مصر ترحل أقدم مضرب عن الطعام في سجونها.. والخارجية الأميركية ترحب بالقرار

المجلس القومي يعلن اليوم تقريره عن حالة حقوق الإنسان

الناشط المصري الأميركي محمد سلطان (أ.ب)
الناشط المصري الأميركي محمد سلطان (أ.ب)
TT

مصر ترحل أقدم مضرب عن الطعام في سجونها.. والخارجية الأميركية ترحب بالقرار

الناشط المصري الأميركي محمد سلطان (أ.ب)
الناشط المصري الأميركي محمد سلطان (أ.ب)

رحلت السلطات المصرية الناشط المصري الأميركي محمد سلطان، نجل القيادي الإخواني صلاح سلطان، الصادر بحقه حكم بالمؤبد، إلى الولايات المتحدة، بعد تنازله عن جنسيته المصرية، إعمالا لقانون يجيز ترحيل المتهمين الأجانب إلى دولهم.
وبينما أعربت الخارجية الأميركية، أمس، «عن ترحيبها بالقرار باعتباره مواطنا أميركيا»، يستعد المجلس القومي لحقوق الإنسان شبه الرسمي لإعلان تقريره عن حالة حقوق الإنسان في مصر، في الفترة من يوليو (تموز) عام 2013، وحتى نهاية ديسمبر (كانون الأول) عام 2014.
وأعلن عمر سلطان شقيق محمد سلطان، المتهم في قضية غرفة عمليات رابعة العدوية (في إشارة إلى ميدان رابعة العدوية الذي شهد اعتصام أنصار الجماعة صيف العام قبل الماضي)، والصادر ضده حكم بالمؤبد، ترحيل شقيقه بعد تنازله عن الجنسية المصرية، فيما أكد مصدر أمني بمطار القاهرة الدولي، أن «محمد أنهى إجراءات سفره بجواز سفر أميركي، أمس، وغادر على متن الطائرة المتجهة إلى فرانكفورت، حيث من المقرر أن يستقل من فرانكفورت طائرة إلى نيويورك».
وكانت الخارجية الأميركية ناشدت مصر، في أبريل (نيسان) الماضي، تصحيح قرارها بشأن الحكم على مواطنها محمد سلطان، ورحب مسؤول بارز في الخارجية الأميركية، أمس، بقرار ترحيل «المواطن الأميركي محمد».
وقال المسؤول الأميركي في بيان حصلت «الشرق الأوسط» على نسخة منه، إن بلاده «تعتقد أن هذه الخطوة تضع حدا لهذه القضية.. نحن سعداء بأن محمد سيلتحق مجددا بعائلته في الولايات المتحدة».
من جانبه، أكد المستشار هشام بركات النائب العام المصري، أمس، أن قرار ترحيل محمد سلطان جاء تطبيقًا للقانون المصري، الذي يجيز للرئيس الموافقة على تسليم المتهمين ونقل المحكوم عليهم من غير المصريين إلى دولهم، لمحاكمتهم أو تنفيذ العقوبة الصادرة بحقهم، متى اقتضت مصلحة الدولة العليا ذلك، وبناء على عرض يقدمه النائب العام وبعد موافقة مجلس الوزراء، لكن كامل مندور، عضو هيئة الدفاع عن قيادات جماعة الإخوان، قال إن «محمد سلطان أسقطت العقوبة عنه بمجرد ترحيله من السجن إلى أميركا».
وقضت محكمة مصرية، الشهر الماضي، بالسجن المؤبد على محمد سلطان، وهو ناشط وصحافي، مع صحافيين مصريين آخرين، ضمن جملة من الأحكام أصدرتها في حق مرشد جماعة الإخوان المسلمين محمد بديع و13 آخرين، في القضية المعروفة إعلاميا بـ«غرفة عمليات رابعة».
وظهر محمد على كرسي متحرك، خلال جلسات القضية، بصحبة والده القيادي الإخواني صلاح سلطان. ووجهت النيابة العامة إلى المدانين، وبينهم محمد، اتهامات عدة تتعلق بـ«إعداد غرفة عمليات لتوجيه تحركات تنظيم الإخوان بهدف مواجهة الدولة وإشاعة الفوضى في البلاد، عقب فض اعتصامي رابعة العدوية ونهضة مصر»، كما اتهمتهم أيضا بـ«التخطيط لاقتحام وحرق أقسام الشرطة والممتلكات الخاصة والكنائس».
