نيل القاهرة يطوي صفحة العوامات السكنية

سكانها يحزمون ذكرياتهم ويرحلون في حزن

عوّامة الحاجة إخلاص (تصوير: عبد الفتاح فرج)
عوّامة الحاجة إخلاص (تصوير: عبد الفتاح فرج)
TT

نيل القاهرة يطوي صفحة العوامات السكنية

عوّامة الحاجة إخلاص (تصوير: عبد الفتاح فرج)
عوّامة الحاجة إخلاص (تصوير: عبد الفتاح فرج)

منذ تلقي السيدة المصرية، إخلاص إبراهيم حلمي، (88 عاماً) خطاباً حكومياً يخطرها بإزالة عوامتها، قبيل نهاية الشهر الماضي، سيطر الارتباك عليها تماماً، ورغم مراهنتها على احتمالية تراجع السلطات المصرية عن القرار مع مرور الوقت، وإظهار المزيد من الصلابة، فإن رد المسؤولين كان قاطعاً «قُضي الأمر». استسلمت السيدة للقرار في النهاية، وحاولت مسرعة بمساعدة شقيقها وأصدقائها لملمة ذكرياتها وأثاث عوامتها ذات اللون الأزرق والأبيض، التي تجاور جسر 15 مايو (أيار)، وتحمل رقم «1 سابقاً»، وتشتهر بالإوز الذي يسبح حولها، قبل أن يداهمها الوقت، وتسحبها أوناش وزارة الري المصرية إلى المنطقة المجاورة لكوبري إمبابة المعدني.
تعد «الحاجة إخلاص» كما يناديها البعض، من آخر سكان العوامات الذين غادروا عواماتهم بحزن؛ إذ أعطاها المسؤولون مهلة يوم واحد إضافي لظروف تقدمها في العمر، قبل سحب العوامة اليوم الثلاثاء، وإسدال الستار على منظرها المميز الذي كان يجذب المارة لالتقاط الصور لها، ويعبرون عن تمنيهم العيش ولو ليوم واحد داخلها، وذهب متابعون إلى تشبيه هذه العوامات بأنها «جنة تجري من تحتها الأنهار».

إخلاص حلمي قُبيل مغادرة عوامتها (تصوير: عبد الفتاح فرج)

في ظل انشغال السيدة العجوز بالأحاديث الصحافية على مدار اليوم، كانت تحاول خطف نظرات مطولة إلى صفحة النيل البيضاء، للاحتفاظ بها في مخيلتها «أنا نمت وهما بيصوروني، لإني ما نمتش من ساعة ما جالي خبر إزالة العوامة»، مضيفة لـ«الشرق الأوسط» بنبرة خفيضة يغلب عليها الإرهاق والتعب «أنا زي السمك ما ينفعش يعيش بره المياه، مش هأعرف أندفن بين حيطان أي شقة، كنت أتمنى أن يتركوني في عوامتي حتى أموت، أنا كبرت لم يتبق من عمري سوى القليل»، كلمات «الحاجة إخلاص» المؤثرة اخترقت قلوب بعض الصحافيين والإعلاميين، ودفعت بعضهم للبكاء.
تتحدث السيدة التي تتم عامها الـ88 في نهاية شهر يوليو (تموز) الحالي، والتي كانت تعيش بمفردها داخل العوامة، بجانب قططها وإوزها وكلب حراستها، بمزيد من الحب عن ذكرياتها الممتدة في النيل، حيث سبق لها العيش طويلاً في عوامة أخرى مع والدتها قبل أن تستقر إلى جانب كوبري 15 مايو في الجهة المقابلة لفندق أم كلثوم، وساقية الصاوي، حيث ترى السيدة تمثال أم كلثوم الذهبي بوضوح، وتسمع صيحات جمهور قاعة النهر بالساقية، وترد تحية الصيادين ولاعبي التجديف، وأصحاب المراكب العابرة، بحميمية لافتة، بعدما صارت رمزاً لتلك المنطقة، وأحد وجوهها المألوفين لعابري النهر.

