إدانة دولية لقصف الأحياء المدنية في الشمال السوري.. ومطالبة بـ«وقف البراميل المتفجرة»

مقتل 25 سوريا في حريق اندلع في أحد مستشفيات القامشلي

مركز ميسلون الصحي في القامشلي شمال شرقي سوريا الذي تعرض لحريق أمس تسبب في مقتل 27 شخصا معظمهم من الأطفال (أ.ف.ب)
مركز ميسلون الصحي في القامشلي شمال شرقي سوريا الذي تعرض لحريق أمس تسبب في مقتل 27 شخصا معظمهم من الأطفال (أ.ف.ب)
TT

إدانة دولية لقصف الأحياء المدنية في الشمال السوري.. ومطالبة بـ«وقف البراميل المتفجرة»

مركز ميسلون الصحي في القامشلي شمال شرقي سوريا الذي تعرض لحريق أمس تسبب في مقتل 27 شخصا معظمهم من الأطفال (أ.ف.ب)
مركز ميسلون الصحي في القامشلي شمال شرقي سوريا الذي تعرض لحريق أمس تسبب في مقتل 27 شخصا معظمهم من الأطفال (أ.ف.ب)

صعدت القوات النظامية السورية أمس، وتيرة قصفها للأحياء المدنية الخارجة عن سيطرتها، بموازاة تراجعها أمام تنظيم «داعش» وقوات المعارضة السورية، وأفاد ناشطون أمس بتجدد القصف الجوي على مناطق في محافظة حلب في شمال سوريا، غداة يوم قتل فيه عشرات الأشخاص نتيجة غارات نفذتها طائرات تابعة للنظام، بحسب ما ذكر المرصد السوري لحقوق الإنسان الذي وصف غارات السبت بـ«المجازر»، مشيرًا إلى «ارتكاب مجزرة جديدة في جبل الزاوية بإدلب ذهب ضحيتها العشرات». ووصل العدد إلى 150 مدنيا يومي السبت والاحد بحسب المرصد.
وأثار التصعيد إدانة دولية، وقال وزير الخارجية البريطاني فيليب هاموند «هالني الاعتداء العنيف الأخير الذي قام به نظام الأسد»، مجددا موقف بلاده لجهة رفض أي دور للرئيس السوري بشار الأسد في «مستقبل سوريا».
بدوره، قال المبعوث الدولي إلى سوريا ستيفان دي ميستورا في بيان، بأنه «من غير المقبول بتاتا أن تهاجم القوات الجوية السورية أراضيها بشكل عشوائي، وتقتل مواطنيها»، مشددا على وجوب «وقف البراميل المتفجرة».
وفي غضون ذلك، قتل 25 شخصا بينهم عدد كبير من الأطفال وأصيب آخرون بجروح أمس، في حريق وقع في أحد مستوصفات مدينة القامشلي في شمال شرقي سوريا، بحسب ما أفاد التلفزيون السوري. وأورد التلفزيون السوري في شريط إخباري عاجل الخبر الآتي «ارتقاء 25 مواطنا وإصابة نحو 30 معظمهم أطفال في انفجار خزان وقود بمستوصف ميسلون في القامشلي».
وتزامن الانفجار مع موعد بدء حملة تلقيح الأطفال، وأكدت عدة مصادر في مدينة القامشلي أن أكثر من خمسين طفلا أصيبوا بحروق، فيما قتل ما لا يقل عن خمسة وعشرين طفلا وامرأة كانوا داخل المركز. وأظهرت صور التقطها ناشطون للحريق جثثا متفحمة لنساء وأطفال وعاملين في المركز الذي احترق بالكامل.
وأكدت عدة مصادر أن سبب اندلاع الحريق انفجار خزان وقود داخل المركز وأن مجهولين قاموا بإغلاق الباب الرئيسي للمركز قبل التفجير بعشر دقائق، الأمر الذي ضاعف أعداد القتلى والمحروقين، وبينهم غالبية الكوادر الطبية. ولم يعرف سبب تفجر الخزان وعما إذا كان مفتعلا.
وحسب ما نشره الكاتب محمد عبدي على صفحته الشخصية، أن أحد الأطباء المناوبين أكد له وجود برميلٌ مازوت عند الباب الرئيسي للمركز، لكنه «لم يؤكد بشكل قطعي إن كانت مادة المازوت المدخرة في البرميل هي سبب الحريق».
