«سعودي بوب»... توثيق بصري لتطور نمط المعيشة في المملكة

المصور هشام الحميد يرصد الحياة الجديدة... ومتغيرات مدينته

مشروع «سعودي بوب» يستطلع تغيّر معيشة وملابس السعوديين (الشرق الأوسط)
مشروع «سعودي بوب» يستطلع تغيّر معيشة وملابس السعوديين (الشرق الأوسط)
TT

«سعودي بوب»... توثيق بصري لتطور نمط المعيشة في المملكة

مشروع «سعودي بوب» يستطلع تغيّر معيشة وملابس السعوديين (الشرق الأوسط)
مشروع «سعودي بوب» يستطلع تغيّر معيشة وملابس السعوديين (الشرق الأوسط)

تتداول كلمة «بوب»، المختصرة من popular الإنجليزية، تعبيراً عما هو شائع في الأزياء والموسيقى والسينما وبقية الفنون، ومن ذلك نشأ فن البوب كحركة فنية بصرية، بيد أن المصور السعودي هشام الحميد، يحاول توظيف هذا الفن في توثيق النمط الجديد لحياة السعوديين، عبر مشروعه «سعودي بوب»، الذي يعمل عليه حالياً ليرصد المتغيرات الحديثة في سياقات عدة.
يتحدث الحميد لـ«الشرق الأوسط» عن المشروع، مبيناً أنه يوثق فن البوب في السعودية، وهو فن نشأ في منتصف الخمسينيات ما بين أميركا وبريطانيا. ويضيف «فن البوب يعتمد على البساطة في التفاصيل والألوان الصارخة واللافتة، بما أننا اليوم نشهد تطوراً كبيراً في السعودية من ناحية الأزياء والمرافق العامة المبهجة».
ويستشهد الحميد بـ(العباءة) قائلاً «لم نعد نراها كما كانت بالسابق باللون الأسود فقط، بل أصبحت تظهر بألوان مختلفة وزاهية، وكذلك (الثوب) لم يعد بشكله الاعتيادي، بل شهد تطوراً في تفاصيله البسيطة، رغم أنه ما يزال يحافظ على قيمته من ناحية التطريزات التي تخص حضارتنا... وفي هذا المشروع سأركز على الأزياء والألوان التي تحيط بنا بشكل خاص».
إقامة فنية
عاد الحميد أخيرا من إقامة فنية في جمهورية الأرجنتين استمرت لمدة شهرين، وهذه الإقامة تمنح للمصورين من معهد مسك للفنون التابع لمؤسسة الأمير محمد بن سلمان، بهدف تطوير المصور السعودي والارتقاء بمستواه الفني عالمياً، يقول الحميد «كنت محظوظاً بأن تم اختياري لخوض هذه التجربة الفريدة والاطلاع على الساحة الفنية والمعارض والفنانين في بوينس أيرس».
وفور عودته، جاءته فكرة «سعودي بوب»، إلى جانب مشروع آخر يعمل عليه، امتداداً لبداياته في التصوير، أسماه «ماذا حصل بعد أكثر من 10 سنوات؟»، يقول عنه «هو محاولة للعودة إلى الأرشيف الخاص بي في توثيق مناطق مدينتي الأحساء، وبالأخص الناس، وهو مشروع لإظهار التغير الكبير خلال هذه المدة بالعودة لنفس الأماكن والتقاط نفس الصور للأشخاص مع الاقتراب منهم ومعرفة ماذا تغير في حياتهم ما بين الأمس واليوم... هذا المشروع يعني لي الكثير وهو تحدٍّ صعب يحتاج إلى البحث والتحري والسؤال».
وتأتي هذه المشاريع استكمالاً للتجارب اللافتة للحميد الذي لطالما التقط الصور من مواقع غير مألوفة، وحصد الكثير من الجوائز والتكريمات، آخرها في العام الماضي بتحقيقه المركز الأول في مسار التصوير الضوئي لجائزة ناصر بن حمد العالمية للإبداع الشبابي، وحقق الجائزة عن مشروعه الفني عن «حماية الأبقار»، حيث قام بتصويره خلال رحلة استغرقت 7 أيام في قرية صغيرة تقع في جمهورية جنوب السودان تعرف بـ«تيريكيكا»، ووثق خلال هذه الرحلة حياة قبائل المنداري هناك، وكيف يقومون بالعناية والاهتمام الكبير بأبقارهم.

