مصر: «الحوار الوطني» ينطلق مُستهدفاً إعادة لُحمة «30 يونيو»

من اجتماع مجلس «أمناء الحوار الوطني» في القاهرة (إدارة الحوار الوطني)
من اجتماع مجلس «أمناء الحوار الوطني» في القاهرة (إدارة الحوار الوطني)
TT

مصر: «الحوار الوطني» ينطلق مُستهدفاً إعادة لُحمة «30 يونيو»

من اجتماع مجلس «أمناء الحوار الوطني» في القاهرة (إدارة الحوار الوطني)
من اجتماع مجلس «أمناء الحوار الوطني» في القاهرة (إدارة الحوار الوطني)

انطلقت في القاهرة، أمس، أعمال الاجتماع الأول لـ«مجلس أمناء الحوار الوطني»، وسط تعويل من أعضاء بالمجلس على استعادة لُحمة تحالف «30 يونيو» (حزيران) الذي أطاح بحكم تنظيم «الإخوان» الذي تصنفه السلطات «إرهابياً».
وفيما أكد أعضاء في «مجلس أمناء الحوار» الذي يضم 19 عضواً، التوافق على «استبعاد جماعات العنف»، في إشارة إلى «الإخوان» والقوى الداعمة له، ظهر تباين بشأن اعتبار الاجتماع بداية للحوار نفسه، خاصة في ظل تمسك ممثلي «الحركة المدنية» بأولوية «الإفراج عن المسجونين على ذمة قضايا الرأي» قبل بدء فعاليات الحوار.
واستضافت «الأكاديمية الوطنية للتدريب» التابعة للرئاسة المصرية، اجتماع مجلس الأمناء، وقاده المنسق العام لـ«الحوار الوطني» ضياء رشوان الذي قال إن «هذا الحوار يتسع للجميع، وإن مصر وطن يتسع لنا جميعاً، وخلافنا لا يفسد للود قضية، لكن اللجوء إلى العنف والقتال خارج عن أي تعريف للحوار، ومن حرّض وشارك ليس (موجوداً) على قاعدة هذا الحوار، لأنه لا يعترف بشرعية هذه الدولة ودستورها». وأكد أن «هدف هذا الحوار هو إعادة اللحمة لتحالف 30 يونيو».
وشكّلت قوى سياسية ونقابات وشخصيات مستقلة تحالفاً سياسياً، دعا ونظم مظاهرات في 30 يونيو 2013 ضد استمرار الرئيس المنتمي لتنظيم «الإخوان» محمد مرسي وداعميه بالحكم، وبعد مظاهرات شعبية حاشدة، أعلن القائد العام للجيش وزير الدفاع آنذاك، الرئيس الحالي عبد الفتاح السيسي، عن قرارات تضمنت تعطيل العمل بالدستور وإجراء انتخابات رئاسية مبكرة، وتولي رئيس المحكمة الدستورية رئاسة مصر بشكل مؤقت. وأظهرت بعض كلمات المشاركين تبايناً إزاء نقطة الانطلاق للحوار، إذ حرص رشوان على التأكيد بأن «انعقاد مجلس الأمناء هو البداية الرسمية لأعمال وفعاليات الحوار الوطني، التي يحدد المجلس تفاصيلها ومواعيدها ويتخذ القرارات اللازمة بشأنها، ويعلنها للرأي العام ليتيح له التفاعل والمشاركة فيه بمختلف الوسائل المباشرة والإلكترونية».
وعلى الرغم من تأكيد عضو مجلس الأمناء الصحافي عبد العظيم حماد أن «الحركة المدنية الديمقراطية (وهي تحالف لمجموعة أحزاب وشخصيات معارضة) تعتبر أن تشكيل الأمانة استوفى إلى حد مرضٍ ما اتُفق عليه»؛ فإنه قال: «ليس من المفترض أو المتفق عليه أن يبدأ الحوار قبل الإفراج عن السجناء على ذمة قضايا الرأي، وننوه هنا إلى رفضنا استمرار حملات القبض على معارضين في الأيام الأخيرة». وأكد أن «الحركة المدنية تعتبر أن الاجتماع الذي دعا إليه رشوان هو جزء من الخطوات التمهيدية للبدء في الحوار وليس الحوار نفسه؛ حيث من المقرر أن يُعنى هذا الاجتماع بمناقشة اختصاصات الأمانة العامة وطريقة آليات عملها، وهي أمور يجب الاتفاق عليها. كما أننا في انتظار الإفراج عن المحبوسين في قضايا الرأي، ليشاركوا في جلسات الحوار مع بدايتها رسمياً بعد إجازة عيد الأضحى».
وفي تأكيد على التوافق بشأن استبعاد «الإخوان»، قال حماد إن «الحركة المدنية، التي تأسست من أجل بناء دولة ديمقراطية مدنية حديثة، تؤكد أنها لم تدع ولن تدعو أي جماعة تستخدم العنف أو تهدد باستخدام العنف أو لا تعترف بدستور 2014 وشرعية الوضع السياسي الذي يمكن أن يتطور من خلال هذا الحوار».
وشهدت الجلسة كلمات لعدد من أعضاء مجلس الأمناء، فضلاً عن رئيس الأمانة الفنية المستشار محمود فوزي، الذي استعرض عدداً من المؤشرات المتعلقة بمساهمات المواطنين والشخصيات العامة في الحوار، ومنها «تلقي الأمانة الفنية لـ96 ألف إستمارة إلكترونية من مواطنين لطلب المشاركة، فضلاً عن 15 ألف ورقة مساهمة بأفكار ومحاور للنقاش». وأشار إلى أن «القاهرة كانت الأعلى مشاركة من المواطنين في إرسال مقترحات وطلبات مشاركة في الحوار الوطني، بينما لا توجد محافظة واحدة لم تشارك».
وقال فوزي إن «أبرز القضايا التي وصلت للأمانة الفنية عبر المراسلات والمكاتبات كانت في المحور السياسي؛ الأحزاب السياسية، حقوق الإنسان، قضايا المحليات، الإصلاح التشريعي، الأمن القومي، السياسة الخارجية. ولكل بند قضايا فرعية».


