تتزامن مع «الأضحى»... جبايات حوثية جديدة تفاقم معاناة اليمنيين

TT

تتزامن مع «الأضحى»... جبايات حوثية جديدة تفاقم معاناة اليمنيين

لم تكتفِ الميليشيات الحوثية بإقرارها أخيراً جرعة سعرية جديدة في الوقود، زادت من معاناة ملايين السكان في مناطق سيطرتها فحسب، بل وسّعت من حجم ذلك ليطول التجار وصغار الباعة في صنعاء، من خلال استهدافهم بحملة ابتزاز جديدة، لإجبارهم على تقديم دعم عيني ومبالغ مالية لصالح جبهاتها القتالية. في هذا السياق، كشف سكان في صنعاء ومدن أخرى تحت سيطرة الميليشيات عن تفاجئهم مؤخراً بوجود ارتفاعات، وصفوها بـ«غير المبررة» في أسعار مختلف السلع والمواد الغذائية وأضاحي العيد والخدمات التجارية الأخرى كالكهرباء والمياه وغيرهما.
وشكا بعضهم لـ«الشرق الأوسط» من عدم قدرتهم على شراء جزء بسيط من المواد الضرورية، في حين ينوي البعض الآخر الاستغناء هذا العام كعادتهم عن أضحية العيد والاكتفاء بشراء الدواجن إن مكنتهم ظروفهم من شرائها. وعزا المواطنون الأسباب بأنها ناتجة عن استمرار تدهور أوضاعهم المعيشية، في ظل سياسات الإفقار الحوثية المتبعة، وتوقف المرتبات، وقلة فرص العيش، ومواصلة الميليشيات فرض مزيد من الجرع واختلاق الأزمات وابتزاز ونهب ما بقي من القطاعات والفئات والشرائح المجتمعية.
ويؤكد موظف تربوي في صنعاء أنه لم يتمكن خلال تجوله مؤخراً في أغلب الأسواق والمحال التجارية من شراء أبسط المتطلبات الأساسية لأسرته المكونة من زوجة وأم وشقيقة و5 أبناء.
وأرجع أسباب ذلك الارتفاع في الأسعار إلى إقرار الميليشيات جرعة جديدة في الوقود، تضاف إلى سابقاتها، إلى جوار الجبايات التي تفرضها تباعاً على ما تبقى من منتسبي القطاع الخاص وصغار الباعة، وهو الأمر الذي يؤدي إلى ارتفاع أسعار السلع والخدمات، ويحد من القدرة الشرائية.
وهذا الموظف اليمني يعد واحداً من بين ملايين السكان في صنعاء وبقية المدن، التي هي تحت سيطرة الانقلابيّين، الذين ما زالوا يعانون أشد الويلات والحرمان بفعل الانقلاب وآلة الحرب والتدمير الحوثية.
على الصعيد ذاته، كشفت مصادر محلية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، عن بدء الميليشيات منذ يومين ماضيين تنفيذ جولات ميدانية، طالت عشرات الأسواق والمحال التجارية وباعة الأرصفة بمناطق متفرقة من العاصمة، للمطالبة بتقديم دعم عيني ودفع إتاوات مالية.
وأفادت المصادر بأن إجراءات الميليشيات تلك جاءت بعد ساعات قليلة ماضية من إقرار الجماعة ذاتها «جرعة» جديدة على أسعار الوقود، هي الثانية منذ بدء الهدنة.
وشكا تجار وملاك متاجر في صنعاء لـ«الشرق الأوسط» من معاودة الحوثيين بهذه الأثناء، مع قرب قدوم عيد الأضحى، استهدافهم عبر حملات جديدة أطلقتها دعماً للمجهود الحربي وتحت مسميات عدة، يتصدرها ما تطلق عليه الميليشيات «عيدية الجبهات».
وأشارت المصادر إلى فرض الانقلابيين بحملتهم تلك على كل محل تجاري كبير ومتوسط وصغير في المناطق المستهدفة بأمانة العاصمة تقديم الدعم العيني، إلى جانب دفع مبالغ مالية، تبدأ من 5 آلاف ريال، وتنتهي بـ100 ألف ريال (الدولار نحو 600 ريال).
وكشف عدد من التجار لـ«الشرق الأوسط»، عن اعتقال مسلحي الجماعة خلال اليوم الأول من انطلاق تلك الحملة العشرات من الباعة والتجار، بعد رفضهم الانصياع لأوامرها وعدم قدرتهم على تقديم الدعم أو دفع المبالغ المفروضة عليهم.
ويأتي تكرار ارتكاب الميليشيات مزيداً من التعسفات بحق القابعين بمدن سيطرتها، في وقت لا يزال فيه التجار والباعة والسكان في صنعاء ومدن أخرى مستمرين بإطلاق النداءات والمناشدات لإنقاذهم ورفع الجور عنهم ووضع حد لازدياد وتيرة حملات الميليشيات التي تستهدفهم لغرض جمع الإتاوات وفرض الضرائب الباهظة والجبايات.
وكانت تقارير محلية اتهمت في وقت سابق الجماعة الحوثية بأنها ضاعفت في الفترة الأخيرة من فرض الجرع السعرية في الوقود وغاز الطهي وغيرها من السلع والخدمات الأخرى المرتبطة بقوت اليمنيين، إلى جانب مضاعفتها حجم الجبايات المفروضة على السكان والتجار والباعة بمناطق سيطرتها.
وأشارت التقارير إلى سنّ الجماعة من أجل ذلك سلسلة تشريعات غير دستورية رفعت بموجبها الرسوم الضريبية والجمركية والزكوية؛ بهدف تغطية نفقات حربها، بالإضافة إلى تكوين ثروات لقادتها ومشرفيها.
وتكراراً لحملات الاستهداف الحوثية بحق ما تبقى من القطاع التجاري والسكان بمناطق سيطرة الميليشيات، كان تقرير صادر عن مسؤولي الجماعة المعينين بمكتب الصناعة والتجارة في صنعاء كشف في وقت سابق عن تنفيذهم خلال النصف الأول من العام الحالي سلسلة طويلة من حملات الجباية، طالت نحو 13 ألفاً و939 منشأة تجارية.
ومن بين تلك الاستهدافات، إغلاق الجماعة خلال الفترة ذاتها نحو 235 منشأة ومحلاً تجارياً، وإحالة أكثر من 615 تاجراً معارضاً للجماعة إلى النيابة الحوثية، وتغريم ملاك أكثر من 3 آلاف و931 متجراً.


