هلا الكوش لـ«الشرق الأوسط»: بيروت علّمتني الأمل

اختارها «الوثائقي الدولي» في أمستردام لدعم موهبتها الفنية

استوحت الكوش موضوع فيلمها من بيروت (الشرق الأوسط)
استوحت الكوش موضوع فيلمها من بيروت (الشرق الأوسط)
TT

هلا الكوش لـ«الشرق الأوسط»: بيروت علّمتني الأمل

استوحت الكوش موضوع فيلمها من بيروت (الشرق الأوسط)
استوحت الكوش موضوع فيلمها من بيروت (الشرق الأوسط)

لطالما شعرت هلا الكوش، في كل مرة كانت تزور فيها لبنان، بأنها مجرد سائحة؛ وهي لبنانية ولدت في نيجيريا. لم يربطها ببلدها سوى جذورها، أما حسّ الوطنية فكان غائباً تماماً عنها.
منذ عودتها واستقرارها في لبنان وهي في سن الرابعة عشرة لم تستطع التغلب على هذه المشاعر كغريبة في موطنها. وإثر انفجار مرفأ بيروت، وتجوالها في مدينتها المدمرة، اجتاحها إحساس غريب لم يسبق أن لامسها من قبل. تقول لـ«الشرق الأوسط»: «هذه الجولة غيرت مجرى حياتي ونظرتي إلى مدينتي، فوقعت في غرام بيروت. وأدركت أني لن أستطيع مغادرتها بعد اليوم. هو صراع داخلي عشته كغيري من اللبنانيين فوقفت حائرة إذا ما علي الهجرة أو البقاء، ولكن في النهاية اتخذت قراري وارتميت في أحضان بيروت».
هذا الصراع هو الذي دفع بالمخرجة اللبنانية الشابة للتفكير في تصوير فيلم وثائقي عن مدينتها، وبموازاة ذلك شاركت في «مهرجان الفيلم الوثائقي الدولي» في أمستردام، لتكون جزءاً من برنامجه «بروجكت سبايس»، الهادف إلى دعم المواهب الفنية في عالم السينما. ومن بين 260 مشروعاً، تقرّر دعم 16 فيلماً فقط لعام 2022. ومن بينها فيلم هلا الكوش «المكان الذي أنتمي إليه» (The Place Where I Belong).
جاء وقع الفوز مفاجئاً لهلا، الوحيدة التي تمثل لبنان في هذا المهرجان. ففعالياته تهتم بإنجاز أفلام على طريق التنفيذ وتدعم صاحبه من خلال دعوته للمشاركة في ورشة عمل تستمر لمدة ثلاثة أشهر، تبدأ في يوليو (تموز) وتنتهي في سبتمبر (أيلول). «في هذه الورشة سألتقي كما غيري من الفائزين بمخرجين وقيمين محترفين على صناعة الأفلام السينمائية. هم أشخاص مشهورون عالمياً، ومعهم سنكمل ما بدأنا به من أفكار للعمل، ونطلع على خريطة الطريق التي يتطلبها للقيام بعملية المونتاج والإنتاج وغيرها».
استوحت الكوش قصة فيلمها من تجارب شخصية عاشتها في بيروت، لا سيما بعد الانفجار. قررت أن تتفرج على حياتها بأسلوبها وعلى طريقتها انطلاقاً من شوارع بيروت، وهي تتوجه للخضوع إلى جلسات علاج نفسي. تنقل من خلال هذه الرحلة كل ما انتابها من أحاسيس وأفكار وصراعات داخلية. وتوضح لـ«الشرق الأوسط»: «لا أزال في طور التحضير للفيلم، من خطوطه الواضحة حتى اليوم. لم أحدد بعد من هم أبطاله وعناصره التمثيلية لأنه بمثابة توثيقي يحتاج أكثر إلى كاميرتي من العناصر البشرية فيه. خضعت لعلاج نفسي لمدة سنتين متتاليتين وسأستخدم التسجيلات التي تخللتها لتؤلف عنصراً واقعياً يبرز الصراعات التي يعيشها الشباب أبناء جيلي».