من ناحية أخرى، أفاد المرصد السوري أمس، بتجدد الغارات على أحياء واقعة تحت سيطرة المعارضة في شرق حلب، وعلى مدينة الباب الواقعة تحت سيطرة تنظيم «داعش» في ريف حلب حيث قتل ثلاثة مواطنين. وقال: إن «19 مدنيا على الأقل بينهم رجل وابنه ومواطنة قضوا جراء قصف للطيران الحربي على قرية بليون في جبل الزاوية» بريف إدلب في شمال غربي سوريا، مشيرا إلى أن «العدد مرشح للارتفاع بسبب وجود جرحى في حالات خطرة». كما «قتلت مواطنة جراء إصابتها في قصف جوي على مناطق في قرية جوزف في جبل الزاوية».
وفي إدلب نفسها، ارتفع إلى 8 على الأقل، عدد الغارات التي نفذها الطيران الحربي على مناطق في جبل الأربعين ومحيطه، بينما نفذ الطيران الحربي 4 غارات على مناطق في جبل الزاوية، ومناطق في بلدة قميناس وسراقب وسرمين وأريحا التي سيطر عليها مقاتلو جيش الفتح. وتزامنت تلك الغارات مع قصف جوي عنيف وصل إلى 20 غارة، مستهدفًا مناطق في بلدات وقرى البشيرية والكستن وكفرميد وبفطامون والمعلقة وحلوز وحيلا وبشلامون وشرديبه وعين السودة، بسهل الروج وريف جسر الشغور، والجبل الوسطاني.
وجاءت هذه الغارات الدموية غداة قصف جوي بالبراميل المتفجرة استهدف مناطق في محافظة حلب وأوقع 71 قتيلا بين المدنيين. وتجددت الغارات أمس في حلب، حيث نفذ الطيران التابع للجيش السوري الأحد غارات جديدة على مدينة الباب، وأفاد المرصد بمقتل ثلاثة أشخاص وإصابة 24 آخرين بجروح. كما تعرضت مناطق في الأحياء الشرقية لمدينة حلب والخاضعة لسيطرة المعارضة، لقصف جوي، بينما أصيب ثلاثة أطفال بجراح جراء سقوط برميل متفجر ألقاه الطيران المروحي على منزلهم في حي باب النيرب بحلب القديمة.
وفي المقابل، ارتفع إلى 7 على الأقل عدد القتلى الذين قضوا جراء سقوط قذائف على مناطق سيطرة قوات النظام في حي الأعظمية بمدينة حلب أمس، بحسب ما أفاد ناشطون. وتحدثت وكالة الأنباء السورية الرسمية «سانا» عن مقتل 8 أشخاص، وإصابة عدد آخر بجروح «جراء اعتداء إرهابي بقذائف صاروخية أطلقها إرهابيون على حي الأعظمية».
وفيما اندلعت اشتباكات بين قوات النظام والمسلحين الموالين لها من طرف، وعناصر تنظيم داعش من طرف آخر في حي الحويقة الغربي بمدينة دير الزور، قال ناشطون إن الطيران الحربي نفذ 6 غارات على أماكن في مطار تدمر العسكري وأماكن أخرى في مدينة تدمر ومنطقة العامرية بريف حمص الشرقي.
وفي ريف دمشق، تعرضت منطقة المرج بالغوطة الشرقية، لقصف جوي، فيما نفذ الطيران الحربي غارتين على مناطق في أطراف مدينة دوما بالغوطة الشرقية، بموازاة اندلاع معارك في محيط بلدة بالا بالغوطة الشرقية.



الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)

ضمن مخاوف الجماعة الحوثية من ارتدادات تطورات الأوضاع في سوريا على قوتها وتراجع نفوذ محور إيران في منطقة الشرق الأوسط؛ صعّدت الجماعة من ممارساتها بغرض تطييف المجتمع واستقطاب أتباع جدد ومنع اليمنيين من الاحتفال بسقوط نظام بشار الأسد.

واستهدفت الجماعة، حديثاً، موظفي مؤسسات عمومية وأخرى خاصة وأولياء أمور الطلاب بالأنشطة والفعاليات ضمن حملات التعبئة التي تنفذها لاستقطاب أتباع جدد، واختبار ولاء منتسبي مختلف القطاعات الخاضعة لها، كما أجبرت أعياناً قبليين على الالتزام برفد جبهاتها بالمقاتلين، ولجأت إلى تصعيد عسكري في محافظة تعز.