مقالات ذات صلة

هل يحد «الحوار الوطني» من «قلق» المصريين بشأن الأوضاع السياسية والاقتصادية؟

شمال افريقيا هل يحد «الحوار الوطني» من «قلق» المصريين بشأن الأوضاع السياسية والاقتصادية؟

هل يحد «الحوار الوطني» من «قلق» المصريين بشأن الأوضاع السياسية والاقتصادية؟

حفلت الجلسة الافتتاحية لـ«الحوار الوطني»، الذي دعا إليه الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي قبل أكثر من عام، برسائل سياسية حملتها كلمات المتحدثين، ومشاركات أحزاب سياسية وشخصيات معارضة كانت قد توارت عن المشهد السياسي المصري طيلة السنوات الماضية. وأكد مشاركون في «الحوار الوطني» ومراقبون تحدثوا لـ«الشرق الأوسط»، أهمية انطلاق جلسات الحوار، في ظل «قلق مجتمعي حول مستقبل الاقتصاد، وبخاصة مع ارتفاع معدلات التضخم وتسببه في أعباء معيشية متصاعدة»، مؤكدين أن توضيح الحقائق بشفافية كاملة، وتعزيز التواصل بين مؤسسات الدولة والمواطنين «يمثل ضرورة لاحتواء قلق الرأي العام، ودفعه لتقبل الإجراءات الحكومية لمعالجة الأز

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شمال افريقيا السيسي يبحث انعكاسات التطورات الإقليمية على الأمن القومي المصري

السيسي يبحث انعكاسات التطورات الإقليمية على الأمن القومي المصري

عقد الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، اجتماعاً، أمس (الخميس)، مع كبار قادة القوات المسلحة في مقر القيادة الاستراتيجية بالعاصمة الإدارية الجديدة، لمتابعة دور الجيش في حماية الحدود، وبحث انعكاسات التطورات الإقليمية على الأمن القومي للبلاد. وقال المستشار أحمد فهمي، المتحدث الرسمي باسم الرئاسة المصرية، في إفادة رسمية، إن «الاجتماع تطرق إلى تطورات الأوضاع على الساحتين الإقليمية والدولية، وانعكاساتها على الأمن القومي في ظل الظروف والتحديات الحالية بالمنطقة». وقُبيل الاجتماع تفقد الرئيس المصري الأكاديمية العسكرية المصرية، وعدداً من المنشآت في مقر القيادة الاستراتيجية بالعاصمة الإدارية. وأوضح المتحدث ب

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شمال افريقيا مصر: ظاهرة «المقاتلين الأجانب» تهدد أمن واستقرار الدول

مصر: ظاهرة «المقاتلين الأجانب» تهدد أمن واستقرار الدول

قالت مصر إن «استمرار ظاهرة (المقاتلين الأجانب) يهدد أمن واستقرار الدول». وأكدت أن «نشاط التنظيمات (الإرهابية) في أفريقيا أدى لتهديد السلم المجتمعي».