مقالات ذات صلة

غروندبرغ يتحدث عن «نقاش جوهري» مع العليمي ويدعو لتقديم التنازلات

العالم العربي غروندبرغ يتحدث عن «نقاش جوهري» مع العليمي ويدعو لتقديم التنازلات

غروندبرغ يتحدث عن «نقاش جوهري» مع العليمي ويدعو لتقديم التنازلات

وصف المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الخميس) اللقاء الذي جمعه برئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني رشاد العليمي في عدن بـ«المثمر والجوهري»، وذلك بعد نقاشات أجراها في صنعاء مع الحوثيين في سياق الجهود المعززة للتوصل إلى تسوية يمنية تطوي صفحة الصراع. تصريحات المبعوث الأممي جاءت في وقت أكدت فيه الحكومة اليمنية جاهزيتها للتعاون مع الأمم المتحدة والصليب الأحمر لما وصفته بـ«بتصفير السجون» وإغلاق ملف الأسرى والمحتجزين مع الجماعة الحوثية. وأوضح المبعوث في بيان أنه أطلع العليمي على آخر المستجدات وسير المناقشات الجارية التي تهدف لبناء الثقة وخفض وطأة معاناة اليمنيين؛ تسهيلاً لاستئناف العملية السياسية

علي ربيع (عدن)
العالم العربي الحوثيون يفرجون عن فيصل رجب بعد اعتقاله 8 سنوات

الحوثيون يفرجون عن فيصل رجب بعد اعتقاله 8 سنوات

في خطوة أحادية أفرجت الجماعة الحوثية (الأحد) عن القائد العسكري اليمني المشمول بقرار مجلس الأمن 2216 فيصل رجب بعد ثماني سنوات من اعتقاله مع وزير الدفاع الأسبق محمود الصبيحي شمال مدينة عدن، التي كان الحوثيون يحاولون احتلالها. وفي حين رحب المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ بالخطوة الحوثية الأحادية، قابلتها الحكومة اليمنية بالارتياب، متهمة الجماعة الانقلابية بمحاولة تحسين صورتها، ومحاولة الإيقاع بين الأطراف المناهضة للجماعة. ومع زعم الجماعة أن الإفراج عن اللواء فيصل رجب جاء مكرمة من زعيمها عبد الملك الحوثي، دعا المبعوث الأممي في تغريدة على «تويتر» جميع الأطراف للبناء على التقدم الذي تم إنجازه