تروي هلا كيف أنها، وهي اليوم تبلغ 26 عاماً، لم تكن تدرك معنى الوطنية. «لم أشعر يوماً بانتمائي إلى وطن، ولكن الانفجار قلب حياتي. فبيروت علمتني الكثير وكيف علي أن أجتهد كي ألاقي الحلول لأستمر وأعيش، ورغم كل العقبات التي تواجهنا في لبنان، فنحن غير قادرين على الحصول على أقل حقوقنا من كهرباء وماء وأمان. فمن خلال بيروت عرفت أن عبارة (لا أستطيع) غير واردة كي أحصل على الأجوبة التي أرغب فيها».
تعتز هلا بحبها لمدينتها، وعندما تحدثك عنها تلمس ذلك عن قرب، فتصف مشاعرها نحوها وكأنها اكتشافات تشبه تلك التي نقرأها في رواية «أليس في بلاد العجائب». وتعلق: «منذ عام 2020 وأنا أعيش هذا الصراع بين الهجرة والبقاء، وما عدت قادرة على دفن مشاعري. لذلك قررت التحليق بها ضمن فيلم طويل هو الأول من نوعه في مسيرتي. كان علي أن أحقق حلمي وأتشبث به فجاءتني هذه الفرصة من أمستردام كي أعبر من خلالها عن كل ما يخالجني».
وعن إمكانية إعادتها الكرة فتختار بيروت مرة أخرى محوراً لفيلم جديد، تقول: «لا أزال اليوم أعمل على فيلمي الأول، ولم أفكر بعد بما ينتظرني في المستقبل. ولكن، من دون شك قد ألجأ إلى مدينتي مرة جديدة، إذ أشعر أني مهما تحدثت عنها يبقى قليلاً، نسبة إلى كل هذا الثراء الثقافي والفكري اللذين تتمتع بهما».
تطمح الكوش من خلال فيلمها الجديد إلى جذب المغتربين اللبنانيين وحثهم على العودة إلى وطنهم. «أحلم بعودتهم جميعاً، كي يتعرفوا إلى لبنان عن كثب ويشاركوا في بنائه. فهم ليسوا قلة بل أعدادهم بالملايين، وبإمكانهم أن يحدثوا الفرق. هو حلم أتمنى أن يتحقق، وفي فيلمي سأحاول فلربما أنجح».
ما إن أُعلن عن فوز هلا الكوش المتخرجة في معهد الفنون في الجامعة اللبنانية والحائزة على شهادة الماجيستير في الإخراج السينمائي، حتى انهالت عليها التهاني. ومن بين هؤلاء السفير الياباني لدى لبنان تاكيشي أوكوبو. غرد يقول: «سررت بالخبر، خرّيجة الجامعة اللبنانية هلا الكوش تفوز في مهرجان الفيلم الوثائقي الدولي بأمستردام وتنقل وجع انفجار المرفأ في فيلمها السينمائي الأول».
وتعلق الكوش: «تفاجأت بتعليقه فهو كغيره من الأصدقاء الذين هنأوني وكأنهم متعطشون لخبر إيجابي من لبنان. وبما أني كنت السبب بهذه الفرحة شعرت وكأنها المكافأة التي لطالما انتظرتها. سأكرس حياتي من أجل السينما وأستمر في رفع اسم لبنان عالياً».
ومن خطواتها المستقبلية إكمال دراستها في فن العلاج السينمائي. «إنه الفن الذي يمكنه أن يترك أثره على الناس، وعلى هذه الصناعة، ككل لأنه بمثابة مرآة للمجتمعات».


