سيناريوهات متعددة تواجه السودان

تتراوح بين العملية السياسية والحرب الأهلية

TT

سيناريوهات متعددة تواجه السودان

(تقرير اخباري)
رجحت مصادر سودانية أن «مواكب 30 يونيو (حزيران)» الاحتجاجية والاعتصامات التي أعقبتها قد عززت كفة ميزان القوى لصالح المدنيين مقابل القوى العسكرية وحلفائها، وأثبتت بشكل قاطع أن شعب السودان لا يريد حكماً عسكرياً. وأضافت أن تجربة العسكريين في الحكم، التي دامت لأكثر من 52 عاماً من أصل 66 عمر البلاد منذ الاستقلال، وصلت إلى طريق مسدود، وأن الخيارات أمام قائد الجيش وقادته وحلفائه أصبحت محدودة وهم يواجهون ضغوطاً إقليمية ودولية عنيفة، ما يجعل من كل السيناريوهات والاحتمالات متوقعة، وأخطرها احتمال انزلاق البلاد إلى حرب أهلية.
وأشارت المصادر إلى أن المحتجين الذين خرجوا للمطالبة باستعادة الحكم المدني وتحقيق العدل وعودة العسكر للثكنات انتشروا في أكثر من 34 مدينة وساحة تظاهر غطّت غالبية أنحاء البلاد «أثبتوا خطأ مزاعم العسكريين بأن المتظاهرين مجرد فلول لأحزاب يسارية، بل إن الأغلبية التي يطلق عليها صامتة لا ترغب في استمرار حكم العسكر». وأسهمت الإجراءات التي اتخذتها السلطات الأمنية، مثل إغلاق الجسور وقطع الاتصالات ونشر قوات كبيرة في الشوارع، في شل الحركة في العاصمة وتعطيل عمل الدواوين الحكومية.
ورغم ترجيح بعض المحللين بأن التطورات الأخيرة ترجح كفة المدنيين، فإن مآلات الأوضاع ما تزال غامضة، ولا يستطيع أحد التكهن بما يمكن أن يحدث خلال الأيام والأسابيع المقبلة؛ خصوصاً وسط انتشار الإشاعات في وسائط التواصل الاجتماعي، وبعضها يتكهن بتغيير وشيك في المشهد السياسي. وتذهب تكهنات أخرى إلى أن عناصر «الإسلاميين» وأنصار نظام الرئيس المعزول عمر البشير قد تستغل ارتباك المشهد السياسي لارتكاب «حماقة انقلابية» بهدف عودتها للسلطة التي فقدوها بثورة شعبية في أبريل (نيسان) 2019.
ويرى البعض أن القوى المدنية حسمت الصراع لصالحها شعبياً، وأفلحت في شل تولي الجيش السلطة منذ 21 أكتوبر (تشرين الأول) 2021، «واستطاعت حصاره وإفشال مخططاته وأهدافه طوال 9 أشهر، ترك خلالها البلاد بلا حكومة وغير موحدة». وأشاروا إلى أن القوى السياسية المؤيدة للجيش «فشلت في توفير مرجعية سياسية للعسكريين لضعف قبولها الشعبي، وبقيت الحركات المسلحة الموقعة على اتفاقية سلام جوبا أقرب لأداة طيعة حليفة للعسكريين».
وفي وسط هذا الارتباك وعدم وجود «ضوء قريب من مدخل النفق»، تلوح عدة سيناريوهات متوقعة ووشيكة. ويبدو المحلل السياسي عبد الله رزق أقل تشاؤماً برهانه على «المبادرة الأممية الثلاثية» في تحقيق اختراق ينهي الأزمة السياسية، بقوله لـ«الشرق الأوسط» إن معطيات الوقت الراهن تضع المسعى الأميركي السعودي الذي يدعمه رئيس بعثة «يونتامس» فولكر بيرتس، على رأس السيناريوهات القريبة لتفكيك الأزمة السياسية، وإيجاد تسوية، رغم الصعوبات التي تواجهه من قبل القوى المتشددة، مثل لجان المقاومة والحزب الشيوعي، وإلى حد ما تحالف «الحرية والتغيير».
ويصف رزق المسعى الأميركي السعودي بـ«العملي» لأنه يسعى لإنشاء حكومة تنهي المرحلة الانقلابية وترسم الهياكل الجديدة وتحدد صلاحياتها وسلطاتها، مع إبقاء بقية القضايا الخلافية لمزيد من الحوار. وأضاف: «هذا المسعى يواجه كيفية إقناع المكون العسكري في المجلس السيادي بالتنحي». ويقول رزق إن حوار «الحرية والتغيير» مع العسكريين في منزل السفير السعودي بالخرطوم، أفلح في تقريب المسافة بين الطرفين، وأقرّ تنحي العسكريين مقابل عدم تولي «الحرية والتغيير» للسلطة، مضيفاً: «هذه نقطة التقاء ابتدائي بين طرفين ترى المبادرة المشتركة في وجودهما معاً مدخلاً لحل الأزمة». وتابع: «المنفذ الذي فتحه لقاء بيت السفير السعودي، يمكن أن يتسع أكثر ليستوعب أكبر قوى ممكنة، رغم المعارضة التي قد يواجهها من القوى المتشددة».
ويشير رزق إلى «السيناريو الثوري» الذي يعتمد حركة الشارع والإضرابات، ويرفض التسوية والتوافق والتفاوض والحوار مع العسكريين وسلطة الأمر الواقع، ويتمسك بالتغيير الجذري «الراديكالي» وإسقاط الانقلاب العسكري عبر العمل الشعبي والجماهيري، منطلقاً من أن الأزمة لن تحل إلا بتغيير جذري لا يقف عند حدود إنهاء حكم العسكر، باعتباره أحد سيناريوهات الحل المحتملة.
من جهته، حذر رئيس تحرير صحيفة «التيار» المستقلة عثمان ميرغني في حديث لـ«الشرق الأوسط» من احتمالات سيناريو مواجهة مفتوحة «مدنية - مدنية، ومدنية - عسكرية»، استناداً إلى رؤية الحزب الشيوعي، التي كشف عنها، في بيان، أول من أمس، وتقوم على تأسيس مركز معارض مدني موحد، استبعد عنه تحالف «الحرية والتغيير» وحدد المكونات الثورية المنضوية له، وحدد مهامه بتنظيم اعتصامات واحتجاجات تنتهي بعصيان مدني، وتكتمل حلقاته بالزحف للاستيلاء على مؤسسات الدولة، يقول: «هذا سيناريو مواجهة مفتوحة بالحد الأقصى، مثلما هو مفتوح على إمكانية التحول إلى ما يشبه الحرب الأهلية».


