تضاعف عدد ضحايا أعمال العنف في منطقة الساحل منذ 2020

تتجه أصابع الاتهام إلى أطراف النزاع الرئيسية وهي الجيوش الوطنية وتنظيما «القاعدة» و«داعش»

محتجون يحرقون علم الاتحاد الأوروبي ويحتفلون بقرار سحب القوات الفرنسية من مالي (أ.ف.ب)
محتجون يحرقون علم الاتحاد الأوروبي ويحتفلون بقرار سحب القوات الفرنسية من مالي (أ.ف.ب)
TT

تضاعف عدد ضحايا أعمال العنف في منطقة الساحل منذ 2020

محتجون يحرقون علم الاتحاد الأوروبي ويحتفلون بقرار سحب القوات الفرنسية من مالي (أ.ف.ب)
محتجون يحرقون علم الاتحاد الأوروبي ويحتفلون بقرار سحب القوات الفرنسية من مالي (أ.ف.ب)

تضاعف عدد المدنيين الذين قتلوا في هجمات منسوبة إلى مجموعات متطرفة في منطقة الساحل منذ 2020، في حين أن عدد القتلى من جراء نيران القوات المسلحة «ارتفع مجددا بفارق هائل في مطلع 2022» بحسب التحالف المدني من أجل الساحل الذي يضم منظمات غير حكومية من غرب إفريقيا.
أحصت المنظمة غير الحكومية المتخصصة «أكليد» بالإجمال مقتل 11276 مدنيا في بلدان الساحل الثلاث، مالي والنيجر وبوركينا فاسو، منذ اندلاع النزاع عام 2012 في المنطقة.
وقال مواطن من منطقة ميناكا في مالي التي شهدت مواجهات دامية في الأشهر الأخيرة متحدثا لوكالة فرانس برس: «عائلاتنا تقتل بالمئات ويتهيأ لنا أن ذلك لا يهمّ الناس». وأضاف أثناء وجوده في باماكو أن القتلى لا يتم إحصاؤهم أحيانا بدقة بل «بالعشرات والمئات»، مضيفا بأسف: «حين يحصل (الهجوم) في شمال مالي في الصحراء، غالبا ما لا يصدر بيان عن الدولة... عندها ندفنهم ونواصل حياتنا».
فبعدما كانت المجازر محصورة في شمال مالي عند اندلاع النزاع، تتسع المنطقة الجغرافية التي تشهد أعمال العنف، وصلت إلى وسط البلاد ثم امتدت إلى بوركينا فاسو والنيجر المجاورتين. أما اليوم، فتنتشر باتجاه جنوب مالي على ما أفاد رئيس تحرير الموقع الإعلامي المالي «بنبيري» بوكار سانغاريه. وتتجه الأصابع إلى أطراف النزاع الرئيسية وهي الجيوش الوطنية وتنظيما «القاعدة» و«داعش» في الصحراء الكبرى. وقال سانغاريه إن الحركة الأخيرة التي تنشط بصورة رئيسية على الحدود بين مالي والنيجر وبوركينا فاسو «لطالما اعتمدت إستراتيجية عنف تجاه السكان لإرساء سيطرتها».
وكان القتلى المدنيون يقتصرون على المئات بين 2012 و2017 غير أن الأمر تسارع فجأة بعد ذلك وذكرت منظمة أكليد أنه تم تخطي عتبة ألف قتيل مدني في السنة عام 2018، قبل تخطي عتبة ألفي قتيل عام 2019. وبصورة عامة أوضح محمدو عبد الرحماني منسق «الشبكة الإفريقية للقطاع الأمني» في النيجر أن تزايد المجازر جعل «عدد الضحايا يتضاعف خلال السنتين الماضيتين» في الساحل.
وتقول «أكليد» إن النزاع في منطقة الساحل يتسبب كل سنة بسقوط عدد متزايد من القتلى معظمهم من المدنيين العالقين في دوامة المجازر والعمليات الانتقامية. ويشهد كل شهر هجمات في هذه المنطقة حيث باتت أسماء الكثير من القرى تذكر بمجازر، مثل ديالاساغو بوسط مالي حيث قضى 132 مدنيا وسيتنغا في بوركينا فاسو حيث قتل 86 مدنيا في يونيو (حزيران). وقتل 2057 مدنيا في مالي والنيجر وبوركينا فاسو منذ بدء العام 2022 على ما أفادت وكالة فرانس برس استنادا إلى حصيلة احتسبتها «أكليد». حسب منظمة هيومن رايتس ووتش قتل مقتل 300 مدني بأيدي الجيش في مورا بوسط مالي في مارس (آذار)، وفي مايو (أيار) قتل حوالي خمسين مدنيا بحسب السلطات في مادجواري في شرق بوركينا فاسو. وأبدى ناشط حقوقي طلب عدم ذكر اسمه، استنكاره لأن «المدنيين يقتلون وسط اللامبالاة من غير أن يعرف أحد بهم، وبالتالي يقضي عدد متزايد منهم».
وينسب العديد من المراقبين المجزرة الأخيرة في سيتنغا إلى تنظيم «داعش» حتى وإن لم تعلن أي جهة مسؤوليتها عنها. وقال ناجون بعد بضعة أيام لفرانس برس: «كانوا يفتحون أبواب المنازل ليدخلوا ويعدموا (سكانها) وكانوا يطلقون النار على مَن يحاولون الفرار».
وبالرغم من تدخل عسكري أجنبي استمر سنوات، عجز مختلف الأطراف من حكومات والأمم المتحدة وجيوش أجنبية عن وقف أعمال العنف بحق المدنيين ويرى جميع الذين التقتهم فرانس برس أنه ليس هناك مؤشرات إلى تحسن في الأفق.
وذكروا عدة أسباب تدعو إلى القلق، منها إستراتيجية معتمدة بصورة معممة ردا على توسيع الجهاديين نطاق تحركهم تقوم على «الخيار العسكري الصرف»، وهو ما أثبتته في نهاية يونيو (حزيران) إقامة «مناطق ذات أهمية عسكرية» حيث «يحظر أي وجود بشري» في بوركينا فاسو، وعجز الدول عن السيطرة على المناطق الريفية الشاسعة حيث ينتشر المتشددون، والخلط الذي لا يزال قائما بين بعض مجتمعات البدو والتنظيمات الجهادية، والانسحاب النهائي المرتقب لقوات عملية برخان الفرنسية من أراضي مالي.
وحذر الأمين العام لمنظمة الأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش في مطلع يونيو (حزيران) بأن هذا الانسحاب المقرر في نهاية الصيف «ستكون له عواقب على صعيد حماية المدنيين».


