حلول الحكومة اللبنانية تفشل في إعادة موظفي القطاع العام إلى عملهم

يستمرون بالإضراب المفتوح لأن رواتبهم «لا تكفي ثمن خبز»

TT

حلول الحكومة اللبنانية تفشل في إعادة موظفي القطاع العام إلى عملهم

فشلت المقترحات التي قدمتها الحكومة اللبنانية لرابطة موظفي الإدارة العامة، بإقناعهم بتعليق إضرابهم المستمر منذ الشهر الماضي، والذي أدى إلى إقفال الإدارات الرسمية بشكل شبه كامل، ريثما تستجيب الحكومة لمطالبهم، وفي مقدمها تصحيح الأجور ورفع قيمتها وزيادة بدلات الانتقال، بالنظر إلى أن رواتب الموظفين تدهورت بشكل قياسي بفعل الأزمة المالية والاقتصادية المتنامية.
ورغم الوعود بصرف مساعدات اجتماعية تصل إلى 50 في المائة من أصل الراتب، وتصحيح بدل النقل الذي لم يُدفع حتى الآن، فإن الاعتراض الأساسي على المقترحات الحكومية يأتي من خلفية أن الرواتب «لم تعد تكفي لشراء الخبز»، وأن مجمل المساعدة الاجتماعية بالكاد يكفي لتأمين بدل انتقال إلى الإدارة الرسمية لمدة ثلاثة أيام بالشهر، فضلاً عن ضغوط أخرى متصلة بزيادة تكاليف الطاقة والاتصالات والمحروقات والطبابة والتعليم، وهي أمور لا تُبحث في الاجتماعات، حسب ما تقول الرابطة.
وينظر الموظفون إلى المقترحات الحكومية للحل على أنها «خيالية» و«غير منطقية»، وتقول رئيسة رابطة موظفي الإدارة العامة نوال نصر لـ«الشرق الأوسط»، إن ما تعرضه الحكومة عليهم «لا يؤمّن الخبز لنا ولعائلاتنا»، مشيرة إلى أن اشتراط رئيس الحكومة بصرف المساعدة الاجتماعية مقابل حضور الموظفين 3 أيام في الأسبوع إلى مكان العمل «هو مطلب غير واقعي؛ لأن مجمل ما تعد الحكومة بتقديمه (مليون ونصف المليون بالحد الأقصى، أي ما يساوي 55 دولاراً)، لا يؤمّن كلفة الانتقال لثلاثة أيام فقط في الأسبوع»، مشددة على أن الإضراب المفتوح «يحظى بإصرار كبير من قِبل الموظفين، فنحن نطالب بحلول واقعية، وعلى الدولة أن توقف الهدر في مواردها وتعطي الموظف حقوقه كي يتمكن من الاستمرار، ويوفر بدوره استمرارية لدورة العمل وللمرفق العام».
ويفوق عدد موظفي القطاع العام في لبنان تحت مسميات وإدارات مختلفة، الـ200 ألف موظف، بينهم عسكريون ومتعاقدون وعاملون على الفاتورة ومستعان بهم، لكن عدد موظفي الإدارات العامة يناهز الـ15 ألف موظف، وينفذ هؤلاء إضراباً مفتوحاً منذ الشهر الماضي، مطالبين بتصحيح أجورهم. وتتراوح رواتب هؤلاء بين 700 ألف ليرة، و4 ملايين ليرة تقريباً شهرياً، أي بين 25 و150 دولاراً، في وقت ترتفع تكاليف العيش بشكل كبير، حيث تبلغ أقل فاتورة اتصالات 125 ألف ليرة، وقارورة الغاز 350 ألف ليرة، وصفيحة البنزين نحو 700 ألف ليرة، في حين تحتاج الإضاءة إلى أكثر من مليون ليرة شهرياً بدل اشتراك في شبكة الكهرباء الموازية على أقل تقدير.
