الأحزاب التونسية لتحديد موقفها من الدستور الجديد

توقعات بمشاركة 161 منظمة وحزباً سياسياً في حملة الاستفتاء

الشارع التونسي أظهر تباينا في الآراء بخصوص الدستور الجديد (إ.ب.أ)
الشارع التونسي أظهر تباينا في الآراء بخصوص الدستور الجديد (إ.ب.أ)
TT

الأحزاب التونسية لتحديد موقفها من الدستور الجديد

الشارع التونسي أظهر تباينا في الآراء بخصوص الدستور الجديد (إ.ب.أ)
الشارع التونسي أظهر تباينا في الآراء بخصوص الدستور الجديد (إ.ب.أ)

أعلنت عدة أحزاب ومنظمات تونسية اعتزامها عقد اجتماعات للخروج بمواقف نهائية من مسودة الدستور التونسي الجديد، التي أثارت جدلاً سياسياً وقانونياً واسعاً. فيما شكل الاتحاد العام التونسي للشغل (نقابة العمال)، أمس، بمدينة الحمامات (شمال شرقي)، هيئة إدارية وطنية لتحديد موقفه النهائي من الدستور الجديد، الذي يعرضه الرئيس قيس سعيد، على التونسيين، من خلال حملة انتخابية خاصة بالاستفتاء انطلقت اليوم (الأحد) في ربوع البلاد.
وفي انتظار تحديد مواقف حاسمة من مسودة الدستور، منحت الأحزاب السياسية والمنظمات الاجتماعية والحقوقية التونسية نفسها مهلة زمنية لتحديد مواقف نهائية من مسودة الدستور الجديد، سواء بدعمه والتصويت لفائدته يوم الاستفتاء في 25 من هذا الشهر، أو رفضه والدعوة لمقاطعته والتصويت السلبي. ولهذا الغرض عقدت اجتماعات لمجالسها المركزية بغية اتخاذ موقف حاسم من الدستور الجديد، الذي يروم تغيير المشهد السياسي برمته، وذلك من خلال إقرار نظام يمكن الرئيس من صلاحيات كثيرة، من بينها تعيين أعضاء الحكومة وعزلهم، علاوة على السيطرة على السلطتين التشريعية والقضائية.
في هذا السياق، أكد علي العريض، القيادي في حركة «النهضة»، أن الحزب سيقاطع هذا التوجه «لأن المشاركة ستضفي شرعية على شيء يراد به خنق التونسيين، والعودة بهم إلى ما قبل الدولة الوطنية»، على حد تعبيره، موضحاً أن حركة «النهضة» ستعقد اجتماعاً للخروج بموقف رسمي من مشروع الدستور بحيثياته المختلفة.
من جهته، قال حسام الحامي، المنسق العام لـ«ائتلاف صمود» اليساري، أمس، إن حزبه قرر التصويت بلا في الاستفتاء المقبل، والقيام بحملة وطنية لحث التونسيين على التصويت ضد الدستور الجديد، مبرزاً أن هذا القرار اتخذ إثر لقاء تشاوري مع مجموعة من المنظمات الوطنية والجمعيات، وأساتذة القانون.
بخصوص الأسباب التي دعت لاتخاذ قرار رفض الدستور الجديد، قال الحامي لـ«الشرق الأوسط»، إن هناك «اختلالاً بين السلط، وتركيزاً لحكم رئاسي، إضافة إلى وجود أحكام انتقالية غامضة، وعدم وضوح وتنصيص بشأن كيفية القيام بالانتخابات الرئاسية والتشريعية، وطريقة صياغة القانون الانتخابي»، مشيراً إلى وجود تحفظات تتعلق بالحقوق والحريات، ووجود فصول غامضة، مثل الفصل 55 الذي يحدد العلاقة بالآداب العامة.
ومن المنتظر مشاركة 161 منظمة وحزباً سياسياً، وأشخاص طبيعيين في الحملة الانتخابية للاستفتاء، غير أن عدداً من المراقبين يرون أن الأطراف المشاركة لا تضمن مشروعية كافية للمشروع الرئاسي، حيث يتضح من خلال معاينة قائمة المشاركين غياب جل المنظمات القوية، باستثناء اتحاد الشغل. فيما تغيب الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان، والاتحاد الوطني للمرأة التونسيةـ رغم مشاركتهما في الحوار، وكذا منظمة رجال الأعمال، وعمادة المحامين، وجمعية النساء الديمقراطيات. أما بالنسبة للأحزاب السياسية المشاركة في حملة الاستفتاء، البالغ عددها 24 حزباً، فهي لا تعد من الأحزاب المعروفة، ولم تشارك في المحطات الانتخابية السابقة، ولم يكن لها نواب أو أنصار أو حضور لافت ضمن نيات التصويت. ومن ضمن 111 شخصاً طبيعياً لا توجد شخصيات وطنية، أو أساتذة جامعيون لهم دراية بالقانون الدستوري، أو خبراء في مجال علم الاجتماع، أو نخب اجتماعية ناشطة في المجتمع المدني.
في غضون ذلك، وقعت الهيئة العليا المستقلة للانتخابات والهيئة العليا المستقلة للاتصال السمعي والبصري، قراراً مشتركاً يتعلق بضبط القواعد الخاصة بتغطية حملة الاستفتاء بوسائل الإعلام والاتصال السمعي والبصري. ويضمن هذا القرار تمتع وسائل الإعلام بحرية التعبير أو استقلالية خطها التحريري في تغطيتها لحملة الاستفتاء، مع التزامها بمبادئ الموضوعية والنزاهة والحياد، وضمان حق النفاذ إلى فضاءاتها. كما أكد القرار المشترك على ضرورة توفير تغطية للمشاركين في البرامج المخصصة لحملة الاستفتاء على قاعدة المساواة، سواء كانوا داعمين لمشروع الدستور المعروض على الاستفتاء، أو من الرافضين له.


