محادثات جنيف الليبية «تفشل» في التوصل لاتفاق حول الانتخابات

المشري وصالح «اصطدما» مجدداً حول ترشح العسكريين ومزدوجي الجنسية

جانب من محادثات صالح والمشري في جنيف حول القاعدة الدستورية للانتخابات الليبية (البعثة الأممية)
جانب من محادثات صالح والمشري في جنيف حول القاعدة الدستورية للانتخابات الليبية (البعثة الأممية)
TT

محادثات جنيف الليبية «تفشل» في التوصل لاتفاق حول الانتخابات

جانب من محادثات صالح والمشري في جنيف حول القاعدة الدستورية للانتخابات الليبية (البعثة الأممية)
جانب من محادثات صالح والمشري في جنيف حول القاعدة الدستورية للانتخابات الليبية (البعثة الأممية)

عجز رئيسا مجلسي النواب و«الدولة» في ليبيا في ختام محادثاتهما على مدى الأيام الثلاثة الماضية بمدينة جنيف السويسرية، في حسم الخلافات العالقة حول القاعدة الدستورية المنظمة للانتخابات الرئاسية والبرلمانية المؤجلة، ومصير حكومتي «الوحدة» و«الاستقرار» المتنازعتين على السلطة بالبلاد.
وقالت مصادر برلمانية إن عقيلة صالح، رئيس مجلس النواب، غادر مع الوفد المرافق له مقر إقامته في جنيف، تعبيرا عن فشل المفاوضات المكثفة، مع خالد المشري رئيس مجلس الدولة، بشأن القاعدة الدستورية والسلطة التنفيذية.
وطبقا لمعلومات غير رسمية، فقد اصطدم المشري وصالح مجددا في محادثاتهما المباشرة في جنيف، والتي رعتها الأمم المتحدة، بعقبة المستقبل السياسي للمشير خليفة حفتر، القائد العام لـ«الجيش الوطني» المتمركز بشرق البلاد، حيث اشترط المشري منع ترشح العسكريين والحاصلين على جنسية أجنبية للانتخابات الرئاسية، وهو ما رفضه صالح، الذي أصر في المقابل على اعتراف المشري بحكومة «الاستقرار» الموازية، التي يرأسها فتحي باشاغا، كحكومة شرعية في البلاد، وإعلان مجلس الدولة انتهاء الولاية القانونية لحكومة «الوحدة»، برئاسة غريمه عبد الحميد الدبيبة.
وقال مقربون من حفتر إن هذا الخلاف، الذي سعت البعثة الأممية لحسمه دون جدوى، سبق أن تكرر في محادثات المسار الدستوري، التي استضافتها القاهرة مؤخرا بين مجلسي النواب و«الدولة»، وانتهت من دون التوصل إلى اتفاق نهائي.
وقال بيان للمستشارة الأممية، وزعته بعثة الأمم المتحدة أمس، إن صالح والمشري راجعا على مدى اليومين الماضيين الأمور المعلقة في مشروع الدستور الليبي لعام 2017، وأخذا بعين الاعتبار التوافق المنجز في محادثات القاهرة الشهر الجاري. مضيفا أن المجلسين توصلا إلى «إجماع غير مسبوق» بشأن غالبية النقاط، التي كانت عالقة لأمد طويل، بما في ذلك تحديد مقار المجلسين، وتخصيص عدد المقاعد في غرفتي السلطة التشريعية، وتوزيع الصلاحيات بين رئيس الدولة ورئيس الوزراء، ومجلس الوزراء والحكومات المحلية، إضافة إلى الشكل المحدد للامركزية، بما في ذلك ترسيم عدد المحافظات وصلاحياتها، وآلية توزيع الإيرادات على مختلف مستويات الحكم، وزيادة نسبة تمثيل المكونات الثقافية.
لكن ويليامز اعترفت في المقابل بأنه رغم هذا التقدم «لا تزال هناك نقطة خلافية بشأن شروط الترشح لأول انتخابات رئاسية»، واعتبرت «التقدم المحرز» خلال ثلاث جولات من المشاورات في القاهرة وجولة جنيف «إنجازاً مهماً، لكنه ليس كافياً كأساس للمضي قدماً نحو انتخابات وطنية شاملة، وهي الرغبة الحقيقية للشعب الليبي».
وبعدما حثت المجلسين على تجاوز الخلافات المعلقة في أقرب فرصة ممكنة، دعت ويليامز جميع الأطراف في ليبيا إلى عدم التسرع، وضرورة الحفاظ على الهدوء والاستقرار، مشيرة إلى أن المساعي الحميدة للأمم المتحدة «ستظل قائمة لتقديم كل الدعم اللازم بغية التوصل لاتفاق سليم، يلبي تطلعات الشعب الليبي، ويضع حداً للمرحلة الانتقالية التي طال مداها في البلاد». كما أعلنت ويليامز أنها بصدد إعداد تقرير كامل للأمين العام للأمم المتحدة عن «الإجراءات المقترحة وتقديم توصياتي بشأن السبل البديلة للمضي قدماً».
في سياق ذلك، نفى عبد الحميد الصافي، المستشار الإعلامي لصالح، في بيان مساء أول من أمس ما تناقلته وسائل إعلام مختلفة، وقال إنها لم تتحر مصدر المعلومات، مؤكدا أنه لم يصرح لأي وسيلة إعلامية، ولم يدل بالتصريحات التي نسبت له عبر مواقع التواصل الاجتماعي والقنوات الإعلامية.
من جهته، استغل موسى الكوني، النائب بالمجلس الرئاسي، اجتماعه أمس بالعاصمة طرابلس مع سفير هولندا للتأكيد على أن الحل الذي سيسمح بخروج ليبيا من أزمتها «يمر بالضرورة عبر صناديق الاقتراع لكي يختار الشعب رئيس ليبيا المقبل، ويكون لليبيا رئيس دولة أسوة بدول العالم». موضحا في بيان أن اللقاء تناول ما وصفه بالأمل في الوصول لقاعدة دستورية تتوجه وفقها البلاد نحو الانتخابات في أقرب وقت، ومشددا على أهمية الدور الأوروبي في الدفع في هذا الاتجاه.
في المقابل، أعرب أعضاء مجلس النواب الداعمون للتوافق الليبي عن قلقهم من تصريحات السفير الأميركي لدى ليبيا، ريتشارد نورلاند، حول الانتخابات الليبية والحل السياسي، واعتبروا في بيان لهم مساء أول من أمس أنها تتضمن رسائل خطيرة، من شأنها تعميق الأزمة.
ورفض النواب «بشكل قاطع» تصريحات نورلاند حول إجراء الانتخابات تحت إشراف حكومات متعددة بالدولة، وقالوا إن هذا «سيشكل خطرا على سلامة العملية الانتخابية ونتائجها، وسيضفي الشرعية على جهات متعددة تغتصب السلطة». وبعدما عدوا هذه التصريحات تدخلا مباشرا في الشأن الليبي، غير مقبول بأي حال من الأحوال، دعوا البعثة الأممية والدول إلى «احترام سيادة ليبيا واستقلالها، ووقف التدخلات السافرة والتصريحات المستفزة». كما شددوا على ضرورة وقف المقترحات المشبوهة لإدارة موارد البلاد وفرض الوصاية عليها.
في غضون ذلك، أكد فتحي باشاغا، رئيس حكومة الاستقرار الجديدة، خلال اجتماع افتراضي، مساء أول من أمس، بأعضاء مجلس الدولة على ضرورة الوصول إلى توافق فيما يتعلق بالمسار الدستوري بين مجلسي النواب والدولة.