وبعدما هدد الإضراب بحرمان الموظفين هذا الشهر من رواتبهم، عاد بعض موظفي وزارة المالية عن إضرابهم بشكل مؤقت لتيسير رواتب زملائهم في خطوة تضامنية معهم، ويستأنفون الإضراب بدءاً من اليوم بعد صرف الرواتب.
وقال وزير العمل في حكومة تصريف الأعمال، مصطفى بيرم، أمس «إنني اعترضتُ على الإضراب المفتوح لموظفي الإدارة العامة، في هذا التوقيت؛ لعدم وجود واردات في ظل حكومة تصريف أعمال، بينما المطلوب العمل للضغط باتجاه إقرار الموازنة». ولفت بيرم، في حديثٍ إذاعي، إلى أن «الإضراب المفتوح أضرّ بالمواطنين وبالواردات اليومية، حتى كادت المعاشات تصل إلى الخط الأحمر»، لافتاً إلى أن «الاقتراح الذي تقدّمتُ به للقطاع العام نصّ على زيادة نصف راتب (يصل بحده الأقصى إلى مليون ونصف المليون ليرة) تم ربطه بثلاثة أيام عمل، ومن ثمّ كان الحلّ بتحرير المساعدة الاجتماعية من أي شرط». ولفت إلى أن «المساعدة الاجتماعية لموظفي القطاع العام خلال شهر يوليو (تموز) ستكون محرّرة من الشروط»، معتبراً أن «مضاعفة العطاءات الاستشفائية بمقدار أربعة أضعاف قرارٌ جريء اتُخذ من قبل تعاونية موظفي الدولة».
وترفض رابطة موظفي الإدارة العامة تلك الحلول بوصفها «غير واقعية». وقالت نصر، إن الرابطة تطالب بتصحيح الأجور بما يتناسب مع الغلاء، في وقت رفعت قيمة جميع الخدمات التي باتت بالدولار، ولم يبق على سعر صرف 1500 ليرة للدولار، إلا رواتب الموظفين «التي تبلغ 5 في المائة من قيمتها السابقة فقط في ظل ارتفاع سعر صرف الدولار». وقالت «تنازلنا كثيراً في مطالبنا، حيث طالبنا أن تصبح قيمة الرواتب على سعر صرف الدولار المصرفي (8 آلاف ليرة للدولار؛ ما يعني ارتفاعها نحو خمسة أضعاف) وهو أدنى سعر صرف معتمد في لبنان الآن، وذلك كمرحلة أولى رغم أننا ننفق لتأمين كلفة المعيشة على سعر صرف الدولار في السوق الموازية، أي 28 ألف ليرة»، مشددة على أن هذا التنازل «سيكون أقصى تنازل يمكن أن نصل إليه مقابل تعليق الإضراب إلى جانب تأمين بدل نقل يمكننا من الوصول إلى مراكز عملنا»، ولفتت إلى أنه «لم يحصل أي نقاش مع الحكومة حول بدل النقل والطبابة والاستشفاء والمنح التعليمية»، وأضافت «لا تتعاطى الحكومة بجدية مع مطالبنا، علماً بأننا بحال طوارئ بما يمنع التريث بانتظار إقرار الموازنة وغيرها».
ورغم القرار المتخذ برفع قيمة بدل النقل من 8 آلاف ليرة يومياً إلى 64 ألف ليرة، فإن الحكومة لم تصرف هذا المبلغ بعد لصالح الموظفين، بالنظر إلى أنها تنفق على القاعدة الاثنى عشرية، أي بغياب موازنة؛ وهو ما يمنع قانوناً تغيير وجهات الإنفاق. ولم تقر الموازنة في البرلمان حتى الآن، رغم أن الحكومة أحالتها إليه في شهر فبراير (شباط) الماضي، ولا تزال تُدرس في لجنة المال والموازنة.
وقالت نصر «نطالب باحتساب قسائم بنزين للموظفين عن كل كيلومتر يستهلكونه للوصول إلى عملهم، وهو الحل الأنسب لتأمين حضور الموظفين في الإدارات الرسمية».