مقالات ذات صلة

تونس تحقق مع 4 محامين في قضية «التآمر على أمن الدولة»

شمال افريقيا تونس تحقق مع 4 محامين في قضية «التآمر على  أمن الدولة»

تونس تحقق مع 4 محامين في قضية «التآمر على أمن الدولة»

وجه القطب القضائي لمكافحة الإرهاب طلبا رسميا إلى رئيس الفرع الجهوي للمحامين بتونس لبدء تحقيق ضدّ المحامين بشرى بلحاج حميدة، والعيّاشي الهمّامي، وأحمد نجيب الشابي، ونور الدين البحيري، الموقوف على ذمة قضايا أخرى، وذلك في إطار التحقيقات الجارية في ملف «التآمر على أمن الدولة». وخلفت هذه الدعوة ردود فعل متباينة حول الهدف منها، خاصة أن معظم التحقيقات التي انطلقت منذ فبراير (شباط) الماضي، لم تفض إلى اتهامات جدية. وفي هذا الشأن، قال أحمد نجيب الشابي، رئيس جبهة الخلاص الوطني المعارضة، وأحد أهم رموز النضال السياسي ضد نظام بن علي، خلال مؤتمر صحافي عقدته اليوم الجبهة، المدعومة من قبل حركة النهضة، إنّه لن

المنجي السعيداني (تونس)
شمال افريقيا المنقوش تبحث في الجزائر الانتخابات الليبية وعودة الحركة على المعابر

المنقوش تبحث في الجزائر الانتخابات الليبية وعودة الحركة على المعابر

بحثت وزيرة الخارجية الليبية نجلاء المنقوش مع نظيرها الجزائري أحمد عطاف، خلال زيارة لها اليوم الخميس إلى الجزائر، في فتح المعابر البرية والنقل البحري والجوي أمام حركة التجارة وتنقل الاشخاص، بعد سنوات طويلة من الإغلاق، بسبب الأزمة السياسية والامنية في ليبيا.

المنجي السعيداني (تونس)
شمال افريقيا الرئيس التونسي يؤكد «احترام حرية التعبير»

الرئيس التونسي يؤكد «احترام حرية التعبير»

أعلنت نقابة الصحافيين التونسيين أمس رصد مزيد من الانتهاكات ضد حرية التعبير، مع تعزيز الرئيس قيس سعيد لسلطاته في الحكم، وذلك ردا على نفي الرئيس أول من أمس مصادرة كتب، وتأكيده أن «الحريات لن تهدد أبدا»، معتبرا أن الادعاءات مجرد «عمليات لتشويه تونس». وكان سحب كتاب «فرانكشتاين تونس» للروائي كمال الرياحي من معرض تونس الدولي للكتاب قد أثار جدلا واسعا في تونس، وسط مخاوف من التضييق على حرية الإبداع. لكن الرئيس سعيد فند ذلك خلال زيارة إلى مكتبة الكتاب بشارع الحبيب بورقيبة وسط تونس العاصمة قائلا: «يقولون إن الكتاب تم منعه، لكنه يباع في مكتبة الكتاب في تونس...

