قال الأمين العام لمنظمة التعاون الإسلامي، حسين إبراهيم طه، إن نجاح مواسم الحج كل عام رسالة واضحة لكل من يشكك في دور السعودية الريادي في خدمة الحرمين الشريفين والحجاج وزوار الحرمين.
وأوضح طه، في حوار مع «الشرق الأوسط»، أن حزمة الأنظمة الذكية التي استحدثتها السعودية تتيح للراغبين في تأدية مناسك الحج التسجيل مباشرة للحصول على التأشيرات اللازمة، مروراً بالقرعة الإلكترونية التي تكرّس العدالة في اختيار الراغبين في الحج بما يتوافق مع حصة كل بلد من الحجاج، ونظام المسار الإلكتروني لحجاج الداخل والخارج على حد سواء بما يوفره من شفافية ومقدرة رقابية؛ وهذا ما دأبت عليه الحكومة السعودية منذ تأسيسها لرعاية الحاج، وسقايته، ورفده، وإعانته، والاهتمام العام بشؤون ضيوف الرحمن لتمكينهم من أداء مناسكهم على أكمل وجه.
وعن اللقاءات التي عقدها مع الجانب الأميركي، قال طه، إن الحوار أُعد له منذ عامين، وتضمن جدوله العديد من القضايا، منها القضية الفلسطينية وأفغانستان، وقضايا الإسلاموفوبيا، ووضع المجتمعات والأقليات المسلمة في الدول غير الأعضاء، ومقاومة التطرف والإرهاب، والصحة والمناخ، موضحاً أن هذا الحوار أتاح للوفد عكس مواقف المنظمة وإبراز قراراتها بشأن القضايا ذات الاهتمام المشترك.
خدمات الحجاج
وقال طه، إن خدمة الحجاج والمعتمرين من أسمى الخدمات التي تعتز بها السعودية، وهي دولة مقر منظمة التعاون الإسلامي، بتقديمها، وتعمل على بذل الجهود كافة لضمان تغطية احتياجات الحجاج وتقديم التسهيلات لهم من خلال إجراءات تنظيمية متناغمة ومتناسقة، وحزمة من الأنظمة الذكية بدءاً من استحداث بوابة إلكترونية حكومية تتيح للراغبين في تأدية مناسك الحج التسجيل مباشرة للحصول على التأشيرات اللازمة، مروراً بالقرعة الإلكترونية التي تكرس العدالة في اختيار الراغبين في الحج بما يتوافق مع حصة كل بلد من الحجاج، ونظام المسار الإلكتروني لحجاج الداخل والخارج على حد سواء بما يوفره من شفافية ومقدرة رقابية على متابعة التنفيذ ومدى التزام كل جهة بتنفيذ مسؤولياتها تحت إشراف وزارة الحج والعمرة؛ وذلك حماية لحقوق الحجاج، إضافة إلى الرعاية الصحية الشاملة التي تقدمها السعودية واتخاذ إجراءات احترازية صحية تتناسب مع تداعيات جائحة كورونا؛ وذلك لضمان توفير الرعاية الصحية اللازمة لضيوف الرحمن.
الدور السعودي
يقول طه، لقد دأب قادة هذه البلاد منذ تأسيسها على رعاية الحاج، وسقايته، ورفده، وإعانته، والاهتمام العام بشؤون ضيوف الرحمن لتمكينهم من أداء مناسكهم على أكمل وجه، إضافة إلى عمارة الحرمين الشريفين، وتطويرهما، وتقديم كل الإمكانات، في سبيل الاعتناء بضيوف بيت الله الحرام، ومسجد رسوله، في جو من الطمأنينة والراحة، موضحاً أن الاهتمام بمناسك الحج والعمرة يأتي في إطار ما يوليه خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز، وولي عهده الأمير محمد بن سلمان، من رعاية واهتمام بالغين بخدمات الحج لضيوف الرحمن بما يعكس الصورة المشرفة للمملكة في خدمة الحرمين.
وتابع طه، إن شمولية «رؤية المملكة 2030» لخدمة الحرمين الشريفين وزواره ضمن خططها يعزز من مشاريع التطوير العظيمة ومستوى الخدمات المقدمة للحجاج. فجودة هذه الخدمات المتطورة التي نراها في المشاعر المقدسة تجسد مدى الاهتمام وحجم الرعاية التي ينالها الحجاج من المملكة حكومةً وشعباً.