علي ربيع (عدن)
العالم العربي أعداد اللاجئين الأفارقة إلى اليمن ترتفع لمعدلات ما قبل الجائحة

أعداد اللاجئين الأفارقة إلى اليمن ترتفع لمعدلات ما قبل الجائحة

في مسكن متواضع في منطقة البساتين شرقي عدن العاصمة المؤقتة لليمن، تعيش الشابة الإثيوبية بيزا ووالدتها.

محمد ناصر (عدن)
العالم العربي كيانات الحوثيين المالية تتسبب في أزمة سيولة نقدية خانقة

كيانات الحوثيين المالية تتسبب في أزمة سيولة نقدية خانقة

فوجئ محمود ناجي حين ذهب لأحد متاجر الصرافة لتسلّم حوالة مالية برد الموظف بأن عليه تسلّمها بالريال اليمني؛ لأنهم لا يملكون سيولة نقدية بالعملة الأجنبية. لم يستوعب ما حصل إلا عندما طاف عبثاً على أربعة متاجر.

محمد ناصر (عدن)
العالم العربي تحذيرات من فيضانات تضرب اليمن مع بدء الفصل الثاني من موسم الأمطار

تحذيرات من فيضانات تضرب اليمن مع بدء الفصل الثاني من موسم الأمطار

يجزم خالد محسن صالح والبهجة تتسرب من صوته بأن هذا العام سيكون أفضل موسم زراعي، لأن البلاد وفقا للمزارع اليمني لم تشهد مثل هذه الأمطار الغزيرة والمتواصلة منذ سنين طويلة. لكن وعلى خلاف ذلك، فإنه مع دخول موسم هطول الأمطار على مختلف المحافظات في الفصل الثاني تزداد المخاطر التي تواجه النازحين في المخيمات وبخاصة في محافظتي مأرب وحجة وتعز؛ حيث تسببت الأمطار التي هطلت خلال الفصل الأول في مقتل 14 شخصا وإصابة 30 آخرين، كما تضرر ألف مسكن، وفقا لتقرير أصدرته جمعية الهلال الأحمر اليمني. ويقول صالح، وهو أحد سكان محافظة إب، لـ«الشرق الأوسط» عبر الهاتف، في ظل الأزمة التي تعيشها البلاد بسبب الحرب فإن الهطول ال

محمد ناصر (عدن)

انتهاكات حوثية تستهدف قطاع التعليم ومنتسبيه

إجبار طلبة المدارس على المشاركة في فعاليات حوثية طائفية (إعلام حوثي)
إجبار طلبة المدارس على المشاركة في فعاليات حوثية طائفية (إعلام حوثي)
TT

انتهاكات حوثية تستهدف قطاع التعليم ومنتسبيه

إجبار طلبة المدارس على المشاركة في فعاليات حوثية طائفية (إعلام حوثي)
إجبار طلبة المدارس على المشاركة في فعاليات حوثية طائفية (إعلام حوثي)

ارتكبت جماعة الحوثيين في اليمن موجةً من الانتهاكات بحق قطاع التعليم ومنتسبيه شملت إطلاق حملات تجنيد إجبارية وإرغام المدارس على تخصيص أوقات لإحياء فعاليات تعبوية، وتنفيذ زيارات لمقابر القتلى، إلى جانب الاستيلاء على أموال صندوق دعم المعلمين.

وبالتوازي مع احتفال الجماعة بما تسميه الذكرى السنوية لقتلاها، أقرَّت قيادات حوثية تتحكم في العملية التعليمية بدء تنفيذ برنامج لإخضاع مئات الطلبة والعاملين التربويين في مدارس صنعاء ومدن أخرى للتعبئة الفكرية والعسكرية، بحسب ما ذكرته مصادر يمنية تربوية لـ«الشرق الأوسط».

