بعد تلقيه تعهدات بالولاء من المشاركين، انضم الزعيم الأعلى المنعزل لـ«طالبان» هبة الله أخوند زاده، إلى تجمع كبير للزعماء الدينيين والقبائل في كابل أمس (الجمعة)، وهنّأ الحاضرين على انتصار الحركة وتوليها مقاليد الحكم في أفغانستان في أغسطس (آب) الماضي. وأكد متحدث باسم «طالبان» أن الزعيم، الذي يتخذ من مدينة قندهار الجنوبية مقراً له، موجود في العاصمة. وقوبل وصوله الذي نقلته الإذاعة الرسمية بأناشيد تمجّد الحركة وصيحات من قبيل «تحيا إمارة أفغانستان الإسلامية».
ونقلت وكالة أنباء «بختار» الحكومية عن أخوند زاده، قوله: «نجاح الجهاد الأفغاني ليس مصدر فخر للأفغان فحسب بل للمسلمين في جميع أنحاء العالم أيضاً». وعندما كشفت الحركة المتمردة عن حكومتها المؤقتة في سبتمبر (أيلول) الماضي بعد انسحاب القوات التي تقودها الولايات المتحدة وانهيار الحكومة المدعومة من أميركا، احتفظ أخوند زاده الغامض بدور المرشد الأعلى الذي شغله منذ عام 2016، وهو أعلى سلطة في الحركة، لكنه نادراً ما يظهر علناً. وزخرت الصحف الأفغانية في الأيام الأخيرة بتكهنات حول احتمال مشاركة أخوند زاده الذي نُشرت تسجيلات صوتية له منذ أغسطس الماضي. ورغم تكتمه يقول محللون، كما جاء في تقرير الصحافة الفرنسية، إن أخوند زاده الذي يُقال إنه سبعيني ولقبه «أمير المؤمنين» يقود بقبضة من حديد حركة «طالبان».
ويشارك أكثر من ثلاثة آلاف شخصية دينية ووجهاء قبائل، منذ الخميس، في العاصمة الأفغانية، في مجلس موسع يستمر ثلاثة أيام بهدف إضفاء شرعية على نظام «طالبان».
واتخذت الحركة إجراءات أمنية مشددة في إطار هذا الاجتماع. لكن رغم ذلك تمكن رجلان مسلحان (الخميس) من الاقتراب من مكان الاجتماع في كلية البوليتيكنيك في كابل قبل أن ترديهما القوى الأمنية. وكان يُسمع خلال الاجتماع دويّ إطلاق نار متواصل بالقرب من موقع التجمع، وقال متحدثون باسم «طالبان» إنه نتج عن إطلاق رجال الأمن النار على «موقع مريب»، وأضافوا أن الوضع تحت السيطرة.
ولم تنشر حركة «طالبان» تفاصيل كثيرة عن الاجتماعات التي وصفتها بأنها مجلس «جيرغا» الذي يضم عادةً وجهاء وينبغي تسوية الخلافات فيه بالتوافق. ومنعت وسائل الإعلام من الحضور إلا أن بعض الكلمات بثّتها إذاعة الدولة قد دعت بغالبيتها إلى رص الصفوف وراء النظام. وقال حبيب الله حقاني الذي يرأس التجمع في خطابه الافتتاحي (الخميس) إن «الطاعة هي المبدأ الأهم في النظام». وأضاف حقاني: «يجب أن نطيع قادتنا في كل القضايا، بصدق وإخلاص». وأكد رجل دين نافذ من على منبر الاجتماع ضرورة قطع رأس كل من يحاول قلب النظام. وأكد مجيب الرحمن أنصاري، إمام مسجد في هراة في غرب البلاد، مشيراً إلى عَلم «طالبان» أن «هذا العلم لم يُرفَع بسهولة ولن ينزل بسهولة». وأضاف: «كل علماء الدين في أفغانستان يجب أن يتفقوا على أن كل من تسول له نفسه التحرك ضد حكومتنا الإسلامية يجب أن يُقطع رأسه أو تتم تصفيته».
وعادت حركة «طالبان» لتطبيق الشريعة الإسلامية بشكل متشدد كما كانت تفعل خلال فترة حكمها الأولى بين عامي 1996 و2001 حارمة النساء من كل حقوقهن تقريباً لا سيما من العمل في الدوائر الرسمية بشكل شبه كامل كما فرضت عليهن ارتداء البرقع ووضعت قيوداً على حقهن في التنقل. ومنعت الحركة الموسيقى غير الدينية وإظهار وجوه أشخاص في الإعلانات وعرض الأفلام أو المسلسلات التي تشارك فيها نساء غير محجبات على التلفزيون وطلبت من الرجال ارتداء الملابس التقليدية وإرخاء اللحى.
ولم يُسمح لأي امرأة بالمشاركة في هذه الاجتماعات إذ عدّت حركة «طالبان» الأمر غير ضروري لأنهن ممثَّلات بأقارب ذكور. في نهاية مارس (آذار) منعت حركة «طالبان» مجدداً الفتيات من ارتياد المدارس الإعدادية والثانوية بعد ساعات فقط على إعادة فتحها. وهو قرار صدر عن أخوند زاده، على ما ذكرت مصادر عدة داخل الحركة.
وألقى نائب زعيم «طالبان» والقائم بأعمال وزير الداخلية سراج الدين حقاني، كلمة أمام الاجتماع أمس (الجمعة)، قائلاً إن العالم يطالب بحكومة شاملة وتعليم شامل، وإن هذه القضايا تحتاج إلى وقت. وقال: «هذا التجمع يتعلق بالثقة والتفاعل، نحن هنا لنصنع مستقبلنا وفقاً للإسلام والمصالح الوطنية». وطالب واحد على الأقل من المشاركين بفتح المدارس الثانوية للبنات ولكن لم يتضح مدى الدعم الذي يناله هذا الاقتراح.
وتراجعت حركة «طالبان» عن إعلان سابق بأن جميع المدارس ستُفتح في مارس، مما أثار انتقادات من الحكومات الغربية التي تقوّض عقوباتها الصارمة الاقتصاد الأفغاني بشدة.
وأكد مصدر في الحركة لوكالة الصحافة الفرنسية مطلع الأسبوع أنه سيُسمح للمشاركين بانتقاد السلطة وستُطرح مسائل شائكة خلال الاجتماع من بينها تعليم الفتيات الذي يثير جدلاً حتى داخل الحركة المتطرفة.
وقال المتحدث باسم «طالبان» ذبيح الله مجاهد، إنهم سيحترمون قرارات أولئك الذين حضروا الاجتماع، لكن الكلمة الأخيرة في تعليم الفتيات تعود إلى المرشد الأعلى. وقضى أخوند زاده، رجل الدين المتشدد الذي كان ابنه انتحارياً، معظم فترة زعامته في الظل، مما سمح لآخرين بأخذ زمام المبادرة في المفاوضات التي شهدت في نهاية المطاف رحيل الولايات المتحدة وحلفائها عن أفغانستان في أغسطس الماضي بعد حرب طاحنة على التشدد استمرت 20 عاماً. وتأتي هذه الاجتماعات وهي الأوسع منذ تولي حركة «طالبان» السلطة، بعد أكثر من أسبوع على زلزال ضرب جنوب شرقي البلاد وأسفر عن سقوط أكثر من ألف قتيل وتشريد عشرات آلاف الأشخاص.
ظهور زعيم «طالبان» أخوند زاده «الغامض» في اجتماعات مجلس «جيركا»
يهنئ الحركة المتشددة على انتصارها... والكلمة الأخيرة في تعليم الفتيات ستعود له
ظهور زعيم «طالبان» أخوند زاده «الغامض» في اجتماعات مجلس «جيركا»
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة