ليبيون يطالبون بـ«إسقاط» الحكومتين و«النواب» و«الدولة»

دعوا إلى عصيان مدني وإغلاق الشوارع لحين إجراء الانتخابات

عبدالحميد الدبيبة رئيس حكومة الوحدة الوطنية (أ.ب)  -  فتحي باشاغا رئيس حكومة الاستقرار (أ.ب)
عبدالحميد الدبيبة رئيس حكومة الوحدة الوطنية (أ.ب) - فتحي باشاغا رئيس حكومة الاستقرار (أ.ب)
TT

ليبيون يطالبون بـ«إسقاط» الحكومتين و«النواب» و«الدولة»

عبدالحميد الدبيبة رئيس حكومة الوحدة الوطنية (أ.ب)  -  فتحي باشاغا رئيس حكومة الاستقرار (أ.ب)
عبدالحميد الدبيبة رئيس حكومة الوحدة الوطنية (أ.ب) - فتحي باشاغا رئيس حكومة الاستقرار (أ.ب)

دفع الجمود السياسي وتردي الخدمات الحكومية عدداً من الليبيين للانخراط في دعوة للعصيان المدني بجميع أنحاء البلاد، يوم الجمعة المقبل، بهدف إسقاط مجلسي النواب و«الأعلى للدولة» وحكومتي «الوحدة الوطنية» و«الاستقرار»، برئاسة عبد الحميد الدبيبة وفتحي باشاغا.
وتبنى الدعوة «حراك سياسي شعبي» في شرق ليبيا، لم يكشف عن هوية منظميه لدواعٍ أمنية، لكنه كثف من مناشدة المواطنين للخروج إلى الشوارع يوم الجمعة المقبل، للمشاركة فيما سماه «ثورة شباب» للمطالبة بإسقاط الأجسام المتحكمة في المشهد السياسي، والتي تعرقل حسبه مسيرة الإصلاح في ليبيا، وإجراء الانتخابات الرئاسية والنيابية.
وتلقف الدعوة فئات شبابية عديدة بمناطق مختلفة بالبلاد، وخصوصاً في طرابلس العاصمة وتاجوراء بغرب ليبيا، معلنة تضامنها مع مطالب الحراك، وناشدت المواطنين للخروج إلى الشوارع بداية من اليوم (الأربعاء).
وحرص الحراك الشعبي على التأكيد بأن الانتفاضة التي يدعو لتنظيمها الجمعة المقبل «لا تتبع أي منظمة أو جهة سياسية أو أمنية، ولن يجري تسييسها لصالح طرف من الأطراف». موضحاً أن الاحتجاجات موجهة ضد الأطراف السياسية كافة، وتركز على إسقاط حكومتي (العائلة) و(المحاصصة). في إشارة إلى الدبيبة وباشاغا، وكذلك إسقاط مجلسي النواب والأعلى للدولة، والمطالبة بانتخابات «حرة ونزيهة في أسرع وقت ممكن».
وتعاني ليبيا من حالة احتقان سياسي واجتماعي عميقة، تغذيها أوضاع معيشية متردية، في ظل تنازع حكومتين على السلطة في البلاد، فضلاً عن تصاعد الأزمات الأمنية والاقتصادية.
وتبارى كثير من رواد شبكات التواصل الاجتماعي في أنحاء ليبيا لتوضيح أهمية الاحتشاد والتظاهر في هذا اليوم، مشيرين إلى أنه «حان الوقت للخروج عن الصمت وبرايات بيضاء ضد العنف، والدم والتهجير والحكومات والبرلمان ومجلس الدولة»، وقال أحدهم في هذا السياق إن الحراك «يرحب بكافة شباب ليبيا من كافة ربوع الوطن الحبيب».
ووسط تحذيرات أمنية، وخصوصاً في شرق ليبيا، من مغبة الانضمام لهذا الحراك أو الخروج إلى الشارع والتظاهر، وعد القائمون على الحراك بأن «العصيان سيمتد إلى مناطق البلاد كافة، ولن يتوقف عند مدينة دون أخرى، وستُغلق القطاعات كافة لحين الاستجابة لمطالبهم». وقالوا بنبرة احتجاجية: «كفانا دماءً وتهجيراً وخطفاً، فالمقابر والسجون امتلأت، والشوارع تعج بالمجرمين»، «معاً يد بيد نسقط كل الأجسام السياسية ونفعل قانون الانتخابات، بعيداً عن التدخل الأجنبي بين أبناء الوطن».
وأمام تصاعد الدعوات للانخراط في الانتفاضة المرتقبة، وجهت الأجهزة الأمنية في شرق ليبيا تحذيرات للقائمين على هذا الحراك، كما طالب العميد سالم إدريس صابر، مساعد الشؤون الأمنية بجهاز الأمن الداخلي بالمنطقة الشرقية، رؤساء فروع الجهاز «التحري بشكل عاجل ومتابعة المنشورات التي تدعو لما يسمى (ثورة الشباب)، ومعرفة المحركين والقيادات التي ستقوم بتسيير هذه المظاهرات».
وبات مصطلح «حراك» متعارفاً عليه في ليبيا للتعبير عن الأوضاع السياسية في أنحاء البلاد، من بينه «حراك من أجل 24 ديسمبر (كانون الأول)»، وهو الحراك الذي استهدف الضغط على النخبة السياسية في البلاد لإجراء الاستحقاق الانتخابي قبل نهاية العام الماضي، لكن ذلك لم يحدث. كما أن الليبيين لم ينسوا أن شرارة «ثورة 17 فبراير (شباط) 2011» انطلقت من مدينة بنغازي شرقاً، وبالتالي باتت الأجهزة الأمنية في البلاد تتخوف من دورها في تحريك الجماهير الغاضبة صوب الشارع.
وكانت بعض السيدات المشاركات في «ملتقى تجمع فزان» (جنوب) قد اشتكين من قيام كتيبة أمنية بمنعهن أول من أمس من إقامة ملتقى يطالب «بعدم تهميش سكان الإقليم»، مشيرين إلى أنهن «ملوا القهر والإقصاء». وأطلق الملتقى بياناً دعا فيه إلى «تحقيق اللحمة الوطنية والعدالة الاجتماعية، بما يضمن نيل سكان فزان والجنوب حقوقهم، وخصوصاً من النفط، وأوضحت المشاركات في الملتقى «عدم انتمائهن لأي علم أو توجه، وأن هدفهن لم الشمل واستعادة السيادة الليبية، وتحقيق التسامح» وطالبن، بحقهن «من النفط وحقنا من سيادة ليبيا... نحن نريد سيادة القانون، وهدفنا ترميم ما تبقى من شتات فزان».


