«ميتا» تستعرض رؤيتها لمستقبل تصاميم نظارات الواقعين الافتراضي والمعزز

«الشرق الأوسط» حضرت جلسة رقمية مع زوكربيرغ وفريق مختبرات التطوير للتعرف على التقنيات المقبلة

مارك زوكربيرغ يستعرض مجموعة من نماذج النظارات المتقدمة المقبلة
مارك زوكربيرغ يستعرض مجموعة من نماذج النظارات المتقدمة المقبلة
TT

«ميتا» تستعرض رؤيتها لمستقبل تصاميم نظارات الواقعين الافتراضي والمعزز

مارك زوكربيرغ يستعرض مجموعة من نماذج النظارات المتقدمة المقبلة
مارك زوكربيرغ يستعرض مجموعة من نماذج النظارات المتقدمة المقبلة

أُطلقت تقنيات الواقعين الافتراضي والمعزز للمستخدمين بشكل تجاري قبل بضعة أعوام، لكنها كانت تجارب بدائية رغم درجة الانغماس الكبيرة التي تقدمها، وذلك بسبب عدم نضوج التقنيات المستخدمة فيها. وحضرت «الشرق الأوسط» جلسة رقمية مع مارك زوكربيرغ، مؤسس «ميتا»، ومايكل أبراش، كبير علماء مختبرات تطوير تقنيات الواقع الافتراضي، اسمها «داخل المختبر» (Inside the Lab)، تحدثا فيها عن متطلبات بناء شاشات الجيل التالي للواقعين الافتراضي والمعزز تماثل دقة وواقعية العالم الفعلي، وكيفية حل مشاكل تقنية متعلقة بكيفية إدراكنا للأشياء، وكيفية معالجة أعيننا للإشارات البصرية وترجمة عقولنا لها.
- محاكاة الواقع
يرى مارك زوكربيرغ، أن مجرد مشاهدة صورة تبدو واقعية ليس كافياً للإحساس بشعور المحاكاة، حيث نحتاج أيضاً إلى وجود كل الإشارات البصرية الأخرى، وهي مشكلة أكثر تعقيداً من مجرد عرض صورة تبدو واقعية على شاشة كومبيوتر أو تلفزيون، ونحتاج إلى استخدام شاشات مجسمة لإنشاء صور ثلاثية الأبعاد، وعرض الأشياء، وتركيز العينين على أبعاد مختلفة، وهو أمر مختلف عن الشاشة أو العروض التقليدية التي نحتاج فيها إلى التركيز على عُمق واحد فقط. ونحتاج أيضاً إلى شاشات يمكنها تغطية زاوية أكثر اتساعاً من مجال الرؤية بدرجة أكبر من الشاشات التقليدية.
ولخص الفريق التحديات أمام الحصول على تجربة مميزة وواقعية للواقعين الافتراضي والمعزز بضرورة وجود شاشة عريضة تستطيع تغيير التركيز والغباشة للعناصر المختلفة حسب النظر، وشدة الإضاءة والألوان، وتتبع حركة دقيق وفائق السرعة، إلى جانب ضرورة تقديم نظام رسومات فائق السرعة يستطيع العمل لفترة مطولة داخل نظارات خفيفة الوزن وسهلة الارتداء.
وتعمل «ميتا» على حلول عديدة خاصة بنظام الشاشات لتقديم دقة رسومات عالية في نظارات خفيفة الوزن وصغيرة الحجم ذات عمر بطارية مطول وألوان مبهرة. ولاحظ الفريق أن تقنيات النظارات الحالية تشوه الصورة من حيث نوعية العدسات وزوايا العرض، وما يرتبط بذلك من الإعياء للعين جراء الاستخدام المطول، حيث تحاول العين التركيز على عناصر متباعدة على الشاشة التي تعرض الصورة من مسافة ثابتة، الأمر الذي يسبب الإجهاد للعين.
عامل آخر مرتبط هو أن مدى الرؤية في نظارات الواقع الافتراضي أعرض وبزوايا واسعة مقارنة بالشاشات التقليدية للكومبيوتر، الأمر الذي يعني أن كثافة البكسل في البوصة الواحدة ستكون أقل في النظارات، الأمر الذي يعني أن دقة وجودة الصور ستنخفضان في أي منطقة محددة. ودرس فريق الأبحاث دقة النظر وتوصلوا إلى أن أصحاب النظر الصحيح بالكامل يحتاجون إلى دقة تتجاوز «8K» في منظور الرؤية الكامل للحصول على أفضل جودة ممكنة.

