«حزب الله»: المُسيَّرات رسالة للوسيط الأميركي أيضاً

تحذيرات من تداعياتها على مفاوضات الحدود البحرية بين لبنان وإسرائيل

لقطة من فيديو نشره الجيش الإسرائيلي لاستهداف المُسيَّرات (أ.ف.ب)
لقطة من فيديو نشره الجيش الإسرائيلي لاستهداف المُسيَّرات (أ.ف.ب)
TT

«حزب الله»: المُسيَّرات رسالة للوسيط الأميركي أيضاً

لقطة من فيديو نشره الجيش الإسرائيلي لاستهداف المُسيَّرات (أ.ف.ب)
لقطة من فيديو نشره الجيش الإسرائيلي لاستهداف المُسيَّرات (أ.ف.ب)

ترك إطلاق «حزب الله» ثلاث مُسيَّرات باتجاه حقل كاريش المتنازع عليه بين لبنان وإسرائيل، تداعياته في لبنان، وطرح علامة استفهام حول توقيته، لا سيما أن المفاوضات غير المباشرة بين البلدين حول الحدود البحرية لا تزال مستمرة، حتى أن معلومات قد أشارت إلى إيجابيات حولها.
وبينما اكتفى «حزب الله» بتبني «إطلاق 3 مُسيَّرات بمهمة استطلاعية»، واصفاً إياها بـ«الرسالة»، لم يصدر -كما العادة- في لبنان أي موقف رسمي حول العملية، بينما اكتفت مصادر وزارية بالقول لـ«الشرق الأوسط» إنه «يتم العمل على جمع المعلومات الدقيقة حول ما حصل».
ومساء السبت، أعلنت إسرائيل اعتراض 3 مُسيَّرات تابعة لـ«حزب الله» اللبناني كانت متّجهة إلى منطقة حقول الغاز في مياه المتوسط، بينما تشهد التوترات بين إسرائيل ولبنان تجدداً في الأسابيع الأخيرة.
من جانبه، أكّد «حزب الله» أنه أطلق 3 طائرات مُسيَّرة باتجاه حقل غاز في البحر المتوسط، السبت، وقال في بيان مقتضب: «قامت مجموعة الشهيدين جميل سكاف ومهدي ياغي بإطلاق 3 مُسيَّرات غير مسلحة، ومن أحجام مختلفة، باتجاه المنطقة المتنازع عليها عند حقل كاريش للقيام بمهام استطلاعية، وقد أنجزت المهمة المطلوبة، وكذلك وصلت الرسالة».
وأعلن أحد مسؤولي الحزب، الشيخ محمد يزبك، أمس، أن «إطلاق المُسيَّرات هو رسالة، ليست فقط لإسرائيل، إنما أيضاً للوسيط الأميركي» (آموس هوكشتاين). وقال: «حفاظ لبنان على ثرواته لا يكون إلا بإشعار العدو بأننا أقوياء، ووصلت الرسالة بالأمس من خلال المُسيَّرات، وهذه الرسالة ليست للعدو الإسرائيلي فقط، وإنما هي أيضاً للوسيط الأميركي بأنه لا يمكن الاستخفاف أو الاستهزاء بحقوق لبنان».
وكان «حزب الله» قد سبق أن أكد أن الهدف المباشر يجب أن يكون منع إسرائيل من استخراج النفط والغاز من حقل كاريش المتنازع عليه، وحذّر أمينه العام حسن نصر الله من أن «الحزب لن يقف مكتوف الأيدي، وأن كل الإجراءات الإسرائيلية لن تستطيع حماية المنصة العائمة لاستخراج النفط من حقل كاريش».
لكن بانتظار ما ستكون عليه تداعيات العملية على المفاوضات، عاد أمس وزير الخارجية اللبناني عبد الله بو حبيب، وتحدث عن إيجابية، رغم اعتبار إسرائيل على لسان رئيس الحكومة الإسرائيلية الجديد يائير لبيد، أن «حزب الله» يعيق تحقيق تقدم في المفاوضات. وتوقع بو حبيب -في حديث تلفزيوني- التوصل إلى اتفاق بمسألة ترسيم الحدود في شهر سبتمبر (أيلول) المقبل، مضيفاً أن «المعلومات الواردة من الأميركيين والأمم المتحدة، تقول إن هناك تقدماً في مفاوضات ترسيم الحدود البحرية».