مقالات ذات صلة

المنقوش تناقش في الجزائر الانتخابات الليبية وعودة المعابر

شمال افريقيا المنقوش تناقش في الجزائر الانتخابات الليبية وعودة المعابر

المنقوش تناقش في الجزائر الانتخابات الليبية وعودة المعابر

بحثت نجلاء المنقوش مع نظيرها وزير الخارجية الجزائري أحمد عطاف، خلال زيارة لها أمس إلى الجزائر، فتح المعابر البرية والنقل البحري والجوي أمام حركة التجارة وتنقل الأشخاص، بعد سنين طويلة من الإغلاق، بسبب الأزمة السياسية والأمنية في ليبيا. وذكرت الخارجية الجزائرية في بيان أن الوزيرين بحثا قضايا جارية في الساحتين المغاربية والعربية، منها تطورات ملف الصحراء، والمساعي العربية والدولية لوقف الاقتتال وحقن الدماء في السودان. وأكد البيان أن عطاف تلقى من المنقوش «عرضا حول آخر مستجدات العملية السياسية التي تقودها الأمم المتحدة، لإنهاء الأزمة في ليبيا».

شمال افريقيا وفدان أميركي وفرنسي يبحثان في ليبيا تطوير الجيش

وفدان أميركي وفرنسي يبحثان في ليبيا تطوير الجيش

بحث وفدان عسكريان، أميركي وفرنسي، في ليبيا سبل إعادة بناء وتطوير المؤسسة العسكرية المُنقسمة، بين شرق البلاد وغربها، منذ إسقاط النظام السابق، في وقت زار فيه المشير خليفة حفتر، القائد العام لـ«الجيش الوطني» روما، والتقى برئيسة الوزراء بالحكومة الإيطالية جورجا ميلوني، وعدد من وزراء حكومتها. وفي لقاءين منفصلين في طرابلس (غرباً) وبنغازي (شرقاً)، التقى الوفدان الأميركي والفرنسي قيادات عسكرية للتأكيد على ضرورة توحيد الجيش الليبي.

