متزوجة من فياني بيفيه، المسؤول في مجموعة لوريال لمستحضرات الجميل، وأم لخمسة أطفال (بنتين وثلاثة صبيان)
* متحدرة من أصول يهودية بولندية وألمانية، وكان جداها (لجهة والدها) فرّا إلى فرنسا هرباً من النازيين خلال الثلاثينات، ولم يكن بحوزتهما سوى حقيبة واحدة.
* في عدة تصريحات وصفت نفسها بأنها محافظة على تراثها اليهودي، لا سيما، ما يخّص الأعياد وعادات وتقاليد الطبخ التي كانت تمارسها في طفولتها، لكنها لا تطبق الأعراف الدينية.
* والدتها نشأت في ملجأ للأيتام، وبعد تلقيها التدرب على الآلة الكاتبة استقلت مادياً وتركت الملجأ، أما والدها فموظف في شركة للملصقات الإعلانية، ولديها أخ واحد.


مقالات ذات صلة

فرنسا تدين احتجاز إيران ناقلة نفط في مياه الخليج

شؤون إقليمية فرنسا تدين احتجاز إيران ناقلة نفط في مياه الخليج

فرنسا تدين احتجاز إيران ناقلة نفط في مياه الخليج

ندّدت فرنسا باحتجاز البحرية التابعة للحرس الثوري الإيراني ناقلة النفط «نيوفي» التي ترفع عَلَم بنما، في مضيق هرمز الاستراتيجي، وذلك صبيحة الثالث من مايو (أيار)، وفق المعلومات التي أذاعها الأسطول الخامس، التابع لـ«البحرية» الأميركية، وأكدها الادعاء الإيراني. وأعربت آن كلير لوجندر، الناطقة باسم «الخارجية» الفرنسية، في مؤتمرها الصحافي، أمس، أن فرنسا «تعرب عن قلقها العميق لقيام إيران باحتجاز ناقلة نفطية» في مياه الخليج، داعية طهران إلى «الإفراج عن الناقلات المحتجَزة لديها في أسرع وقت».

ميشال أبونجم (باريس)
العالم باريس «تأمل» بتحديد موعد قريب لزيارة وزير الخارجية الإيطالي

باريس «تأمل» بتحديد موعد قريب لزيارة وزير الخارجية الإيطالي

قالت وزارة الخارجية الفرنسية إنها تأمل في أن يُحدَّد موعد جديد لزيارة وزير الخارجية الإيطالي أنطونيو تاياني بعدما ألغيت بسبب تصريحات لوزير الداخلية الفرنسي حول سياسية الهجرة الإيطالية اعتُبرت «غير مقبولة». وكان من المقرر أن يعقد تاياني اجتماعا مع وزيرة الخارجية الفرنسية كاترين كولونا مساء اليوم الخميس. وكان وزير الداخلية الفرنسي جيرار دارمانان قد اعتبر أن رئيسة الوزراء الإيطالية جورجيا ميلوني «عاجزة عن حل مشاكل الهجرة» في بلادها. وكتب تاياني على «تويتر»: «لن أذهب إلى باريس للمشاركة في الاجتماع الذي كان مقررا مع الوزيرة كولونا»، مشيرا إلى أن «إهانات وزير الداخلية جيرالد دارمانان بحق الحكومة وإي

«الشرق الأوسط» (باريس)
طرد الطيور في مطار «أورلي الفرنسي»  بالألعاب النارية

طرد الطيور في مطار «أورلي الفرنسي» بالألعاب النارية

يستخدم فريق أساليب جديدة بينها الألعاب النارية ومجموعة أصوات لطرد الطيور من مطار أورلي الفرنسي لمنعها من التسبب بمشاكل وأعطال في الطائرات، حسب وكالة الصحافة الفرنسية. وتطلق كولين بليسي وهي تضع خوذة مانعة للضجيج ونظارات واقية وتحمل مسدساً، النار في الهواء، فيصدر صوت صفير ثم فرقعة، مما يؤدي إلى فرار الطيور الجارحة بعيداً عن المدرج. وتوضح "إنها ألعاب نارية. لم تُصنّع بهدف قتل الطيور بل لإحداث ضجيج" وإخافتها. وتعمل بليسي كطاردة للطيور، وهي مهنة غير معروفة كثيراً لكنّها ضرورية في المطارات.

