نعت الأوساط الاقتصادية والعلمية في دمشق، أمس (الأربعاء)، وزير الاقتصاد الأسبق محمد العمادي. وقالت رئاسة «هيئة التخطيط والتعاون الدولي والعاملون»، في بيان، إن «الدكتور العمادي وزير الدولة لشؤون التخطيط الأسبق (2-4-1971 - 23-12-1972) وافته المنية يوم الأربعاء 29-6-2022».
وفي نعيه العمادي، قال محافظ دمشق السابق، زهير تغلبي، إنه «كان أستاذاً لأجيال من الاقتصاديين ومعلماً للعديد ممن عملوا معه في هيئة تخطيط الدولة وأنا منهم».
من جانبها، قالت الجامعة العربية الدولية، إنها فقدت رئيس مجلس أمنائها السابق، الذي أطلقت اسمه على أحد مدرجاتها العام الماضي.
محمد العمادي المولود في دمشق 1933 حاصل على إِجازة في كلية الحقوق، وماجستير ودكتوراه من جامعة نيويورك، وشغل منصب رئيس مجلس إدارة جمعية دور النعيم للأيتام، ونائب رئيس جمعية العلوم الاقتصادية، والمدير العام ورئيس مجلس الإدارة للصندوق العربي للإنماء الاقتصادي والاجتماع. ورئيس مجلس الإدارة للصندوق العربي للإنماء الاجتماعي في الكويت سابقاً.
رئيس لمجلس مفوضي هيئة الأوراق والأسواق المالية السورية سابقاً، وهو عضو المجلس الأعلى للعلوم، عضو المجلس الأعلى للجامعات ورئيس اتحاد الاقتصاديين العرب، عضو اللجنة العليا للخبراء لمنظمة «اليونيدو». ورئيس مجلس محافظين البنك الدولي وصندوق النقد الدولي في الاجتماع السنوي في الفلبين، ورئيس الفريق الفني للأمن الغذائي العربي، الرئيس المناوب للجنة المساعدات التنموية ممثلاً المانحين العرب. ورئيس الصندوق العربي لمحو الأمية وتعليم الكبار، ورئيس مجموعة /24/ الخاصة بالدول النامية في صندوق النقد الدولي سابقاً، كما ترأس اجتماعات عديدة لمجلس الوحدة الاقتصادية العربية والمجلس الاقتصادي الاجتماعي العربي ومجلس محافظي المؤسسات المالية العربية.
وعرف العمادي، أُستاذ الاقتصاد في جامعة دمشق والمحاضر في مركز التدريب الإحصائي وفي معهد التخطيط سابقاً، بعلاقته القوية والوثيقة مع الرئيس السوري السابق حافظ الأسد، وهي العلاقة التي مكّنته من تسلم وزارة الاقتصاد والتجارة الخارجية ورئاسة هيئة تخطيط الدولة لأكثر من 15 عاماً. وتحفظ الذاكرة السورية صورة العمادي في مجلس الشعب السوري وهو ينهار بالبكاء لدى إذاعة نبأ وفاة الرئيس حافظ الأسد عام 2000، كما لم يتوقف العمادي عن بكائه حافظ الأسد لاحقاً كلما ذكره، وقال أكثر من مرة «إن الأسد كان يحبه كثيراً، لدرجة أن جميع الوشايات التي كانت تصل إليه من قِبل المسؤولين الآخرين، كان يرد عليها باطمئنان: أنا أثق بمحمد».
هذه «الثقة» مكّنت العمادي من لعب دور بالغ الصعوبة في إدارة الاقتصاد السوري منذ بداية عهد الأسد الأب عام 1972 ولغاية رحيله عام 2000، تخللها فترة انقطاع من العام 1979 وحتى العام 1985، كان خلالها في دولة الكويت، حيث استدعاه حافظ الأسد ليتولى وزارة الاقتصاد، في فترة تعتبر الأحلك خلال حكم الأسد الأب عقب أحداث الثمانينات الدموية وتبدد الاحتياطي النقدي السوري وخسارة الدعم العربي بسبب جنوح الأسد نحو إيران في حربها ضد العراق.
ويذكر العمادي في لقاءات صحافية، أنه عندما تولى وزارة الاقتصاد عام 1985، فوجئ بعدم وجود احتياطي نقدي من العملات الأجنبية في المصرف المركزي، وعلى الفور اتخذ قرار وقف عمليات الاستيراد، مركزاً الأولوية على استيراد المواد اللازمة لإنتاج الخبز فقط. وخلال عام تم توفير نحو 30 مليون دولار فقط. ومع نهاية عام 1989 نجحت خطته التقشفية الصعبة بتحقيق الاكتفاء الذاتي من المواد الغذائية، من القمح والخضراوات والفواكه، وأصبحت سوريا حينها ولأول مرة، دولة غير مستوردة للقمح.
خلال تسلمه وزارة الاقتصاد 1986، حاول العمادي فتح باب الاستثمار للقطاع الخاص، بالإضافة إلى إنشاء سوق للأرواق المالية، وفتح المجال للمصارف الخاصة للعمل على الأراضي السورية، والاستفادة من التحصيلات الضريبية من خلالها، إلا أنه اصطدم بتمنع النظام وجرى إصدار قانون رقم 10 للاستثمار في العام 1991، الذي كبله بمجموعة شروط وتعقيدات جعلت نتائجه خجولة مع اتجاه الاقتصاد نحو الركود.
بعد وفاة الأسد الأب طلب العمادي إعفاءه من منصب وزير الاقتصاد، لكنه قبل لاحقاً عام 2008 الإشراف على تنفيذ المشاريع التي سبق وقدمها ولاقت رفضاً كمشروع إنشاء سوق للأوراق المالية، وإطلاق المصارف الخاصة، وتعديل قانون الاستثمار.
وبحسب مصادر اقتصادية دمشقية متقاطعة، يحسب للعمادي بقاؤه نظيف الكف خلال مسيرته الطويلة رغم تجذر الفساد في الاقتصاد السوري. كما ينسب له الفضل الأكبر في إنقاذ سوريا من المجاعة فترة الثمانينات من القرن الماضي. وهي المجاعة التي عادت لتهددها بعد عشر سنوات من الحرب وتغول الفساد.
سوريا تنعى العمادي... منقذها من «مجاعة الثمانينات»
وزير الاقتصاد السابق ظل يبكي وفاة حافظ الأسد
سوريا تنعى العمادي... منقذها من «مجاعة الثمانينات»
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة