انتهاكات حوثية على طاولة النقاش الأممي... والحكومة تجدد التزامها التهدئة

وسط تهديد الميليشيات بنسف الهدنة اليمنية والعودة إلى خيار الحرب

العميد طارق صالح خلال اجتماعه مع أركان قيادة محور تعز (سبأ)
العميد طارق صالح خلال اجتماعه مع أركان قيادة محور تعز (سبأ)
TT

انتهاكات حوثية على طاولة النقاش الأممي... والحكومة تجدد التزامها التهدئة

العميد طارق صالح خلال اجتماعه مع أركان قيادة محور تعز (سبأ)
العميد طارق صالح خلال اجتماعه مع أركان قيادة محور تعز (سبأ)

بالتزامن مع تهديدات قادة الميليشيات الحوثية باستئناف القتال ونسف الهدنة الأممية، تشهد العاصمة الأردنية عمان اجتماعاً عسكرياً مشتركاً بين ممثلي الحكومة اليمنية وممثلي الميليشيات برعاية أممية لبحث الانتهاكات العسكرية ومحاولة وضع حد لها، بحسب ما ذكرته مصادر رسمية يمنية.
وأكد رئيس الفريق العسكري التابع للحكومة اليمنية اللواء سمير الصبري استمرار موقف الحكومة في التعاطي مع الهدنة بشكل إيجابي، خلال لقاء الفريق (الأحد) مع المختصين في مكتب المبعوث الأممي عقب وصوله إلى العاصمة الأردنية عمان للمشاركة في الاجتماع الذي دعا له مكتب المبعوث.
وأشار رئيس الفريق الحكومي إلى الأعمال العسكرية التي تهدد الهدنة من قبل ميليشيات الحوثي الانقلابية وقال في تصريحات رسمية إن اللقاء الذي ترعاه الأمم المتحدة» يفترض أن يضع حداً للأعمال العدائية الحوثية.
وأوضح اللواء صبري أن اجتماع اللجنة العسكرية المشتركة يهدف إلى مناقشة تثبيت الهدنة وخصوصاً من الناحية العسكرية بعدما شهدت العديد من الخروق من قبل ميليشيات الحوثي سواء من حيث إطلاق النار أو الطائرات المسيرة أو الصواريخ على الأحياء والمدن السكنية والتحشيد في جبهات القتال والتي تهدد الهدنة.
ويأتي انعقاد الاجتماع الذي حدده مكتب المبعوث الأممي بين ممثلي الحكومة الشرعية وممثلي الميليشيات في ظل استمرار الأعمال العدائية الحوثية في كافة الجبهات مع استمرار التحشيد العسكري الذي يعكس نية الميليشيات لإنهاء الهدنة والعودة إلى خيار القتال.
وكان آخر هذه التهديدات وردت في تغريد على «تويتر» للمشرف الحوثي على خارجية حكومة الانقلاب، حسين العزي، قال فيه إن جماعته ستعود للقتال في مختلف الجبهات إذا لم تحصل على مكاسب اقتصادية جديدة، من بينها مقاسمة الحكومة الشرعية عائدات النفط وإلزامها دفع رواتب الموظفين في مناطق سيطرة الميليشيات.
ومنذ سريان الهدنة في الثاني من أبريل (نيسان) الماضي تتحدث تقارير الجيش اليمني عن ارتكاب الميليشيات الحوثية عشرات الخروق اليومية في مختلف الجبهات، مع قيامها بشن هجمات عنيفة لا سيما في مأرب وتعز، بالتزامن مع حشد قوات إضافية إلى خطوط المواجهة في مختلف مناطق التماس.
وذكر الجيش اليمني أن قواته أسقطت (السبت) طائرة مسيرة أطلقتها ميليشيا الحوثي في محافظة تعز (جنوب غرب) كانت محملة بالقذائف، وتحاول استهداف مواقع عسكرية في الجبهة الشمالية للمحافظة.
وبحسب ما ذكره الجيش في محور تعز تم رصد 2778 خرقاً حوثياً للهدنة الأممية، في مختلف جبهات المحور، تنوعت بين القصف المدفعي، وإنشاء تحصينات ومواقع جديدة، واستقدام تعزيزات قتالية، وشق طرقات، وزرع ألغام أرضية، وإطلاق طائرات مسيرة، إضافة إلى استهداف مواقع الجيش والأحياء السكنية.
في غضون ذلك نقل الإعلام الرسمي عن عضو مجلس القيادة الرئاسي اليمني طارق صالح قوله: «إن الميليشيات الحوثية واستمرار خروقها بمختلف أنواع الأسلحة، ورفضها الإيفاء بالتزاماتها برفع الحصار الغاشم عن محافظة تعز، لم يكن مفاجئاً، وهي من دأبت منذ نشأتها على الانقلاب على العهود والمواثيق، وانتهاج سياسة العقاب الجماعي بحق المدنيين، واتخاذ الملف الإنساني مادة للتضليل والابتزاز والمساومة».
وأكد طارق صالح، خلال لقائه قادة محور تعز العسكري، أن الميليشيات الحوثية «باتت في حالة انكشاف أمام الرأي العام اليمني والدولي، وحتى في أوساط عناصرها، بعد أن تأكد للقاصي والداني وقوفها حجر عثرة أمام جهود التهدئة وإحلال السلام، وانقيادها الأعمى خلف المشروع الإيراني التدميري الذي يستهدف اليمن أرضاً وإنساناً وهوية، وأمن واستقرار المنطقة ومصالح العالم أجمع». بحسب تعبيره.
وحذر عضو مجلس القيادة الرئاسي في اليمن «من استغلال الميليشيات الحوثية للهدنة لتعزيز حشودها من المقاتلين والسلاح والعتاد لجبهات القتال في محافظتي مأرب وتعز، ومضاعفة عمليات تجنيد الأطفال، بالإضافة إلى إدارة الأنشطة التخريبية لاستهداف قيادات الدولة والقيادات الأمنية والعسكرية والسياسيين والإعلاميين بالتنسيق والتعاون مع الجماعات الإرهابية، لإرباك المرحلة وزعزعة الأمن والاستقرار في المناطق المحررة».
وقال إنه لولا الدعم السعودي والإماراتي السخي لليمنيين في مختلف المجالات لكان النظام الإيراني قد فرض مشروعه في اليمن وذهبت الأمور لما لا تحمد عقباه.
وأمر طارق صالح - بحسب ما نقلته وكالة «سبأ» برفع مستوى الانضباط والجاهزية للتصدي الحازم لأي تصعيد، ورفع مستوى التنسيق والتعاون مع السلطة المحلية والأجهزة الأمنية للحد من الاختلالات، وتثبيت الأمن والاستقرار والسكينة العامة للمواطنين».
ومع مرور ثلاثة أشهر من سريان الهدنة بعد تمديدها إلى الثاني من أغسطس (آب) لا يزال الملف المتعلق بفك الحصار عن مدينة تعز وفتح الطرقات عالقاً في مكانه بسبب تعنت الحوثيين الذين طرحوا فتح طرق فرعية تقول الحكومة اليمنية إن فتحها لن يؤدي إلى فك الحصار أو تخفيف معاناة السكان.
وكان المبعوث الأممي هانس غروندبرغ قد اقترح حلاً وسطاً يتضمن فتح طريق رئيسية وطرق فرعية أخرى في تعز، وهو المقترح الذي ردت الميليشيات الحوثية برفضه في سياق تعنتها المستمر، رغم التزام الحكومة اليمنية بتعهداتها فيما يخص السماح بتدفق الوقود إلى ميناء الحديدة، وتسيير الرحلات التجارية من مطار صنعاء بموجب نصوص الهدنة.


