شركات وهمية للسيطرة على أملاك الكنيسة في القدس

كشف النقاب خلال التداول في المحكمة المركزية في القدس أمس أن مستوطنين متطرفين أنشأوا شركات وهمية، بينها واحدة مغربية، واستخدموها في عملية السيطرة على عدد من العقارات العربية التابعة للكنيسة الأرثوذكسية في القدس بغرض تهويدها.
وتبين أن المستوطنين من جمعية «عطيرة كوهنيم»، المتخصصة في تهويد مدينة القدس الشرقية المحتلة، عن طريق شراء البيوت العربية والسيطرة عليها وصرف ملايين الدولارات لأجل هذا الغرض، استخدمت شركات مسجلة في دول عربية. وظهر خلال المحكمة أن عدداً من تلك الشركات كانت وهمية.
وكانت المحكمة الإسرائيلية اتخذت قراراً لها في مطلع السنة تسند فيه ادعاءات المستوطنين بأن فندقي «أمبريال» و«البتراء الصغير» في ميدان عمر بن الخطاب في باب الخليل بالبلدة القديمة في القدس الشرقية، ومبنى «المعظمية» بالبلدة القديمة، هي عقارات مسجلة باسم الكنيسة الأرثوذكسية لكنها كانت ذات ملكية يهودية قبل 90 عاما. ولذلك «أعادتها» الى الشركات اليهودية. علما بأن مجموعة من المستوطنين قامت بالسيطرة بالقوة عليها بحماية شرطة الاحتلال ورعايتها.
واستأنفت بطريركية الروم الأرثوذكس القرار أمام المحكمة العليا الإسرائيلية، لكن هذه رفضت إبطال قرار استملاك جمعية «عطيريت كوهانيم». وقالت البطريركية في حينه إن المستوطنين سيطروا على العقارات في عهد البطريرك ايرينيوس بوسائل مزيفة. واستنكرت وقوف المحكمة إلى جانب المستوطنين. وقالت إن «قرار المحكمة الإسرائيلية ظالم ولا يتبع أي سند قانوني أو منطقي، حيث إن الجمعية الاستيطانية ومن يدعمها ويساندها اتبعوا طرقا ملتوية وغير قانونية للاستحواذ على العقارات الأرثوذكسية، في أحد أهم مواقع الوجود العربي الإسلامي والمسيحي في القدس».
وبعد خسارة القضية في المحكمة، بدأت معركة أخرى لمساندة المستأجرين الفلسطينيين في صمودهم في العقارات الأرثوذكسية. إذ أن المستوطنين يريدون طردهم من هناك بدعوى أنهم «الملاك الجدد الذين أصبحوا أصحاب القرار الوحيدين في هذه العقارات»، لكن في جلسة أول من أمس الأربعاء، وافقت المحكمة على أن للمستأجرين الفلسطينيين في هذه المباني حقوقا ينبغي صيانتها. وأمرت بأن يخلي المستوطنون هذه العقارات ويعيدوها للمستأجرين، وإيجاد طرق تفاهم بين الطرفين على كيفية الاستمرار في الإيجار. وأمهلتهم حتى 3 يوليو (تموز) الجاري، وأمرت الشرطة الإسرائيلية بإخلائهم بالقوة من العقارات في حال رفضهم ذلك بإرادتهم.
والمعروف أن العائلات الفلسطينية التي تستأجر العقارات (قرش ودجاني) تواجه خطر الإخلاء وفقدان مصدر الرزق منذ سنة 2004، عندما انفجر النزاع على الفندقين «إمبريال» و«البتراء الصغير» ومبنى «المعظمية». ففي ذلك الوقت اتهمت الكنيسة البطريرك السابق ايرنيوس الأول ببيع العقارات في إطار صفقات فساد مشبوهة وتم خلعه عن كرسي البطريركية، وانتخب بدلا منه البطريرك الحالي ثيوفولوس الثالث. لكن ايرنيوس خاض معركة طويلة لتنظيف اسمه واتهم عناصر في الحكومة اليونانية بالتآمر عليه وإلصاق تهمة البيع به انتقاما منه لأنه يؤيد إعطاء أبناء الطائفة العربية الأرثوذكسية حق التصرف أو على الأقل الشراكة مع الكنيسة في إدارة شؤون الأوقاف والإفادة من ريعها. ومع مرور الزمن، بدأ يتضح أن هناك عقارات كثيرة للكنيسة بيعت أو تم تأجيرها بسعر بخس للحكومة الإسرائيلية، بينها مقر رئيس الحكومة ومقر رئيس الدولة وحتى مقر الكنيست نفسه. وأثار الأمر غضبا شديدا في صفوف الطائفة الأرثوذكسية في فلسطين والأردن وداخل إسرائيل. وفي المقابل واصلت «عطيرت كوهنيم» محاولاتها السيطرة على هذه العقارات أو بعضها، لأغراض سياسية تتعلق بمشروع تهويد القدس ولأن ذلك يوفر لها أرباحا كبيرة.
ويقول خبير في قضايا القدس، إنه «من المحتمل أن تنجح الحركات الاستيطانية في تحصيل قرارات تتيح لها الاستيلاء على العقارات عبر القانون الإسرائيلي المشوه. والحل الممكن لذلك يكون عن طريق وقفة جماهيرية». ويضيف: «هناك مشروع تهويدي ضخم يجري في ميدان عمر بن الخطاب في القدس المحتلة، حيث أخذوا في البداية «قلعة داود»، ويعملون الآن على بناء مركز تجاري ضخم عند باب الخليل، ويريدون إحداث تغيير في الميدان، وأخذوا ساحة أخرى عند البطريركية الأرمنية من المفترض بناء فندق فيها من قبل يهودي استأجرها، وفي أسفل هذه المنطقة يريدون حفر نفق ضخم يصل إلى ساحة البراق، وحي المغاربة، ضمن «ما يسمى طريق الحجيج».