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شمال افريقيا حادث تصادم بمصر يجدد الحديث عن مخاطر «السرعة الزائدة»

حادث تصادم بمصر يجدد الحديث عن مخاطر «السرعة الزائدة»

جدد حادث تصادم في مصر الحديث بشأن مخاطر «السرعة الزائدة» التي تتسبب في وقوع حوادث سير، لا سيما على الطرق السريعة في البلاد. وأعلنت وزارة الصحة المصرية، (الخميس)، مصرع 17 شخصاً وإصابة 29 آخرين، جراء حادث سير على طريق الخارجة - أسيوط (جنوب القاهرة).

منى أبو النصر (القاهرة)
شمال افريقيا مصريون يساهمون في إغاثة النازحين من السودان

مصريون يساهمون في إغاثة النازحين من السودان

بعد 3 أيام عصيبة أمضتها المسنة السودانية زينب عمر، في معبر «أشكيت» من دون مياه نظيفة أو وجبات مُشبعة، فوجئت لدى وصولها إلى معبر «قسطل» المصري بوجود متطوعين مصريين يقدمون مياهاً وعصائر ووجبات جافة مكونة من «علب فول وتونة وحلاوة وجبن بجانب أكياس الشيبسي»، قبل الدخول إلى المكاتب المصرية وإنهاء إجراءات الدخول المكونة من عدة مراحل؛ من بينها «التفتيش، والجمارك، والجوازات، والحجر الصحي، والكشف الطبي»، والتي تستغرق عادة نحو 3 ساعات. ويسعى المتطوعون المصريون لتخفيف مُعاناة النازحين من السودان وخصوصاً أبناء الخرطوم الفارين من الحرب والسيدات والأطفال والمسنات، بالتعاون مع جمعيات ومؤسسات أهلية مصرية، على


​ليبيون يأملون في إخضاع المتورطين بـ«جرائم حرب» للمحاكمة

صلاة جنازة على اثنين من ضحايا المجازر الجماعية في ترهونة غرب ليبيا) (رابطة ضحايا ترهونة)
صلاة جنازة على اثنين من ضحايا المجازر الجماعية في ترهونة غرب ليبيا) (رابطة ضحايا ترهونة)
TT

​ليبيون يأملون في إخضاع المتورطين بـ«جرائم حرب» للمحاكمة

صلاة جنازة على اثنين من ضحايا المجازر الجماعية في ترهونة غرب ليبيا) (رابطة ضحايا ترهونة)
صلاة جنازة على اثنين من ضحايا المجازر الجماعية في ترهونة غرب ليبيا) (رابطة ضحايا ترهونة)

يأمل ليبيون في إخضاع متهمين بـ«ارتكاب جرائم» خلال السنوات التي تلت إسقاط نظام الرئيس الراحل معمر القذافي إلى «محاكمة عادلة وسريعة».

وكان المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية كريم خان، تحدث ضمن إحاطة أمام مجلس الأمن الأسبوع الماضي، عن «خريطة طريق» لمحاكمة المتهمين في ليبيا من بينهم المتورطون في «المقابر الجماعية» في ترهونة (غرب البلاد).

وقفة احتجاجية لعدد من أهالي ضحايا ترهونة بغرب ليبيا (رابطة ضحايا ترهونة)

ورغم تعهد خان في إحاطته، بالعمل على «قدم وساق لتنفيذ خريطة طريق لاستكمال التحقيقات في جرائم حرب حتى نهاية 2025»، فإنه لم يوضح تفاصيلها، إلا أن عضو «رابطة ضحايا ترهونة» عبد الحكيم أبو نعامة، عبّر عن تفاؤل محاط بالتساؤلات على أساس أن «4 من المطلوبين للجنائية الدولية في جرائم حرب وقعت بالمدينة منذ سنوات لا يزالون خارج قبضة العدالة».

ويقصد أبو نعامة، في تصريح إلى «الشرق الأوسط» قائد الميليشيا عبد الرحيم الشقافي المعروف بـ«الكاني»، إلى جانب فتحي زنكال، ومخلوف دومة، وناصر ضو، فيما يخضع عبد الباري الشقافي ومحمد الصالحين لتصرف النيابة، بعد القبض على الأخير السبت.

ومن بين ملفات اتهام متنوعة في ليبيا، قفزت منذ أشهر إلى مقدمة أجندة المحكمة الدولية جرائم «مقابر جماعية» ارتكبت في ترهونة (غرب ليبيا) إبان سيطرة ما تعرف بـ«ميليشيا الكانيات» بين أبريل (نيسان) 2019 ويونيو (حزيران) 2020، علماً بأن الدائرة التمهيدية لـ«الجنائية الدولية» قرّرت رفع السرية عن ستة أوامر اعتقال لمتهمين في الرابع من أكتوبر (تشرين الأول) الماضي.