مقالات ذات صلة

نزيف بشري للجماعة الحوثية رغم توقف المعارك

العالم العربي جانب من سور أكبر المستشفيات في العاصمة صنعاء وقد حولته الجماعة الحوثية معرضاً لصور قتلاها (الشرق الأوسط)

نزيف بشري للجماعة الحوثية رغم توقف المعارك

تتزايد أعداد القتلى من قيادات الجماعة الحوثية الذين يجري تشييعهم دون الإشارة إلى أماكن سقوطهم، بالتوازي مع مقتل مشرفين حوثيين على أيدي السكان.

وضاح الجليل (عدن)
أوروبا مدنيون يرتدون زياً عسكرياً يشاركون في تدريب عسكري من قبل جنود أوكرانيين في كييف (أ.ف.ب)

تقرير: بمساعدة الحوثيين... روسيا تجند يمنيين للقتال في أوكرانيا

أفاد تقرير صحافي أن روسيا تقوم بتجنيد رجال من اليمن لإرسالهم إلى الجبهة في أوكرانيا بمساعدة من الحوثيين في اليمن.

«الشرق الأوسط» (لندن )
العالم العربي مالكو الكسارات في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية يشتكون من الابتزاز والإتاوات (فيسبوك)

حملة ابتزاز حوثية تستهدف كسارات وناقلات الحجارة

فرضت الجماعة الحوثية إتاوات جديدة على الكسارات وناقلات حصى الخرسانة المسلحة، وأقدمت على ابتزاز ملاكها، واتخاذ إجراءات تعسفية؛ ما تَسَبَّب بالإضرار بقطاع البناء.

