«سخط» في الجزائر بعد تصريحات فرنسية حول «الحنين» إلى الاستعمار

جاءت في وقت تمر فيه العلاقات بين البلدين بفترات توتر حادة

جوزيه غونزاليس (الشرق الأوسط)
جوزيه غونزاليس (الشرق الأوسط)
TT

«سخط» في الجزائر بعد تصريحات فرنسية حول «الحنين» إلى الاستعمار

جوزيه غونزاليس (الشرق الأوسط)
جوزيه غونزاليس (الشرق الأوسط)

عبر أكبر حزب إسلامي في الجزائر عن استياء شديد من تصريحات برلماني من اليمين الفرنسي المتطرف، زعم فيها أن «الكثير من الجزائريين يتمنون عودة الاستعمار الفرنسي».
وجاءت هذه التصريحات المستفزة في وقت تمر فيه العلاقات بين البلدين بفترات توتر حادة، منذ وصول الرئيس إيمانويل ماكرون إلى الحكم عام 2017، عكست صعوبة بالغة لتخطي الماضي الاستعماري، وحالت منذ عشرات السنين دون بناء شراكة سياسية واقتصادية حقيقية.
وكتب عبد الرزاق مقري، رئيس «حركة مجتمع السلم» الإسلامية المعارضة على حسابه بمواقع التواصل الاجتماعي، أن فرنسا «لم تسلم بخروجها من مستعمراتها القديمة، إذ لا تزال الروح الاستعمارية حية فيها، حيث يعبر ساستها أحيانا بألسنتهم عن ذلك، ولها من الأعوان واللوبيات ما يخدمها في تلك البلدان المستعمرة قديما لصالح ثقافتها واقتصادها».
ورد مقري بحدة على جوزيه غونزاليس، نائب حزب «التجمع الوطني» اليميني المتطرف، الذي صرح الثلاثاء الماضي، خلال رئاسته افتتاح البرلمان الجديد المنبثق عن انتخابات البرلمان الأخيرة، أنه «يحن لتلك الفترة التي كانت فيها الجزائر تحت لواء الدولة الفرنسية». وقال بحكم إنه ولد بمدينة وهران الجزائرية: «تركتُ هناك جزءا من فرنسا، كما تركت العديد من الأصدقاء». مبرزا أن «الكثير من الجزائريين يتمنون عودة الاستعمار الفرنسي».
ورفض اليميني، الذي تحدث بصفته عميداً للبرلمان، التعليق حول ما إذا كانت «منظمة الجيش السري» الفرنسية قد ارتكبت مجازر بحق الجزائريين أم لا. وقد نشأ هذا التنظيم دفاعا عن «الجزائر الفرنسية»، وكرد فعل عنيف على استفتاء تقرير المصير 3 يوليو 1962 الذي أفرز أغلبية ساحقة مؤيدة لإنهاء احتلال بعد 132 سنة من الاستعمار.
وراح جوزيه غونزاليس بعيدا في تصريحاته، حينما أكد أنه «إذا أخذتك معي إلى الجزائر، إلى الجبل تحديداً، فإن العديد من الجزائريين الذين لم يعرفوا فرنسا أبداً، سيقولون لك متى ستعود فرنسا؟». في إشارة، ضمنا، إلى أن شظف العيش في المناطق الجبلية الفقيرة زرع في سكانها حنينا إلى الماضي الاستعماري.
ويتوقع أن تثير هذه التصريحات غضب السلطات الجزائرية، وقد جرت العادة عند صدور موقف من مسؤولين حكوميين فرنسيين، يشبه كلام غونزاليس، فإن رجع الصدى يكون حادا جدا من أعلى السلطات في البلاد.
وأفاد مقري بأن عميد النواب غونزاليس «تفوه بالروح الاستعمارية التي يخفيها كثير من المسؤولين الفرنسيين، مصرحا أنه ترك جزءا من فرنسا في الجزائر التي غادرها سنة 1962، ودافع في تصريحاته الصحافية على أثر ردود الأفعال على خطابه عن فكرة الجزائر الفرنسية، وعن منظمة «الجيش الفرنسي السري، التي قاومت قرار الاستقلال بالعمليات الإرهابية وسط المدنيين، زاعما أنه لا يزال في الجزائر من يسأل متى تعود فرنسا. وصفق لكلامه في البرلمان عدد كبير من النواب مؤيدين حديثه الاستعماري».
وانتقد مقري سلطات الجزائر بقوله إن «أموال بترولنا سخرت أثناء البحبوحة المالية، (قبل تراجع مداخيل بيع المحروقات) لإنقاذ المؤسسات الفرنسية والاقتصاد الفرنسي، وكان رؤساء ووزراء ومديرون يهينون اللغة العربية الوطنية والرسمية، ويرفعون من قيمة اللغة الفرنسية الأجنبية، فيتحدثون بها في الاجتماعات الرسمية، ويكلمون بها شعبهم ويخاطبون بها في المناسبات الدبلوماسية الأجانب، ومنهم من ليست لغته هي الفرنسية».
وبحسب مقري فإنه «لا تزال مظاهر التبعية مستمرة، ونراها عند مسؤولين في مؤسسات الدولة، وعند نخب في المجتمع الذين يتحدثون بينهم ومع أبنائهم بالفرنسية، ولو بأسلوب فج فقير غير متقن، بل نراها أيضا عند ذلك المواطن البسيط الذي لا يحسن التكلم بجملتين باللغة الفرنسية، ولكن يكتب لافتة محله ومتجره بالفرنسية ويهمل لغة آبائه وأجداده».
وتعرض غونزاليس لهجوم من طرف أعضاء الائتلاف اليساري في البرلمان، الذين وصفوا الإشارة إلى «الجزائر الفرنسية»، بـ«لحظة محرجة، وخطابا صادما يبعث على الاشمئزاز». وقالت ماتليد بانو، النائبة عن «حركة فرنسا الأبية»، إن «خطاب غونزاليس يكشف حقيقة اليمين المتطرف القذرة في فرنسا»، فيما أكدت زميلتها في تحالف اليسار، صبرينا صبايحي (من أصول جزائرية) أن تصريحات اليميني «إهانة لتاريخ وطني الأم الجزائر».