مارك زوكربيرغ يستعرض مجموعة من نماذج النظارات المتقدمة المقبلة

- نظارات متطورة
إلا أن الأمر لا يحتاج إلى وجود دقة فائقة في جميع أجزاء المشهد المنظور، بل فقط في المنطقة التي تنظر نحوها العين البشرية، حيث تظهر المناطق الأخرى خارج تركيز العين. يضاف إلى ذلك أن عدد البكسل وحده ليس كافياً، بل يجب رفع جودة البكسل من حيث شدة الإضاءة وتشبع وتباين الألوان.
وطور فريق الأبحاث أول نموذج لنظارات يستطيع عرض الصورة بدقة فائقة غير مسبوقة في نظارات الواقع الافتراضي، تصل كثافتها إلى 60 بكسل للدرجة الواحدة، أي أكثر بنحو 2.5 مرة من نظارات «Quest 2» للواقع الافتراضي، وهي قرابة بضعة أضعاف مما يوجد اليوم.
وحتى لو استطعنا حل مشكلة دقة الشاشات، تبقى مشكلة العُمق وتركيز العين على عنصر ما دون غيره. وتكمن المشكلة في أن العين البشرية تحتوي على عضلات تشد أو ترخي العدسة للتركيز على العناصر القريبة أو البعيدة. إلا أن مشاهدة شاشة مسطحة أمام العين تحتوي على عناصر متباعدة رقمياً من شأنها إرباك العين وتقديم شعور بالانزعاج أو التعب لدى البعض.
يضاف إلى ذلك أن عدسات النظارات الافتراضية الحالية ثابتة ولا تغير من أبعادها. وعملت الشركة على تقديم تقنية ميكانيكية لتغيير موضع العدسات في النظارات المقبلة لمحاكاة أثر ذلك بشكل صحيح أمام عين المستخدم، بحيث يتم تغيير البعد البؤري بشكل آلي وفوري كلما تحركت العين من عنصر لآخر، ويعمل على مستوى الأعماق المختلفة التي تدعمها تقنية البُعد البؤري المتغير بهدف إنتاج صور مستقرة دائماً.

نموذج نظارات أطلق عليها مؤقتاً اسم «باترسكوتش»، الأولى لشاشات واقع افتراضي غير مسبوقة

- درجات الألوان
العامل الثالث الذي تعمل عليه الشركة هو تطوير درجات الألوان وتشبعها من خلال تبني تقنية المجال العالي الديناميكي (High Dynamic Range HDR) لتقديم درجات ألوان كبيرة دون تداخل بين الألوان المتجاورة. ولاحظ الفريق أن شدة الإضاءة الخاصة بالتلفزيونات التي تدعم هذه التقنية تتجاوز 10 آلاف شمعة أو «نت» (Nit)، بينما تقدم نظارات الواقع الافتراضي الحالية شدة إضاءة تبلغ 100 شمعة أو «نت»، وذلك بسبب صعوبة تقديم هذه الشدة في حجم صغير خفيف الوزن، ولا يستهلك طاقة كبيرة وبسعر معتدل، إلى جانب الحاجة لتبريد الدارات الداخلية والشاشة بشكل دائم لتخفيف الحرارة الناجمة عن شدة الإضاءة العالية وعدم إزعاج المستخدم خلال جلسات الاستخدام المطولة.
واستخدم فريق العمل إضاءة ليزرية تمر من خلال مرشحات مستقطبة (Polarized) تمرر الضوء الرغوب، وتمنع غير المرغوب منه للحد من تأثير المسافة بين الشاشة والعين. فبدلاً من الانتقال من لوحة التحكم عبر عدسة ثم إلى العين، يتم استقطاب الضوء حتى يتردد ذهاباً وإياباً بين الأسطح العاكسة عدة مرات.
ويمكن استخدام هذه النظارات المقبلة لتشغيل برامج وألعاب الكومبيوترات الشخصية لتقديم تجارب أكثر انغماساً، سواء كانت للعمل أو التواصل مع الآخرين، أو لمشاهدة العروض الحية أو في الألعاب الإلكترونية، خصوصاً في عالم «ميتافيرس» المقبل.
ومن شأن هذه التقنيات تقديم مجالات فنية جديدة غير موجودة حالياً تسمح للمبتكرين والفنانين بتقديم إبداعاتهم للآخرين كما يتصورونها تماماً. التقنيات التي استعرضها الفريق ليست متاحة للبيع حالياً، وهي في مرحلة التطوير في مختبرات «ميتا»، ويعمل الفريق على رفع جودتها لإطلاقها للمستخدمين في المستقبل القريب.