وفي قراءة عسكرية لـمُسيَّرات «حزب الله»، رأى العميد المتقاعد الدكتور هشام جابر، أن «رسالة الحزب ليست عسكرية أو تهدف إلى إشعال الحرب، بقدر ما تهدف إلى وقف عمليات التنقيب عن النفط التي بدأت بها إسرائيل»، معتبراً في الوقت عينه أن «ليس من مصلحة أي طرف، لا (حزب الله) ولا تل أبيب المواجهة العسكرية». وقال جابر لـ«الشرق الأوسط»: «لكن مما لا شك فيه أن هذا الأمر قد ينعكس على عمل الباخرة التي بدأت التنقيب عن النفط، بانتظار ما سينتج عن المفاوضات الحدودية بين لبنان وإسرائيل، فعندما تصبح المنطقة غير آمنة، يصبح من الصعب على أي شركة أن تعمل فيها».
وبينما يتوقف جابر عند تبني «حزب الله» لإطلاق المُسيَّرات، على خلاف ما اعتاد عليه في المرات السابقة، يستبعد أن «تؤثر هذه العملية على المفاوضات التي لا يبدو أنها تحمل حتى الآن أي إيجابيات؛ لكنها تركت تداعياتها عند الإسرائيليين، انطلاقاً من ردة فعل إسرائيل التي اعتبر جيشها أن (حزب الله) يحاول تقويض السيادة الإسرائيلية بشتى الطرق على الأرض، وفي الجو والبحر».
وفي لبنان، لاقت العملية ردود فعل مستنكرة ومحذرة من تداعياتها على المفاوضات، ورأى النائب في «حزب القوات اللبنانية» غياث يزبك، في حديث إذاعي، أن «لبنان خاسر في ملف ترسيم الحدود مع إسرائيل؛ لأنه لم يقم بأي مستلزم لضمان حقه، بينما في المقابل إسرائيل مجهزة لاستخراج النفط». ونفى وجود «قرار دولي بعدم السماح للبنان بالمباشرة باستخراج النفط؛ بل هناك تقصير وأنانية من الجانب اللبناني»، معتبراً أن «(حزب الله) لا يريد ترسيم الحدود؛ لأن ذلك يفقده حقه في الاحتفاظ بالسلاح، وتعزيز دور إيران في لبنان، والمُسيَّرات التي انطلقت البارحة رسالة من إيران، وننتظر رد الوسيط الأميركي آموس هوكشتاين لمعرفة تداعياتها على الجانب اللبناني».
من جهته، اعتبر النائب السابق فارس سعيد، أن مُسيَّرات «حزب الله» فوق بئر كاريش، تهدف إلى تذكير جميع الأطراف بأن إيران حاضرة في المفاوضات الجارية بين لبنان وإسرائيل حول ترسيم الحدود برعاية أميركية... وعلى حساب المصلحة اللبنانيّة».
وكتب على حسابه على «تويتر» قائلاً: «إن حادثة المُسيَّرات التي أعلن عنها (حزب الله) قد تُكرر؛ لأنه قد تحصل حوادث أخطر منها. نطالب نواب الأمة بطرح إشكالية احتلال إيران داخل مجلس النواب».
وكانت المفاوضات التي انطلقت بين لبنان وإسرائيل عام 2020 بوساطة أميركية، قد توقّفت في مايو (أيار) من العام الماضي، جراء خلافات حول مساحة المنطقة المتنازع عليها، بما في ذلك حقل غاز كاريش، ليُعلَن بعدها عن دخول سفينة وحدة إنتاج الغاز الطبيعي «إنرجان» إلى المنطقة المتنازع عليها لبدء التنقيب عن النفط، وهو ما استدعى دعوة لبنان للوسيط الأميركي آموس هوكشتاين للحضور إلى بيروت؛ حيث التقى مسؤولين وحمل طرحاً لبنانياً يضمن في المرحلة الأولى الحصول على حقل قانا والخط 23، وهو ما لا تزال بيروت تنتظر الرد عليه.