«الشرق الأوسط» (لندن)
العالم فرنسا: المجلس الدستوري يصدر عصراً قراره بشأن قبول إجراء استفتاء على قانون العمل الجديد

فرنسا: المجلس الدستوري يصدر عصراً قراره بشأن قبول إجراء استفتاء على قانون العمل الجديد

تتجه الأنظار اليوم إلى فرنسا لمعرفة مصير طلب الموافقة على «الاستفتاء بمبادرة مشتركة» الذي تقدمت به مجموعة من نواب اليسار والخضر إلى المجلس الدستوري الذي سيصدر فتواه عصر اليوم. وثمة مخاوف من أن رفضه سيفضي إلى تجمعات ومظاهرات كما حصل لدى رفض طلب مماثل أواسط الشهر الماضي. وتداعت النقابات للتجمع أمام مقر المجلس الواقع وسط العاصمة وقريباً من مبنى الأوبرا نحو الخامسة بعد الظهر «مسلحين» بقرع الطناجر لإسماع رفضهم السير بقانون تعديل نظام التقاعد الجديد. ويتيح تعديل دستوري أُقرّ في العام 2008، في عهد الرئيس الأسبق نيكولا ساركوزي، طلب إجراء استفتاء صادر عن خمسة أعضاء مجلس النواب والشيوخ.

ميشال أبونجم (باريس)
«يوم العمال» يعيد الزخم لاحتجاجات فرنسا

«يوم العمال» يعيد الزخم لاحتجاجات فرنسا

عناصر أمن أمام محطة للدراجات في باريس اشتعلت فيها النيران خلال تجدد المظاهرات أمس. وأعادت مناسبة «يوم العمال» الزخم للاحتجاجات الرافضة إصلاح نظام التقاعد الذي أقرّه الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون (أ.ف.ب)


ترمب اختار فانس للدفع بـ«الترمبية» قدماً... وتغيير هوية حزب ريغان

أكثر ما يثير قلق الخائفين على إرث «الريغانية» من فانس مواقفه في السياسة الخارجية
أكثر ما يثير قلق الخائفين على إرث «الريغانية» من فانس مواقفه في السياسة الخارجية
TT

ترمب اختار فانس للدفع بـ«الترمبية» قدماً... وتغيير هوية حزب ريغان

أكثر ما يثير قلق الخائفين على إرث «الريغانية» من فانس مواقفه في السياسة الخارجية
أكثر ما يثير قلق الخائفين على إرث «الريغانية» من فانس مواقفه في السياسة الخارجية

لسنوات عدة، كان الحزب الجمهوري الأميركي يمرّ بتغيير جذري، حيث يتبنى بشكل متزايد الشعبوية الاقتصادية في الداخل والانعزالية في الخارج، ويغيّر مواقفه في العديد من القضايا الاجتماعية. ثم إنه لم يعد فقط حذِراً من بعض المصالح التجارية الكبرى، بل صار معادياً لها. لا، بل أكثر من ذلك، إذ عمل على طرح نفسه ليكون حزب الطبقة العاملة، وكل ذلك تحت شعار «أميركا أولاً». ومع أن الرئيس السابق دونالد ترمب عاد، خلال رئاسته الأولى، إلى آيديولوجية الحزب الجمهوري الأكثر تقليدية بشأن بعض القضايا، فإن اختياره جيمس ديفيد «جي دي» فانس نائباً له على بطاقة الانتخابات الرئاسية المقبلة، هو الذي يمكن، في نهاية المطاف، أن يعزّز مسار الحزب نحو مرحلة جديدة مختلفة. وهذا ما يبدو أنه حدث في مؤتمر الحزب الذي انعقد خلال الأيام القليلة الماضية في مدينة ميلووكي؛ كبرى مدن ولاية ويسكونسن.