مقالات ذات صلة

فرنسا تدين احتجاز إيران ناقلة نفط في مياه الخليج

شؤون إقليمية فرنسا تدين احتجاز إيران ناقلة نفط في مياه الخليج

فرنسا تدين احتجاز إيران ناقلة نفط في مياه الخليج

ندّدت فرنسا باحتجاز البحرية التابعة للحرس الثوري الإيراني ناقلة النفط «نيوفي» التي ترفع عَلَم بنما، في مضيق هرمز الاستراتيجي، وذلك صبيحة الثالث من مايو (أيار)، وفق المعلومات التي أذاعها الأسطول الخامس، التابع لـ«البحرية» الأميركية، وأكدها الادعاء الإيراني. وأعربت آن كلير لوجندر، الناطقة باسم «الخارجية» الفرنسية، في مؤتمرها الصحافي، أمس، أن فرنسا «تعرب عن قلقها العميق لقيام إيران باحتجاز ناقلة نفطية» في مياه الخليج، داعية طهران إلى «الإفراج عن الناقلات المحتجَزة لديها في أسرع وقت».

ميشال أبونجم (باريس)
العالم باريس «تأمل» بتحديد موعد قريب لزيارة وزير الخارجية الإيطالي

باريس «تأمل» بتحديد موعد قريب لزيارة وزير الخارجية الإيطالي

قالت وزارة الخارجية الفرنسية إنها تأمل في أن يُحدَّد موعد جديد لزيارة وزير الخارجية الإيطالي أنطونيو تاياني بعدما ألغيت بسبب تصريحات لوزير الداخلية الفرنسي حول سياسية الهجرة الإيطالية اعتُبرت «غير مقبولة». وكان من المقرر أن يعقد تاياني اجتماعا مع وزيرة الخارجية الفرنسية كاترين كولونا مساء اليوم الخميس. وكان وزير الداخلية الفرنسي جيرار دارمانان قد اعتبر أن رئيسة الوزراء الإيطالية جورجيا ميلوني «عاجزة عن حل مشاكل الهجرة» في بلادها. وكتب تاياني على «تويتر»: «لن أذهب إلى باريس للمشاركة في الاجتماع الذي كان مقررا مع الوزيرة كولونا»، مشيرا إلى أن «إهانات وزير الداخلية جيرالد دارمانان بحق الحكومة وإي

«الشرق الأوسط» (باريس)
طرد الطيور في مطار «أورلي الفرنسي»  بالألعاب النارية

طرد الطيور في مطار «أورلي الفرنسي» بالألعاب النارية

يستخدم فريق أساليب جديدة بينها الألعاب النارية ومجموعة أصوات لطرد الطيور من مطار أورلي الفرنسي لمنعها من التسبب بمشاكل وأعطال في الطائرات، حسب وكالة الصحافة الفرنسية. وتطلق كولين بليسي وهي تضع خوذة مانعة للضجيج ونظارات واقية وتحمل مسدساً، النار في الهواء، فيصدر صوت صفير ثم فرقعة، مما يؤدي إلى فرار الطيور الجارحة بعيداً عن المدرج. وتوضح "إنها ألعاب نارية. لم تُصنّع بهدف قتل الطيور بل لإحداث ضجيج" وإخافتها. وتعمل بليسي كطاردة للطيور، وهي مهنة غير معروفة كثيراً لكنّها ضرورية في المطارات.