مقالات ذات صلة

رئيس «أبل» للمطورين الشباب في المنطقة: احتضنوا العملية... وابحثوا عن المتعة في الرحلة

تكنولوجيا تيم كوك في صورة جماعية مع طالبات أكاديمية «أبل» في العاصمة السعودية الرياض (الشرق الأوسط)

رئيس «أبل» للمطورين الشباب في المنطقة: احتضنوا العملية... وابحثوا عن المتعة في الرحلة

نصح تيم كوك، الرئيس التنفيذي لشركة «أبل»، مطوري التطبيقات في المنطقة باحتضان العملية بدلاً من التركيز على النتائج.

مساعد الزياني (دبي)
تكنولوجيا خوارزمية «تيك توك» تُحدث ثورة في تجربة المستخدم مقدمة محتوى مخصصاً بدقة عالية بفضل الذكاء الاصطناعي (أ.ف.ب)

خوارزمية «تيك توك» سر نجاح التطبيق وتحدياته المستقبلية

بينما تواجه «تيك توك» (TikTok) معركة قانونية مع الحكومة الأميركية، يظل العنصر الأبرز الذي ساهم في نجاح التطبيق عالمياً هو خوارزميته العبقرية. هذه الخوارزمية…

عبد العزيز الرشيد (الرياض)
خاص تم تحسين هذه النماذج لمحاكاة سيناريوهات المناخ مثل توقع مسارات الأعاصير مما يسهم في تعزيز الاستعداد للكوارث (شاترستوك)

خاص «آي بي إم» و«ناسا» تسخّران نماذج الذكاء الاصطناعي لمواجهة التحديات المناخية

«الشرق الأوسط» تزور مختبرات أبحاث «IBM» في زيوريخ وتطلع على أحدث نماذج الذكاء الاصطناعي لفهم ديناميكيات المناخ والتنبؤ به.

نسيم رمضان (زيوريخ)
خاص يمثل تحول الترميز الطبي في السعودية خطوة حاسمة نحو تحسين كفاءة النظام الصحي ودقته (شاترستوك)

خاص ما دور «الترميز الطبي» في تحقيق «رؤية 2030» لنظام صحي مستدام؟

من معالجة اللغة الطبيعية إلى التطبيب عن بُعد، يشكل «الترميز الطبي» عامل تغيير مهماً نحو قطاع طبي متطور ومستدام في السعودية.

نسيم رمضان (لندن)
خاص من خلال الاستثمارات الاستراتيجية والشراكات وتطوير البنية التحتية ترسم السعودية مساراً نحو أن تصبح قائداً عالمياً في التكنولوجيا (شاترستوك)

خاص كيف يحقق «الاستقلال في الذكاء الاصطناعي» رؤية السعودية للمستقبل؟

يُعد «استقلال الذكاء الاصطناعي» ركيزة أساسية في استراتيجية المملكة مستفيدة من قوتها الاقتصادية والمبادرات المستقبلية لتوطين إنتاج رقائق الذكاء الاصطناعي.

نسيم رمضان (لندن)

الذكاء الاصطناعي يزدهر بمجال التعليم وسط شكوك في منافعه

بعد ازدهار التعلّم عبر الإنترنت يحاول قطاع التكنولوجيا إدخال الذكاء الاصطناعي في التعليم (رويترز)
بعد ازدهار التعلّم عبر الإنترنت يحاول قطاع التكنولوجيا إدخال الذكاء الاصطناعي في التعليم (رويترز)
TT

الذكاء الاصطناعي يزدهر بمجال التعليم وسط شكوك في منافعه

بعد ازدهار التعلّم عبر الإنترنت يحاول قطاع التكنولوجيا إدخال الذكاء الاصطناعي في التعليم (رويترز)
بعد ازدهار التعلّم عبر الإنترنت يحاول قطاع التكنولوجيا إدخال الذكاء الاصطناعي في التعليم (رويترز)

بعد ازدهار التعلّم عبر الإنترنت الذي فرضته جائحة «كوفيد»، يحاول قطاع التكنولوجيا إدخال الذكاء الاصطناعي في التعليم، رغم الشكوك في منافعه.

وبدأت بلدان عدة توفير أدوات مساعَدة رقمية معززة بالذكاء الاصطناعي للمعلّمين في الفصول الدراسية. ففي المملكة المتحدة، بات الأطفال وأولياء الأمور معتادين على تطبيق «سباركس ماث» (Sparx Maths) الذي أُنشئ لمواكبة تقدُّم التلاميذ بواسطة خوارزميات، وفق ما ذكرته «وكالة الصحافة الفرنسية». لكنّ الحكومة تريد الذهاب إلى أبعد من ذلك. وفي أغسطس (آب)، أعلنت استثمار أربعة ملايين جنيه إسترليني (نحو خمسة ملايين دولار) لتطوير أدوات الذكاء الاصطناعي للمعلمين، لمساعدتهم في إعداد المحتوى الذي يدرّسونه.

وهذا التوجّه آخذ في الانتشار من ولاية كارولاينا الشمالية الأميركية إلى كوريا الجنوبية. ففي فرنسا، كان من المفترض اعتماد تطبيق «ميا سوكوند» (Mia Seconde) المعزز بالذكاء الاصطناعي، مطلع العام الدراسي 2024، لإتاحة تمارين خاصة بكل تلميذ في اللغة الفرنسية والرياضيات، لكنّ التغييرات الحكومية أدت إلى استبعاد هذه الخطة راهناً.

وتوسعت أعمال الشركة الفرنسية الناشئة «إيفيدانس بي» التي فازت بالعقد مع وزارة التعليم الوطني لتشمل أيضاً إسبانيا وإيطاليا. ويشكّل هذا التوسع نموذجاً يعكس التحوّل الذي تشهده «تكنولوجيا التعليم» المعروفة بـ«إدتِك» (edtech).

«حصان طروادة»

يبدو أن شركات التكنولوجيا العملاقة التي تستثمر بكثافة في الأدوات القائمة على الذكاء الاصطناعي، ترى أيضاً في التعليم قطاعاً واعداً. وتعمل شركات «مايكروسوفت» و«ميتا» و«أوبن إيه آي» الأميركية على الترويج لأدواتها لدى المؤسسات التعليمية، وتعقد شراكات مع شركات ناشئة.

وقال مدير تقرير الرصد العالمي للتعليم في «اليونيسكو»، مانوس أنتونينيس، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «أعتقد أن المؤسف هو أن التعليم يُستخدم كنوع من حصان طروادة للوصول إلى المستهلكين في المستقبل».

وأعرب كذلك عن قلقه من كون الشركات تستخدم لأغراض تجارية البيانات التي تستحصل عليها، وتنشر خوارزميات متحيزة، وتبدي عموماً اهتماماً بنتائجها المالية أكثر مما تكترث للنتائج التعليمية. إلاّ أن انتقادات المشككين في فاعلية الابتكارات التكنولوجية تعليمياً بدأت قبل ازدهار الذكاء الاصطناعي. ففي المملكة المتحدة، خيّب تطبيق «سباركس ماث» آمال كثير من أولياء أمور التلاميذ.

وكتب أحد المشاركين في منتدى «مامِز نِت» على الإنترنت تعليقاً جاء فيه: «لا أعرف طفلاً واحداً يحب» هذا التطبيق، في حين لاحظ مستخدم آخر أن التطبيق «يدمر أي اهتمام بالموضوع». ولا تبدو الابتكارات الجديدة أكثر إقناعاً.

«أشبه بالعزلة»

وفقاً للنتائج التي نشرها مركز «بيو ريسيرتش سنتر» للأبحاث في مايو (أيار) الماضي، يعتقد 6 في المائة فقط من معلمي المدارس الثانوية الأميركية أن استخدام الذكاء الاصطناعي في التعليم يعود بنتائج إيجابية تَفوق العواقب السلبية. وثمة شكوك أيضاً لدى بعض الخبراء.

وتَعِد غالبية حلول «تكنولوجيا التعليم» بالتعلّم «الشخصي»، وخصوصاً بفضل المتابعة التي يوفرها الذكاء الاصطناعي. وهذه الحجة تحظى بقبول من المسؤولين السياسيين في المملكة المتحدة والصين. ولكن وفقاً لمانوس أنتونينيس، فإن هذه الحجة لا تأخذ في الاعتبار أن «التعلّم في جانب كبير منه هو مسألة اجتماعية، وأن الأطفال يتعلمون من خلال تفاعل بعضهم مع بعض».

وثمة قلق أيضاً لدى ليون فورز، المدرّس السابق المقيم في أستراليا، وهو راهناً مستشار متخصص في الذكاء الاصطناعي التوليدي المطبّق على التعليم. وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «يُروَّج للذكاء الاصطناعي كحل يوفّر التعلّم الشخصي، لكنه (...) يبدو لي أشبه بالعزلة».

ومع أن التكنولوجيا يمكن أن تكون في رأيه مفيدة في حالات محددة، فإنها لا تستطيع محو العمل البشري الضروري.

وشدّد فورز على أن «الحلول التكنولوجية لن تحل التحديات الاجتماعية والاقتصادية والثقافية والسياسية الكبرى التي تواجه المعلمين والطلاب».