وكانت قوات الحكومة اليمنية أكدت، الخميس، إحباطها ثلاث محاولات تسلل لمقاتلي الجماعة الحوثية في جبهات محافظة تعز (جنوب غربي)، قتل خلالها اثنان من مسلحي الجماعة، وتزامنت مع قصف مواقع للجيش ومناطق سكنية بالطيران المسير، ورد الجيش على تلك الهجمات باستهداف مواقع مدفعية الجماعة في مختلف الجبهات، وفق ما نقله الإعلام الرسمي.

الجيش اليمني في تعز يتصدى لأعمال تصعيد حوثية متكررة خلال الأسابيع الماضية (الجيش اليمني)

وخلال الأيام الماضية اختطفت الجماعة الحوثية في عدد من المحافظات الخاضعة لسيطرتها ناشطين وشباناً على خلفية احتفالهم بسقوط نظام الأسد في سوريا، وبلغ عدد المختطفين في صنعاء 17 شخصاً، قالت شبكة حقوقية يمنية إنهم اقتيدوا إلى سجون سرية، في حين تم اختطاف آخرين في محافظتي إب وتعز للأسباب نفسها.

وأدانت الشبكة اليمنية للحقوق والحريات حملة الاختطافات التي رصدتها في العاصمة المختطفة صنعاء، مشيرة إلى أنها تعكس قلق الجماعة الحوثية من انعكاسات الوضع في سوريا على سيطرتها في صنعاء، وخوفها من اندلاع انتفاضة شعبية مماثلة تنهي وجودها، ما اضطرها إلى تكثيف انتشار عناصرها الأمنية والعسكرية في شوارع وأحياء المدينة خلال الأيام الماضية.

وطالبت الشبكة في بيان لها المجتمع الدولي والأمم المتحدة والمنظمات الحقوقية بإدانة هذه الممارسات بشكل واضح، بوصفها خطوة أساسية نحو محاسبة مرتكبيها، والضغط على الجماعة الحوثية للإفراج عن جميع المختطفين والمخفيين قسراً في معتقلاتها، والتحرك الفوري لتصنيفها منظمة إرهابية بسبب تهديدها للأمن والسلم الإقليميين والدوليين.

تطييف القطاع الطبي

في محافظة تعز، كشفت مصادر محلية لـ«الشرق الأوسط» عن أن الجماعة الحوثية اختطفت عدداً من الشبان في منطقة الحوبان على خلفية إبداء آرائهم بسقوط نظام الأسد، ولم يعرف عدد من جرى اختطافهم.

تكدس في نقطة تفتيش حوثية في تعز حيث اختطفت الجماعة ناشطين بتهمة الاحتفال بسقوط الأسد (إكس)

وأوقفت الجماعة، بحسب المصادر، عدداً كبيراً من الشبان والناشطين القادمين من مناطق سيطرة الحكومة اليمنية، وأخضعتهم للاستجواب وتفتيش متعلقاتهم الشخصية وجوالاتهم بحثاً عمّا يدل على احتفالهم بتطورات الأحداث في سوريا، أو ربط ما يجري هناك بالوضع في اليمن.

وشهدت محافظة إب (193 كيلومتراً جنوب صنعاء) اختطاف عدد من السكان للأسباب نفسها في عدد من المديريات، مترافقاً مع إجراءات أمنية مشددة في مركز المحافظة ومدنها الأخرى، وتكثيف أعمال التحري في الطرقات ونقاط التفتيش.

إلى ذلك، أجبرت الجماعة عاملين في القطاع الطبي، بشقيه العام والخاص، على حضور فعاليات تعبوية تتضمن محاضرات واستماع لخطابات زعيمها عبد الملك الحوثي، وشروحات لملازم المؤسس حسين الحوثي، وأتبعت ذلك بإجبارهم على المشاركة في تدريبات عسكرية على استخدام مختلف الأسلحة الخفيفة والمتوسطة والقنابل اليدوية وزراعة الألغام والتعامل مع المتفجرات.