طلبة خلال طابور الصباح في مدرسة بصنعاء (إ.ب.أ)

ومن بين الانتهاكات، إلزام المدارس في صنعاء وريفها ومدن أخرى بإحياء ما لا يقل عن 3 فعاليات تعبوية خلال الأسبوعين المقبلين، ضمن احتفالاتها الحالية بما يسمى «أسبوع الشهيد»، وهي مناسبة عادةً ما يحوّلها الحوثيون كل عام موسماً جبائياً لابتزاز وقمع اليمنيين ونهب أموالهم.

وطالبت جماعة الحوثيين المدارس المستهدفة بإلغاء الإذاعة الصباحية والحصة الدراسية الأولى وإقامة أنشطة وفقرات تحتفي بالمناسبة ذاتها.

وللأسبوع الثاني على التوالي استمرت الجماعة في تحشيد الكوادر التعليمية وطلبة المدارس لزيارة مقابر قتلاها، وإرغام الموظفين وطلبة الجامعات والمعاهد وسكان الأحياء على تنفيذ زيارات مماثلة إلى قبر رئيس مجلس حكمها السابق صالح الصماد بميدان السبعين بصنعاء.

وأفادت المصادر التربوية لـ«الشرق الأوسط»، بوجود ضغوط حوثية مُورِست منذ أسابيع بحق مديري المدارس لإرغامهم على تنظيم زيارات جماعية إلى مقابر القتلى.

وليست هذه المرة الأولى التي تحشد فيها الجماعة بالقوة المعلمين وطلبة المدارس وبقية الفئات لتنفيذ زيارات إلى مقابر قتلاها، فقد سبق أن نفَّذت خلال الأعياد الدينية ومناسباتها الطائفية عمليات تحشيد كبيرة إلى مقابر القتلى من قادتها ومسلحيها.

حلول جذرية

دعا المركز الأميركي للعدالة، وهو منظمة حقوقية يمنية، إلى سرعة إيجاد حلول جذرية لمعاناة المعلمين بمناطق سيطرة جماعة الحوثي، وذلك بالتزامن مع دعوات للإضراب.

وأبدى المركز، في بيان حديث، قلقه إزاء التدهور المستمر في أوضاع المعلمين في هذه المناطق، نتيجة توقف صرف رواتبهم منذ سنوات. لافتاً إلى أن الجماعة أوقفت منذ عام 2016 رواتب موظفي الدولة، بمن في ذلك المعلمون.

طفل يمني يزور مقبرة لقتلى الحوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)

واستحدث الحوثيون ما يسمى «صندوق دعم المعلم» بزعم تقديم حوافز للمعلمين، بينما تواصل الجماعة - بحسب البيان - جني مزيد من المليارات شهرياً من الرسوم المفروضة على الطلبة تصل إلى 4 آلاف ريال يمني (نحو 7 دولارات)، إلى جانب ما تحصده من عائدات الجمارك، دون أن ينعكس ذلك بشكل إيجابي على المعلم.

واتهم البيان الحقوقي الحوثيين بتجاهل مطالب المعلمين المشروعة، بينما يخصصون تباعاً مبالغ ضخمة للموالين وقادتهم البارزين، وفقاً لتقارير حقوقية وإعلامية.

وأكد المركز الحقوقي أن الإضراب الحالي للمعلمين ليس الأول من نوعه، حيث شهدت العاصمة اليمنية المختطفة صنعاء إضرابات سابقة عدة قوبلت بحملات قمع واتهامات بالخيانة من قِبل الجماعة.

من جهته، أكد نادي المعلمين اليمنيين أن الأموال التي تجبيها جماعة الحوثي من المواطنين والمؤسسات الخدمية باسم صندوق دعم المعلم، لا يستفيد منها المعلمون المنقطعة رواتبهم منذ نحو 8 سنوات.

وطالب النادي خلال بيان له، الجهات المحلية بعدم دفع أي مبالغ تحت مسمى دعم صندوق المعلم؛ كون المستفيد الوحيد منها هم أتباع الجماعة الحوثية.