«الشرق الأوسط» (صنعاء)
تحليل إخباري الجماعة الحوثية استقبلت انتخاب ترمب بوعيد باستمرار الهجمات في البحر الأحمر وضد إسرائيل (غيتي)

تحليل إخباري ماذا ينتظر اليمن في عهد ترمب؟

ينتظر اليمنيون حدوث تغييرات في السياسات الأميركية تجاه بلادهم في ولاية الرئيس المنتخب دونالد ترمب.

وضاح الجليل (عدن)
العالم العربي رئيس الحكومة اليمنية أحمد عوض بن مبارك (سبأ)

وعود يمنية بإطلاق عملية شاملة لإعادة بناء المؤسسات الحكومية

وعد رئيس الحكومة اليمنية، أحمد عوض بن مبارك، بإطلاق عملية شاملة لإعادة بناء المؤسسات، ضمن خمسة محاور رئيسة، وفي مقدمها إصلاح نظام التقاعد.

«الشرق الأوسط» (عدن)

نزيف بشري للجماعة الحوثية رغم توقف المعارك

مقبرة أنشأتها الجماعة الحوثية لقتلاها في صنعاء (أ.ف.ب)
مقبرة أنشأتها الجماعة الحوثية لقتلاها في صنعاء (أ.ف.ب)
TT

نزيف بشري للجماعة الحوثية رغم توقف المعارك

مقبرة أنشأتها الجماعة الحوثية لقتلاها في صنعاء (أ.ف.ب)
مقبرة أنشأتها الجماعة الحوثية لقتلاها في صنعاء (أ.ف.ب)

شيّعت الجماعة الحوثية خلال الأسبوع الماضي أكثر من 15 قتيلاً من قيادييها العسكريين والأمنيين من دون إعلان ملابسات سقوطهم. ورغم توقف المعارك العسكرية مع القوات الحكومية اليمنية في مختلف الجبهات؛ فإن النزيف البشري المستمر لقياداتها وعناصرها يثير التساؤلات عن أسبابه، بالتزامن مع مقتل العديد من القادة في خلافات شخصية واعتداءات على السكان.

ولقي قيادي بارز في صفوف الجماعة مصرعه، الأحد، في محافظة الجوف شمال شرقي العاصمة صنعاء في كمين نصبه مسلحون محليون انتقاماً لمقتل أحد أقاربهم، وذلك بعد أيام من مقتل قيادي آخر في صنعاء الخاضعة لسيطرة الجماعة، في خلاف قضائي.

وذكرت مصادر قبلية في محافظة الجوف أن القيادي الحوثي البارز المُكنى أبو كمال الجبلي لقي مصرعه على يد أحد المسلحين القبليين، ثأراً لمقتل أحد أقاربه الذي قُتل في عملية مداهمة على أحد أحياء قبيلة آل نوف، التي ينتمي إليها المسلح، نفذها القيادي الحوثي منذ أشهر، بغرض إجبار الأهالي على دفع إتاوات.

من فعالية تشييع أحد قتلى الجماعة الحوثية في محافظة حجة دون الإعلان عن سبب مقتله (إعلام حوثي)

ويتهم سكان الجوف القيادي القتيل بممارسات خطيرة نتج عنها مقتل عدد من أهالي المحافظة والمسافرين وسائقي الشاحنات في طرقاتها الصحراوية واختطاف وتعذيب العديد منهم، حيث يتهمونه بأنه كان «يقود مسلحين تابعين للجماعة لمزاولة أعمال فرض الجبايات على المركبات المقبلة من المحافظات التي تسيطر عليها الحكومة، وتضمنت ممارساته الاختطاف والتعذيب والابتزاز وطلب الفدية من أقارب المختطفين أو جهات أعمالهم».

وتقول المصادر إن الجبلي كان يعدّ مطلوباً من القوات الحكومية اليمنية نتيجة ممارساته، في حين كانت عدة قبائل تتوعد بالانتقام منه لما تسبب فيه من تضييق عليها.

وشهدت محافظة الجوف مطلع هذا الشهر اغتيال قيادي في الجماعة، يُكنى أبو علي، مع أحد مرافقيه، في سوق شعبي بعد هجوم مسلحين قبليين عليه، انتقاماً لأحد أقاربهم الذي قُتِل قبل ذلك في حادثة يُتهم أبو علي بالوقوف خلفها.

في الآونة الأخيرة تتجنب الجماعة الحوثية نشر صور فعاليات تشييع قتلاها في العاصمة صنعاء (إعلام حوثي)

وتلفت مصادر محلية في المحافظة إلى أن المسلحين الذين اغتالوا أبو علي يوالون الجماعة الحوثية التي لم تتخذ إجراءات بحقهم، مرجحة أن تكون عملية الاغتيال جزءاً من أعمال تصفية الحسابات داخلياً.