مقالات ذات صلة

«حزب الله» يصطدم بـ«ترويكا» مسيحية يحاصرها الاختلاف رئاسياً

المشرق العربي «حزب الله» يصطدم بـ«ترويكا» مسيحية يحاصرها الاختلاف رئاسياً

«حزب الله» يصطدم بـ«ترويكا» مسيحية يحاصرها الاختلاف رئاسياً

كشف مصدر نيابي لبناني محسوب على «محور الممانعة»، عن أن «حزب الله»، بلسان رئيس كتلة «الوفاء للمقاومة» النائب محمد رعد، بادر إلى تلطيف موقفه حيال السجال الدائر حول انتخاب رئيس للجمهورية، في محاولة للالتفاف على ردود الفعل المترتبة على تهديد نائب أمين عام الحزب الشيخ نعيم قاسم، المعارضين لانتخاب زعيم تيار «المردة» النائب السابق سليمان فرنجية، بوضعهم أمام خيارين: انتخاب فرنجية أو الفراغ.

محمد شقير (بيروت)
المشرق العربي تصعيد إسرائيلي ضد «حلفاء إيران» في سوريا

تصعيد إسرائيلي ضد «حلفاء إيران» في سوريا

شنَّت إسرائيل هجوماً بالصواريخ بعد منتصف ليل الجمعة - السبت، استهدف مستودعاً للذخيرة لـ«حزب الله» اللبناني، في محيط مطار الضبعة العسكري بريف حمص، ما أدَّى إلى تدميره بشكل كامل وتدمير شاحنات أسلحة. جاء هذا الهجوم في سياق حملة إسرائيلية متصاعدة، جواً وبراً، لاستهداف مواقع سورية توجد فيها ميليشيات تابعة لطهران على رأسها «حزب الله». وأشار «المرصد السوري لحقوق الإنسان» (مقره بريطانيا)، إلى أنَّ إسرائيل استهدفت الأراضي السورية 9 مرات بين 30 مارس (آذار) الماضي و29 (أبريل) نيسان الحالي، 3 منها براً و6 جواً، متسببة في مقتل 9 من الميليشيات وإصابة 15 آخرين بجروح. وذكر أنَّ القتلى 5 ضباط في صفوف «الحرس ا

«الشرق الأوسط» (لندن)
المشرق العربي «حزب الله» و«الوطني الحر» يعترفان بصعوبة انتخاب رئيس من دون تفاهم

«حزب الله» و«الوطني الحر» يعترفان بصعوبة انتخاب رئيس من دون تفاهم

يبدو أن «حزب الله» أعاد النظر بسياسة التصعيد التي انتهجها، الأسبوع الماضي، حين خير القوى السياسية بين مرشحَيْن: رئيس تيار «المردة»، سليمان فرنجية، أو الفراغ؛ إذ أقر رئيس كتلة «الوفاء للمقاومة»، النائب محمد رعد، يوم أمس، بأنه «لا سبيل لإنجاز الاستحقاق الرئاسي إلا بتفاهم الجميع». وقال: «نحن دعمنا مرشحاً للرئاسة، لكن لم نغلق الأبواب، ودعونا الآخرين وحثثناهم من أجل أن يطرحوا مرشحهم، وقلنا: تعالوا لنتباحث.

بولا أسطيح (بيروت)
المشرق العربي إسرائيل تدمر مستودعاً وشاحنات لـ«حزب الله» في ريف حمص

إسرائيل تدمر مستودعاً وشاحنات لـ«حزب الله» في ريف حمص

أعلن «المرصد السوري لحقوق الإنسان» أن صواريخ إسرائيلية استهدفت بعد منتصف ليل الجمعة - السبت، مستودعاً للذخيرة يتبع «حزب الله» اللبناني، في منطقة مطار الضبعة العسكري في ريف حمص، ما أدى لتدميره بشكل كامل، وتدمير شاحنات أسلحة.

«الشرق الأوسط» (دمشق)
المشرق العربي إسرائيل: «حزب الله» وراء انفجار قنبلة شمال البلاد الشهر الماضي

إسرائيل: «حزب الله» وراء انفجار قنبلة شمال البلاد الشهر الماضي

قال مستشار الأمن الوطني الإسرائيلي تساحي هنجبي أمس (الجمعة) إن «حزب الله» اللبناني كان وراء هجوم نادر بقنبلة مزروعة على جانب طريق الشهر الماضي، مما أدى إلى إصابة قائد سيارة في شمال إسرائيل، وفقاً لوكالة «رويترز». وقال الجيش الإسرائيلي إن قوات الأمن قتلت رجلا كان يحمل حزاما ناسفا بعد أن عبر على ما يبدو من لبنان إلى إسرائيل وفجر قنبلة في 13 مارس (آذار) بالقرب من مفترق مجيدو في شمال إسرائيل. وأوضح مسؤولون في ذلك الوقت أنه يجري التحقيق في احتمال تورط «حزب الله» المدعوم من إيران في الانفجار.