جمال جوهر (القاهرة)
شمال افريقيا المنقوش تبحث في الجزائر الانتخابات الليبية وعودة الحركة على المعابر

المنقوش تبحث في الجزائر الانتخابات الليبية وعودة الحركة على المعابر

بحثت وزيرة الخارجية الليبية نجلاء المنقوش مع نظيرها الجزائري أحمد عطاف، خلال زيارة لها اليوم الخميس إلى الجزائر، في فتح المعابر البرية والنقل البحري والجوي أمام حركة التجارة وتنقل الاشخاص، بعد سنوات طويلة من الإغلاق، بسبب الأزمة السياسية والامنية في ليبيا.

المنجي السعيداني (تونس)
شمال افريقيا «حبوب الهلوسة»... «سلاح قاتل» يستهدف عقول الليبيين

«حبوب الهلوسة»... «سلاح قاتل» يستهدف عقول الليبيين

لم يكن من قبيل الصدفة أن تقذف أمواج البحر المتوسط كميات متنوعة من المخدرات إلى السواحل الليبية، أو أن تتلقف شِباك الصيادين قرب الشاطئ «حزماً» من «الحشيش والكوكايين وحبوب الهلوسة»، فالبلاد تحوّلت -وفق تقرير أممي- إلى «معبر مهم» لهذه التجارة المجرّمة. وتعلن السلطات الأمنية في عموم ليبيا من وقت لآخر عن ضبط «كميات كبيرة» من المخدرات قبل دخولها البلاد عبر الموانئ البحري والبرية، أو القبض على مواطنين ووافدين وهو يروّجون هذه الأصناف التي يُنظر إليها على أنها تستهدف «عقول الشباب الليبي». غير أنه بات لافتاً من واقع عمليات الضبط التي تعلن عنها السلطات المحلية تزايُد تهريب المخدرات وتعاطيها، خصوصاً «حبوب

جمال جوهر (القاهرة)
شمال افريقيا «النواب» و«الدولة» يقران آلية عمل لجنة قوانين الانتخابات الليبية

«النواب» و«الدولة» يقران آلية عمل لجنة قوانين الانتخابات الليبية

استهلّت اللجنة المُشتركة لممثلي مجلسي «النواب» و«الدولة» (6+6) المكلفة بإعداد قوانين الانتخابات الليبية، اجتماعاتها في العاصمة طرابلس بـ«الاتفاق على آلية عملها». وطبقاً لما أعلنه عبد الله بليحق، المتحدث الرسمي باسم مجلس النواب، فقد شهد الاجتماع ما وصفه بتقارب في وجهات النظر بين أعضاء اللجنة حول القوانين الانتخابية، مشيراً، في بيان مقتضب مساء أول من أمس، إلى أنه «تم أيضاً الاتفاق على التواصل مع الجهات والمؤسسات ذات العلاقة بالعملية الانتخابية».

خالد محمود (القاهرة)

مصر تعدد «إنجازاتها» في «حقوق الإنسان» قبل مراجعة دورية بجنيف

بنايات على نيل القاهرة (تصوير: عبد الفتاح فرج)
بنايات على نيل القاهرة (تصوير: عبد الفتاح فرج)
TT

مصر تعدد «إنجازاتها» في «حقوق الإنسان» قبل مراجعة دورية بجنيف

بنايات على نيل القاهرة (تصوير: عبد الفتاح فرج)
بنايات على نيل القاهرة (تصوير: عبد الفتاح فرج)

عدّدت مصر «إنجازاتها» في ملف حقوق الإنسان خلال السنوات الأخيرة، قبل مناقشة «تقرير المراجعة الشاملة» أمام المجلس الدولي لحقوق الإنسان بجنيف، في يناير (كانون الثاني) المقبل، وأكدت القاهرة «هدم السجون (غير الآدمية) وإقامة مراكز إصلاح حديثة».

وتقدمت الحكومة المصرية في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، بتقريرها الرابع أمام «آلية المراجعة الدورية الشاملة» التابعة لمجلس حقوق الإنسان الدولي، تمهيداً لمناقشته الشهر المقبل، وهو تقرير دوري تقدمه مصر كل 4 سنوات... وسبق أن قدّمت القاهرة 3 تقارير لمراجعة أوضاع حقوق الإنسان في أعوام 2010، و2014، و2019.

وقال عضو «المجلس القومي لحقوق الإنسان» بمصر، رئيس «المنظمة المصرية لحقوق الإنسان» (مؤسسة حقوقية)، عصام شيحة، إن «الحكومة المصرية حققت (قفزات) في ملف حقوق الإنسان»، وأشار في تصريحات تلفزيونية، مساء الخميس، إلى أن «السنوات الأخيرة، شهدت قنوات اتصال بين المنظمات الحقوقية والمؤسسات الحكومية بمصر»، منوهاً إلى أن «مصر هدمت كثيراً من السجون القديمة التي كانت (غير آدمية) وأقامت مراكز إصلاح حديثة».

وأوضح شيحة في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، الجمعة، أن «الحكومة المصرية تبنت فلسفة عقابية جديدة داخل السجون عن طريق الحد من العقوبات السالبة للحريات، وأنها هدمت نحو 15 سجناً، وقامت ببناء 5 مراكز إصلاح وتأهيل وفق أحدث المعايير الدولية، وتقدم برامج لتأهيل ودمج النزلاء».

عادّاً أن تقديم مصر لتقرير المراجعة الدورية أمام «الدولي لحقوق الإنسان» بجنيف، «يعكس إرادة سياسية للتواصل مع المنظمات الدولية المعنية بملف حقوق الإنسان».

وشرعت وزارة الداخلية المصرية أخيراً في إنشاء «مراكز للإصلاح والتأهيل» في مختلف المحافظات، لتكون بديلة للسجون القديمة، ونقلت نزلاء إلى مراكز جديدة في «وادي النطرون، وبدر، و15 مايو»، وتضم المراكز مناطق للتدريب المهني والفني والتأهيل والإنتاج، حسب «الداخلية المصرية».

ورغم الاهتمام الحكومي بملف حقوق الإنسان في البلاد، وفق مراقبين؛ فإن عضو «المجلس القومي لحقوق الإنسان» يرى أن «هناك ملفات تحتاج إلى تحرك مثل ملف الحبس الاحتياطي في التهم المتعلقة بالحريات».

الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي يستعرض التقرير الثالث لـ«الاستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان» في مصر (الرئاسة المصرية)

وفي وقت سابق، أعلن الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، استجابته لتوصيات مناقشات «الحوار الوطني» (الذي ضم شخصيات عامة وحزبية وأكاديميين وسياسيين) بشأن قضية الحبس الاحتياطي، داعياً في إفادة للرئاسة المصرية، أغسطس (آب) الماضي، إلى «أهمية تخفيض الحدود القصوى لمدد الحبس، وتطبيق بدائل مختلفة للحبس الاحتياطي».

ويرى وكيل «لجنة حقوق الإنسان» بمجلس النواب المصري (البرلمان)، النائب أيمن أبو العلا، أن «الحكومة المصرية حققت تقدماً في تنفيذ محاور (الاستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان) التي أطلقتها عام 2021»، ودلل على ذلك بـ«إلغاء قانون الطوارئ، وتشكيل لجان للعفو الرئاسي، والسعي إلى تطبيق إصلاح تشريعي مثل تقديم قانون جديد لـ(الإجراءات الجنائية) لتقنين الحبس الاحتياطي».

وكان وزير الخارجية المصري، بدر عبد العاطي، قد عرض على الرئيس المصري، الأربعاء الماضي، التقرير الثالث لـ«الاستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان»، متضمناً «المبادرات والبرامج التي جرى إعدادها للارتقاء بأوضاع حقوق الإنسان بمفهومها الشامل، السياسي والاقتصادي والاجتماعي والثقافي».

وحسب إفادة للرئاسة المصرية، وجه الرئيس المصري بـ«استمرار جهود نشر الوعي بحقوق الإنسان في مؤسسات الدولة كافة، ورفع مستوى الوعي العام بالحقوق والواجبات»، وشدد على «تطوير البنية التشريعية والمؤسسية لإنجاح هذا التوجه».

عودة إلى وكيل «لجنة حقوق الإنسان» بـ«النواب» الذي قال إن ملف حقوق الإنسان يتم استغلاله من بعض المنظمات الدولية سياسياً أكثر منه إنسانياً، موضحاً لـ«الشرق الأوسط» أن «هناك ازدواجية في معايير بعض المنظمات التي تغض الطرف أمام انتهاكات حقوق الإنسان في غزة ولبنان، وتتشدد في معاييرها مع دول أخرى».