مقالات ذات صلة

الرياض تكثف اتصالاتها لوقف التصعيد في السودان

شمال افريقيا الرياض تكثف اتصالاتها لوقف التصعيد في السودان

الرياض تكثف اتصالاتها لوقف التصعيد في السودان

كثَّفت المملكة العربية السعودية، جهودَها الدبلوماسية لوقف التصعيد في السودان، إلى جانب مساعداتها لإجلاء آلاف الرعايا من أكثر من مائة دولة عبر ميناء بورتسودان. وأجرى وزير الخارجية السعودي الأمير فيصل بن فرحان، أمس، اتصالات هاتفية، مع الأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط، ووزير الخارجية الجيبوتي محمود علي يوسف، بحث خلالها الجهود المبذولة لوقف التصعيد العسكري بين الأطراف السودانية، وإنهاء العنف، وتوفير الحماية اللازمة للمدنيين، بما يضمن أمنَ واستقرار ورفاه السودان وشعبه.

شمال افريقيا «أمانة» السعودية تجلي 1765 شخصاً لـ32 دولة من السودان

«أمانة» السعودية تجلي 1765 شخصاً لـ32 دولة من السودان

نقلت سفينة «أمانة» السعودية، اليوم (الخميس)، نحو 1765 شخصاً ينتمون لـ32 دولة، إلى جدة، ضمن عمليات الإجلاء التي تقوم بها المملكة لمواطنيها ورعايا الدول الشقيقة والصديقة من السودان، إنفاذاً لتوجيهات القيادة. ووصل على متن السفينة، مساء اليوم، مواطن سعودي و1765 شخصاً من رعايا «مصر، والعراق، وتونس، وسوريا، والأردن، واليمن، وإريتريا، والصومال، وأفغانستان، وباكستان، وأفغانستان، وجزر القمر، ونيجيريا، وبنغلاديش، وسيريلانكا، والفلبين، وأذربيجان، وماليزيا، وكينيا، وتنزانيا، والولايات المتحدة، وتشيك، والبرازيل، والمملكة المتحدة، وفرنسا، وهولندا، والسويد، وكندا، والكاميرون، وسويسرا، والدنمارك، وألمانيا». و