مقالات ذات صلة

مقتل 6 أشخاص جرَّاء هجوم انتحاري جنوب غربي باكستان

آسيا سائقو الشاحنات يتجمعون بجوار شاحنات إمدادات المساعدات المتوقفة على جانب الطريق في هانجو يوم 4 يناير 2025 بعد أن نصب مسلحون كميناً لقافلة مساعدات باكستانية (أ.ف.ب)

مقتل 6 أشخاص جرَّاء هجوم انتحاري جنوب غربي باكستان

لقي 6 أشخاص مصرعهم، وأصيب أكثر من أربعين بجروح، جراء هجوم انتحاري استهدف موكباً لقوات الأمن في منطقة تُربت، بإقليم بلوشستان، جنوب غربي باكستان.

الولايات المتحدة​ حاكم ولاية لويزيانا جيف لاندري (الثاني من اليمين) يتفقد شارع بوربون في الحي الفرنسي بنيو أورليانز بعد هجوم إرهابي في 1 يناير (أ.ف.ب)

منفذ هجوم الدهس في نيو أورليانز امتلك مواد تستخدم لصنع قنابل

أفاد مسؤولون في أجهزة الأمن بأن الرجل الذي صدم حشدا من المحتفلين برأس السنة في نيو أورليانز كان يمتلك في منزله مواد يشتبه في استخدامها لصنع قنابل.

«الشرق الأوسط» (نيو أورليانز)
أفريقيا وزير الدفاع التونسي خالد السهيلي بجلسة عمل مع ممثل البنتاغون في سياق التنسيق الأمني والعسكري بين سلطات البلدين (من موقع وزارة الدفاع التونسية)

تونس: إيقاف متهمين بالانتماء إلى «تنظيم إرهابي»

كشفت مصادر أمنية رسمية تونسية عن أن قوات مكافحة الإرهاب والحرس الوطني أوقفت مؤخراً مجموعة من المتهمين بالانتماء إلى «تنظيم إرهابي» في محافظات تونسية عدة.