«الشرق الأوسط» (لندن)
العالم فرنسا: المجلس الدستوري يصدر عصراً قراره بشأن قبول إجراء استفتاء على قانون العمل الجديد

فرنسا: المجلس الدستوري يصدر عصراً قراره بشأن قبول إجراء استفتاء على قانون العمل الجديد

تتجه الأنظار اليوم إلى فرنسا لمعرفة مصير طلب الموافقة على «الاستفتاء بمبادرة مشتركة» الذي تقدمت به مجموعة من نواب اليسار والخضر إلى المجلس الدستوري الذي سيصدر فتواه عصر اليوم. وثمة مخاوف من أن رفضه سيفضي إلى تجمعات ومظاهرات كما حصل لدى رفض طلب مماثل أواسط الشهر الماضي. وتداعت النقابات للتجمع أمام مقر المجلس الواقع وسط العاصمة وقريباً من مبنى الأوبرا نحو الخامسة بعد الظهر «مسلحين» بقرع الطناجر لإسماع رفضهم السير بقانون تعديل نظام التقاعد الجديد. ويتيح تعديل دستوري أُقرّ في العام 2008، في عهد الرئيس الأسبق نيكولا ساركوزي، طلب إجراء استفتاء صادر عن خمسة أعضاء مجلس النواب والشيوخ.

ميشال أبونجم (باريس)
«يوم العمال» يعيد الزخم لاحتجاجات فرنسا

«يوم العمال» يعيد الزخم لاحتجاجات فرنسا

عناصر أمن أمام محطة للدراجات في باريس اشتعلت فيها النيران خلال تجدد المظاهرات أمس. وأعادت مناسبة «يوم العمال» الزخم للاحتجاجات الرافضة إصلاح نظام التقاعد الذي أقرّه الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون (أ.ف.ب)


واشنطن تضرب منشأتين حوثيتين لتخزين الأسلحة تحت الأرض

واشنطن شنت نحو 950 غارة ضد الحوثيين خلال عام (الجيش الأميركي)
واشنطن شنت نحو 950 غارة ضد الحوثيين خلال عام (الجيش الأميركي)
TT

واشنطن تضرب منشأتين حوثيتين لتخزين الأسلحة تحت الأرض

واشنطن شنت نحو 950 غارة ضد الحوثيين خلال عام (الجيش الأميركي)
واشنطن شنت نحو 950 غارة ضد الحوثيين خلال عام (الجيش الأميركي)

بعد يوم من تبني الحوثيين المدعومين من إيران مهاجمة أهداف عسكرية إسرائيلية وحاملة طائرات أميركية شمال البحر الأحمر، أعلن الجيش الأميركي، الأربعاء، استهداف منشأتين لتخزين الأسلحة تابعتين للجماعة في ريف صنعاء الجنوبي وفي محافظة عمران المجاورة شمالاً.

وإذ أقرت وسائل الإعلام الحوثية بتلقي 6 غارات في صنعاء وعمران، فإن الجماعة تشن منذ أكثر من 14 شهراً هجمات ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن، وهجمات أخرى باتجاه إسرائيل، تحت مزاعم مناصرة الفلسطينيين في غزة، فيما تشن واشنطن ضربات مقابلة للحد من قدرات الجماعة.

وأوضحت «القيادة العسكرية المركزية الأميركية»، في بيان، الأربعاء، أن قواتها نفذت ضربات دقيقة متعددة ضد منشأتين تحت الأرض لتخزين الأسلحة التقليدية المتقدمة تابعتين للحوثيين المدعومين من إيران.

ووفق البيان، فقد استخدم الحوثيون هذه المنشآت لشن هجمات ضد سفن تجارية وسفن حربية تابعة للبحرية الأميركية في جنوب البحر الأحمر وخليج عدن. ولم تقع إصابات أو أضرار في صفوف القوات الأميركية أو معداتها.