وألقي القبض على محمد في منزله بالقاهرة في 27 أغسطس (آب) 2013، وبحسب أسرته، يعد محمد صاحب أطول إضراب عن الطعام يقدر بنحو 490 يوما، وهو أول سجين يعلن الإضراب عن الطعام في السجون المصرية، منذ بدء المواجهات بين «الإخوان» والسلطات عقب ثورة 30 يونيو (حزيران)، التي أنهت عاما من حكم الجماعة صيف العام قبل الماضي.
وسبق أن رحلت السلطات المصرية، مطلع العام الحالي الصحافي الأسترالي بيتر غريست إلى بلاده، وهو أحد المتهمين في القضية المعروفة إعلاميا بـ«خلية الماريوت»، ولا تزال السلطات الكندية تدرس الموقف القانوني والقضائي لصحافي قناة «الجزيرة» محمد فهمي، مع نظيرتها المصرية، لاتخاذ إجراءات إخلاء سبيله، وفهمي متهم «بنشر أكاذيب لمساعدة منظمة إرهابية».
ويذكر أن فهمي تنازل عن جنسيته المصرية ليحتفظ فقط بجنسيته الكندية، آملا أن يطبق عليه ما جرى بحق غريست.
ويأتي قرار ترحيل محمد سلطان ليخفف من حدة انتقادات حقوقية دولية ومحلية تواجه السلطات المصرية، وعشية إعلان المجلس القومي لحقوق الإنسان في مصر عن حالة حقوق الإنسان في البلاد خلال الفترة من يوليو عام 2013، وحتى نهاية ديسمبر الماضي.
وعرض محمد فائق رئيس المجلس القومي لحقوق الإنسان في مصر، على الرئيس عبد الفتاح السيسي، منتصف مايو (أيار) الحالي، تقرير حقوق الإنسان، كما سلم رئيس الحكومة إبراهيم محلب، نسخة من التقرير، الذي سوف يعلن اليوم (الأحد) للرأي العام في مؤتمر صحافي، وقالت مصادر مصرية، إن «التقرير يشتمل على جهود معالجة الشكاوى وتقصي الحقائق، وجهود نشر ثقافة حقوق الإنسان، وتعاون المجلس على المستويات الوطنية والإقليمية والدولية»، مضيفة أن «التقرير يتناول التشريعات الخاصة التي صدرت لحماية المرأة وضمان حصولها على حقوقها، والحرص على محاكمة المواطنين أمام القضاء المدني دون وجود محاكمات ثورية، بما يضمن حقوق المواطنين، حتى المخالفين منهم، ويكفل معاقبتهم وفقًا للقانون المدني، علاوة على جهود إرساء دعائم الأمن والاستقرار».
وأضافت المصادر المصرية أن «الفترة التي شملها التقرير تناولت مسؤولية الإرهاب عن سقوط عدد كبير من الضحايا المدنيين ورجال القوات المسلحة والشرطة، مع الإشارة إلى أهمية زيادة الكفاءة التدريبية لقطاع الشرطة لفض الاعتصامات وحماية المظاهرات السلمية، والمطالبة بتحسين الأحوال المعيشية للسجناء والارتقاء بمستوى مراكز وأماكن الاحتجاز خلال الفترة المقبلة».
وعلى صعيد المحاكمات، قررت محكمة جنايات بورسعيد المنعقدة بأكاديمية الشرطة، أمس، مد أجل النطق بالحكم في بـ«مذبحة استاد بورسعيد»، لجلسة 9 يونيو مع حظر النشر في القضية.
وكانت المحكمة قد قضت بإحالة أوراق 11 متهما إلى مفتي البلاد لاستطلاع الرأي الشرعي في شأن إصدار حكم بإعدامهم.. وتعود أحداث الواقعة إلى أحداث الشغب التي وقعت خلال مباراة بدوري كرة القدم بين ناديي الأهلي والمصري البورسعيدي، أقيمت باستاد بورسعيد الرياضي (شرق القاهرة)، في فبراير (شباط) 2012. واتهم فيها 73 شخصا من بينهم 9 قيادات أمنية، و3 من مسؤولي النادي المصري، في حين باقي المتهمين ينتمون لرابطة مشجعي النادي المصري.
وأسندت النيابة العامة للمتهمين اتهامات تتعلق بارتكاب جنايات القتل العمد مع سبق الإصرار والترصد المقترن بجنايات القتل والشروع فيه، وعقب إعلان القرار أمس، سادت حالة من الترقب والحذر، خوفا من اندلاع أحداث عنف في أنحاء مدينة بورسعيد، نتيجة غضب أهالي المتهمين خاصة المحالين للمفتي.



الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)

ضمن مخاوف الجماعة الحوثية من ارتدادات تطورات الأوضاع في سوريا على قوتها وتراجع نفوذ محور إيران في منطقة الشرق الأوسط؛ صعّدت الجماعة من ممارساتها بغرض تطييف المجتمع واستقطاب أتباع جدد ومنع اليمنيين من الاحتفال بسقوط نظام بشار الأسد.

واستهدفت الجماعة، حديثاً، موظفي مؤسسات عمومية وأخرى خاصة وأولياء أمور الطلاب بالأنشطة والفعاليات ضمن حملات التعبئة التي تنفذها لاستقطاب أتباع جدد، واختبار ولاء منتسبي مختلف القطاعات الخاضعة لها، كما أجبرت أعياناً قبليين على الالتزام برفد جبهاتها بالمقاتلين، ولجأت إلى تصعيد عسكري في محافظة تعز.

وكانت قوات الحكومة اليمنية أكدت، الخميس، إحباطها ثلاث محاولات تسلل لمقاتلي الجماعة الحوثية في جبهات محافظة تعز (جنوب غربي)، قتل خلالها اثنان من مسلحي الجماعة، وتزامنت مع قصف مواقع للجيش ومناطق سكنية بالطيران المسير، ورد الجيش على تلك الهجمات باستهداف مواقع مدفعية الجماعة في مختلف الجبهات، وفق ما نقله الإعلام الرسمي.

الجيش اليمني في تعز يتصدى لأعمال تصعيد حوثية متكررة خلال الأسابيع الماضية (الجيش اليمني)

وخلال الأيام الماضية اختطفت الجماعة الحوثية في عدد من المحافظات الخاضعة لسيطرتها ناشطين وشباناً على خلفية احتفالهم بسقوط نظام الأسد في سوريا، وبلغ عدد المختطفين في صنعاء 17 شخصاً، قالت شبكة حقوقية يمنية إنهم اقتيدوا إلى سجون سرية، في حين تم اختطاف آخرين في محافظتي إب وتعز للأسباب نفسها.

وأدانت الشبكة اليمنية للحقوق والحريات حملة الاختطافات التي رصدتها في العاصمة المختطفة صنعاء، مشيرة إلى أنها تعكس قلق الجماعة الحوثية من انعكاسات الوضع في سوريا على سيطرتها في صنعاء، وخوفها من اندلاع انتفاضة شعبية مماثلة تنهي وجودها، ما اضطرها إلى تكثيف انتشار عناصرها الأمنية والعسكرية في شوارع وأحياء المدينة خلال الأيام الماضية.

وطالبت الشبكة في بيان لها المجتمع الدولي والأمم المتحدة والمنظمات الحقوقية بإدانة هذه الممارسات بشكل واضح، بوصفها خطوة أساسية نحو محاسبة مرتكبيها، والضغط على الجماعة الحوثية للإفراج عن جميع المختطفين والمخفيين قسراً في معتقلاتها، والتحرك الفوري لتصنيفها منظمة إرهابية بسبب تهديدها للأمن والسلم الإقليميين والدوليين.

تطييف القطاع الطبي

في محافظة تعز، كشفت مصادر محلية لـ«الشرق الأوسط» عن أن الجماعة الحوثية اختطفت عدداً من الشبان في منطقة الحوبان على خلفية إبداء آرائهم بسقوط نظام الأسد، ولم يعرف عدد من جرى اختطافهم.

تكدس في نقطة تفتيش حوثية في تعز حيث اختطفت الجماعة ناشطين بتهمة الاحتفال بسقوط الأسد (إكس)

وأوقفت الجماعة، بحسب المصادر، عدداً كبيراً من الشبان والناشطين القادمين من مناطق سيطرة الحكومة اليمنية، وأخضعتهم للاستجواب وتفتيش متعلقاتهم الشخصية وجوالاتهم بحثاً عمّا يدل على احتفالهم بتطورات الأحداث في سوريا، أو ربط ما يجري هناك بالوضع في اليمن.

وشهدت محافظة إب (193 كيلومتراً جنوب صنعاء) اختطاف عدد من السكان للأسباب نفسها في عدد من المديريات، مترافقاً مع إجراءات أمنية مشددة في مركز المحافظة ومدنها الأخرى، وتكثيف أعمال التحري في الطرقات ونقاط التفتيش.

إلى ذلك، أجبرت الجماعة عاملين في القطاع الطبي، بشقيه العام والخاص، على حضور فعاليات تعبوية تتضمن محاضرات واستماع لخطابات زعيمها عبد الملك الحوثي، وشروحات لملازم المؤسس حسين الحوثي، وأتبعت ذلك بإجبارهم على المشاركة في تدريبات عسكرية على استخدام مختلف الأسلحة الخفيفة والمتوسطة والقنابل اليدوية وزراعة الألغام والتعامل مع المتفجرات.