مقالات ذات صلة

رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

يوميات الشرق رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

إنه «فضلو» في «بياع الخواتم»، و«أبو الأناشيد الوطنية» في مشواره الفني، وأحد عباقرة لبنان الموسيقيين، الذي رحل أول من أمس (الأربعاء) عن عمر ناهز 84 عاماً. فبعد تعرضه لأزمة صحية نقل على إثرها إلى المستشفى، ودّع الموسيقي إيلي شويري الحياة. وفي حديث لـ«الشرق الأوسط» أكدت ابنته كارول أنها تفاجأت بانتشار الخبر عبر وسائل التواصل الاجتماعي قبل أن تعلم به عائلته. وتتابع: «كنت في المستشفى معه عندما وافاه الأجل. وتوجهت إلى منزلي في ساعة متأخرة لأبدأ بالتدابير اللازمة ومراسم وداعه.

يوميات الشرق ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

ستيف بركات عازف بيانو كندي من أصل لبناني، ينتج ويغنّي ويلحّن. لفحه حنين للجذور جرّه إلى إصدار مقطوعة «أرض الأجداد» (Motherland) أخيراً. فهو اكتشف لبنان في وقت لاحق من حياته، وينسب حبّه له إلى «خيارات مدروسة وواعية» متجذرة في رحلته.

فاطمة عبد الله (بيروت)
يوميات الشرق هشام خرما لـ«الشرق الأوسط»: أستلهمُ مؤلفاتي الموسيقية من التفاصيل

هشام خرما لـ«الشرق الأوسط»: أستلهمُ مؤلفاتي الموسيقية من التفاصيل

يعتمد الموسيقار المصري هشام خرما طريقة موحّدة لتأليف موسيقاه، تقتضي البحث في تفاصيل الموضوعات للخروج بـ«ثيمات» موسيقية مميزة. وهو يعتزّ بكونه أول موسيقار عربي يضع موسيقى خاصة لبطولة العالم للجمباز، حيث عُزفت مقطوعاته في حفل الافتتاح في القاهرة أخيراً.

محمود الرفاعي (القاهرة)
يوميات الشرق معرض «أحلام الطبيعة» في ألمانيا

معرض «أحلام الطبيعة» في ألمانيا

زائرون يشاهدون عرضاً في معرض «أحلام الطبيعة - المناظر الطبيعية التوليدية»، بمتحف «كونستبلاست للفنون»، في دوسلدورف، بألمانيا. وكان الفنان التركي رفيق أنادول قد استخدم إطار التعلم الآلي للسماح للذكاء الصناعي باستخدام 1.3 مليون صورة للحدائق والعجائب الطبيعية لإنشاء مناظر طبيعية جديدة. (أ ب)

«الشرق الأوسط» (لندن)
يوميات الشرق «نلتقي في أغسطس»... آخر رواية لغارسيا ماركيز ترى النور العام المقبل

«نلتقي في أغسطس»... آخر رواية لغارسيا ماركيز ترى النور العام المقبل

ستُطرح رواية غير منشورة للكاتب غابرييل غارسيا ماركيز في الأسواق عام 2024 لمناسبة الذكرى العاشرة لوفاة الروائي الكولومبي الحائز جائزة نوبل للآداب عام 1982، على ما أعلنت دار النشر «راندوم هاوس» أمس (الجمعة). وأشارت الدار في بيان، إلى أنّ الكتاب الجديد لمؤلف «مائة عام من العزلة» و«الحب في زمن الكوليرا» سيكون مُتاحاً «عام 2024 في أسواق مختلف البلدان الناطقة بالإسبانية باستثناء المكسيك» و«سيشكل نشره بالتأكيد الحدث الأدبي الأهم لسنة 2024».

«الشرق الأوسط» (بوغوتا)

استعادة التراث الحضاري المصري في معرض للحرف اليدوية

منتجات يدوية وحرف تراثية متنوعة في المعرض (رئاسة مجلس الوزراء)
منتجات يدوية وحرف تراثية متنوعة في المعرض (رئاسة مجلس الوزراء)
TT

استعادة التراث الحضاري المصري في معرض للحرف اليدوية

منتجات يدوية وحرف تراثية متنوعة في المعرض (رئاسة مجلس الوزراء)
منتجات يدوية وحرف تراثية متنوعة في المعرض (رئاسة مجلس الوزراء)

في خطوة لاستعادة التراث الحضاري المصري، عبر تنشيط وإحياء الحرف اليدوية والتقليدية، افتتح رئيس الوزراء المصري، مصطفى مدبولي، الدورة السادسة لمعرض «تراثنا»، الخميس، التي تضم نحو ألف مشروع من الحرف اليدوية والتراثية، بالإضافة إلى جناح دولي، تشارك فيه دول السعودية والإمارات والبحرين وتونس والجزائر والهند وباكستان ولاتفيا.