الواقع أنه خلال مؤتمر الحزب الجمهوري بميلووكي، لم يقتصر الأمر على اختيار السيناتور جي دي فانس، المعارض لتقديم الولايات المتحدة مساعدات لأوكرانيا، بل تبني الحزب أيضاً خطاباً اجتماعياً مخففاً، بجانب انتقاد الشركات الكبرى، وهو ما عدّه البعض إشارة إلى تراجع دور الإيفانجيليين البروتستانت المتشددين في رسم سياسات الجمهوريين.

ومن فوق منصة المؤتمر، خرج برنامج الحزب خالياً من أي ذكر لـ«الزواج بين رجل وامرأة»، الذي يندرج كعنصر أساسي في مبادئ الحزب منذ فترة طويلة، لمصلحة تعزيز «ثقافة تقدّر قدسية الزواج» و«الدور التأسيسي للعائلات». الأمر الذي رحّب به الجمهوريون المؤيدون لمجتمع المثليين وعدّوه انتصاراً، في حين رآه كثيرون بمثابة ضربة للجناح المحافظ المتشدّد في الحزب، ومن صفوفه قال السيناتور المحافظ السابق، ريك سانتوروم: «هذا برنامج حزب المحافظين البريطاني. هذه ليست منصة محافظة. ترمب يستهدف الوسط مباشرة».

من جهة ثانية، قال مارك شورت، الذي شغل منصب كبير موظفي مايك بنس، نائب ترمب السابق، الذي اختاره عام 2016 للحصول على دعم الإيفانجيليين: «أعتقد أن ما نشهده، الآن، هو هجوم مباشر كامل على التيار المحافظ... يمكنك أن تنظر إلى المنصة، وهي تبتعد عن قضايا مثل الحياة والزواج التقليدي، وتتبنّى التعريفات الجمركية في جميع المجالات». وأردف: «أشعر بأن الحزب ذهب خطوة أخرى إلى الأمام، عندما يكون لديك متحدثون يقولون بشكل أساسي إن (الناتو) كان مخطئاً في موقفه من غزو بوتين لأوكرانيا، ويصفون مَن يخلقون فرص العمل بأنهم (خنازير الشركات)». وخلص إلى القول: «هذا خروج هائل عما كان عليه حزبنا، ولا أعتقد أنه وصفة للنجاح».

ولكن من جي دي فانس؟

بطاقة شخصية وعائلية

وُلد جيمس ديفيد فانس في مدينة ميدلتاون، بجنوب غربي ولاية أوهايو، وأمضى جزءاً من طفولته في مدينة جاكسون، بولاية كنتاكي.

وعلى أثر طلاق والديه تولّى تربيته جدُّه لأمه، بينما كانت الأم تعاني إدمان المخدرات. وبعد تخرّجه في المدرسة الثانوية بمدينة ميدلتاون، التحق بسلاح مشاة البحرية «المارينز»، وخدم 4 سنوات في العراق بمهامّ إدارية، ما مكّنه من توفير كلفة دراسته الجامعية.

وبالفعل، في أعقاب تسريحه من الخدمة العسكرية التحق بجامعة ولاية أوهايو، ثم بكلية الحقوق في جامعة ييل الشهيرة. وبعد تخرّجه عمل في شركة «باي بال»، للملياردير بيتر ثيل، الذي كان شريكاً مع إيلون ماسك فيها. ثم أسّس فانس شركته الخاصة للعمل في رأس المال الاستثماري، ثم رشح نفسه عام 2022 لعضوية مجلس الشيوخ عن ولاية أوهايو، وفاز بالمقعد.

زوجته، أوشا تشيلوكوري فانس، تتحدر من أصول هندية، فولداها مهاجران من الهند. ولقد درست الحقوق في جامعة ييل، وتابعت دراسات عليا في جامعة كمبريدج ببريطانيا. وحققت في مجال المحاماة مسيرة مهنية جداً، وعملت كاتبة لدى قاضي المحكمة العليا جون روبرتس، وقاضي المحكمة العليا بريت كافانو. وفي كتابه «مرثية هيلبيلي» وصفها فانس بأنها «مرشدته الروحية» التي ساعدته على النجاح.

