انطلاق «الاستفتاء» التونسي وسط تباين حاد في المواقف

جدل حاد أثاره تبرؤ الصادق بلعيد من دستور 2022

الرئيس قيس سعيد (رويترز)
الرئيس قيس سعيد (رويترز)
TT

انطلاق «الاستفتاء» التونسي وسط تباين حاد في المواقف

الرئيس قيس سعيد (رويترز)
الرئيس قيس سعيد (رويترز)

انطلقت أمس (الأحد)، بصفة رسمية في تونس الحملة الانتخابية المتعلقة بالاستفتاء على دستور 2022 وفق الروزنامة التي أعلنت عنها الهيئة العليا المستقلة للانتخابات التي ستشرف على هذه العملية والتي ستتواصل حتى الثالث والعشرين من يوليو (تموز) الحالي. وتراقب هيئة الانتخابات تمويل الحملات الانتخابية الخاصة بـ26 جمعية ومنظمة و24 حزباً سياسياً علاوة على 111 شخصاً طبيعياً. وتدور هذه المرحلة في ظل توتر سياسي غير مسبوق وانقسام هائل للشارع تجاه المشروع السياسي للرئيس التونسي قيس سعيد.
ولم تلاحظ «الشرق الأوسط» خلال جولة في عدد من شوارع العاصمة التونسية وبعض الأحياء المجاورة لها، أي مؤشرات أو دلائل على وجود حملة انتخابية تقودها المنظمات أو الأحزاب أو الشخصيات سواء المعارضة أو الداعمة لخيارات الرئيس سعيد. ولكن ربما تتوضح الأمور أكثر مع مرور الأيام والاقتراب من موعد الاستفتاء المثير للجدل. وقد تكون الحملة «أشد وأشرس» من خلال وسائل التواصل الاجتماعي التي تتابع مراحل الاستفتاء بانتباه وانتقادات متبادلة لا تنتهي.
وكمثال ساطع على التباين الحاد في المواقف تجاه استفتاء يوم 25 يوليو الحالي، فقد دعت حركة الشعب (حزب قومي) الناخبين إلى المشاركة بكثافة في العملية الانتخابية والتصويت لفائدة دستور 2022. أما حزب «آفاق تونس» الذي يتزعمه فاضل عبد الكافي فقد دعا بدوره إلى المشاركة بكثافة في الاستفتاء والتصويت بـ«لا»، والتجند الكامل لحماية تونس مما عدّها «منزلقات وانحرافات خطيرة». وفي المقابل ووفق بعض المراقبين، فقد أمسك اتحاد الشغل بـ«العصا من الوسط» عندما انتقد بشدة محتوى دستور 2022، مشيراً إلى تضمنه «تكدّس السلطة بيد واحدة، وغياب ذكر مدنية الدولة، وغياب التوازن بين السلطات الثلاث»، كما أشار إلى تضمنه عدداً مهماً من الحقوق العامة والفردية وضمان الحق النقابي والحق في الإضراب رغم الهنات فيها، وترك لقواعده النقابية «حرية المشاركة في الاستفتاء وحرية التصويت» بـ«نعم» أو «لا».
ومن المنتظر مشاركة 161 مكوناً، بين منظمات وأحزاب سياسية وأشخاص طبيعيين في الحملة الانتخابية للاستفتاء. غير أن عدداً من المراقبين يرون أن الأطراف المشاركة لا تضمن مشروعية كافية للمشروع الرئاسي. فمن خلال قائمة المشاركين من المنظمات لا يوجد سوى اتحاد الشغل (نقابة العمال) فيما تغيب «الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان» و«الاتحاد التونسي للمرأة التونسية» رغم مشاركتهما في الحوار. وعدم وجود منظمة رجال الأعمال وعمادة المحامين و«جمعية النساء الديمقراطيات». أما بالنسبة إلى الأحزاب السياسية المشاركة في حملة الاستفتاء وعددها 24 حزباً فهي ليست من بين الأحزاب المعروفة أو التي شاركت في المحطات الانتخابية السابقة، ولم يكن لها نواب أو أنصار أو حضور قوي. ومن ضمن 111 شخصاً طبيعياً لا توجد شخصيات وطنية معروفة أو أساتذة جامعيون لهم دراية بالقانون الدستوري، أو خبراء في مجال علم الاجتماع أو من النخب الاجتماعية الناشطة في المجتمع المدني التونسي.
على صعيد متصل، أثار تبرؤ الصادق بلعيد، رئيس «الهيئة الوطنية الاستشارية من أجل جمهورية جديدة»، من مشروع الدستور الذي أصدره الرئيس التونسي رسمياً ردود فعل واسعة بين السياسيين والحقوقيين في تونس. وبينما عدّ أنصار الرئيس ما أقدم عليه (بلعيد) «خيانة مؤتمن ومخاطرة كبيرة تمّس بالأمن القومي»، أبدت أحزاب المعارضة دعماً قوياً للصادق بلعيد، مؤكدةً «وجود مشروع سياسي موازٍ يعدّه الرئيس سعيد بنفسه ولا يُشرك فيه أي طرف سياسي أو اجتماعي أو حقوقي».
وكان بلعيد قد أكد في تصريح إعلامي أن «النصّ الصادر عن رئاسة الجمهورية لا يمتّ بصلة إلى النصّ الذي تم إعداده وتقديمه إلى الرئيس قيس سعيّد» على حد قوله.