«الشرق الأوسط» (جدة)
شمال افريقيا مصريون يسهمون في إغاثة النازحين عند المعابر الحدودية

مصريون يسهمون في إغاثة النازحين عند المعابر الحدودية

بعد 3 أيام عصيبة قضتها المسنة السودانية زينب عمر، بمعبر «أشكيت» من دون مياه نظيفة أو وجبات مُشبعة، فوجئت لدى وصولها إلى معبر «قسطل» المصري بوجود متطوعين مصريين يقدمون مياهاً وعصائر ووجبات جافة مكونة من «علب فول وتونة وحلاوة وجبن بجانب أكياس الشيبسي»، قبل الدخول إلى المكاتب المصرية وإنهاء إجراءات الدخول المكونة من عدة مراحل؛ من بينها «التفتيش، والجمارك، والجوازات، والحجر الصحي، والكشف الطبي»، والتي تستغرق عادة نحو 3 ساعات. ويسعى المتطوعون المصريون لتخفيف مُعاناة النازحين من السودان، وخصوصاً أبناء الخرطوم الفارين من الحرب والسيدات والأطفال والمسنات، بالتعاون مع جمعيات ومؤسسات أهلية مصرية، على غر

شمال افريقيا الأمم المتحدة تطلب 445 مليون دولار لمساعدة الفارين من السودان

الأمم المتحدة تطلب 445 مليون دولار لمساعدة الفارين من السودان

أعلنت الأمم المتحدة، الخميس، أنها تحتاج إلى 445 مليون دولار لمساعدة 860 ألف شخص توقعت أن يفروا بحلول أكتوبر (تشرين الأول) المقبل من القتال الدامي في السودان بين الجيش وقوات الدعم السريع. وأطلقت مفوضية الأمم المتحدة السامية لشؤون اللاجئين هذا النداء لجمع الأموال من الدول المانحة، مضيفة أن مصر وجنوب السودان سيسجّلان أكبر عدد من الوافدين. وستتطلب الاستجابة للأزمة السودانية 445 مليون دولار حتى أكتوبر؛ لمواجهة ارتفاع عدد الفارين من السودان، بحسب المفوضية. وحتى قبل هذه الأزمة، كانت معظم العمليات الإنسانية في البلدان المجاورة للسودان، التي تستضيف حالياً الأشخاص الفارين من البلاد، تعاني نقصاً في التمو

«الشرق الأوسط» (جنيف)
شمال افريقيا الصراع في الخرطوم يوجّه ضربة جديدة للاقتصاد

الصراع في الخرطوم يوجّه ضربة جديدة للاقتصاد

وجّه الصراع المحتدم الذي يعصف بالسودان ضربة قاصمة للمركز الرئيسي لاقتصاد البلاد في العاصمة الخرطوم. كما عطّل طرق التجارة الداخلية، مما يهدد الواردات ويتسبب في أزمة سيولة. وفي أنحاء مساحات مترامية من العاصمة، تعرضت مصانع كبرى ومصارف ومتاجر وأسواق للنهب أو التخريب أو لحقت بها أضرار بالغة وتعطلت إمدادات الكهرباء والمياه، وتحدث سكان عن ارتفاع حاد في الأسعار ونقص في السلع الأساسية. حتى قبل اندلاع القتال بين طرفي الصراع في 15 أبريل، عانى الاقتصاد السوداني من ركود عميق بسبب أزمة تعود للسنوات الأخيرة من حكم الرئيس السابق عمر البشير واضطرابات تلت الإطاحة به في عام 2019.

«الشرق الأوسط» (الخرطوم)

رئيس «الوحدة» الليبية يطالب مجدداً بـ«قوانين عادلة» لإجراء الانتخابات

الدبيبة خلال لقائه عدداً من عمداء البلديات (حكومة الوحدة)
الدبيبة خلال لقائه عدداً من عمداء البلديات (حكومة الوحدة)
TT

رئيس «الوحدة» الليبية يطالب مجدداً بـ«قوانين عادلة» لإجراء الانتخابات

الدبيبة خلال لقائه عدداً من عمداء البلديات (حكومة الوحدة)
الدبيبة خلال لقائه عدداً من عمداء البلديات (حكومة الوحدة)

تمسك عبد الحميد الدبيبة، رئيس حكومة الوحدة الوطنية الليبية المؤقتة، مجدداً بضرورة وجود «قوانين عادلة» لإجراء الانتخابات الرئاسية والنيابية المؤجلة، وغازل عمداء البلديات بـ«الخدمات» من خلال إنهاء وتدشين عدة مشروعات في مناطقهم.