المعرض الذي يستمر حتى 21 ديسمبر (كانون الأول) الحالي، يضم معروضات من الجمعيات الأهلية، من مختلف محافظات مصر، والمؤسسات الدولية شركاء التنمية، بهدف «إعادة إحياء الحرف اليدوية والصناعات التقليدية والتراثية، بما يُعزز من فرص تطورها؛ لكونها تُبرز التراث الحضاري المصري بشكل معاصر، يلبي أذواق قاعدة كبيرة من الشغوفين بهذا الفن داخل مصر وخارجها، كما تُسهم في تحسين معيشة كثير من الأسر المُنتجة»، وفق تصريحات لرئيس الوزراء المصري على هامش الافتتاح، كما جاء في بيان نشره مجلس الوزراء، الخميس.

رئيس الوزراء المصري يتفقد أجنحة المعرض (رئاسة مجلس الوزراء)

ووفق تصريحات صحافية للرئيس التنفيذي لجهاز تنمية المشروعات المتوسطة والصغيرة ومتناهية الصغر، باسل رحمي، يقدم المعرض مجموعة من الفنون المصرية المُتفردة، مثل: السجاد والكليم اليدوي، والمنسوجات، والتلّى، ومفروشات أخميم، والإكسسوار الحريمي، والحرف النحاسية والزجاجية، وأعمال التطريز، والخيامية، والصدف، والتابلوهات، والخزف، والجلود، ومنتجات الأخشاب، والخوص، والأثاث، إلى جانب الملابس التراثية، والمكرميات، وأعمال الرسم على الحرير، والبامبو، ومنتجات سيناء، وغيرها.

منتجات متنوعة في أجنحة المعرض (رئاسة مجلس الوزراء)

وعرض جناح هيئة التراث السعودية، منتجات عددٍ من أمهر الحرفيين المتخصصين في الصناعات اليدوية التقليدية، كما عرض جناح غرفة رأس الخيمة، منتجات محلية تراثية، وكذلك جناح الديوان الوطني للصناعات التقليدية في الجمهورية التونسية.

وأعلن رحمي عن توقيع بروتوكولات تعاون مع عدة دول، من بينها الهند، لتبادل الخبرات والتنسيق في المعارض المشتركة؛ بهدف نشر الصناعات اليدوية والعمل على تسويقها داخل مصر وخارجها، مؤكداً على عقد بروتوكول تعاون مع شركة ميناء القاهرة الدولي؛ لتوفير منصات تسويقية تحت العلامة التجارية «تراثنا» داخل صالات مطار القاهرة الدولي، وإتاحة مساحات جاذبة لجمهور المسافرين والزوار لعرض وبيع منتجات الحرفيين المصريين اليدوية والتراثية.

معرض «تراثنا» يضم كثيراً من المنتجات المصنوعة يدوياً (رئاسة مجلس الوزراء)

كما سيتم توقيع مذكرة تفاهم ثلاثية بين جهاز تنمية المشروعات، والشركة المسؤولة عن تشغيل المتحف المصري الكبير، وكذلك الشركة المسؤولة عن تنظيم عمليات إنتاج وعرض المنتجات الحرفية داخل متجر الهدايا الرسمي بالمتحف لدعم وتأهيل أصحاب الحرف اليدوية والتراثية وتطوير منتجاتهم، تمهيداً لعرضها بعدد من المتاجر في مناطق سياحية مختلفة داخل وخارج البلاد، في إطار تعزيز التكامل بين الجهات الحكومية وشركات القطاع الخاص.