مقالات ذات صلة

رحيل الموسيقار اللبناني إيلي شويري

المشرق العربي رحيل الموسيقار اللبناني إيلي شويري

رحيل الموسيقار اللبناني إيلي شويري

تُوفّي الموسيقار اللبناني إيلي شويري، عن 84 عاماً، الأربعاء، بعد تعرُّضه لأزمة صحية، نُقل على أثرها إلى المستشفى، حيث فارق الحياة. وأكدت ابنته كارول، لـ«الشرق الأوسط»، أنها تفاجأت بانتشار الخبر عبر وسائل التواصل الاجتماعي، قبل أن تعلم به العائلة، وأنها كانت معه لحظة فارق الحياة.

المشرق العربي القضاء اللبناني يطرد «قاضية العهد»

القضاء اللبناني يطرد «قاضية العهد»

وجّه المجلس التأديبي للقضاة في لبنان ضربة قوية للمدعية العامة في جبل لبنان القاضية غادة عون، عبر القرار الذي أصدره وقضى بطردها من القضاء، بناء على «مخالفات ارتكبتها في إطار ممارستها لمهمتها القضائية والتمرّد على قرارات رؤسائها والمرجعيات القضائية، وعدم الامتثال للتنبيهات التي وجّهت إليها». القرار التأديبي صدر بإجماع أعضاء المجلس الذي يرأسه رئيس محكمة التمييز الجزائية القاضي جمال الحجار، وجاء نتيجة جلسات محاكمة خضعت إليها القاضية عون، بناء على توصية صدرت عن التفتيش القضائي، واستناداً إلى دعاوى قدمها متضررون من إجراءات اتخذتها بمعرض تحقيقها في ملفات عالقة أمامها، ومخالفتها لتعليمات صادرة عن مرجع

يوسف دياب (بيروت)
المشرق العربي جعجع: فرص انتخاب فرنجية للرئاسة باتت معدومة

جعجع: فرص انتخاب فرنجية للرئاسة باتت معدومة

رأى رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع أن فرص انتخاب مرشح قوى 8 آذار، رئيس تيار المردة سليمان فرنجية، «باتت معدومة»، مشيراً إلى أن الرهان على الوقت «لن ينفع، وسيفاقم الأزمة ويؤخر الإصلاح». ويأتي موقف جعجع في ظل فراغ رئاسي يمتد منذ 31 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، حيث فشل البرلمان بانتخاب رئيس، وحالت الخلافات السياسية دون الاتفاق على شخصية واحدة يتم تأمين النصاب القانوني في مجلس النواب لانتخابها، أي بحضور 86 نائباً في دورة الانتخاب الثانية، في حال فشل ثلثا أعضاء المجلس (86 نائباً من أصل 128) في انتخابه بالدورة الأولى. وتدعم قوى 8 آذار، وصول فرنجية إلى الرئاسة، فيما تعارض القوى المسيحية الأكثر

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي بخاري يواصل جولته على المسؤولين: الاستحقاق الرئاسي شأن داخلي لبناني

بخاري يواصل جولته على المسؤولين: الاستحقاق الرئاسي شأن داخلي لبناني

جدد سفير المملكة العربية السعودية لدى لبنان، وليد بخاري، تأكيد موقف المملكة من الاستحقاق الرئاسي اللبناني بوصفه «شأناً سياسياً داخلياً لبنانياً»، حسبما أعلن المتحدث باسم البطريركية المارونية في لبنان بعد لقاء بخاري بالبطريرك الماروني بشارة الراعي، بدأ فيه السفير السعودي اليوم الثاني من جولته على قيادات دينية وسياسية لبنانية. وفي حين غادر السفير بخاري بكركي من دون الإدلاء بأي تصريح، أكد المسؤول الإعلامي في الصرح البطريركي وليد غياض، أن بخاري نقل إلى الراعي تحيات المملكة وأثنى على دوره، مثمناً المبادرات التي قام ويقوم بها في موضوع الاستحقاق الرئاسي في سبيل التوصل إلى توافق ويضع حداً للفراغ الرئا

