تفاؤل لبناني بتسوية الأزمة الحدودية مع إسرائيل

بعد حديث واشنطن عن «تضييق الخلافات»

من لقاء وزير الخارجية اللبناني مع الوسيط الأميركي هوكشتاين خلال زيارته الأخيرة إلى بيروت (إ.ب.أ)
من لقاء وزير الخارجية اللبناني مع الوسيط الأميركي هوكشتاين خلال زيارته الأخيرة إلى بيروت (إ.ب.أ)
TT

تفاؤل لبناني بتسوية الأزمة الحدودية مع إسرائيل

من لقاء وزير الخارجية اللبناني مع الوسيط الأميركي هوكشتاين خلال زيارته الأخيرة إلى بيروت (إ.ب.أ)
من لقاء وزير الخارجية اللبناني مع الوسيط الأميركي هوكشتاين خلال زيارته الأخيرة إلى بيروت (إ.ب.أ)

أعاد لقاء الوسيط الأميركي لترسيم الحدود البحرية اللبنانية مع إسرائيل آموس هوكشتاين، مع الجانب الإسرائيلي، الزخم إلى المباحثات المعلقة منذ نحو عام، وحمل مؤشرات على «حلحلة» تعيد استئناف المفاوضات غير المباشرة في الناقورة في أقصى جنوب غربي لبنان، حسب ما قالت مصادر لبنانية مواكبة لملف المفاوضات لـ«الشرق الأوسط».
وبدأت المؤشرات الإيجابية تظهر في بيان الخارجية الأميركية ليل أول من أمس الاثنين، حيث قال المتحدث باسم الخارجية الأميركية نيد برايس، إنه «بعد مباحثات مع النظراء اللبنانيين في وقت سابق من هذا الشهر، أجرى كبير مستشاري أمن الطاقة آموس هوكستين محادثات الأسبوع الماضي مع النظراء الإسرائيليين حول حدودهم البحرية». وقال إن «المباحثات المتبادلة كانت مثمرة ودفعت قدماً باتجاه تضييق الخلافات بين الجانبين»، مؤكداً أن الولايات المتحدة «ستواصل العمل مع الأطراف المعنية خلال الأيام والأسابيع المقبلة».
ولا يعرف المسؤولون اللبنانيون ما سيحمله هوكشتاين بعد، كما لم يتحدد أي موعد لعودته إلى لبنان، بانتظار عودة السفيرة الأميركية في بيروت دوروثي شيا، الموجودة خارج البلاد. وقالت المصادر: «إننا ننتظر عودة هوكشتاين لمعرفة ما يحمله من الجانب الإسرائيلي ليُبنى على الشيء مقتضاه».
وخلال وجوده في لبنان، التقى الوسيط الأميركي برئيس الجمهورية ميشال عون الذي شدد على «حقوق لبنان السيادية في المياه والثروات الطبيعية»، وقدم له رداً على المقترح الأميركي الذي سبق للوسيط أن قدمه قبل أشهر، قبل أن ينقله هوكشتاين إلى الجانب الإسرائيلي. كما التقى رئيس الحكومة نجيب ميقاتي ووزير الخارجية فيليب بوحبيب وعدداً من النواب والسياسيين.
وقالت المصادر إن الزيارة الأخيرة لهوكشتاين إلى بيروت، «أثمرت إيجابية على صعيد استئناف المفاوضات»، ويتمثل أهم ما طرأ عليها، بأن رئيس الجمهورية «أَسمَعَ الأميركيين ما يتيح استئناف المفاوضات، وبالتالي إقناع الجانب الإسرائيلي بالعودة إلى التفاوض»، وذلك بعد ممانعة تل أبيب لاستئناف المفاوضات، على خلفية المطالب القصوى التي طالب بها لبنان في الجولات السابقة، وهي المطالبة بالخط 29 الذي بات الآن خارج النقاش.
ولطالما مثل الخط 29 التفاوضي، الحد الأقصى في المطالب اللبنانية. وقالت المصادر المواكبة للملف إن الفارق بين السابق والآن، أن المفاوض اللبناني «طرح زاوية جديدة للتفاوض مختلفة عن الطروحات السابقة التي عقدت المفاوضات، بمعزل عن تفاصيلها، بهدف استئناف التفاوض».
ولا يجد لبنان خياراً إلا باستئناف التفاوض في هذه المرحلة، بما يمكنه من استئناف التنقيب عن الثروة الغازية والنفطية في مياهه الإقليمية، وإخماد توترات محتملة تصاعدت التهديدات بشأنها في الآونة الأخيرة على خلفية رسو سفينة الإنتاج «انرجين» على مسافة 2.5 ميل جنوب الخط 29 للإنتاج من حقل كاريش.
وقالت مصادر لبنانية مواكبة لمسار التفاوض والوساطة الأميركية، إن الأساس هو اتفاق الإطار الذي أعلنه رئيس مجلس النواب نبيه بري في مطلع أكتوبر (تشرين الأول) 2022 مشددة في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» على أنه «لا يمكن إهماله»، كونه ينص على التفاوض وتثبيت الحدود والتوقيع في وقت لاحق.
وتنظر المصادر للتصريح الأميركي الأخير على أنه إيجابي، بالنظر إلى الإشارة الأميركية إلى ردم الهوة الكبيرة والتخلي عن الطروحات التفاوضية القصوى، للانتقال إلى المرحلة الثانية وهي العودة لاستئناف المفاوضات عبر اللجنة الرباعية في الناقورة، حيث تعقد مفاوضات غير مباشرة بين وفدين لبناني وإسرائيلي، تحت علم الأمم المتحدة وبإشرافها في مقرها في الناقورة، وبوساطة وتسهيل أميركيين. وقالت المصادر إن مجرد استئناف المفاوضات «سيتيح تقديم الطروحات والتفاوض على أساسها بغية التوصل إلى حل يضع لبنان على سكة التنقيب واستخراج ثرواته من مياهه الإقليمية». هذه الإيجابية، الهادفة إلى العودة إلى طاولة المفاوضات في الناقورة، عبر عنها نائب رئيس مجلس النواب إلياس بو صعب أمس بقوله إن «بيان وزارة الخارجية الأميركية عن المحادثات التي أجراها آموس هوكشتاين مع الإسرائيليين بملف ترسيم الحدود البحرية والتي وصفها بالمثمرة أمر إيجابي ونقدر تعهد الإدارة الأميركية بالتواصل في الأيام المقبلة الذي نأمل منه أن يؤدي لاستئناف المفاوضات غير المباشرة في الناقورة».
وكانت وزارة الطاقة الإسرائيلية قد أعلنت الأحد الماضي أن مفاوضين إسرائيليين اجتمعوا مع الوسيط الأميركي في محاولة لحل النزاع على الحدود البحرية مع لبنان. وقالت الوزارة إن الفريق استمع إلى أحدث المستجدات بعد زيارة الوسيط للبنان وناقش الطرفان صياغة توجهات بناءة للمضي قدماً في المفاوضات. وأضافت أنها ستحافظ على المصالح الاقتصادية والأمنية لإسرائيل لكنها تعتزم «حل القضية في المستقبل القريب».