وذكرت مصادر طبية في صنعاء أن هذه الإجراءات استهدفت العاملين في المستشفيات الخاصعة لسيطرة الجماعة بشكل مباشر، سواء العمومية منها، أو المستشفيات الخاصة التي استولت عليها الجماعة بواسطة ما يعرف بالحارس القضائي المكلف بالاستحواذ على أموال وممتلكات معارضيها ومناهضي نفوذها من الأحزاب والأفراد.

زيارات إجبارية للموظفين العموميين إلى معارض صور قتلى الجماعة الحوثية ومقابرهم (إعلام حوثي)

وتتزامن هذه الأنشطة مع أنشطة أخرى شبيهة تستهدف منتسبي الجامعات الخاصة من المدرسين والأكاديميين والموظفين، يضاف إليها إجبارهم على زيارة مقابر قتلى الجماعة في الحرب، وأضرحة عدد من قادتها، بما فيها ضريح حسين الحوثي في محافظة صعدة (233 كيلومتراً شمال صنعاء)، وفق ما كانت أوردته «الشرق الأوسط» في وقت سابق.

وكانت الجماعة أخضعت أكثر من 250 من العاملين في الهيئة العليا للأدوية خلال سبتمبر (أيلول) الماضي، وأخضعت قبلهم مدرسي وأكاديميي جامعة صنعاء (أغلبهم تجاوزوا الستين من العمر) في مايو (أيار) الماضي، لتدريبات عسكرية مكثفة، ضمن ما تعلن الجماعة أنه استعداد لمواجهة الغرب وإسرائيل.

استهداف أولياء الأمور

في ضوء المخاوف الحوثية، ألزمت الجماعة المدعومة من إيران أعياناً قبليين في محافظة الضالع (243 كيلومتراً جنوب صنعاء) بتوقيع اتفاقية لجمع الأموال وحشد المقاتلين إلى الجبهات.

موظفون في القطاع الطبي يخضعون لدورات قتالية إجبارية في صنعاء (إعلام حوثي)

وبينما أعلنت الجماعة ما وصفته بالنفير العام في المناطق الخاضعة لسيطرتها من المحافظة، برعاية أسماء «السلطة المحلية» و«جهاز التعبئة العامة» و«مكتب هيئة شؤون القبائل» التابعة لها، أبدت أوساط اجتماعية استياءها من إجبار الأعيان والمشايخ في تلك المناطق على التوقيع على وثيقة لإلزام السكان بدفع إتاوات مالية لصالح المجهود الحربي وتجنيد أبنائهم للقتال خلال الأشهر المقبلة.

في السياق نفسه، أقدمت الجماعة الانقلابية على خصم 10 درجات من طلاب المرحلة الأساسية في عدد من مدارس صنعاء، بحة عدم حضور أولياء الأمور محاضرات زعيمها المسجلة داخل المدارس.

ونقلت المصادر عن عدد من الطلاب وأولياء أمورهم أن المشرفين الحوثيين على تلك المدارس هددوا الطلاب بعواقب مضاعفة في حال استمرار تغيب آبائهم عن حضور تلك المحاضرات، ومن ذلك طردهم من المدارس أو إسقاطهم في عدد من المواد الدراسية.

وأوضح مصدر تربوي في صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن تعميماً صدر من قيادات عليا في الجماعة إلى القادة الحوثيين المشرفين على قطاع التربية والتعليم باتباع جميع الوسائل للتعبئة العامة في أوساط أولياء الأمور.

مقاتلون حوثيون جدد جرى تدريبهم وإعدادهم أخيراً بمزاعم مناصرة قطاع غزة (إعلام حوثي)

ونبه المصدر إلى أن طلب أولياء الأمور للحضور إلى المدارس بشكل أسبوعي للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة هو أول إجراء لتنفيذ هذه التعبئة، متوقعاً إجراءات أخرى قد تصل إلى إلزامهم بحضور فعاليات تعبوية أخرى تستمر لأيام، وزيارة المقابر والأضرحة والمشاركة في تدريبات قتالية.

وبحسب المصدر؛ فإن الجماعة لا تقبل أي أعذار لتغيب أولياء الأمور، كالسفر أو الانشغال بالعمل، بل إنها تأمر كل طالب يتحجج بعدم قدرة والده على حضور المحاضرات بإقناع أي فرد آخر في العائلة بالحضور نيابة عن ولي الأمر المتغيب.