إخلاص حلمي وأهداف سويف قبيل إزالة عوامتيهما

لم يشغل بال السيدة المسنة، نقل محتويات عوامتها من الأثاث الكامل والأجهزة المنزلية، بقدر ما شغلها الاطمئنان على قططها وكلبها، قبل أن تساعد صديقاتها الشابات على نقلها في أماكن تهتم برعاية الحيوانات، فحضرت سيدة تدعى أسماء محمد، من منطقة شيراتون بمصر الجديدة (شرق القاهرة) بسياراتها إلى منطقة الكيت كات، مرتين لنقل ما تيسر من القطط، حتى تستقر الحاجة إخلاص في مكان جديد، وتلمّ شملهم من جديد.
تقول إخلاص «عندما كنت أسافر في الصيف إلى شواطئ البحر المتوسط، كنت لا أطيق البقاء هناك لأكثر من 3 أيام، كان جنايني حديقتي يراعي الإوز والقطط، لكنها كانت تظل كئيبة من دوني».
وترى أن الحيوانات والطيور التي تربيها بمثابة أسرتها الحقيقية «لدي 30 إوزة تعيش معي وتسبح طوال النهار في النهر، لم أذبح أياً منها على مدار حياتي، لكن تعرض بعضها للسرقة، مع أجهزة كهربائية كثيرة، ولدي 30 قطة، أقسّمهم مجموعتين، ولدي كلبة تنبهني إن حاول أحد اقتحام عوامتي وسرقة أي شيء».

عوّامات النيل (تصوير: عبد الفتاح فرج)

وأزالت السلطات المصرية 13 عوامة في المرحلة الثانية والأخيرة أمس، بعد فقد سكانها الأمل في تراجع الحكومة.
وقالت الدكتورة أهداف سويف، إحدى سكان عوامات الكيت كات، في منشور لها عبر صفحتها على «فيسبوك» مساء أول من أمس «اليوم انتهى الموضوع، وكل العوامات ستغادر الشاطئ». وأكدت، أن بقاءهم «في نهر النيل بات مرفوضاً بشكل قاطع؛ لأن الدولة قررت بشكل نهائي لا رجعة فيه، عدم السماح بوجود عوامات سكنية في نيل القاهرة الكبرى».
وبررت الحكومة المصرية قرار إزالة هذه العوامات بـ«إعادة هيكلة المظهر الحضاري لنهر النيل، في منطقة القاهرة والجيزة، اللتان تمثلان ثقلاً سياحياً، مؤكدة أن هذه العوامات المخالفة تضر في المظهر الحضاري، بالإضافة إلى وجود غرامات ومديونيات كبيرة على الكثير من أصحابها».
وكان يبلغ عدد العوامات على ضفاف النيل في الكيت كات، نحو 32 عوامة، أُزيلت بالفعل، لتطوى صفحتها للأبد.
ووفق سويف، «فإن العوامات السكنية هي عوامات تاريخية شهدت أحداثاً وشخصيات تاريخية، وكان لها دور في ثقافة البلاد، كما أنها تمثل ثقلاً سياحياً للبلاد، وليس العكس؛ بدليل ما يكتبه عنها زوار القاهرة». وأشارت إلى أن «الحكومة اقترحت تغيير نشاط العوامات من سكني إلى تجاري أو سياحي للإبقاء عليها».

نيل القاهرة يودّع العوامات السكنية (تصوير: عبد الفتاح فرج)

وأعرب عدد كبير من المتابعين المصريين عن حزنهم لإزالة هذه العوامات التي كانوا يعتبرونها «جزءاً من تراث نهر النيل». معبّرين عن تخوفهم من إنشاء مبان خرسانية تحجب رؤية النهر وتشهوه منظره.
وفي ستينات القرن الماضي، صدر قرار بتجميع العوامات السكنية في منطقة الكيت كات، ومنذ ذلك التاريخ سكنها شخصيات شهيرة وفنانون، بينهم الراقصة بديعة مصابني في فترة الثلاثينات والأربعينات من القرن الماضي، والتي كانت ترسو أمام فندق شيراتون، وقيل عنها أنها «كانت تشهد تشكيل وعزل حكومات»، إضافة إلى عوامة منيرة المهدية، التي قالت عنها إنها «كانت تشهد اجتماعات للحكومة»، كما كان لنجيب محفوظ عوامة عاش فيها نحو 25 عاماً، وكتب فيها عدة روايات، من بينها «أولاد حارتنا».
وظهرت العوامات في مشاهد درامية متنوعة، من بينها فيلم «ثرثرة فوق النيل»، إنتاج عام 1971، والمأخوذ عن الرواية التي تحمل الاسم نفسه للكاتب نجيب محفوظ ومن إخراج حسين كمال، ومسلسل «لأعلى سعر» بطولة نيللي كريم، وفيلم «السفارة في العمارة» بطولة عادل إمام، والعديد من الأعمال الأخرى.