مقالات ذات صلة

رحيل الموسيقار اللبناني إيلي شويري

المشرق العربي رحيل الموسيقار اللبناني إيلي شويري

رحيل الموسيقار اللبناني إيلي شويري

تُوفّي الموسيقار اللبناني إيلي شويري، عن 84 عاماً، الأربعاء، بعد تعرُّضه لأزمة صحية، نُقل على أثرها إلى المستشفى، حيث فارق الحياة. وأكدت ابنته كارول، لـ«الشرق الأوسط»، أنها تفاجأت بانتشار الخبر عبر وسائل التواصل الاجتماعي، قبل أن تعلم به العائلة، وأنها كانت معه لحظة فارق الحياة.

المشرق العربي القضاء اللبناني يطرد «قاضية العهد»

القضاء اللبناني يطرد «قاضية العهد»

وجّه المجلس التأديبي للقضاة في لبنان ضربة قوية للمدعية العامة في جبل لبنان القاضية غادة عون، عبر القرار الذي أصدره وقضى بطردها من القضاء، بناء على «مخالفات ارتكبتها في إطار ممارستها لمهمتها القضائية والتمرّد على قرارات رؤسائها والمرجعيات القضائية، وعدم الامتثال للتنبيهات التي وجّهت إليها». القرار التأديبي صدر بإجماع أعضاء المجلس الذي يرأسه رئيس محكمة التمييز الجزائية القاضي جمال الحجار، وجاء نتيجة جلسات محاكمة خضعت إليها القاضية عون، بناء على توصية صدرت عن التفتيش القضائي، واستناداً إلى دعاوى قدمها متضررون من إجراءات اتخذتها بمعرض تحقيقها في ملفات عالقة أمامها، ومخالفتها لتعليمات صادرة عن مرجع