المنجي السعيداني (تونس)
شمال افريقيا تشكيل أول كتلة نيابية في البرلمان التونسي الجديد

تشكيل أول كتلة نيابية في البرلمان التونسي الجديد

بعد مصادقة البرلمان التونسي المنبثق عن انتخابات 2022، وما رافقها من جدل وقضايا خلافية، أبرزها اتهام أعضاء البرلمان بصياغة فصول قانونية تعزز مصالحهم الشخصية، وسعي البرلمانيين لامتلاك الحصانة البرلمانية لما تؤمِّنه لهم من صلاحيات، إضافة إلى الاستحواذ على صلاحيات مجلس الجهات والأقاليم (الغرفة النيابية الثانية)، وإسقاط صلاحية مراقبة العمل الحكومي، يسعى 154 نائباً لتشكيل كتل برلمانية بهدف خلق توازنات سياسية جديدة داخل البرلمان الذي يرأسه إبراهيم بودربالة، خلفاً للبرلمان المنحل الذي كان يرأسه راشد الغنوشي رئيس حركة «النهضة». ومن المنتظر حسب النظام الداخلي لعمل البرلمان الجديد، تشكيل كتل برلمانية قبل

المنجي السعيداني (تونس)
شمال افريقيا تونس: الشركاء الأجانب أصدقاؤنا... لكن الاستقرار خط أحمر

تونس: الشركاء الأجانب أصدقاؤنا... لكن الاستقرار خط أحمر

أكد وزير الشؤون الخارجية والهجرة والتونسيين بالخارج نبيل عمار أمس، الاثنين، أنه لا مجال لإرساء ديكتاتورية في تونس في الوقت الحالي، مشيراً إلى أن التونسيين «لن ينتظروا أي شخص أو شريك للدفاع عن حرياتهم»، وفق ما جاء في تقرير لـ«وكالة أنباء العالم العربي». وأشار التقرير إلى أن عمار أبلغ «وكالة تونس أفريقيا للأنباء» الرسمية قائلاً: «إذا اعتبروا أنهم مهددون، فسوف يخرجون إلى الشوارع بإرادتهم الحرة للدفاع عن تلك الحريات». وتتهم المعارضة الرئيس التونسي قيس سعيد بوضع مشروع للحكم الفردي، وهدم مسار الانتقال الديمقراطي بعد أن أقر إجراءات استثنائية في 25 يوليو (تموز) 2021 من بينها حل البرلمان.

المنجي السعيداني (تونس)

مصر للحد من «فوضى» الاعتداء على الطواقم الطبية

تسعى الحكومة لتوفير بيئة عمل مناسبة للأطباء (وزارة الصحة المصرية)
تسعى الحكومة لتوفير بيئة عمل مناسبة للأطباء (وزارة الصحة المصرية)
TT

مصر للحد من «فوضى» الاعتداء على الطواقم الطبية

تسعى الحكومة لتوفير بيئة عمل مناسبة للأطباء (وزارة الصحة المصرية)
تسعى الحكومة لتوفير بيئة عمل مناسبة للأطباء (وزارة الصحة المصرية)

تسعى الحكومة المصرية للحد من «فوضى» الاعتداءات على الطواقم الطبية بالمستشفيات، عبر إقرار قانون «تنظيم المسؤولية الطبية وحماية المريض»، الذي وافق عليه مجلس الوزراء أخيراً، وسوف يحيله لمجلس النواب (البرلمان) للموافقة عليه.

وأوضح نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الصحة المصري، خالد عبد الغفار، أن مشروع القانون يهدف إلى «تحسين بيئة العمل الخاصة بالأطباء والفريق الصحي، ويرتكز على ضمان توفير حق المواطن في تلقي الخدمات الطبية المختلفة بالمنشآت الصحية، وتوحيد الإطار الحاكم للمسؤولية المدنية والجنائية التي يخضع لها مزاولو المهن الطبية، بما يضمن عملهم في بيئة عمل جاذبة ومستقرة»، وفق إفادة وزارة «الصحة» المصرية، الجمعة.