هشام الحميد

ناشيونال جيوغرافيك
أما عن تجربته مع ناشيونال جيوغرافيك، يقول الحميد «كانت من أجمل الفرص التي حظيت بها، حيث تم اختياري في العام 2018 لتمثيل المصور السعودي في تحدٍّ بين مجموعة من المصورين في برنامج تلفزيون الواقع والذي يعرض على قناة ناشيونال جيوغرافيك». ويوضح أنه حقق المركز الأول في التحدي بعد أسبوعين من المنافسة على اللقب، ويتابع «بعدها قمت بخوض تجربة سفاري مع فريق ناشيونال جيوغرافيك في أدغال تنزانيا، وتصوير الحيوانات في بيئتها الحقيقية والتي كانت من أجمل التجارب التي استفدت منها».
بسؤاله عما يميزه كمصور، يجيب «الجميع يستطيع التقاط الصور، لكن لكل مصور نظرة خاصة في اختيار الموضوع الذي يلتقطه، وأعتقد أن لكل مصور ثيمة تخصه ويمكن لأي متابع تمييزها عن غيرها، وأنا كمصور أعتقد أن ثيمتي في التصوير أصبحت معهودة لمن يشاهدها، لذا لا أحبذ أبداً أن أقوم بكتابة اسمي على صوري، بل أحب أن تحكي صوري عني، ومن يشاهد أعمالي لأول مرة ستجبره للبحث عمن قام بالتقاطها وبعد ذلك لن ينسى اسمي».
وعن أصعب صورة التقطها، يشير الحميد إلى صورته لفتى من شعب الباجاو والتي التقطها في ماليزيا، قائلاً «هي أكثر صورة عانيت في التقاطها، ولا أستطيع وصف صعوبة الوصول إلى غجر البحر، هناك وسط المحيط في قارب صغير لا يتسع لأكثر من شخصين، وكيف أخفقت في الوصول في نفس اليوم بسبب سوء حالة الطقس، لذا لهذه الصورة مكانة خاصة لدي».
قصة البداية
عودة للبداية، فلقد نشأت علاقة المصور هشام الحميد مع التصوير من باب الصدفة، عام 2008، حيث توقف حينها عن الدراسة لمدة شهرين، وحاول شغل وقت فراغه بهواية تفيده، ليقرر اقتناء أول كاميرا في ذلك الوقت، وخلال هذه الفترة كان يخرج للتصوير بشكل يومي، إلى أن تعلق بالكاميرا وعالم التصوير أكثر.
ويشير الحميد إلى أنه بدأ احتراف هذا المجال عندما سلك مساره الخاص، وتحديداً تصوير السفر، عام 2012، أي بعد 4 سنوات من ممارسة جميع أنواع التصوير، كما يقول. مضيفاً «تصوير السفر لم يكن ثقافة منتشرة بشكل كبير في ذلك الوقت بين المصورين في مجتمعنا العربي، فكثير من المصورين يقوم بالتقاط بعض صور السفر خلال رحلته السياحية، أما عن الرحلات التي أخوضها فهي تكون لوجهات غير مرغوبة بالغالب، وليست مهيأة سياحياً».


مقالات ذات صلة

رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

يوميات الشرق رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

إنه «فضلو» في «بياع الخواتم»، و«أبو الأناشيد الوطنية» في مشواره الفني، وأحد عباقرة لبنان الموسيقيين، الذي رحل أول من أمس (الأربعاء) عن عمر ناهز 84 عاماً. فبعد تعرضه لأزمة صحية نقل على إثرها إلى المستشفى، ودّع الموسيقي إيلي شويري الحياة. وفي حديث لـ«الشرق الأوسط» أكدت ابنته كارول أنها تفاجأت بانتشار الخبر عبر وسائل التواصل الاجتماعي قبل أن تعلم به عائلته. وتتابع: «كنت في المستشفى معه عندما وافاه الأجل. وتوجهت إلى منزلي في ساعة متأخرة لأبدأ بالتدابير اللازمة ومراسم وداعه.

يوميات الشرق ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

ستيف بركات عازف بيانو كندي من أصل لبناني، ينتج ويغنّي ويلحّن. لفحه حنين للجذور جرّه إلى إصدار مقطوعة «أرض الأجداد» (Motherland) أخيراً. فهو اكتشف لبنان في وقت لاحق من حياته، وينسب حبّه له إلى «خيارات مدروسة وواعية» متجذرة في رحلته.