يوسف دياب (بيروت)
المشرق العربي جعجع: فرص انتخاب فرنجية للرئاسة باتت معدومة

جعجع: فرص انتخاب فرنجية للرئاسة باتت معدومة

رأى رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع أن فرص انتخاب مرشح قوى 8 آذار، رئيس تيار المردة سليمان فرنجية، «باتت معدومة»، مشيراً إلى أن الرهان على الوقت «لن ينفع، وسيفاقم الأزمة ويؤخر الإصلاح». ويأتي موقف جعجع في ظل فراغ رئاسي يمتد منذ 31 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، حيث فشل البرلمان بانتخاب رئيس، وحالت الخلافات السياسية دون الاتفاق على شخصية واحدة يتم تأمين النصاب القانوني في مجلس النواب لانتخابها، أي بحضور 86 نائباً في دورة الانتخاب الثانية، في حال فشل ثلثا أعضاء المجلس (86 نائباً من أصل 128) في انتخابه بالدورة الأولى. وتدعم قوى 8 آذار، وصول فرنجية إلى الرئاسة، فيما تعارض القوى المسيحية الأكثر

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي بخاري يواصل جولته على المسؤولين: الاستحقاق الرئاسي شأن داخلي لبناني

بخاري يواصل جولته على المسؤولين: الاستحقاق الرئاسي شأن داخلي لبناني

جدد سفير المملكة العربية السعودية لدى لبنان، وليد بخاري، تأكيد موقف المملكة من الاستحقاق الرئاسي اللبناني بوصفه «شأناً سياسياً داخلياً لبنانياً»، حسبما أعلن المتحدث باسم البطريركية المارونية في لبنان بعد لقاء بخاري بالبطريرك الماروني بشارة الراعي، بدأ فيه السفير السعودي اليوم الثاني من جولته على قيادات دينية وسياسية لبنانية. وفي حين غادر السفير بخاري بكركي من دون الإدلاء بأي تصريح، أكد المسؤول الإعلامي في الصرح البطريركي وليد غياض، أن بخاري نقل إلى الراعي تحيات المملكة وأثنى على دوره، مثمناً المبادرات التي قام ويقوم بها في موضوع الاستحقاق الرئاسي في سبيل التوصل إلى توافق ويضع حداً للفراغ الرئا

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي شيا تتحرك لتفادي الفراغ في حاكمية مصرف لبنان

شيا تتحرك لتفادي الفراغ في حاكمية مصرف لبنان

تأتي جولة سفيرة الولايات المتحدة الأميركية لدى لبنان دوروثي شيا على المرجعيات الروحية والسياسية اللبنانية في سياق سؤالها عن الخطوات المطلوبة لتفادي الشغور في حاكمية مصرف لبنان بانتهاء ولاية رياض سلامة في مطلع يوليو (تموز) المقبل في حال تعذّر على المجلس النيابي انتخاب رئيس للجمهورية قبل هذا التاريخ. وعلمت «الشرق الأوسط» من مصادر نيابية ووزارية أن تحرك السفيرة الأميركية، وإن كان يبقى تحت سقف حث النواب على انتخاب رئيس للجمهورية لما للشغور الرئاسي من ارتدادات سلبية تدفع باتجاه تدحرج لبنان من سيئ إلى أسوأ، فإن الوجه الآخر لتحركها يكمن في استباق تمدد هذا الشغور نحو حاكمية مصرف لبنان في حال استحال عل

محمد شقير (بيروت)

عائدون إلى بعلبك يخططون للإقامة في الخيام فوق ركام منازلهم

عائدون إلى بعلبك يخططون للإقامة في الخيام فوق ركام منازلهم
TT

عائدون إلى بعلبك يخططون للإقامة في الخيام فوق ركام منازلهم

عائدون إلى بعلبك يخططون للإقامة في الخيام فوق ركام منازلهم

لم تُخفِ العائلات العائدة إلى منازلها من بلدة دير الأحمر وقراها فرحتها بإعلان دخول قرار وقف إطلاق النار حيز التنفيذ. جمعت تلك العائلات أغراضها على عجل، وحزمت أمتعتها داخل السيارات وعلى أسطحها؛ وذلك «لأن رحلة النزوح متعبة... وآن لنا الخروج من كابوس الموت».