وتأتي هذه الضربات، وفقاً للبيان الأميركي، في إطار جهود «القيادة المركزية» الرامية إلى تقليص محاولات الحوثيين المدعومين من إيران تهديد الشركاء الإقليميين والسفن العسكرية والتجارية في المنطقة.

في غضون ذلك، اعترفت الجماعة الحوثية، عبر وسائل إعلامها، بتلقي غارتين استهدفتا منطقة جربان بمديرية سنحان في الضاحية الجنوبية لصنعاء، وبتلقي 4 غارات ضربت مديرية حرف سفيان شمال محافظة عمران، وكلا الموقعين يضم معسكرات ومخازن أسلحة محصنة منذ ما قبل انقلاب الحوثيين.

وفي حين لم تشر الجماعة الحوثية إلى آثار هذه الضربات على الفور، فإنها تعدّ الثانية منذ مطلع السنة الجديدة، بعد ضربات كانت استهدفت السبت الماضي موقعاً شرق صعدة حيث المعقل الرئيسي للجماعة.

5 عمليات

كانت الجماعة الحوثية تبنت، مساء الاثنين الماضي، تنفيذ 5 عمليات عسكرية وصفتها بـ«النوعية» تجاه إسرائيل وحاملة طائرات أميركية، باستخدام صواريخ مجنّحة وطائرات مسيّرة، وذلك بعد ساعات من وصول المبعوث الأممي هانس غروندبرغ إلى صنعاء حيث العاصمة اليمنية الخاضعة للجماعة.

وفي حين لم يورد الجيشان الأميركي والإسرائيلي أي تفاصيل بخصوص هذه الهجمات المزعومة، فإن يحيى سريع، المتحدث العسكري باسم الحوثيين، قال إن قوات جماعته نفذت «5 عمليات عسكرية نوعية» استهدفت حاملة الطائرات الأميركية «هاري ترومان» وتل أبيب وعسقلان.

الحوثيون زعموا مهاجمة حاملة الطائرات الأميركية «هاري ترومان» بالصواريخ والمسيّرات (الجيش الأميركي)

وادعى المتحدث الحوثي أن جماعته استهدفت حاملة الطائرات الأميركية «يو إس إس هاري ترومان» بصاروخين مجنّحين و4 طائرات مسيّرة شمال البحرِ الأحمر، زاعماً أن الهجوم استبق تحضير الجيش الأميركي لشن هجوم على مناطق سيطرة الجماعة.

إلى ذلك، زعم القيادي الحوثي سريع أن جماعته قصفت هدفين عسكريين إسرائيليين في تل أبيب؛ في المرة الأولى بطائرتين مسيّرتين وفي المرة الثانية بطائرة واحدة، كما قصفت هدفاً حيوياً في عسقلانَ بطائرة مسيّرة رابعة.

تصعيد متواصل

وكانت الجماعة الحوثية تبنت، الأحد الماضي، إطلاق صاروخ باليستي فرط صوتي، زعمت أنها استهدفت به محطة كهرباء إسرائيلية، الأحد، وذلك بعد ساعات من تلقيها 3 غارات وصفتها بالأميركية والبريطانية على موقع شرق مدينة صعدة؛ حيث معقلها الرئيسي شمال اليمن.

ويشن الحوثيون هجماتهم ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن وباتجاه إسرائيل، ابتداء من 19 نوفمبر (تشرين الثاني) 2023، تحت مزاعم مناصرة الفلسطينيين في غزة.

مقاتلة أميركية تقلع من على متن حاملة الطائرات «هاري رومان»... (الجيش الأميركي)

وأقر زعيمهم عبد الملك الحوثي في آخِر خُطبه الأسبوعية، الخميس الماضي، باستقبال 931 غارة جوية وقصفاً بحرياً، خلال عام من التدخل الأميركي، وقال إن ذلك أدى إلى مقتل 106 أشخاص، وإصابة 314 آخرين.

كما ردت إسرائيل على مئات الهجمات الحوثية بـ4 موجات من الضربات الانتقامية حتى الآن، وهدد قادتها السياسيون والعسكريون الجماعة بمصير مُشابه لحركة «حماس» و«حزب الله» اللبناني، مع الوعيد باستهداف البنية التحتية في مناطق سيطرة الجماعة.

ومع توقع أن تُواصل الجماعة الحوثية هجماتها، لا يستبعد المراقبون أن تُوسِّع إسرائيل ردها الانتقامي، على الرغم من أن الهجمات ضدها لم يكن لها أي تأثير هجومي ملموس، باستثناء مُسيَّرة قتلت شخصاً بعد انفجارها بشقة في تل أبيب يوم 19 يوليو (تموز) الماضي.