وينتاب من يتهمون بهذا الملف وأسر ضحايا في ترهونة، القلق مما يرونه «تسييس عمل المحكمة الدولية، وغياب الآلية الفعّالة لتنفيذ مذكرات القبض ضد المتهمين، في ظل وجودهم في بعض الدول»، وفق ما أفاد علي عمر، مدير «منظمة رصد الجرائم في ليبيا» لـ«الشرق الأوسط».

يُشار إلى أن خان، أبلغ مجلس الأمن الدولي عن اتفاقه مع النائب العام الليبي المستشار الصديق الصور، على آلية جديدة للتعاون بين الطرفين، لكنه لم يكشف عن تفاصيلها.

إلى جانب مخاوف «التسييس»، يبدو أن تحديد المدعي العام للجنائية الدولية إطاراً زمنياً للانتهاء من التحقيقات نهاية العام المقبل، قد يكون مثار قلق أكبر لعائلات الضحايا.

ووفق عمر: «قد يفاقم الإفلات من العقاب ويشجع مرتكبي الجرائم الدولية على مواصلة أفعالهم»، مع إيحاء سائد لدى البعض «بعدم وجود نية لملاحقة مرتكبي الجرائم أو فتح جميع ملفات الجرائم التي تندرج تحت اختصاص المحكمة».

ومن بين الاتهامات التي تلاحق «ميليشيا الكانيات» كانت تصفية أغلب نزلاء سجن «القضائية»، و«الدعم المركزي» بترهونة، في 14 سبتمبر (أيلول) 2019، في رواية نقلتها «رابطة ضحايا ترهونة».

ويلاحظ متابعون، أن ظلال الانقسام السياسي انعكست على زيارة خان إلى طرابلس، وفق أستاذ العلوم السياسية الدكتور عبد الواحد القمودي. وعلى نحو أكثر تفصيلاً، يشير مدير «منظمة رصد الجرائم في ليبيا» علي عمر، في حديث لـ«الشرق الأوسط» إلى أن غياب التعاون من قِبل السلطات في شرق ليبيا وغربها، من بين عراقيل أخرى تقف أمام «نزاهة التحقيقات».

مقبرة جماعية مكتشفة بترهونة (غرب ليبيا) (هيئة التعرف على المفقودين في ليبيا)

في غضون ذلك، فرض الدور الروسي الزائد في ليبيا نفسه على إحاطة خان، أمام مجلس الأمن، بعدما شككت مندوبة روسيا في ولاية المحكمة على الملف الليبي، مذكرة بأن ليبيا «ليست طرفاً في نظام روما الأساسي».

وفي حين يستبعد أمين «المنظمة العربية لحقوق الإنسان» في ليبيا عبد المنعم الحر دوراً روسياً معرقلاً للمحاكمات، فإنه يتفق مع مندوبة روسيا في أن «الإحالة من جانب مجلس الأمن لم تعط المحكمة الجنائية الدولية ولاية مطلقة على ليبيا»، مشيراً إلى أنها «اقتصرت على جرائم حصلت قبل تاريخ 19 فبراير (شباط) 2011».

ويستند الحر، في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إلى نظام روما الخاص بالمحكمة الجنائية الدولية الذي أجاز «التحقيق في جريمة أو أكثر ارتكبت»، وهو «ما يجعل القضايا التي وقعت بعد هذا التاريخ خارج ولاية المحكمة».

وقد يبدو «التفاؤل محدوداً» بمثول المطلوبين في جرائم الحرب بليبيا أمام المحكمة في لاهاي، وفق «مدير منظمة رصد الجرائم»، لكنه يشير إلى مخرج من هذا المأزق، وهو «اتخاذ خطوات أكثر جرأة، تشمل دعماً دولياً لضمان استقلالية التحقيقات، ووضع آلية فعّالة لتنفيذ مذكرات القبض».

وعلى نحو يبدو عملياً، فإن أمين المنظمة العربية لحقوق الإنسان في ليبيا يقترح «حلاً قانونياً بتشكيل محكمة خاصة مختلطة يترأسها قاض ليبي تضم في هيئتها قضاة ليبيين ودوليين، على غرار المحكمة الدولية التي تم إنشاؤها للتحقيق في اغتيال رئيس الوزراء اللبناني الأسبق رفيق الحريري عام 2005».