واجتمع الدبيبة في مقر الحكومة بطرابلس العاصمة مع 6 عمداء بلديات، هي الأصابعة وككلة والقواليش والمشاشية ويفرن والقلعة، بالإضافة إلى عدد من أعيانها، لمناقشة عدد من الملفات الخدمية والتنموية والاجتماعية.

وتحدث الدبيبة خلال اللقاء عن دعمه لملف التنمية المحلية واللامركزية، وإقرار عدد من اللوائح والقرارات المنظمة لهذا التوجه المهم، مشدداً على ضرورة توحيد الجهود الوطنية للوصول بالبلاد لانتخابات برلمانية ورئاسية، وفق قوانين عادلة ومتفق عليها، وإنهاء المراحل الانتقالية.

الدبيبة مع عدد من عمداء البلديات (حكومة الوحدة)

ووفقاً لمكتب الدبيبة، فقد استعرض رؤساء الأجهزة التنفيذية أهم المشروعات التنموية بالبلديات الحاضرة، ونسب الإنجاز الفنية والمشروعات المعتمدة في الخطة التنموية المقبلة.

ويأتي لقاء الدبيبة بعمداء البلديات الـ6، عقب يوم من لقائه أعضاء المجلس البلدي يفرن وعدداً من أعيان المدينة. وأثار خلال اجتماعه معهم ضرورة «توحيد الجهود الوطنية لإنجاز الدستور والقوانين الانتخابية العادلة، لتكون المرجعية الوطنية التي تتيح إجراء الانتخابات وإنهاء المراحل الانتقالية».

وخلال الاجتماعين حرص الدبيبة على توجيه أجهزة حكومته لإنجاز مشاريع معطلة بالبلديات، وقال في اللقاء الذي انتهى، مساء الخميس، إن «عمليات الإمداد المائي لبلديات الجبل تحديداً كانت من أولويات الخطة التنموية، ضمن مشروعات (عودة الحياة)، وما زالت مستمرة حتى استكمالها، تقديراً لظروف المنطقة واحتياجاتها لمياه الشرب».

كما وجّه الدبيبة «الأجهزة التنفيذية بإعطاء الأولوية في المشروعات التنموية لقطاعات المياه والصرف الصحي، والمرافق التعليمية والصحية، وإعطاء الأولوية للمشاريع الجارية لضمان استكمالها».

من جهة ثانية، تتواصل في ليبيا تداعيات إيقاف الدبيبة للقائم بالأعمال في السفارة الليبية لدى مصر، محمد عبد العالي، دون مزيد من الأسباب، لكنه كلف مندوب ليبيا لدى جامعة الدول العربية، السفير عبد المطلب إدريس، بتسيير مهام السفارة الليبية.

في غضون ذلك، دعا مجلس النواب الليبي أعضاءه إلى جلسة رسمية، الاثنين المقبل، تُعقد في مدينة بنغازي، لمناقشة بنود جدول أعمال المجلس، حسب عبد الله بليحق المتحدث الرسمي باسم المجلس.

الطاهر الباعور مستقبلاً سفير إيطاليا لدى ليبيا (خارجية الوحدة)

من جهته، التقى الطاهر الباعور، المكلف تسيير وزارة الخارجية بحكومة «الوحدة»، الجمعة، في مكتبه بطرابلس، سفير إيطاليا لدى ليبيا، جيانلوكا البريني، حيث أكد الجانبان على عمق العلاقات الثنائية المتميزة التي تربط البلدين والشعبين الصديقين.

ونقلت الخارجية عن السفير «إشادته بمخرجات منتدى الأعمال الليبي - الإيطالي، الذي عُقد بطرابلس في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي؛ حيث نقل خلال اللقاء امتنان وتقدير رئيسة الوزراء الإيطالية، جورجا ميلوني، لنجاح هذا المنتدى.

وأكد الباعور مشاركته وتمثيل الوفد الليبي في «منتدى حوار المتوسط لبلدان البحر المتوسط»، الذي سيُعقد في روما على المستوى الوزاري، نهاية نوفمبر (تشرين الثاني) الحالي.