مقالات ذات صلة

تونس تحقق مع 4 محامين في قضية «التآمر على أمن الدولة»

شمال افريقيا تونس تحقق مع 4 محامين في قضية «التآمر على  أمن الدولة»

تونس تحقق مع 4 محامين في قضية «التآمر على أمن الدولة»

وجه القطب القضائي لمكافحة الإرهاب طلبا رسميا إلى رئيس الفرع الجهوي للمحامين بتونس لبدء تحقيق ضدّ المحامين بشرى بلحاج حميدة، والعيّاشي الهمّامي، وأحمد نجيب الشابي، ونور الدين البحيري، الموقوف على ذمة قضايا أخرى، وذلك في إطار التحقيقات الجارية في ملف «التآمر على أمن الدولة». وخلفت هذه الدعوة ردود فعل متباينة حول الهدف منها، خاصة أن معظم التحقيقات التي انطلقت منذ فبراير (شباط) الماضي، لم تفض إلى اتهامات جدية. وفي هذا الشأن، قال أحمد نجيب الشابي، رئيس جبهة الخلاص الوطني المعارضة، وأحد أهم رموز النضال السياسي ضد نظام بن علي، خلال مؤتمر صحافي عقدته اليوم الجبهة، المدعومة من قبل حركة النهضة، إنّه لن

المنجي السعيداني (تونس)
شمال افريقيا المنقوش تبحث في الجزائر الانتخابات الليبية وعودة الحركة على المعابر

المنقوش تبحث في الجزائر الانتخابات الليبية وعودة الحركة على المعابر

بحثت وزيرة الخارجية الليبية نجلاء المنقوش مع نظيرها الجزائري أحمد عطاف، خلال زيارة لها اليوم الخميس إلى الجزائر، في فتح المعابر البرية والنقل البحري والجوي أمام حركة التجارة وتنقل الاشخاص، بعد سنوات طويلة من الإغلاق، بسبب الأزمة السياسية والامنية في ليبيا.

المنجي السعيداني (تونس)
شمال افريقيا الرئيس التونسي يؤكد «احترام حرية التعبير»

الرئيس التونسي يؤكد «احترام حرية التعبير»

أعلنت نقابة الصحافيين التونسيين أمس رصد مزيد من الانتهاكات ضد حرية التعبير، مع تعزيز الرئيس قيس سعيد لسلطاته في الحكم، وذلك ردا على نفي الرئيس أول من أمس مصادرة كتب، وتأكيده أن «الحريات لن تهدد أبدا»، معتبرا أن الادعاءات مجرد «عمليات لتشويه تونس». وكان سحب كتاب «فرانكشتاين تونس» للروائي كمال الرياحي من معرض تونس الدولي للكتاب قد أثار جدلا واسعا في تونس، وسط مخاوف من التضييق على حرية الإبداع. لكن الرئيس سعيد فند ذلك خلال زيارة إلى مكتبة الكتاب بشارع الحبيب بورقيبة وسط تونس العاصمة قائلا: «يقولون إن الكتاب تم منعه، لكنه يباع في مكتبة الكتاب في تونس...

المنجي السعيداني (تونس)
شمال افريقيا تشكيل أول كتلة نيابية في البرلمان التونسي الجديد

تشكيل أول كتلة نيابية في البرلمان التونسي الجديد

بعد مصادقة البرلمان التونسي المنبثق عن انتخابات 2022، وما رافقها من جدل وقضايا خلافية، أبرزها اتهام أعضاء البرلمان بصياغة فصول قانونية تعزز مصالحهم الشخصية، وسعي البرلمانيين لامتلاك الحصانة البرلمانية لما تؤمِّنه لهم من صلاحيات، إضافة إلى الاستحواذ على صلاحيات مجلس الجهات والأقاليم (الغرفة النيابية الثانية)، وإسقاط صلاحية مراقبة العمل الحكومي، يسعى 154 نائباً لتشكيل كتل برلمانية بهدف خلق توازنات سياسية جديدة داخل البرلمان الذي يرأسه إبراهيم بودربالة، خلفاً للبرلمان المنحل الذي كان يرأسه راشد الغنوشي رئيس حركة «النهضة». ومن المنتظر حسب النظام الداخلي لعمل البرلمان الجديد، تشكيل كتل برلمانية قبل

