أكبر وكالة تجسس أميركية مهددة بالتوقف عن جمع البيانات الهاتفية

اجتماع الكونغرس اليوم لإنقاذ نشاط «وكالة الأمن»

أكبر وكالة تجسس أميركية مهددة بالتوقف عن جمع البيانات الهاتفية
TT

أكبر وكالة تجسس أميركية مهددة بالتوقف عن جمع البيانات الهاتفية

أكبر وكالة تجسس أميركية مهددة بالتوقف عن جمع البيانات الهاتفية

ستضطر وكالة الأمن القومي، التي تعد أكبر وكالة تجسس أميركية، اليوم الأحد، إلى وقف العمل ببعض خوادمها التي تسمح لها بجمع بيانات الاتصالات الهاتفية في الولايات المتحدة ما لم يتم التوصل إلى اتفاق سياسي في الكونغرس لتمديد العمل ببرنامج المراقبة المثير للجدل الذي ينتهي العمل به منتصف ليل الاثنين.
ودعي مجلس الشيوخ في اللحظة الأخيرة إلى اجتماع اليوم سعيًا لإيجاد حل، لكن المعادلة السياسية التي تستلزم اتفاقا مع مجلس النواب والبيت الأبيض معقدة. وفي حال عدم التوصل إلى اتفاق حول المادة 215 في القانون الوطني (باتريوت أكت) اليوم، ستبدأ «وكالة الأمن القومي» بوقف عمل الخوادم التي تجمع بيانات الاتصالات الهاتفية التي يتم إجراؤها في الولايات المتحدة (التوقيت والمدة والرقم المتصل به لكن ليس المضمون) وبالتالي يتوقف جمع أي معلومات بعد منتصف الليل، وإذا تم ذلك فسيكون المستشار السابق في وكالة الأمن القومي إدوارد سنودن الذي كشف في 2013 حجم هذا البرنامج قد حقق انتصارًا كبيرًا.
وبعد ظهر أول من أمس، قال الرئيس باراك أوباما من المكتب البيضاوي: «لم يعد أمامنا سوى بضعة أيام. لا أريد أن نواجه وضعا كان يمكننا خلاله منع هجوم إرهابي أو توقيف شخص خطير ولم نقم بذلك لأن مجلس الشيوخ لم يتحرك».
واتفق البيت الأبيض ومجلس النواب على قانون جديد يسمح بالاستمرار في تخزين البيانات من خلال تكليف شركات الاتصالات القيام بذلك وليس وكالة الأمن القومي. لكن مجلس الشيوخ يرفض حاليا الموافقة على النص الذي أطلق عليه اسم «يو اس اي فريدوم اكت» الذي يعرقله تحالف جمهوريين يتذرع بحجج مختلفة تماما.
ويرى البعض مثل زعيم الغالبية الجمهورية في مجلس الشيوخ ميتش ماكونيل أن النص يجرد وكالة الأمن القومي من صلاحيات، ويرى آخرون مثل راند بول أنه لا يقوم بما يكفي لتفكيك برنامج «مراقبة» الأميركيين، وهو موقف تدعمه أيضا منظمات تعنى الدفاع عن الحياة الخاصة.
وبشكل غير معهود تدخل مدير الاستخبارات الوطنية جيمس كلابر في النقاش العام ودعا أول من أمس مجلس الشيوخ إلى تحريك الوضع من خلال التصويت لصالح «يو اس اي فريدوم اكت» الذي دافع عنه البيت الأبيض ومجلس النواب. وقال في بيان صحافي: «إنها أفضل وسيلة للتقليل من مخاطر خفض قدرتنا في حماية الشعب الأميركي».
وبالنسبة للبيت الأبيض، يجب الاستمرار في جمع البيانات في الوقت الذي تبقى فيه التهديدات الإرهابية حاضرة. وقال مصدر مجهول في الإدارة الأميركية هذا الأسبوع إن درس هذه البيانات يمكن أن يسمح لوكالات مثل مكتب التحقيقات الفيدرالي (إف بي آي) بإثبات أن مشتبها به «كان على اتصال» بعنصر في تنظيم داعش «في الخارج أو في سوريا أو في العراق».
ويرى إخصائيون أن جمع معلومات عن الاتصالات الهاتفية ليس النقطة الأهم في برنامج وكالة الأمن القومي للمراقبة. وقال جيمس لويس الإخصائي في الاستخبارات والأمن الإلكتروني في مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية في تقرير نشر في ديسمبر (كانون الأول) 2014: «يتفق المسؤولون السابقون والحاليون الاستخباراتيون على أنه رغم كون جمع البيانات أداة مفيدة تبقى الأقل فائدة من كل الأدوات» المستخدمة من وكالات الاستخبارات.