فاطمة عبد الله (بيروت)
يوميات الشرق هشام خرما لـ«الشرق الأوسط»: أستلهمُ مؤلفاتي الموسيقية من التفاصيل

هشام خرما لـ«الشرق الأوسط»: أستلهمُ مؤلفاتي الموسيقية من التفاصيل

يعتمد الموسيقار المصري هشام خرما طريقة موحّدة لتأليف موسيقاه، تقتضي البحث في تفاصيل الموضوعات للخروج بـ«ثيمات» موسيقية مميزة. وهو يعتزّ بكونه أول موسيقار عربي يضع موسيقى خاصة لبطولة العالم للجمباز، حيث عُزفت مقطوعاته في حفل الافتتاح في القاهرة أخيراً.

محمود الرفاعي (القاهرة)
يوميات الشرق معرض «أحلام الطبيعة» في ألمانيا

معرض «أحلام الطبيعة» في ألمانيا

زائرون يشاهدون عرضاً في معرض «أحلام الطبيعة - المناظر الطبيعية التوليدية»، بمتحف «كونستبلاست للفنون»، في دوسلدورف، بألمانيا. وكان الفنان التركي رفيق أنادول قد استخدم إطار التعلم الآلي للسماح للذكاء الصناعي باستخدام 1.3 مليون صورة للحدائق والعجائب الطبيعية لإنشاء مناظر طبيعية جديدة. (أ ب)

«الشرق الأوسط» (لندن)
يوميات الشرق «نلتقي في أغسطس»... آخر رواية لغارسيا ماركيز ترى النور العام المقبل

«نلتقي في أغسطس»... آخر رواية لغارسيا ماركيز ترى النور العام المقبل

ستُطرح رواية غير منشورة للكاتب غابرييل غارسيا ماركيز في الأسواق عام 2024 لمناسبة الذكرى العاشرة لوفاة الروائي الكولومبي الحائز جائزة نوبل للآداب عام 1982، على ما أعلنت دار النشر «راندوم هاوس» أمس (الجمعة). وأشارت الدار في بيان، إلى أنّ الكتاب الجديد لمؤلف «مائة عام من العزلة» و«الحب في زمن الكوليرا» سيكون مُتاحاً «عام 2024 في أسواق مختلف البلدان الناطقة بالإسبانية باستثناء المكسيك» و«سيشكل نشره بالتأكيد الحدث الأدبي الأهم لسنة 2024».

«الشرق الأوسط» (بوغوتا)

من سيارة «ليرة» إلى «تاكسي طائرة»... هشام الحسامي شعارُه «صُنع في لبنان»

المهندس هشام الحسامي وأول طائرة تاكسي صُنعت في لبنان (حسابه الشخصي)
المهندس هشام الحسامي وأول طائرة تاكسي صُنعت في لبنان (حسابه الشخصي)
TT

من سيارة «ليرة» إلى «تاكسي طائرة»... هشام الحسامي شعارُه «صُنع في لبنان»

المهندس هشام الحسامي وأول طائرة تاكسي صُنعت في لبنان (حسابه الشخصي)
المهندس هشام الحسامي وأول طائرة تاكسي صُنعت في لبنان (حسابه الشخصي)

تكبُر أحلام الشاب اللبناني المهندس هشام الحسامي يوماً بعد يوم، فلا يتعب من اللحاق بها واقتناص الفرص ليُحقّقها. منذ نحو العام، أطلق إنجازه الأول في عالم التكنولوجيا، فقدّم سيارة «ليرة» الكهربائية العاملة بالطاقة الشمسية، لتكون المنتج النموذج لتأكيد قدرة اللبناني على الابتكار.

اليوم، يُطوّر قدراته مرّة أخرى، ويُقدّم أول تاكسي طائرة، «سكاي ليرة»، من صنع محلّي؛ تأتي ضمن سلسلة «ليرة» ومزوَّدة بـ8 محرّكات. ويقول لـ«الشرق الأوسط»: «إنها أول طائرة من نوعها في العالم العربي مصنوعة محلّياً. فمعظم طائرات التاكسي في الإمارات العربية وغيرها، تُستَورد من الصين. رغبتُ من خلالها التأكيد على إبداعات اللبناني رغم الأزمات المتلاحقة، وآخرها الحرب».