قضايا حملته الانتخابية

يركّز المتابعون، اليوم، على نظرة فانس إلى القضايا التي يرجّح أن تكون محوَر حملته الانتخابية مع ترمب، خلال الأشهر المقبلة، وقد تُهيمن على سياسات البيت الأبيض، في حال فازا بالسباق.

بدايةً، يعارض فانس حقوق الإجهاض بشدة، حتى في حالة سفاح القربى أو الاغتصاب، لكنه مع استثناءات للحالات التي تكون فيها حياة الأم في خطر. وكان قد أشاد بقرار المحكمة العليا الأميركية التي أبطلت هذا الحق، وكان عنواناً رئيساً لترشحه لعضوية مجلس الشيوخ عام 2022، لكنه، رغم ذلك، التحق بموقف ترمب الذي يعارض حظر الإجهاض على المستوى الفيدرالي ويتركه للولايات.

قضية الهجرة كانت أيضاً في طليعة اهتمامات حملته عام 2022، وعكست آراؤه، إلى حد كبير، آراء ترمب، فهو مع إكمال بناء الجدار الحدودي مع المكسيك، وأعلن أنه «سيعارض كل محاولة لمنح العفو للمهاجرين غير الشرعيين، الذين عدَّهم مصدراً للعمالة الرخيصة التي تُخفّض أجور العمال الأميركيين، وتأتي على حساب 7 ملايين أميركي خرجوا من سوق العمل». ثم إنه يفضل ما سمّاه «النظام القائم على الجدارة للمهاجرين»، الساعين إلى الاستقرار في أميركا، قائلاً إن الحدود المفتوحة مصدر للمخدّرات غير المشروعة وتدفق «مزيد من الناخبين الديمقراطيين إلى هذا البلد».

فانس يدعم بقوة، في المقابل، فرض تعرفات واسعة النطاق، خاصة على البضائع المستوردة من الصين؛ «لأنها تشكل تهديداً غير عادل للوظائف والتجارة الأميركية». ولقد قال: «نحن بحاجة إلى حماية الصناعات الأميركية من كل منافسة». ويتوافق موقفه هذا، إلى حد كبير، مع ترمب، الذي اقترح فرض تعرفة جمركية قد تصل إلى 100 في المائة، على بعض البضائع الصينية، وتعرفات شاملة بنسبة 10 في المائة على كل البضائع الواردة إلى البلاد.

وحول البيئة، يرى فانس أن «تغير المناخ لا يشكل تهديداً»، مشككاً في الإجماع العلمي على أن ارتفاع درجة حرارة الأرض ناجم عن النشاط البشري، ولذا يؤيد بقوة صناعة النفط والغاز التي تهيمن على ولايته أوهايو، ويعارض توليد الطاقة من الرياح والطاقة الشمسية والمركبات الكهربائية.

إرث الريغانية

على صعيد آخر، أكثر ما يثير قلق الخائفين على إرث «الريغانية» من فانس مواقفه في السياسة الخارجية، إذ إنه من أبرز «حمائم» الأمن القومي في الحزب، ويعزّز يد القوى الانعزالية الحريصة على التراجع عن إجماع الحزب الجمهوري المتشدد الذي استمر منذ عهد رونالد ريغان. وإذا ما فاز ترمب في الانتخابات، فسيحظى أنصار الإحجام عن التدخل الخارجي بنصير قوي وصريح لهم إلى جانب ترمب.