كمال بن يونس (تونس)
الولايات المتحدة​ وقع الهجوم بعد الساعة الثالثة صباحاً بقليل في أحد أكثر الأحياء ازدحاماً في نيو أورليانز (نيويورك تايمز)

كيف يعكس هجوم نيو أورليانز نمطاً عالمياً لاستخدام السيارات أسلحةً إرهابيةً؟

قال خبراء لموقع «أكسيوس» إن الهجوم الذي شهدته مدينة نيو أورليانز الأميركية في ليلة رأس السنة الجديدة يعد جزءاً من اتجاه عالمي لاستخدام السيارات أسلحةً.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الولايات المتحدة​ الرئيس الأميركي بايدن في البيت الأبيض يتحدث عن هجوم نيو أورليانز الإرهابي الخميس (د.ب.أ)

بايدن: منفّذ هجوم نيو أورليانز كان يحمل جهاز تفجير عن بُعد

قال الرئيس الأميركي جو بايدن، الخميس، إن المهاجم في حادثة دهس السيارات في نيو أورليانز كان يحمل جهاز تفجير عن بعد في سيارته.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)

الصين تفرض عقوبات على شركات دفاع أميركية رداً على بيع أسلحة لتايوان

علما الولايات المتحدة والصين في منتزه جنتنغ الثلجي 2 فبراير 2022 في تشانغجياكو بالصين (أ.ب)
علما الولايات المتحدة والصين في منتزه جنتنغ الثلجي 2 فبراير 2022 في تشانغجياكو بالصين (أ.ب)
TT

الصين تفرض عقوبات على شركات دفاع أميركية رداً على بيع أسلحة لتايوان

علما الولايات المتحدة والصين في منتزه جنتنغ الثلجي 2 فبراير 2022 في تشانغجياكو بالصين (أ.ب)
علما الولايات المتحدة والصين في منتزه جنتنغ الثلجي 2 فبراير 2022 في تشانغجياكو بالصين (أ.ب)

فرضت الصين عقوبات على 10 شركات دفاعية أميركية، اليوم (الخميس)، على خلفية بيع أسلحة إلى تايوان، في ثاني حزمة من نوعها في أقل من أسبوع تستهدف شركات أميركية.

وأعلنت وزارة التجارة الصينية، الخميس، أن فروعاً لـ«لوكهيد مارتن» و«جنرال داينامكس» و«رايثيون» شاركت في بيع أسلحة إلى تايوان، وأُدرجت على «قائمة الكيانات التي لا يمكن الوثوق بها».

وستُمنع من القيام بأنشطة استيراد وتصدير أو القيام باستثمارات جديدة في الصين، بينما سيحظر على كبار مديريها دخول البلاد، بحسب الوزارة.

أعلنت الصين، الجمعة، عن عقوبات على سبع شركات أميركية للصناعات العسكرية، من بينها «إنستيو» وهي فرع لـ«بوينغ»، على خلفية المساعدات العسكرية الأميركية لتايوان أيضاً، وفق «وكالة الصحافة الفرنسية».

مركبات عسكرية تايوانية مجهزة بصواريخ «TOW 2A» أميركية الصنع خلال تدريب على إطلاق النار الحي في بينغتونغ بتايوان 3 يوليو 2023 (رويترز)

وتعد الجزيرة مصدر خلافات رئيسي بين بكين وواشنطن. حيث تعد الصين أن تايوان جزء من أراضيها، وقالت إنها لن تستبعد استخدام القوة للسيطرة عليها. ورغم أن واشنطن لا تعترف بالجزيرة الديمقراطية دبلوماسياً فإنها حليفتها الاستراتيجية وأكبر مزود لها بالسلاح.

وفي ديسمبر (كانون الأول)، وافق الرئيس الأميركي، جو بايدن، على تقديم مبلغ (571.3) مليون دولار، مساعدات عسكرية لتايوان.

وعدَّت الخارجية الصينية أن هذه الخطوات تمثّل «تدخلاً في شؤون الصين الداخلية وتقوض سيادة الصين وسلامة أراضيها».

كثفت الصين الضغوط على تايوان في السنوات الأخيرة، وأجرت مناورات عسكرية كبيرة ثلاث مرات منذ وصل الرئيس لاي تشينغ تي إلى السلطة في مايو (أيار).

سفينة تابعة لخفر السواحل الصيني تبحر بالقرب من جزيرة بينغتان بمقاطعة فوجيان الصينية 5 أغسطس 2022 (رويترز)

وأضافت وزارة التجارة الصينية، الخميس، 28 كياناً أميركياً آخر، معظمها شركات دفاع، إلى «قائمة الضوابط على التصدير» التابعة لها، ما يعني حظر تصدير المعدات ذات الاستخدام المزدوج إلى هذه الجهات.

وكانت شركات «جنرال داينامكس» و«شركة لوكهيد مارتن» و«بيونغ للدفاع والفضاء والأمن» من بين الكيانات المدرجة على تلك القائمة بهدف «حماية الأمن والمصالح القومية والإيفاء بالتزامات دولية على غرار عدم انتشار الأسلحة»، بحسب الوزارة.