تخطو فرنسا وأستراليا باتجاه إعادة تطبيع علاقاتهما بعد مرحلة الخلاف الحاد التي تلت تخلي كانبيرا عن «صفقة القرن» الخاصة بشراء مجموعة من الغواصات الفرنسية والاستعاضة عنها بغواصات أميركية الصنع تعمل بالدفع النووي. ففي سبتمبر (أيلول) من العام الماضي، أعلن رئيس الوزراء الأسترالي السابق سكوت موريسون انسحاب بلاده من العقد المبرم مع فرنسا، قيمته 56 مليار يورو، لشراء 12 غواصة فرنسية، الأمر الذي أثار أزمة سياسية - دبلوماسية حادة بين كانبيرا وباريس حيث توترت العلاقات بشكل غير مسبوق. وما أثار حفيظة فرنسا أن الطرف الأسترالي تفاوض مع إدارة الرئيس بايدن ومع رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون «من وراء ظهر» الفرنسيين رغم التواصل الدائم بين الطرفين وزيارة رسمية لموريسون لباريس في يونيو (حزيران) من العام الماضي. وندد الجانب الفرنسي بما سماه «خيانة» الحلفاء، في إشارة إلى واشنطن ولندن، ليس فقط بسبب فرط العقد بل لأن البلدان الثلاثة عمدت إلى إنشاء «تحالف» استبعدت منه فرنسا غرضه كبح التوسع الصيني وشهية بكين في التمدد في المياه الجنوبية للمحيط الهادئ.
كانت هزيمة المحافظ موريسون في الانتخابات التشريعية الأخيرة في أستراليا قد أثلجت صدر فرنسا ولم يتردد جان إيف لو دريان، وزير الخارجية وقتها، من التعبير عن «سعادته» برحيله عن السلطة ووصول العمالي أنطوني ألبانيز محله. وبعد شهر واحد، عمدت الحكومة الأسترالية الجديدة إلى تسوية الجانب المالي من الأزمة من خلال تعويض الضرر الذي لحق بالشركة الفرنسية المصنعة للغواصات «نافال غروب» بمبلغ مرتفع «555 مليون يورو». وبذلك تكون أستراليا قد خسرت 2.3 مليار دولار. فضلاً عن ذلك، فإن هناك العديد من التساؤلات حول قدرة أستراليا الفنية على الاستخدام الفعال للغواصات ذات الدفع النووي.
اليوم تغيرت الأمور من النقيض إلى النقيض. وأعلن قصر الإليزيه أن الرئيس ماكرون سوف يستضيف غداً رئيس الوزراء الأسترالي إلى غداء عمل ما يوفر الفرصة للطرفين إعادة إطلاق علاقاتهما ووضع حد للتوتر الذي اعتراها زمن موريسون. وأعلنت الرئاسة في بيان أن زيارة أنطوني ألبانيز تستهدف «إعادة إطلاق العلاقة الاستراتيجية (التي تربط الطرفين) على أسس جديدة». ومن جانبه، أعلن ألبانيز الذي التقى الرئيس الفرنسي في مدريد على هامش القمة الأطلسية، أنه «يتوقع الكثير» من زيارته إلى العاصمة الفرنسية. وسبق له أن أعلن أن من المهم وصل ما انقطع مع فرنسا التي تمارس دوراً رئيسياً داخل الاتحاد الأوروبي كما أنها «تعد قوة أساسية في المحيط الهادئ».
وكانت باريس تراهن على شراكتها الاستراتيجية مع أستراليا لتلعب دورا ريادياً في المحيط الهادئ حيث لها ممتلكات واسعة أهمها جزيرة كاليدونيا الجديدة وأرخبيل واليس وفوتونا ومجموعة من الجزر المسماة بولينيزيا الفرنسية وجزيرة سان برتيليمي. وشكل عقد الغواصات الكبير باباً واسعاً لتمتين العلاقة مع أستراليا لعقود طويلة. وبعد أن فسخت «صفقة القرن»، استدارت باريس نحو الهند وسعت لتعزيز علاقاتها معها مستندة إلى مبيعات السلاح والتنسيق الدبلوماسي والعلاقات الاقتصادية.
فرنسا وأستراليا لإعادة إطلاق شراكتهما الاستراتيجية بعد أزمة الغواصات
رئيس الوزراء الأسترالي ضيف ماكرون غداً في باريس
فرنسا وأستراليا لإعادة إطلاق شراكتهما الاستراتيجية بعد أزمة الغواصات
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة