في لبنان المصائب لا تأتي فرادى، حلت فاجعة جديدة على اللبنانيين عموماً، وأهالي طرابلس (شمال لبنان) خصوصاً، بعد وفاة الطفلة جومانة خالد ديكو، ابنة الخمس سنوات، تحت أنقاض مبنى منزلها، وذلك بعد أقل من أسبوع على وقوع مأساة الطفلة اللبنانية ياسمين المصري من بلدة المحمرة العكارية (شمال)، التي فارقت الحياة على أبواب المستشفيات.
وعصر الأحد الماضي، انهار مبنى في منطقة ضهر المغر في طرابلس، مؤلف من 3 طبقات، ما أدى إلى سقوط عدد من الجرحى ومقتل الطفلة جومانة التي لم تتمكن فرق الإسعاف والإنقاذ وعناصر الجيش اللبناني والدفاع المدني من انتشالها على قيد الحياة من تحت الركام، إلا أنها نجحت في إنقاذ والدة الطفلة التي أصيبت بكسور نُقلت على أثرها إلى أحد مستشفيات المنطقة.
وإثر الإعلان عن الوفاة، ساد جو من الغضب في ضهر المغر وسمع إطلاق نار كثيف في المنطقة.
وانتشرت عبر مواقع التواصل الاجتماعي صور ومقاطع فيديو لعمليات الإنقاذ، التي ترافقت مع صرخات الأهالي، والتخوف من انهيار المبنى الملاصق.
وعلى منصات التواصل الاجتماعي أيضاً، عبّر اللبنانيون عن حزنهم العميق وغضبهم، وتوالت ردود فعل الإدانة للمسؤولين، خصوصاً لناحية الإهمال الذي تشهده طرابلس «مدينة الأحزان»، كما أطلق مغردون على الطفلة لقب «شهيدة الفقر والإهمال».
https://twitter.com/RichardAbouHa10/status/1541134574855536642
وتابع وزير الداخلية والبلديات في حكومة تصريف الأعمال بسام مولوي الحادثة، وقد أعطى تعليماته إلى كل من المديرية العامة لقوى الأمن الداخلي والمدير العام للدفاع المدني ومحافظ الشمال لإجراء اللازم وإزالة الأنقاض.
ودعا مولوي «جميع الموجودين في محيط المبنى إلى مغادرة المكان حفاظاً على سلامتهم وإفساحاً في المجال أمام المختصين للعمل، وذلك حرصاً على فاعلية عمليات الإنقاذ».
وهذه ليست المرة الأولى التي تنهار فيها مبان قديمة وخصوصاً في طرابلس، ورغم التقارير عن خطورة هذه المباني والطلب من سكانها إخلاءها، إلا أن الأوضاع الاجتماعية وحالات الفقر والعوز ألزمت بعض السكان على البقاء فيها لعدم قدرتهم على الانتقال إلى مكان آخر.
وأمس (الاثنين)، عقد رئيس بلدية طرابلس رياض يمق مؤتمراً صحافياً لمناقشة تداعيات المبنى المنهار، قدم خلالها تعازيه لعائلة الطفلة جومانة، وقال إنه سبق أن تقدم إلى مجلس الوزراء بعدة طلبات تشرح وضع المباني المهددة بالانهيار، وأرسل عدداً من الكتب تؤكد أن هناك عشرات المباني يلزمها ترميم بكلفة 30 مليون دولار «ولكن لم نلق أي تجاوب من قبل المعنيين».
وحذر يمق من خطورة وضع ما يقارب 100 مبنى يقطنها فقراء وقد تنهار وهي بحاجة إلى ترميم، أضاف: «هناك بيوت في المناطق الداخلية والأسواق الشعبية متداعية ولا يملك قاطنوها أي مأوى بديل».
وإذ دعا الدولة إلى أن «تتحمل مسؤوليتها تجاه 400 بناء مهدد في أي لحظة ومجلس الوزراء لم يحرك ساكناً واكتفى بإرسال كتب أن وضع طرابلس شبيه بمناطق لبنانية أخرى»، وصف الوضع بأنه «بات لا يحتمل فما يجري اليوم خطير وبتنا نعيش في مزرعة وطرابلس تدفع ثمن التهميش والحرمان».
ومنذ أشهر يُعاني المبنى من تصدعات كبيرة شأنه شأن مبانٍ أخرى موجودة في منطقة ضهر المغر التي تسكنها غالبية من سكان طرابلس الأكثر فقراً.
وتصنف طرابلس بأنها الأفقر في حوض البحر الأبيض المتوسط، حيث يعيش أكثر من نصف سكانها تحت خط الفقر.