المنجي السعيداني (تونس)
شمال افريقيا تونس: الشركاء الأجانب أصدقاؤنا... لكن الاستقرار خط أحمر

تونس: الشركاء الأجانب أصدقاؤنا... لكن الاستقرار خط أحمر

أكد وزير الشؤون الخارجية والهجرة والتونسيين بالخارج نبيل عمار أمس، الاثنين، أنه لا مجال لإرساء ديكتاتورية في تونس في الوقت الحالي، مشيراً إلى أن التونسيين «لن ينتظروا أي شخص أو شريك للدفاع عن حرياتهم»، وفق ما جاء في تقرير لـ«وكالة أنباء العالم العربي». وأشار التقرير إلى أن عمار أبلغ «وكالة تونس أفريقيا للأنباء» الرسمية قائلاً: «إذا اعتبروا أنهم مهددون، فسوف يخرجون إلى الشوارع بإرادتهم الحرة للدفاع عن تلك الحريات». وتتهم المعارضة الرئيس التونسي قيس سعيد بوضع مشروع للحكم الفردي، وهدم مسار الانتقال الديمقراطي بعد أن أقر إجراءات استثنائية في 25 يوليو (تموز) 2021 من بينها حل البرلمان.

المنجي السعيداني (تونس)

«الخوذ البيضاء» يطالب الأمم المتحدة بالحصول على خرائط «السجون السرية» من الأسد

لقطة جوية تظهر تجمع الناس في سجن صيدنايا (أ.ف.ب)
لقطة جوية تظهر تجمع الناس في سجن صيدنايا (أ.ف.ب)
TT

«الخوذ البيضاء» يطالب الأمم المتحدة بالحصول على خرائط «السجون السرية» من الأسد

لقطة جوية تظهر تجمع الناس في سجن صيدنايا (أ.ف.ب)
لقطة جوية تظهر تجمع الناس في سجن صيدنايا (أ.ف.ب)

أعلن جهاز «الخوذ البيضاء»، اليوم (الثلاثاء)، أنه قدم طلباً إلى الأمم المتحدة للحصول على خرائط بمواقع «السجون السرية» من الرئيس بشار الأسد الذي فرّ، الأحد، مع دخول فصائل المعارضة بقيادة «هيئة تحرير الشام» دمشق، وإعلانها إسقاط حكمه، وفقاً لـ«وكالة الصحافة الفرنسية».

وأكد نائب وزير الخارجية الروسي، سيرغي ريابكوف، في مقابلة مع شبكة أميركية، اليوم (الثلاثاء)، أن الأسد داخل روسيا، في أول تأكيد رسمي من موسكو لما سبق أن أوردته وكالات أنباء روسية.

وقال مدير جهاز «الخوذ البيضاء»، رائد الصالح، في منشور على منصة «إكس» اليوم: «أرسلنا (...) طلباً للأمم المتحدة عبر وسيط دولي لمطالبة روسيا بالضغط على المجرم (...) بشار الأسد لتسليمه خرائط بمواقع السجون السرية، وقوائم بأسماء المعتقلين، لنتمكن من الوصول إليهم بأسرع وقت ممكن».

ومنذ بداية الاحتجاجات التي تحوّلت إلى نزاع مسلّح في عام 2011، توفي أكثر من 100 ألف شخص في السجون خصوصاً تحت التعذيب، وفق تقديرات للمرصد السوري لحقوق الإنسان تعود إلى عام 2022.

وأفاد المرصد بأنّ الفترة ذاتها شهدت احتجاز نحو 30 ألف شخص في سجن صيدنايا الواقع على مسافة نحو 30 كيلومتراً من العاصمة دمشق، ولم يُطلق سراح سوى 6 آلاف منهم.

من جانبها، أحصت منظمة العفو الدولية آلاف عمليات الإعدام، مندّدة بـ«سياسة إبادة حقيقية» في سجن صيدنايا الذي وصفته بـ«المسلخ البشري».

وأعلنت فصائل المعارضة تحرير المحتجزين في السجون بما فيها سجن صيدنايا الذي يُعد من أكبر السجون السورية، وتفيد منظمات غير حكومية بتعرّض المساجين فيه للتعذيب.

وأعلن جهاز «الخوذ البيضاء»، اليوم، «انتهاء عمليات البحث عن معتقلين محتملين في زنازين وسراديب سريّة غير مكتشفة» داخل سجن صيدنايا «من دون العثور على أي زنازين وسراديب سرية لم تُفتح بعد».

غير أنّ الكثير من العائلات لا تزال مقتنعة بأنّ عدداً كبيراً من أقربائها محتجزون في سجون سرية تحت الأرض.

وقال رائد الصالح: «توحُّش وإجرام لا يمكن وصفه مارسه نظام الأسد البائد في قتل السوريين واعتقالهم وتعذيبهم».