نجاح الحج
يرى طه، أنه ومن خلال السياسات المتبعة في تنظيم مناسك الحج والعمرة، يتضح جلياً أن السعودية تراعي اختلاف وتنوع ثقافات ولغات الحجاج عبر مقاربة شاملة تستهدف تسهيل أدائهم للمناسك دون عوائق، فعلى سبيل المثال، تعمل السلطات السعودية على طباعة وتوزيع كتب المناسك بلغات الحجيج كافة منذ لحظة وصولهم الأراضي السعودية، بجانب توزيع هدية خادم الحرمين الشريفين من المصحف الشريف والترجمة الخاصة به، إضافة إلى بعض الكتب الإرشادية عند مغادرتهم، كما استحدثت المكتبة الإلكترونية الإسلامية، والتي تحوي جميع إصدارات الوزارة المكتوبة والمقروءة والمسموعة من كتب الحج والعمرة، والتعريف بالإسلام والقرآن الكريم والسنّة النبوية بلغات مختلفة تصل لنحو 50 لغة.
وقال، إنه لا ينسى ما جرى رفعه من عدد اللغات للإرشاد المكاني والزماني والثقافي بالمسجد الحرام إلى أكثر من 25 لغة، والحديث لطه الذي قال، إن ذلك يأتي تحت شعار «نشر الهداية للعالمين»، وترجمة لخطبة عرفة عن طريق لغة الإشارة وبـ10 لغات رئيسية، وهي (الصينية، والإنجليزية، والفرنسية، والأوردو، والفارسية، والملايوية، والتركية، والروسية، والهوساوية، والبنغالية) عبر تطبيق على الهواتف النقالة وغيره لإتاحة الفرصة للمسلمين من جميع أنحاء العالم للاستفادة من الخطبة. وبما يتماشى مع التنوع الثقافي والمعرفي لدى زوار بيت الله الحرام.
خدمة الحجاج ورعاية الحرمين
هنا يشدد طه، على أن السعودية استطاعت بكل أجهزتها المعنية العمل على قدم وساق وفق خطة عمل واضحة من أجل إنجاح موسم الحج وتحقق ذلك، مع توفير الرعاية اللازمة لخدمة ضيوف الرحمن، بداية من تسهيل وصولهم إلى الأماكن المقدسة، ومن ثم العمل بشكل جاد من أجل تيسير أدائهم للمناسك المختلفة، وبرهنت المملكة على ذلك بتقديمها أجود الخدمات لضيوف الرحمن التي تزداد وتتحسن كل عام.
وأضاف، أن الجهات المختصة في السعودية اتخذت التدابير كافة لأجل الحفاظ على أمن وسلامة قاصدي بيت الله الحرام، وهذا لا يخفى على الجميع، كما أنها تغلّبت على الكثير من التحديات التي واجهتها منذ بدء جائحة كورونا، فقامت بتطبيق العديد من الإجراءات والتدابير الوقائيـــة التي أثبتت نجاحها وجدواها، بل وتميزها، حتى صارت المملكة مضرب المثل في تحقيق هذا النجاح الكبير والتفوق منقطع النظير، كما حـظِــيت هذه الإجراءات التي أسفرت عن خلو موسم الحج في العام السابق من أي حالات إصابة بمرض «كوفيد - 19» أو غيره من الأمراض في صفوف الحجاج بإشادة مُنظمة الصحة العالمية.
وهذا أكبر برهان على ما تقدمه المملكة في سبيل جمع كلمة المسلمين ووحدة صفّهم والتفاني في خدمتهم والتيسير على الحجاج والسهر على راحتهم، وهذه الجهود لا يمكن أن ينكرها إلا جاحد، ولعل نجاح مواسم الحج كل عام هو رسالة واضحة لكل من يشكك في دور المملكة الريادي في خدمة الحرمين الشريفين.
الحج والإسلاموفوبيا
يقول طه، إنه في هذه الأيام يتوافد المسلمون بمختلف جنسياتهم ولغاتهم وأعراقهم وألوانهم، في أعظم التجمعات التي تجسد إيمانهم ووحدتهم ومعاني الإخاء والتسامح والتحاب، ويؤدي الحجاج مناسكهم في أجواء من السكينة والسلام والأمان والرحمة والوقار، متجنبين الجدال والنميمة والإفساد؛ تعظيماً لشعائر الله وحرماته، عملاً بقوله تعالى «فَلا رَفَثَ وَلا فُسُوقَ وَلا جِدَالَ فِي الْحَجِ».