مقالات ذات صلة

المنقوش تناقش في الجزائر الانتخابات الليبية وعودة المعابر

شمال افريقيا المنقوش تناقش في الجزائر الانتخابات الليبية وعودة المعابر

المنقوش تناقش في الجزائر الانتخابات الليبية وعودة المعابر

بحثت نجلاء المنقوش مع نظيرها وزير الخارجية الجزائري أحمد عطاف، خلال زيارة لها أمس إلى الجزائر، فتح المعابر البرية والنقل البحري والجوي أمام حركة التجارة وتنقل الأشخاص، بعد سنين طويلة من الإغلاق، بسبب الأزمة السياسية والأمنية في ليبيا. وذكرت الخارجية الجزائرية في بيان أن الوزيرين بحثا قضايا جارية في الساحتين المغاربية والعربية، منها تطورات ملف الصحراء، والمساعي العربية والدولية لوقف الاقتتال وحقن الدماء في السودان. وأكد البيان أن عطاف تلقى من المنقوش «عرضا حول آخر مستجدات العملية السياسية التي تقودها الأمم المتحدة، لإنهاء الأزمة في ليبيا».

شمال افريقيا وفدان أميركي وفرنسي يبحثان في ليبيا تطوير الجيش

وفدان أميركي وفرنسي يبحثان في ليبيا تطوير الجيش

بحث وفدان عسكريان، أميركي وفرنسي، في ليبيا سبل إعادة بناء وتطوير المؤسسة العسكرية المُنقسمة، بين شرق البلاد وغربها، منذ إسقاط النظام السابق، في وقت زار فيه المشير خليفة حفتر، القائد العام لـ«الجيش الوطني» روما، والتقى برئيسة الوزراء بالحكومة الإيطالية جورجا ميلوني، وعدد من وزراء حكومتها. وفي لقاءين منفصلين في طرابلس (غرباً) وبنغازي (شرقاً)، التقى الوفدان الأميركي والفرنسي قيادات عسكرية للتأكيد على ضرورة توحيد الجيش الليبي.

جمال جوهر (القاهرة)
شمال افريقيا المنقوش تبحث في الجزائر الانتخابات الليبية وعودة الحركة على المعابر

المنقوش تبحث في الجزائر الانتخابات الليبية وعودة الحركة على المعابر

بحثت وزيرة الخارجية الليبية نجلاء المنقوش مع نظيرها الجزائري أحمد عطاف، خلال زيارة لها اليوم الخميس إلى الجزائر، في فتح المعابر البرية والنقل البحري والجوي أمام حركة التجارة وتنقل الاشخاص، بعد سنوات طويلة من الإغلاق، بسبب الأزمة السياسية والامنية في ليبيا.