بولوارتي تضع البيرو في مواجهة مع حكومات المنطقة

رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي قبيل مؤتمر صحافي في ليما، في 24 يناير الحالي (أ.ب)
رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي قبيل مؤتمر صحافي في ليما، في 24 يناير الحالي (أ.ب)
TT

بولوارتي تضع البيرو في مواجهة مع حكومات المنطقة

رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي قبيل مؤتمر صحافي في ليما، في 24 يناير الحالي (أ.ب)
رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي قبيل مؤتمر صحافي في ليما، في 24 يناير الحالي (أ.ب)

بعد التدهور الأخير في الأوضاع الأمنية التي تشهدها البيرو، بسبب الأزمة السياسية العميقة التي نشأت عن عزل الرئيس السابق بيدرو كاستيو، وانسداد الأفق أمام انفراج قريب بعد أن تحولت العاصمة ليما إلى ساحة صدامات واسعة بين القوى الأمنية والجيش من جهة، وأنصار الرئيس السابق المدعومين من الطلاب من جهة أخرى، يبدو أن الحكومات اليسارية والتقدمية في المنطقة قررت فتح باب المواجهة السياسية المباشرة مع حكومة رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي، التي تصرّ على عدم تقديم موعد الانتخابات العامة، وتوجيه الاتهام للمتظاهرين بأنهم يستهدفون قلب النظام والسيطرة على الحكم بالقوة.
وبدا ذلك واضحاً في الانتقادات الشديدة التي تعرّضت لها البيرو خلال القمة الأخيرة لمجموعة بلدان أميركا اللاتينية والكاريبي، التي انعقدت هذا الأسبوع في العاصمة الأرجنتينية بوينوس آيريس، حيث شنّ رؤساء المكسيك والأرجنتين وكولومبيا وبوليفيا هجوماً مباشراً على حكومة البيرو وإجراءات القمع التي تتخذها منذ أكثر من شهر ضد المتظاهرين السلميين، والتي أدت حتى الآن إلى وقوع ما يزيد عن 50 قتيلاً ومئات الجرحى، خصوصاً في المقاطعات الجنوبية التي تسكنها غالبية من السكان الأصليين المؤيدين للرئيس السابق.
وكان أعنف هذه الانتقادات تلك التي صدرت عن رئيس تشيلي غابرييل بوريتش، البالغ من العمر 36 عاماً، والتي تسببت في أزمة بين البلدين مفتوحة على احتمالات تصعيدية مقلقة، نظراً لما يحفل به التاريخ المشترك بين البلدين المتجاورين من أزمات أدت إلى صراعات دموية وحروب دامت سنوات.
كان بوريتش قد أشار في كلمته أمام القمة إلى «أن دول المنطقة لا يمكن أن تدير وجهها حيال ما يحصل في جمهورية البيرو الشقيقة، تحت رئاسة ديما بولوارتي، حيث يخرج المواطنون في مظاهرات سلمية للمطالبة بما هو حق لهم ويتعرّضون لرصاص القوى التي يفترض أن تؤمن الحماية لهم».