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي شيا تتحرك لتفادي الفراغ في حاكمية مصرف لبنان

شيا تتحرك لتفادي الفراغ في حاكمية مصرف لبنان

تأتي جولة سفيرة الولايات المتحدة الأميركية لدى لبنان دوروثي شيا على المرجعيات الروحية والسياسية اللبنانية في سياق سؤالها عن الخطوات المطلوبة لتفادي الشغور في حاكمية مصرف لبنان بانتهاء ولاية رياض سلامة في مطلع يوليو (تموز) المقبل في حال تعذّر على المجلس النيابي انتخاب رئيس للجمهورية قبل هذا التاريخ. وعلمت «الشرق الأوسط» من مصادر نيابية ووزارية أن تحرك السفيرة الأميركية، وإن كان يبقى تحت سقف حث النواب على انتخاب رئيس للجمهورية لما للشغور الرئاسي من ارتدادات سلبية تدفع باتجاه تدحرج لبنان من سيئ إلى أسوأ، فإن الوجه الآخر لتحركها يكمن في استباق تمدد هذا الشغور نحو حاكمية مصرف لبنان في حال استحال عل

محمد شقير (بيروت)

أنقرة تقول إنها أقنعت موسكو وطهران بعدم التدخل عسكرياً لدعم الأسد

وزير الخارجية التركي هاكان فيدان (رويترز)
وزير الخارجية التركي هاكان فيدان (رويترز)
TT

أنقرة تقول إنها أقنعت موسكو وطهران بعدم التدخل عسكرياً لدعم الأسد

وزير الخارجية التركي هاكان فيدان (رويترز)
وزير الخارجية التركي هاكان فيدان (رويترز)

أكد وزير الخارجية التركي، اليوم الجمعة، أن بلاده أقنعت روسيا وإيران بعدم التدخل عسكرياً في سوريا خلال هجوم المعارضة، الذي أفضى إلى إسقاط بشار الأسد.

وقال هاكان فيدان في مقابلة مباشرة عرضتها قناة «إن تي في» التركية الخاصة، إن «الأمر الأكثر أهمية قضى بالتحدث إلى الروس والإيرانيين، والتأكد من أنهم لن يتدخلوا عسكرياً في المعادلة. تحدثنا إلى الروس والإيرانيين وقد تفهموا».

وأضاف: «بهدف الإقلال قدر الإمكان من الخسائر في الأرواح، جهدنا لتحقيق الهدف من دون سفك دماء عبر مواصلة مفاوضات محددة الهدف مع لاعبَين اثنين مهمين قادرين على استخدام القوة».

ورأى الوزير التركي أنه لو تلقّى الأسد دعم روسيا وإيران، لكان «انتصار المعارضة استغرق وقتاً طويلاً، وكان هذا الأمر سيكون دموياً»، وفق ما نقلته «وكالة الصحافة الفرنسية».

وقال هاكان أيضاً: «الروس والإيرانيون رأوا أنّ هذا الأمر لم يعد له أيّ معنى. الرجل الذي استثمروا فيه لم يعد رجلاً (يستحق) الاستثمار. فضلاً عن ذلك، فإن الظروف في المنطقة، وكذلك الظروف في العالم، لم تعد هي نفسها».

وأكد وزير الخارجية التركي أنّ بلاده ستعيد فتح سفارتها في دمشق، غداً السبت، بعد إغلاق طويل منذ عام 2012. وقال إنّ طاقم السفارة ورئيس البعثة الذي عُيّن، الخميس، «غادروا اليوم» (الجمعة) إلى دمشق، والسفارة «ستعاود عملها غداً»، السبت.

وأعلنت وكالة «الأناضول» الحكومية، أمس، أنه تم تعيين برهان كور أوغلو قائماً جديداً بالأعمال في السفارة التركية.

وإثر هجوم استمر أحد عشر يوماً، تمكنت المعارضة السورية بقيادة «هيئة تحرير الشام»، الأحد، من إسقاط الأسد الذي فر إلى روسيا مع عائلته، بحسب وكالات الأنباء الروسية.