مقالات ذات صلة

هل يحد «الحوار الوطني» من «قلق» المصريين بشأن الأوضاع السياسية والاقتصادية؟

شمال افريقيا هل يحد «الحوار الوطني» من «قلق» المصريين بشأن الأوضاع السياسية والاقتصادية؟

هل يحد «الحوار الوطني» من «قلق» المصريين بشأن الأوضاع السياسية والاقتصادية؟

حفلت الجلسة الافتتاحية لـ«الحوار الوطني»، الذي دعا إليه الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي قبل أكثر من عام، برسائل سياسية حملتها كلمات المتحدثين، ومشاركات أحزاب سياسية وشخصيات معارضة كانت قد توارت عن المشهد السياسي المصري طيلة السنوات الماضية. وأكد مشاركون في «الحوار الوطني» ومراقبون تحدثوا لـ«الشرق الأوسط»، أهمية انطلاق جلسات الحوار، في ظل «قلق مجتمعي حول مستقبل الاقتصاد، وبخاصة مع ارتفاع معدلات التضخم وتسببه في أعباء معيشية متصاعدة»، مؤكدين أن توضيح الحقائق بشفافية كاملة، وتعزيز التواصل بين مؤسسات الدولة والمواطنين «يمثل ضرورة لاحتواء قلق الرأي العام، ودفعه لتقبل الإجراءات الحكومية لمعالجة الأز

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شمال افريقيا السيسي يبحث انعكاسات التطورات الإقليمية على الأمن القومي المصري

السيسي يبحث انعكاسات التطورات الإقليمية على الأمن القومي المصري

عقد الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، اجتماعاً، أمس (الخميس)، مع كبار قادة القوات المسلحة في مقر القيادة الاستراتيجية بالعاصمة الإدارية الجديدة، لمتابعة دور الجيش في حماية الحدود، وبحث انعكاسات التطورات الإقليمية على الأمن القومي للبلاد. وقال المستشار أحمد فهمي، المتحدث الرسمي باسم الرئاسة المصرية، في إفادة رسمية، إن «الاجتماع تطرق إلى تطورات الأوضاع على الساحتين الإقليمية والدولية، وانعكاساتها على الأمن القومي في ظل الظروف والتحديات الحالية بالمنطقة». وقُبيل الاجتماع تفقد الرئيس المصري الأكاديمية العسكرية المصرية، وعدداً من المنشآت في مقر القيادة الاستراتيجية بالعاصمة الإدارية. وأوضح المتحدث ب

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شمال افريقيا مصر: ظاهرة «المقاتلين الأجانب» تهدد أمن واستقرار الدول

مصر: ظاهرة «المقاتلين الأجانب» تهدد أمن واستقرار الدول

قالت مصر إن «استمرار ظاهرة (المقاتلين الأجانب) يهدد أمن واستقرار الدول». وأكدت أن «نشاط التنظيمات (الإرهابية) في أفريقيا أدى لتهديد السلم المجتمعي».

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شمال افريقيا حادث تصادم بمصر يجدد الحديث عن مخاطر «السرعة الزائدة»

حادث تصادم بمصر يجدد الحديث عن مخاطر «السرعة الزائدة»

جدد حادث تصادم في مصر الحديث بشأن مخاطر «السرعة الزائدة» التي تتسبب في وقوع حوادث سير، لا سيما على الطرق السريعة في البلاد. وأعلنت وزارة الصحة المصرية، (الخميس)، مصرع 17 شخصاً وإصابة 29 آخرين، جراء حادث سير على طريق الخارجة - أسيوط (جنوب القاهرة).

منى أبو النصر (القاهرة)
شمال افريقيا مصريون يساهمون في إغاثة النازحين من السودان

مصريون يساهمون في إغاثة النازحين من السودان

بعد 3 أيام عصيبة أمضتها المسنة السودانية زينب عمر، في معبر «أشكيت» من دون مياه نظيفة أو وجبات مُشبعة، فوجئت لدى وصولها إلى معبر «قسطل» المصري بوجود متطوعين مصريين يقدمون مياهاً وعصائر ووجبات جافة مكونة من «علب فول وتونة وحلاوة وجبن بجانب أكياس الشيبسي»، قبل الدخول إلى المكاتب المصرية وإنهاء إجراءات الدخول المكونة من عدة مراحل؛ من بينها «التفتيش، والجمارك، والجوازات، والحجر الصحي، والكشف الطبي»، والتي تستغرق عادة نحو 3 ساعات. ويسعى المتطوعون المصريون لتخفيف مُعاناة النازحين من السودان وخصوصاً أبناء الخرطوم الفارين من الحرب والسيدات والأطفال والمسنات، بالتعاون مع جمعيات ومؤسسات أهلية مصرية، على


مدعي «الجنائية الدولية»: غالبية الأدلة تثبت التهم ضد «كوشيب»

علي عبد الرحمن الشهير بـ«علي كوشيب» المتهم بجرائم حرب في إقليم دارفور (موقع الجنائية الدولية)
علي عبد الرحمن الشهير بـ«علي كوشيب» المتهم بجرائم حرب في إقليم دارفور (موقع الجنائية الدولية)
TT

مدعي «الجنائية الدولية»: غالبية الأدلة تثبت التهم ضد «كوشيب»

علي عبد الرحمن الشهير بـ«علي كوشيب» المتهم بجرائم حرب في إقليم دارفور (موقع الجنائية الدولية)
علي عبد الرحمن الشهير بـ«علي كوشيب» المتهم بجرائم حرب في إقليم دارفور (موقع الجنائية الدولية)

مع بدء المرافعات الختامية ضد المتهم بارتكاب جرائم حرب وضد الإنسانية في إقليم دارفور(غرب السودان)، علي عبد الرحمن، الشهير باسم «علي كوشيب»، أبلغ مدعي المحكمة الجنائية الدولية قضاة أن «غالبية الأدلة تظهر أن سلوك المتهم وأفعاله تثبت ارتكابه الجرائم المنصوص عليها».

وقال إن علي عبد الرحمن، المشتبه به في أول محاكمة تنظر جرائم الحرب في إقليم دارفور بالسودان قبل عقدين، كان زعيم ميليشيا مرهوب الجانب وأمر بارتكاب فظائع منها القتل والاغتصاب والنهب.

ودفع عبد الرحمن ببراءته من تهمة الإشراف على آلاف من مقاتلي «الجنجويد» الموالين للحكومة خلال ذروة القتال في عامي 2003 و2004. وقال دفاعه إنه ليس زعيم الميليشيا، المعروف أيضاً باسمه الحركي «علي كوشيب». ووصف الدفاع المتهم «كوشيب» في وقت سابق بأنه «كبش فداء» قدّمته الحكومة السودانية للتغطية على المتهمين الرئيسيين، منهم الرئيس المخلوع عمر البشير، ووزيرا الدفاع وقتها عبد الرحيم محمد حسين، والداخلية أحمد هارون.

الادعاء أثبت قضيته

وقال المدعي العام للمحكمة كريم خان، في بيانه الختامي، الأربعاء، إنه خلال المحاكمة التي استمرت عامين، قدّم شهود الادعاء «روايات مفصلة عن القتل الجماعي والتعذيب والاغتصاب واستهداف المدنيين وحرق ونهب قرى بأكملها»، وإن الادعاء أثبت قضيته بما لا يدع مجالاً للشك.

المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية كريم خان (رويترز)

وتمثل المرافعات الختامية نهاية المحاكمة الأولى والوحيدة التي تجريها المحكمة الجنائية الدولية بشأن الجرائم المرتكبة في السودان منذ إحالة مجلس الأمن الدولي القضية إلى المحكمة في 2005، ولا تزال هناك أوامر اعتقال معلقة بحق مسؤولين سودانيين كبار في عهد الرئيس السابق عمر البشير.

واندلع الصراع في دارفور لأول مرة عندما حمل متمردون غير عرب السلاح في وجه حكومة السودان، متهمين إياها بتهميش المنطقة النائية الواقعة في غرب البلاد. وحشدت حكومة السودان آنذاك ميليشيات عربية في الأغلب تعرف باسم «الجنجويد» لقمع التمرد، ما أثار موجة من العنف وصفتها الولايات المتحدة وجماعات حقوق الإنسان بأنها تصل إلى حد الإبادة الجماعية.

ومنذ بدء المحاكمة التي تجريها المحكمة الجنائية الدولية، اندلع الصراع مرة أخرى في دارفور، وتحول الصراع الحالي المستمر منذ 20 شهراً بين الجيش و«قوات الدعم السريع» شبه العسكرية إلى صراع يزداد دموية مع تعثر جهود وقف إطلاق النار. وأعلن المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية في يونيو (حزيران) من هذا العام أنه يجري أيضاً تحقيقات عاجلة في مزاعم ارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية حالياً في دارفور.

ومن المقرر أن تستمر المرافعات الختامية إلى 13 ديسمبر (كانون الأول) الحالي، بمقر المحكمة في مدينة لاهاي الهولندية.

حكومة السودان سلّحت «الجنجويد»

وذكر خان أن حكومة السودان وآخرين كانوا يقومون بتسليح ميليشيا «الجنجويد» من أجل مقاومة «التمرد»، إلا أن الضحايا في هذه القضية «لم يكونوا ثواراً، بل هم مدنيون. وقال في مرافعته إن المحكمة استمعت، في وقت سابق، إلى روايات 81 شاهداً «تحدثوا عن القتل الجماعي والاغتصاب والحرق والتدمير لقرى كاملة وتهجير أهاليها من شعب الفور الذين حتى لا يستطيعون العودة إلى مناطقهم حتى اليوم».

وأضاف أن مئات الرجال من قبيلة الفور تعرضوا للاعتقال والتعذيب في مكجر ودليج بوسط دارفور، وتم هذا على يد المتهم في هذه القضية «علي كوشيب». وتابع: «قدمنا للمحكمة أدلة على جرائم الاغتصاب التي ارتكبها (الجنجويد)، والتي كانت جزءاً من سياسة استراتيجية لـ(الجنجويد) وحكومة السودان ضد شعب الفور».

صورة من الدمار الذي خلّفه القتال في الفاشر عاصمة ولاية شمال دارفور (أرشيفية - أ.ف.ب)

وقال المدعي العام إن كل التهم المسؤول عنها جنائياً المتهم علي كوشيب «تم إثباتها أمام المحكمة، ونأمل أن تأخذ المحكمة بالأدلة الموثوقة من خلال محاكمة نزيهة». وأكد أن المتهم «مسؤول عن جرائم ارتكبت في مناطق كتم وبندسي ومكجر ودريج في أثناء الصراع بإقليم دارفور».

ووصف خان هذه المحاكمة بأنها تمثل بارقة أمل للذين فقدوا أقاربهم وممتلكاتهم، والذين ينتظرون العدالة لمدة 20 عاماً. ويواجه علي كوشيب 31 تهمة تتعلق بجرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية يُزعم أنها ارتُكبت في إقليم دارفور بالسودان، خلال الفترة بين أغسطس (آب) 2003 وأبريل (نيسان) 2004 بمناطق مكجر وبندسي ودليج وكدوم بوسط دارفور.

وبدأت محاكمة كوشيب أمام الدائرة الابتدائية الأولى، في 5 أبريل 2022، على أثر تسليم نفسه للمحكمة في يونيو 2020، واستجوبت المحكمة، خلال التقاضي، 56 شاهداً، وأغلقت قضية الادعاء في 5 يونيو 2023.