يتمتّع هذا الابتكار بجميع شروط الأمان والسلامة العامة (هشام الحسامي)

أجرى الحسامي دراسات وبحوثاً ليطّلع بشكل وافٍ على كيفية ابتكار الطائرة التاكسي: «بحثتُ بدقّة وكوّنتُ فكرة كاملة عن هذا النوع من المركبات. خزّنتُ المعلومات لأطبّقها على ابتكاري المحلّي. واستطعتُ أن أقدّمها بأفضل جودة تُضاهي بمواصفاتها أي تاكسي طائرة في العالم».

صمّم ابتكاره ونفَّذه بمفرده: «موّلتها بنفسي، وهي تسير بسرعة 130 كيلومتراً في الساعة، كما تستطيع قَطْع مسافة 40 كيلومتراً من دون توقُّف».

يهدف ابتكاره إلى خلق مجال صناعي جديد في لبنان (هشام الحسامي)

لا يخاطر هشام الحسامي في إنجازه هذا، ويعدُّه آمناً مائة في المائة، مع مراعاته شروط السلامة العامة.

ويوضح: «حتى لو أُصيب أحد محرّكاتها بعطل طارئ، فإنها قادرة على إكمال طريقها مع المحرّكات الـ7 الأخرى. كما أنّ ميزتها تكمُن في قدرتها على الطيران بـ4 من هذه المحرّكات».

ولكن مَن هو المؤهَّل لقيادتها؟ يردّ: «قيادتها بسيطة وسهلة، ويستطيع أيٌّ كان القيام بهذه المَهمَّة. الأمر لا يقتصر على قبطان طائرة متخصّص، ويمكن لهذا الشخص أن يتعلّم كيفية قيادتها بدقائق».

يحاول هشام الحسامي اليوم تعزيز ابتكاره هذا بآخر يستطيع الطيران على نظام تحديد المواقع العالمي «جي بي إس»: «سيكون أكثر تطوّراً من نوع (الأوتونومايس)، فيسهُل بذلك طيرانها نحو الموقع المرغوب في التوجُّه إليه مباشرة».

صورة لطائرة تاكسي أكثر تطوّراً ينوي تصميمها (هشام الحسامي)

صمّم المهندس اللبناني الطائرة التاكسي كي تتّسع لشخص واحد. ويوضح: «إنها نموذج أولي سيطرأ عليه التطوُّر لاحقاً. إمكاناتي المادية لم تسمح بالمزيد».

من المُنتَظر أن يعقد الحسامي اجتماعاً قريباً مع وزير الصناعة في حكومة تصريف الأعمال بلبنان، جورج بوشيكيان، للتشاور في إمكان الترويج لهذا الابتكار، وعمّا إذا كانت ثمة فرصة لتسييره ضمن ترتيبات معيّنة تُشرف عليها الدولة؛ علماً بأنّ الطائرة التاكسي ستُطلَق مع بداية عام 2025.

أطلق هشام الحسامي عليها تسمية «سكاي ليرة»، أسوةً بسيارة «ليرة»، وأرفقها بصورة العلم اللبناني للإشارة إلى منشئها الأصلي: «إنها صناعة لبنانية بامتياز، فكان من البديهي أن أرفقها بالعَلَم».

وهل يتوقّع إقبال اللبنانيين على استخدامها؟ يجيب: «الوضع استثنائي، ومشروعات من هذا النوع تتطلّب دراسات وتخصيصَ خطّ طيران لتُحلِّق من خلاله؛ وهو أمر يبدو تطبيقه صعباً حالياً في لبنان. نصبو إلى لفت النظر لصناعتها وبيعها لدول أخرى. بذلك نستطيع الاستثمار في المشروع، وبالتالي رَفْع مداخيلنا وأرباحنا بكوننا دولة لبنانية»، مؤكداً: «من خلال هذا الابتكار، يمكن للبنان أن ينافس نوعَها عينه الرائج في العالم. فكلفة صناعتها تتراوح بين 250 و300 ألف دولار عالمياً، أما في لبنان، وبسبب محلّية صناعتها وتجميع قطعها، فكلفتها أقل. نستطيع بيعها بأسعار لا تزيد على 150 ألف دولار».

المواد الأولية لصناعة «الطائرة التاكسي» مؤمَّنة في لبنان. وحدها القطع الإلكترونية اللازمة تُستَورد من الخارج: «بذلك يكون بمقدورنا تصدير التكنولوجيا الخاصة بنا».