قتل داخل السجن

وفي العاصمة صنعاء التي تسيطر عليها الجماعة الحوثية منذ أكثر من 10 سنوات، كشفت مصادر محلية مطلعة عن مقتل القيادي الحوثي البارز عبد الله الحسني، داخل أحد السجون التابعة للجماعة على يد أحد السكان المسلحين الذي اقتحم السجن الذي يديره الحسني بعد خلاف معه.

وتشير المصادر إلى أن الحسني استغل نفوذه للإفراج عن سجين كان محتجزاً على ذمة خلاف ينظره قضاة حوثيون، مع المتهم بقتل الحسني بعد مشادة بينهما إثر الإفراج عن السجين.

وكان الحسني يشغل منصب مساعد قائد ما يسمى بـ«الأمن المركزي» التابع للجماعة الحوثية التي ألقت القبض على قاتله، ويرجح أن تجري معاقبته قريباً.

وأعلنت الجماعة، السبت الماضي، تشييع سبعة من قياداتها دفعة واحدة، إلى جانب ثمانية آخرين جرى تشييعهم في أيام متفرقة خلال أسبوع، وقالت إنهم جميعاً قتلوا خلال اشتباكات مسلحة مع القوات الحكومية، دون الإشارة إلى أماكن مقتلهم، وتجنبت نشر صور لفعاليات التشييع الجماعية.

جانب من سور أكبر المستشفيات في العاصمة صنعاء وقد حولته الجماعة الحوثية معرضاً لصور قتلاها (الشرق الأوسط)

ويزيد عدد القادة الذين أعلنت الجماعة الحوثية عن تشييعهم خلال الشهر الجاري عن 25 قيادياً، في الوقت الذي تشهد مختلف جبهات المواجهة بينها وبين القوات الحكومية هدوءاً مستمراً منذ أكثر من عامين ونصف.

ورعت الأمم المتحدة هدنة بين الطرفين في أبريل (نيسان) من العام قبل الماضي، ورغم أنها انتهت بعد ستة أشهر بسبب رفض الجماعة الحوثية تمديدها؛ فإن الهدوء استمر في مختلف مناطق التماس طوال الأشهر الماضية، سوى بعض الاشتباكات المحدودة على فترات متقطعة دون حدوث أي تقدم لطرف على حساب الآخر.

قتلى بلا حرب

وأقدمت الجماعة الحوثية، أخيراً، على تحويل جدران سور مستشفى الثورة العام بصنعاء، وهو أكبر مستشفيات البلاد، إلى معرض لصور قتلاها في الحرب، ومنعت المرور من جوار السور للحفاظ على الصور من الطمس، في إجراء أثار حفيظة وتذمر السكان.

وتسبب المعرض في التضييق على مرور المشاة والسيارات، وحدوث زحام غير معتاد بجوار المستشفى، ويشكو المرضى من صعوبة وصولهم إلى المستشفى منذ افتتاح المعرض.

ويتوقع مراقبون لأحوال الجماعة الحوثية أن يكون هذا العدد الكبير من القيادات التي يجري تشييعها راجعاً إلى عدة عوامل، منها مقتل عدد منهم في أعمال الجباية وفرض النفوذ داخل مناطق سيطرة الجماعة، حيث يضطر العديد من السكان إلى مواجهة تلك الأعمال بالسلاح، ولا يكاد يمرّ أسبوع دون حدوث مثل هذه المواجهات.

ترجيحات سقوط عدد كبير من القادة الحوثيين بغارات الطيران الأميركي والبريطاني (رويترز)

ويرجح أن يكون عدد من هؤلاء القادة سقطوا بقصف الطيران الحربي للولايات المتحدة الأميركية وبريطانيا اللتين شكلتا منذ قرابة عام تحالفاً عسكرياً للرد على استهداف الجماعة الحوثية للسفن التجارية وطرق الملاحة في البحر الأحمر، وتنفذان منذ ذلك الحين غارات جوية متقطعة على مواقع الجماعة.

كما تذهب بعض الترجيحات إلى تصاعد أعمال تصفية الحسابات ضمن صراع وتنافس الأجنحة الحوثية على النفوذ والثروات المنهوبة والفساد، خصوصاً مع توقف المعارك العسكرية، ما يغري عدداً كبيراً من القيادات العسكرية الميدانية بالالتفات إلى ممارسات نظيرتها داخل مناطق السيطرة والمكاسب الشخصية التي تحققها من خلال سيطرتها على أجهزة ومؤسسات الدولة.

وبدأت الجماعة الحوثية خلال الأسابيع الماضية إجراءات دمج وتقليص عدد من مؤسسات وأجهزة الدولة الخاضعة لسيطرتها، في مساعِ لمزيد من النفوذ والسيطرة عليها، والتخفيف من التزاماتها تجاه السكان بحسب المراقبين.