وذكرت مصادر طبية في صنعاء أن هذه الإجراءات استهدفت العاملين في المستشفيات الخاصعة لسيطرة الجماعة بشكل مباشر، سواء العمومية منها، أو المستشفيات الخاصة التي استولت عليها الجماعة بواسطة ما يعرف بالحارس القضائي المكلف بالاستحواذ على أموال وممتلكات معارضيها ومناهضي نفوذها من الأحزاب والأفراد.

زيارات إجبارية للموظفين العموميين إلى معارض صور قتلى الجماعة الحوثية ومقابرهم (إعلام حوثي)

وتتزامن هذه الأنشطة مع أنشطة أخرى شبيهة تستهدف منتسبي الجامعات الخاصة من المدرسين والأكاديميين والموظفين، يضاف إليها إجبارهم على زيارة مقابر قتلى الجماعة في الحرب، وأضرحة عدد من قادتها، بما فيها ضريح حسين الحوثي في محافظة صعدة (233 كيلومتراً شمال صنعاء)، وفق ما كانت أوردته «الشرق الأوسط» في وقت سابق.

وكانت الجماعة أخضعت أكثر من 250 من العاملين في الهيئة العليا للأدوية خلال سبتمبر (أيلول) الماضي، وأخضعت قبلهم مدرسي وأكاديميي جامعة صنعاء (أغلبهم تجاوزوا الستين من العمر) في مايو (أيار) الماضي، لتدريبات عسكرية مكثفة، ضمن ما تعلن الجماعة أنه استعداد لمواجهة الغرب وإسرائيل.

استهداف أولياء الأمور

في ضوء المخاوف الحوثية، ألزمت الجماعة المدعومة من إيران أعياناً قبليين في محافظة الضالع (243 كيلومتراً جنوب صنعاء) بتوقيع اتفاقية لجمع الأموال وحشد المقاتلين إلى الجبهات.

موظفون في القطاع الطبي يخضعون لدورات قتالية إجبارية في صنعاء (إعلام حوثي)

وبينما أعلنت الجماعة ما وصفته بالنفير العام في المناطق الخاضعة لسيطرتها من المحافظة، برعاية أسماء «السلطة المحلية» و«جهاز التعبئة العامة» و«مكتب هيئة شؤون القبائل» التابعة لها، أبدت أوساط اجتماعية استياءها من إجبار الأعيان والمشايخ في تلك المناطق على التوقيع على وثيقة لإلزام السكان بدفع إتاوات مالية لصالح المجهود الحربي وتجنيد أبنائهم للقتال خلال الأشهر المقبلة.

في السياق نفسه، أقدمت الجماعة الانقلابية على خصم 10 درجات من طلاب المرحلة الأساسية في عدد من مدارس صنعاء، بحة عدم حضور أولياء الأمور محاضرات زعيمها المسجلة داخل المدارس.

ونقلت المصادر عن عدد من الطلاب وأولياء أمورهم أن المشرفين الحوثيين على تلك المدارس هددوا الطلاب بعواقب مضاعفة في حال استمرار تغيب آبائهم عن حضور تلك المحاضرات، ومن ذلك طردهم من المدارس أو إسقاطهم في عدد من المواد الدراسية.

وأوضح مصدر تربوي في صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن تعميماً صدر من قيادات عليا في الجماعة إلى القادة الحوثيين المشرفين على قطاع التربية والتعليم باتباع جميع الوسائل للتعبئة العامة في أوساط أولياء الأمور.

مقاتلون حوثيون جدد جرى تدريبهم وإعدادهم أخيراً بمزاعم مناصرة قطاع غزة (إعلام حوثي)

ونبه المصدر إلى أن طلب أولياء الأمور للحضور إلى المدارس بشكل أسبوعي للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة هو أول إجراء لتنفيذ هذه التعبئة، متوقعاً إجراءات أخرى قد تصل إلى إلزامهم بحضور فعاليات تعبوية أخرى تستمر لأيام، وزيارة المقابر والأضرحة والمشاركة في تدريبات قتالية.

وبحسب المصدر؛ فإن الجماعة لا تقبل أي أعذار لتغيب أولياء الأمور، كالسفر أو الانشغال بالعمل، بل إنها تأمر كل طالب يتحجج بعدم قدرة والده على حضور المحاضرات بإقناع أي فرد آخر في العائلة بالحضور نيابة عن ولي الأمر المتغيب.