ومثالاً، فانس من أبرز المعارضين لدعم أوكرانيا في الحرب مع روسيا. وسبق له أن قال، في مقابلة إذاعية مع الحركي اليميني المتشدد ستيفن بانون: «أعتقد أنه من السخف أن نركز على هذه الحدود في أوكرانيا». وتابع: «يجب أن أكون صادقاً معك، لا يهمُّني حقاً ما يمكن أن يحدث لأوكرانيا...». وفعلاً، قاد فانس، قبل أشهر، معركة فاشلة في مجلس الشيوخ؛ لمنع إرسال حزمة مساعدات عسكرية بقيمة 60 مليار دولار لأوكرانيا. وكتب، في مقالة رأي بالـ«نيويورك تايمز»، موضحاً: «لقد صوتت ضد هذه الحزمة في مجلس الشيوخ، وما زلت معارضاً لأي اقتراح للولايات المتحدة لمواصلة تمويل هذه الحرب.. بايدن فشل في توضيح حتى الحقائق الأساسية حول ما تحتاج إليه أوكرانيا، وكيف ستغيّر هذه المساعدة الواقع على الأرض».

وعلى مواقف كهذه اتهمته ليز تشيني - التي كانت زعيمة كتلة الجمهوريين بمجلس النواب قبل إقالتها لمعارضتها ترمب - على منصة «إكس»، بـ«أنه يستسلم لروسيا ويضحّي بحريّة حلفائنا في أوكرانيا.. لم يعد حزب ترمب الجمهوري هو حزب لنكولن أو ريغان أو الدستور». غير أن فانس أكد أن تقديم المساعدات لأوكرانيا يتماشى تماماً مع إرث رونالد ريغان. وشرح: «انظر، أعتقد أن ريغان كان رئيساً عظيماً، لكنه أيضاً تولى الرئاسة قبل 40 أو 45 سنة في بلد مختلف تماماً».

أما بالنسبة للشرق الأوسط، فإن فانس مؤيد ثابت متحمس لإسرائيل، قبل وطوال حربها في غزة، ودافع عن سياساتها في مواجهة الانتقادات المتزايدة بشأن عدد القتلى المدنيين الفلسطينيين. وعندما نظر أعضاء مجلس الشيوخ في مشروع قانون ينص على توفير مساعدات عسكرية لكل من إسرائيل وأوكرانيا، رفض فانس ذلك، وكتب: «لدى إسرائيل هدف يمكن تحقيقه.. أما أوكرانيا فلا».

ثم إنه ردَّد تصريحات رئيس وزراء إسرائيل، بنيامين نتنياهو، عن «الحاجة إلى القضاء على (حماس)»، بعد هجوم «حماس»، في 7 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي. وهاجم الرئيس جو بايدن؛ لتأخيره شحن الأسلحة إلى إسرائيل، معترفاً بالضحايا المدنيين في غزة، لكنه ألقى اللوم على «حماس» وليس على إسرائيل.

وأخيراً، بشأن علاقة فانس بترمب، تجدر الإشارة إلى أنه أعاد تشكيل نفسه تماماً باعتباره نصيراً متحمساً لحركة «لنجعل أميركا عظيمة مرة أخرى» الترمبية، إذ إنه لم يدعم ترمب في السابق، ولم يصوِّت له عام 2016، بل ذهب أبعد ملمّحاً بأنه يمكن أن يكون «هتلر أميركا»، منتقداً خطاباته المناهضة للمهاجرين والمسلمين، لكنه تحوّل فجأة إلى أحد أبرز المدافعين عنه، قائلاً إنه «كان مخطئاً» في تقييم سياساته.

أيضاً أيّد فانس ادعاءات ترمب بتزوير انتخابات 2020، وشكّك في أن (نائب الرئيس) مايك بنس كان في خطر، لأنه رفض، بصفته رئيساً لمجلس الشيوخ، منع التصويت الذي يؤكد صحة فوز بايدن. ومما صرّح به فانس، لشبكة «سي إن إن» قوله: «أعتقد أن أهل السياسة يحبّون المبالغة في الأمور من وقت لآخر. يوم 6 يناير كان يوماً سيئاً، لكن فكرة أن دونالد ترمب عرّض حياة أي شخص للخطر عندما طلب منهم الاحتجاج سلمياً فكرة سخيفة»... وقد حظي بعدها بدعمه للترشح في مجلس الشيوخ عام 2022.