وأشار الوزير المصري إلى تضمن القانون «توحيد الإطار الحاكم للمسؤولية المدنية والجنائية التي يخضع لها مزاولو المهن الطبية، بما يكفل الوضوح في هذا الشأن ويراعي صعوبات العمل في المجال الطبي»، مع الحرص على «منع الاعتداء على مقدمي الخدمة الصحية، وتقرير العقوبات اللازمة في حال التعدي اللفظي أو الجسدي أو إهانة مقدمي الخدمات الطبية، أو إتلاف المنشآت، وتشديد العقوبة حال استعمال أي أسلحة أو عصي أو آلات أو أدوات أخرى».

جانب من العمل داخل أحد المستشفيات (وزارة الصحة المصرية)

وحسب عضوة «لجنة الصحة» بمجلس النواب، النائبة إيرين سعيد، فإن «هذه الخطوة تأخرت كثيراً»، مؤكدة لـ«الشرق الأوسط» أن مشروع القانون كان يفترض جاهزيته منذ عامين في ظل مناقشات مستفيضة جرت بشأنه، لافتة إلى أن القانون سيكون على رأس أولويات «لجنة الصحة» فور وصوله البرلمان من الحكومة تمهيداً للانتهاء منه خلال دور الانعقاد الحالي.

لكن وكيل نقابة الأطباء المصرية، جمال عميرة، قال لـ«الشرق الأوسط» إن مشروع القانون «لا يوفر الحماية المطلوبة للأطباء في مقابل مضاعفة العقوبات عليهم حال الاشتباه بارتكابهم أخطاء»، مشيراً إلى أن المطلوب قانون يوفر «بيئة عمل غير ضاغطة على الطواقم الطبية».

وأضاف أن الطبيب حال تعرض المريض لأي مضاعفات عند وصوله إلى المستشفى تتسبب في وفاته، يحول الطبيب إلى قسم الشرطة ويواجه اتهامات بـ«ارتكاب جنحة وتقصير بعمله»، على الرغم من احتمالية عدم ارتكابه أي خطأ طبي، لافتاً إلى أن النقابة تنتظر النسخة الأخيرة من مشروع القانون لإصدار ملاحظات متكاملة بشأنه.

وشهدت مصر في الشهور الماضية تعرض عدد من الأطباء لاعتداءات خلال عملهم بالمستشفيات من أقارب المرضى، من بينها واقعة تعدي الفنان محمد فؤاد على طبيب مستشفى «جامعة عين شمس»، خلال مرافقته شقيقه الذي أصيب بأزمة قلبية الصيف الماضي، والاعتداء على طبيب بمستشفى «الشيخ زايد» في القاهرة من أقارب مريض نهاية الشهر الماضي، وهي الوقائع التي يجري التحقيق فيها قضائياً.

وقائع الاعتداء على الطواقم الطبية بالمستشفيات المصرية تكررت خلال الفترة الأخيرة (وزارة الصحة المصرية)

وينص مشروع القانون الجديد، وفق مقترح الحكومة، على تشكيل «لجنة عليا» تتبع رئيس مجلس الوزراء، وتعد «جهة الخبرة الاستشارية المتعلقة بالأخطاء الطبية، والمعنية بالنظر في الشكاوى، وإصدار الأدلة الإرشادية للتوعية بحقوق متلقي الخدمة بالتنسيق مع النقابات والجهات المعنية»، حسب بيان «الصحة».

وتعوّل إيرين سعيد على «اللجنة العليا الجديدة» باعتبارها ستكون أداة الفصل بين مقدم الخدمة سواء كان طبيباً أو صيدلياً أو من التمريض، ومتلقي الخدمة المتمثل في المواطن، لافتةً إلى أن تشكيل اللجنة من أطباء وقانونيين «سيُنهي غياب التعامل مع الوقائع وفق القوانين الحالية، ومحاسبة الأطباء وفق قانون (العقوبات)».

وأضافت أن مشروع القانون الجديد سيجعل هناك تعريفاً للمريض بطبيعة الإجراءات الطبية التي ستُتخذ معه وتداعياتها المحتملة عليه، مع منحه حرية القبول أو الرفض للإجراءات التي سيبلغه بها الأطباء، وهو «أمر لم يكن موجوداً من قبل بشكل إلزامي في المستشفيات المختلفة».

وهنا يشير وكيل نقابة الأطباء إلى ضرورة وجود ممثلين لمختلف التخصصات الطبية في «اللجنة العليا» وليس فقط الأطباء الشرعيين، مؤكداً تفهم أعضاء لجنة «الصحة» بالبرلمان لما تريده النقابة، وتوافقهم حول التفاصيل التي تستهدف حلاً جذرياً للمشكلات القائمة في الوقت الحالي.