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)

تقرير: ترمب سيشرف شخصياً على المفاوضات بشأن أزمة غزة

تساؤلات حول نوع الضغوطات التي قد يمارسها ترمب على نتنياهو (أ.ف.ب)
تساؤلات حول نوع الضغوطات التي قد يمارسها ترمب على نتنياهو (أ.ف.ب)
TT

تقرير: ترمب سيشرف شخصياً على المفاوضات بشأن أزمة غزة

تساؤلات حول نوع الضغوطات التي قد يمارسها ترمب على نتنياهو (أ.ف.ب)
تساؤلات حول نوع الضغوطات التي قد يمارسها ترمب على نتنياهو (أ.ف.ب)

قالت كارولين ليفيت، التي أعلن الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب أنها ستكون متحدثةً باسم البيت الأبيض، لموقع «أكسيوس»، إن ترمب سيشرف شخصياً على المفاوضات بشأن أزمة غزة، و«سيعمل على إعادة المدنيين الأبرياء المحتجزين كرهائن إلى ديارهم».

وأضافت أنه «سيعيد فرض عقوبات أكثر صرامة على إيران، ومحاربة الإرهاب، ودعم إسرائيل».

ووفقاً لما نقله الموقع عن مصادر، فإن الرئيس الإسرائيلي إسحاق هرتسوغ عندما اتصل بترمب لتهنئته على فوزه في الانتخابات، أخبره هرتسوغ أن إطلاق سراح الرهائن الـ101 «قضية ملحة» وقال لترمب: «عليك إنقاذ الرهائن»، الذي قال رداً على ذلك إن جميع الرهائن تقريباً ماتوا على الأرجح، ولكن الرئيس الإسرائيلي ذكر أن أجهزة الاستخبارات الإسرائيلية تعتقد أن نصفهم ما زالوا على قيد الحياة.

وقال أحد المصادر: «لقد فوجئ ترمب، وقال إنه لم يكن على علم بذلك»، وأكد مصدران آخران أن ترمب قال إنه يعتقد أن معظم الرهائن ماتوا.

وعندما التقى هرتسوغ بايدن في البيت الأبيض في 11 نوفمبر (تشرين الثاني)، طلب منه العمل مع ترمب بشأن هذه القضية حتى يتولى ترمب منصبه.

وبعد يومين، عندما استضاف ترمب في اجتماع لمدة ساعتين في المكتب البيضاوي، أثار بايدن مسألة الرهائن واقترح عليه العمل معاً للدفع نحو التوصل إلى اتفاق.

وقال بايدن لعائلات الرهائن الأميركيين، في اجتماع عقد بعد ساعات قليلة من لقاء ترمب: «لا يهمني إن كان ترمب يحصل على كل الفضل ما دام أنهم سيعودون إلى الوطن».

ولفت الموقع إلى أن المفاوضات بشأن صفقة الرهائن ووقف إطلاق النار عالقة منذ أكثر من ثلاثة أشهر.

وفي اجتماع عُقد في وقت سابق من هذا الأسبوع، أخبر قادة الجيش الإسرائيلي والموساد والشين بيت رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، أنهم يعتقدون أن حركة «حماس» من غير المرجح أن تتخلى عن شروطها للانسحاب الإسرائيلي من غزة وإنهاء الحرب.

وأخبروه أنه إذا كانت الحكومة الإسرائيلية مهتمة بالتوصل إلى صفقة، فيجب عليها تخفيف مواقفها الحالية.

وتضع عائلات الرهائن والمسؤولون الإسرائيليون الآن آمالهم في نجاح ترمب، حيث فشل بايدن حتى الآن في إقناع نتنياهو بإنهاء الحرب في غزة مقابل تحرير الرهائن المحتجزين لدى «حماس».

وقبل أقل من شهرين من تنصيب ترمب، يبدو من غير المرجح أن يحدث اتفاق إطلاق سراح الرهائن ووقف إطلاق النار في أي وقت قريب.

وبدلاً من ذلك، من المرجح جداً أن يرث ترمب الأزمة والمسؤولية عن الأميركيين السبعة المحتجزين لدى «حماس»، والذين يُعتقد أن أربعة منهم على قيد الحياة.