المنجي السعيداني (تونس)
شمال افريقيا «حبوب الهلوسة»... «سلاح قاتل» يستهدف عقول الليبيين

«حبوب الهلوسة»... «سلاح قاتل» يستهدف عقول الليبيين

لم يكن من قبيل الصدفة أن تقذف أمواج البحر المتوسط كميات متنوعة من المخدرات إلى السواحل الليبية، أو أن تتلقف شِباك الصيادين قرب الشاطئ «حزماً» من «الحشيش والكوكايين وحبوب الهلوسة»، فالبلاد تحوّلت -وفق تقرير أممي- إلى «معبر مهم» لهذه التجارة المجرّمة. وتعلن السلطات الأمنية في عموم ليبيا من وقت لآخر عن ضبط «كميات كبيرة» من المخدرات قبل دخولها البلاد عبر الموانئ البحري والبرية، أو القبض على مواطنين ووافدين وهو يروّجون هذه الأصناف التي يُنظر إليها على أنها تستهدف «عقول الشباب الليبي». غير أنه بات لافتاً من واقع عمليات الضبط التي تعلن عنها السلطات المحلية تزايُد تهريب المخدرات وتعاطيها، خصوصاً «حبوب

جمال جوهر (القاهرة)
شمال افريقيا «النواب» و«الدولة» يقران آلية عمل لجنة قوانين الانتخابات الليبية

«النواب» و«الدولة» يقران آلية عمل لجنة قوانين الانتخابات الليبية

استهلّت اللجنة المُشتركة لممثلي مجلسي «النواب» و«الدولة» (6+6) المكلفة بإعداد قوانين الانتخابات الليبية، اجتماعاتها في العاصمة طرابلس بـ«الاتفاق على آلية عملها». وطبقاً لما أعلنه عبد الله بليحق، المتحدث الرسمي باسم مجلس النواب، فقد شهد الاجتماع ما وصفه بتقارب في وجهات النظر بين أعضاء اللجنة حول القوانين الانتخابية، مشيراً، في بيان مقتضب مساء أول من أمس، إلى أنه «تم أيضاً الاتفاق على التواصل مع الجهات والمؤسسات ذات العلاقة بالعملية الانتخابية».

خالد محمود (القاهرة)

مقتل 9 بعد هجوم لـ«الدعم السريع» على المستشفى الرئيسي في الفاشر

أشخاص يسيرون بجوار مركبة مدمَّرة بعد قصف لقوات «الدعم السريع» على أم درمان (رويترز)
أشخاص يسيرون بجوار مركبة مدمَّرة بعد قصف لقوات «الدعم السريع» على أم درمان (رويترز)
TT

مقتل 9 بعد هجوم لـ«الدعم السريع» على المستشفى الرئيسي في الفاشر

أشخاص يسيرون بجوار مركبة مدمَّرة بعد قصف لقوات «الدعم السريع» على أم درمان (رويترز)
أشخاص يسيرون بجوار مركبة مدمَّرة بعد قصف لقوات «الدعم السريع» على أم درمان (رويترز)

قال مسؤول محلي في قطاع الصحة ونشطاء سودانيون إن قوات «الدعم السريع» هاجمت المستشفى الرئيسي الذي ما زال يعمل في مدينة الفاشر بولاية شمال دارفور بالسودان، اليوم الجمعة، مما أسفر عن مقتل تسعة، وإصابة 20 شخصاً.

وذكر المدير العام لوزارة الصحة بولاية شمال دارفور إبراهيم خاطر، و«تنسيقية لجان المقاومة في الفاشر»، وهي جماعة مؤيدة للديمقراطية ترصد العنف في المنطقة، إن طائرة مسيَّرة أطلقت أربعة صواريخ على المستشفى، خلال الليل، مما أدى إلى تدمير غرف وصالات للانتظار ومرافق أخرى.

ووفق ما ذكرته وكالة «رويترز» للأنباء، أظهرت صور حطاماً متناثراً على أَسرَّة بالمستشفى ودماراً لحق الجدران والأسقف. وتقول قوات «الدعم السريع» إنها لا تستهدف المدنيين، ولم يتسنَّ الوصول إليها للتعليق.

واندلعت الحرب بين الجيش السوداني وقوات «الدعم السريع» منذ أكثر من 18 شهراً، وأدت إلى أزمة إنسانية واسعة، ونزوح أكثر من 12 مليون شخص. وتُواجه وكالات الأمم المتحدة صعوبة في تقديم الإغاثة.

والفاشر هي واحدة من أكثر خطوط المواجهة اشتعالاً بين قوات «الدعم السريع» والجيش السوداني وحلفائه الذين يقاتلون للحفاظ على موطئ قدم أخير في منطقة دارفور.

ويخشى مراقبون من أن يؤدي انتصار قوات «الدعم السريع» هناك إلى عنف على أساس عِرقي، كما حدث في غرب دارفور، العام الماضي.