وهذه المعاني من شأنها، كما يرى طه، إبراز الأخلاق والآداب التي يتعين على المسلم التحلي بها، وهي الصورة الصحيحة التي تدحض الأفكار المغلوطة عن الإسلام والمسلمين وتحدّ من الخوف المفرط من الإسلام «الإسلاموفوبيا»، مثل اتهام الإسلام والمسلمين بالإرهاب، والحال أن الإسلام ندد بكل أشكال التطرف والإرهاب.
المنظمة وفلسطين
في هذا الجانب، يؤكد طه، أن المنظمة تدرك أهمية وضرورة المساهمة في توفير الدعم الاقتصادي والإنساني للشعب الفلسطيني إلى جانب الدعم السياسي لحقوقه المشروعة على الساحة الدولية، وتعمل في هذا الصدد على تعزيز المسؤولية المشتركة للدول الأعضاء تجاه تعزيز صمود الشعب الفلسطيني والتخفيف من معاناته التي تفاقمت في الآونة الأخيرة نتيجة سياسات الاحتلال الإسرائيلي القائمة على قرصنة أموال الضرائب ومصادرة الأراضي والموارد الطبيعية بشكل غير قانوني.
وأضاف، أن المنظمة واصلت التنسيق والتعاون مع الأجهزة التابعة لها، خصوصاً البنك الإسلامي للتنمية، من أجل توسيع برنامج التمكين الاقتصادي للشعب الفلسطيني، وكذلك تفعيل صندوق الوقف الإنمائي لدعم اللاجئين الفلسطينيين الذي تم إنشاؤه بناءً على قرار صادر عن الدورة الـ46 لمجلس وزراء خارجية المنظمة. كما تواصل الأمانة العامة للمنظمة حث الدول الأعضاء زيادة مساهماتها لصالح موازنة وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا).
تعمل الأمانة العامة على متابعة التطورات السياسية والميدانية في فلسطين وتقدم تقارير دورية بشأنها للدول الأعضاء. كما تواصل الأمانة العامة للمنظمة اتصالاتها ومشاوراتها مع الجهات الرسمية في دولة فلسطين من أجل تنسيق وتوحيد التحركات والجهود السياسية المشتركة للمجموعة الإسلامية في المحافل الدولية بهدف مواجهة الانتهاكات الإسرائيلية وفضحها.
اللقاءات الأميركية
يقول أمين عام منظمة التعاون الإسلامي، إنه أجرى جلسة محادثات مع وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن، ضمن الحوار الاستراتيجي بين الأمانة العامة للمنظمة والولايات المتحدة الأميركية، وكان ذلك في شهر مايو (أيار) الماضي؛ وذلك لرفع مستوى الحوار القائم بينهما منذ سنوات إلى مستوى استراتيجي.
ويندرج هذا الحوار بالنسبة إلى منظمة التعاون الإسلامي في إطار الحوار والتعاون مع الشركاء الدوليين، كما يقول طه، بما في ذلك الدول غير الأعضاء في منظمة التعاون الإسلامي والأمم المتحدة ومنظمات دولية أخرى للإسهام في تعزيز قيم التفاهم وترسيخ دعائم السلم والأمن الدوليين وتعزيز مكانة المنظمة وخدمة قضاياها.
وانطلق الحوار بعد إعداد له بين الجانبين خلال السنتين الماضيتين. وتضمن جدول أعماله القضايا السياسية، على سبيل المثال لا الحصر، القضية الفلسطينية وأفغانستان، والقضايا الإنسانية والاجتماعية والثقافية بالإضافة إلى قضايا الإسلاموفوبيا ووضع المجتمعات والأقليات المسلمة في الدول غير الأعضاء، ومقاومة التطرف والإرهاب، والصحة والمناخ.
وأتاح الحوار الاستراتيجي الفرصة لوفد الأمانة العامة لعكس مواقف المنظمة وإبراز قراراتها بشأن القضايا ذات الاهتمام المشترك، في حين حظي الحوار باهتمام الجانب الأميركي لتعزيز الحوار والتعاون مع منظمة التعاون الإسلامي، وتقديراً للدور المهم للمنظمة على الساحة الدولية؛ ما يستوجب الاستفادة من ذلك لتعزيز مكانة المنظمة كشريك مهم، ليس فقط بالنسبة إلى الولايات المتحدة الأميركية، بل للعديد من الدول الفاعلة والمنظمات الدولية وخدمة قضايا العالم الإسلامي.