وتوقّف الرئيس التشيلي طويلاً في كلمته عند ما وصفه بالتصرفات الفاضحة وغير المقبولة التي قامت بها الأجهزة الأمنية عندما اقتحمت حرم جامعة سان ماركوس في العاصمة ليما، مذكّراً بالأحداث المماثلة التي شهدتها بلاده إبّان ديكتاتورية الجنرال أوغوستو بينوتشي، التي قضت على آلاف المعارضين السياسيين خلال العقود الثلاثة الأخيرة من القرن الماضي.
وبعد أن عرض بوريتش استعداد بلاده لمواكبة حوار شامل بين أطياف الأزمة في البيرو بهدف التوصل إلى اتفاق يضمن الحكم الديمقراطي واحترام حقوق الإنسان، قال «نطالب اليوم، بالحزم نفسه الذي دعمنا به دائماً العمليات الدستورية في المنطقة، بضرورة تغيير مسار العمل السياسي في البيرو، لأن حصيلة القمع والعنف إلى اليوم لم تعد مقبولة بالنسبة إلى الذين يدافعون عن حقوق الإنسان والديمقراطية، والذين لا شك عندي في أنهم يشكلون الأغلبية الساحقة في هذه القمة».
تجدر الإشارة إلى أن تشيلي في خضمّ عملية واسعة لوضع دستور جديد، بعد أن رفض المواطنون بغالبية 62 في المائة النص الدستوري الذي عرض للاستفتاء مطلع سبتمبر (أيلول) الفائت.
كان رؤساء المكسيك وكولومبيا والأرجنتين وبوليفيا قد وجهوا انتقادات أيضاً لحكومة البيرو على القمع الواسع الذي واجهت به المتظاهرين، وطالبوها بفتح قنوات الحوار سريعاً مع المحتجين وعدم التعرّض لهم بالقوة.
وفي ردّها على الرئيس التشيلي، اتهمت وزيرة خارجية البيرو آنا سيسيليا جيرفاسي «الذين يحرّفون سرديّات الأحداث بشكل لا يتطابق مع الوقائع الموضوعية»، بأنهم يصطادون في الماء العكر. وناشدت المشاركين في القمة احترام مبدأ عدم التدخل في الشؤون الداخلية للبلدان الأخرى، والامتناع عن التحريض الآيديولوجي، وقالت «يؤسفني أن بعض الحكومات، ومنها لبلدان قريبة جداً، لم تقف بجانب البيرو في هذه الأزمة السياسية العصيبة، بل فضّلت تبدية التقارب العقائدي على دعم سيادة القانون والنصوص الدستورية». وأضافت جيرفاسي: «من المهين القول الكاذب إن الحكومة أمرت باستخدام القوة لقمع المتظاهرين»، وأكدت التزام حكومتها بصون القيم والمبادئ الديمقراطية واحترام حقوق الإنسان وسيادة القانون، رافضة أي تدخّل في شؤون بلادها الداخلية، ومؤكدة أن الحكومة ماضية في خطتها لإجراء الانتخابات في الموعد المحدد، ليتمكن المواطنون من اختيار مصيرهم بحرية.
ويرى المراقبون في المنطقة أن هذه التصريحات التي صدرت عن رئيس تشيلي ليست سوى بداية لعملية تطويق إقليمية حول الحكومة الجديدة في البيرو بعد عزل الرئيس السابق، تقوم بها الحكومات اليسارية التي أصبحت تشكّل أغلبية واضحة في منطقة أميركا اللاتينية، والتي تعززت بشكل كبير بعد وصول لويس إينياسيو لولا إلى رئاسة البرازيل، وما تعرّض له في الأيام الأخيرة المنصرمة من هجمات عنيفة قام بها أنصار الرئيس السابق جاير بولسونارو ضد مباني المؤسسات الرئيسية في العاصمة برازيليا.