وأُجبرت مئات العائلات على النزوح من منازلها، حين بدأ القصف المكثف يستهدف بعلبك (شرق لبنان) والقرى المحيطة بها. لم يجدوا ملاذاً غير القرى المسيحية والسنية في البقاع الشمالي. فتحت تلك المنازل أبوابها للنازحين، بمعزل عن الخلافات السياسية، ويبدو النازحون العائدون اليوم ممتنين لتلك الاستضافة.

وكان سكان منازل الضيافة أول العائدين... «لا نريد أن نكون عبئاً إضافياً على مستضيفينا»... يقول سليمان، أحد النازحين العائدين، إن العائلات الموجودة في مراكز الإيواء بدأت جمع حاجياتها لتأمين رحلة العودة تدريجياً؛ «أما نحن، فقد عدنا باكراً. تركنا بعضاً من حاجياتنا في منازل الضيافة في شليفا، على أمل أن نعود في وقت لاحق لنستكمل جمع ما تبقى لنا من حاجيات وأغراض لنأتي بها إلى بعلبك، ولنقدم الشكر لمستضيفينا».

وشهدت طريق دير الأحمر، منذ ساعات الصباح الأولى، زحمة عائدين بسيارات محملة بالفرش والأطفال. لا يكترث هؤلاء لأحوال المنازل، فالأولوية بالنسبة إليهم هي العودة. يقول محمد: «عدت إلى بيتي ووجدته مدمراً. كنت نازحاً إلى اليمونة. الآن سأنصب خيمة فوق ركام منزلي وأسكن فيها فوق الركام رغم الطقس البارد».

ومثل محمد كثيرون يخططون للأمر نفسه... يؤكدون أنهم لن يبقوا في رحلة النزوح، وأنهم ينوون الإقامة لدى جيرانهم أو أقربائهم قرب منازلهم المدمرة، كما يتحدثون عن نية لنصب الخيام فوق الركام للإقامة فيها.

وكانت دير الأحمر قد استضافت النازحين من دون أي عقود إيجار في منازلها، أما مراكز الإيواء، فاستضافت 12 ألف نازح، ولجأ إلى القاع على الحدود اللبنانية - السورية نحو 1100 نازح، وإلى راس بعلبك 1900 سكنوا في المنازل، بينما سكن 1800 آخرون في مراكز الإيواء.

أما في عرسال، فقد سكن 25 ألف شخص في مراكز الإيواء والمنازل، بينما لجأ 20 ألفاً آخرون إلى بلدتَي الجديدة والفاكهة.

ومن طرابلس، بدأ المتحدرون من البقاع الشمالي العودة إلى قراهم. لم يُخفِ الثلاثيني محمد الفيتروني، العامل على خط بعلبك - بيروت لنقل الركاب، فرحته مع سريان وقف إطلاق النار. فقد عادت عائلتاه الصغيرة والكبيرة من طرابلس، عاصمة الشمال اللبناني، التي لجأت إليها العائلات مع توسعة الحرب في 23 سبتمبر (أيلول) الماضي.

يقول محمد: «جمعت زوجتي بعض أواني وأغراض المنزل وما استطاعت حمله، منذ لحظة إعلان سريان وقف إطلاق النار»، لافتاً إلى أن «أول شيء هو أن أتوجه بالشكر لأهالي القبة ومن استضافوني في منزل يؤوي عائلتي المؤلفة من 8 أفراد. لا شيء يضاهي الأمان وراحة البال، فكل أموال الدنيا لا تساوي شيئاً أمام الأمان».

يخطط محمد ليجتمع بعائلته التي لم يرها منذ 4 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، ويضيف: «انطلقت عائلتي باتجاه البقاع، وهي في طريق عودتها إلى المنزل في بعلبك، وستكون الفرحة الكبرى عندما أجتمع بأقاربي وأولادي الذين لم أرهم منذ أكثر من شهر».

ويقول محمد إنه أُجبِرَ على النزوح من مدينة بعلبك «بعدما سوي منزل جيراننا بالأرض، مما دفع بي إلى البحث عن مكان آمن أحمي فيه عائلتي من البرد والصقيع، فاستأجرت منزلاً متواضعاً في القبة بـ300 دولار لشهر واحد».