فرنسا: صلاح عبد السلام رجل التناقض في قضية اعتداءات 13 نوفمبر

أدين 10 مرات وبات السجين الأكثر خضوعاً للمراقبة

رسم لصلاح عبد السلام «الرجل العاشر» في هجمات 13 نوفمبر في باريس وضاحيتها سان دوني أمام محكمة باريس الجنائية (أ.ف.ب)
رسم لصلاح عبد السلام «الرجل العاشر» في هجمات 13 نوفمبر في باريس وضاحيتها سان دوني أمام محكمة باريس الجنائية (أ.ف.ب)
TT

فرنسا: صلاح عبد السلام رجل التناقض في قضية اعتداءات 13 نوفمبر

رسم لصلاح عبد السلام «الرجل العاشر» في هجمات 13 نوفمبر في باريس وضاحيتها سان دوني أمام محكمة باريس الجنائية (أ.ف.ب)
رسم لصلاح عبد السلام «الرجل العاشر» في هجمات 13 نوفمبر في باريس وضاحيتها سان دوني أمام محكمة باريس الجنائية (أ.ف.ب)

هل هو مقاتل من تنظيم «داعش»، أم متهم مضطرب يطلب الصفح من كل الضحايا؟
خلال 9 أشهر من محاكمته، غلبت اللهجة الانتقامية على حديث صلاح عبد السلام «الرجل العاشر» في هجمات 13 نوفمبر (تشرين الثاني) في باريس وضاحيتها سان دوني، عندما بدأت محاكمته الجنائية في الثامن من سبتمبر (أيلول) 2021. وقال الرجل الملتحي بقميصه الأسود، بحزم: «تخليت عن كل المهن لأصبح مقاتلاً في تنظيم (داعش)».
وفي 15 أبريل (نيسان) 2022، تحدث بصوت هادئ ومرتجف، وانهمرت الدموع على خدي العضو الوحيد الذي بقي على قيد الحياة في المجموعة المسلحة التي قتلت 130 شخصاً في باريس وسان دوني. وفي «فرصته الأخيرة» للتحدث عن نفسه، قال الفرنسي البالغ 32 عاماً، إنه تخلى عن تفجير حزامه الناسف «لدواعٍ إنسانية». وطلب من الضحايا أن «يكرهوه باعتدال».
هل كان هذا التحول استراتيجية دفاعية كما يشتبه الادعاء المدني؟ أم أنه تطور حقيقي بعد أسابيع من الجدل؟
وقال محامياه: أوليفيا رونين، ومارتن فيتس، إن «هذه المحاكمة سمحت له بكسر الصورة المسبقة التي كانت لدينا عنه، وترسخت خلال سنوات الصمت الست».
واستأنف عبد السلام الذي بقي صامتاً طوال فترة التحقيق تقريباً، التحدث من الجلسات الأولى، وكان من الضروري في بعض الأحيان قطع الميكروفون لإسكاته.
استخدم صلاح عبد السلام ذلك وسيلة للتنديد بظروف اعتقاله -«نعامل كالكلاب»- أو لتبرير الهجمات. قال: «هاجمنا فرنسا، واستهدفنا السكان... لكن لم يكن هناك شيء شخصي. هؤلاء الإرهابيون هم إخوتي». وقطع الرئيس الميكروفون مرات عدة. وبدا المتهم استفزازياً ووقحاً بعرضه على رئيس المحكمة «أخذ قسط من الراحة»، أو القول عن نفسه إنه «حساس».
وخلال أشهر لم يتوقف عبد السلام عن الكلام، وخفف من حدة تصريحاته.
ورداً على أسئلة المحكمة في القاعة المكتظة دائماً، كانت إجاباته موجزة عندما تحدث عن «حياته البسيطة» الماضية. وقال هذا المرتكب الصغير للجنح القادم من بلدية مولينبيك في بروكسل؛ حيث يتردد على الكازينوهات والنوادي الليلية: «لم أكن أرقص».
وليل 13- 14 نوفمبر 2015، كان يضع حزاماً مفخخاً لم ينفجر. وأكد في رسالة عثر عليها المحققون ونسبت إليه، أنه كان يريد «الانضمام إلى بقية إخواني»، والموت «شهيداً»؛ لكنّ عطلاً ما طرأ على حزامه الناسف.
وبقي فاراً 4 أشهر، رغم إعلانه مطلوباً خطيراً، ونشر صوره بشكل متواصل في كل أنحاء أوروبا. لكن مطاردته انتهت في 18 مارس (آذار) 2016، وأوقف في حي كاتر فان، في منطقة مولينبيك في العاصمة البلجيكية، بعد 3 أيام على تبادل إطلاق نار مع الشرطة في بروكسل.
ووُجهت إلى الرجل في فرنسا تهمة اعتداءات إرهابية، وبات السجين الأكثر خضوعاً للمراقبة في فرنسا، وأودع سجن فلوري ميروجي، جنوب باريس.
يبدو عبد السلام من ملفه الشخصي من أصحاب الجنح الصغيرة. وقد أدين 10 مرات بارتكاب مخالفات مرورية، أو أعمال عنف، أو محاولة سطو في 2010، مع صديق طفولته عبد الحميد أباعود الذي أصبح منسق هجمات 13 نوفمبر.
ويقول جيران له إنه كان يحب الحفلات الكبيرة، ويشرب الكحول، ويدخن، ويرتاد الكازينوهات، وغالباً ما يكون لديه «صديقات». ولم يكن يعمل؛ بل يتسكع في المقاهي؛ خصوصاً مقهى شقيقه الأكبر إبراهيم الذي كان بين مطلقي النار على شرفات مطاعم باريسية.
كان يصلي أحياناً؛ لكن ليس في المواعيد الصحيحة. ومنذ نهاية 2014 بدأ التحدث عن سوريا، واقترح على خطيبته التوجه إلى هناك؛ لكنها لم تأخذ الأمر على محمل الجد؛ لأنه أمضى «ثلاثة أرباع حياته» في ملاهٍ ليلية.
لكنّ مقربين منه لاحظوا أن الأخوين عبد السلام بدآ «رحلة داعش». فقد توقفا عن شرب الكحول، وباتا يهتمان بالدين. وفي الحانة التي يديرها إبراهيم، باتوا يجتمعون لمشاهدة مقاطع فيديو جهادية و«الدعوات إلى الحرب».
وفي يناير (كانون الثاني) 2015، أُبلغت الشرطة برغبة عبد السلام في الرحيل. في فبراير (شباط) استدعي إلى مركز الشرطة للتحدث عن عبد الحميد أباعود الذي غادر إلى سوريا. قال إنه «رجل لطيف»، مؤكداً أنه لم يلتقِ به منذ فترة طويلة. وفي السنة نفسها، تكثفت رحلاته عبر أوروبا، إلى اليونان مطلع أغسطس (آب)، ثم النمسا والمجر التي عبرتها حشود اللاجئين الفارين من سوريا.
وقبل أيام قليلة من الاعتداءات، تناول العشاء للمرة الأخيرة مع خطيبته، وبكى كثيراً بحسب قولها، بينما كان أقرباؤه يعتقدون أنه ذهب لممارسة رياضة التزلج. في السيارة التي هرّبته إلى بلجيكا ليل 13- 14 نوفمبر، بكى كثيراً بسبب موت شقيقه «الانتحاري». ما زالت مهمته الدقيقة لغزاً. وقد ذكرها مرة واحدة فقط بعد اعتقاله مباشرة. وقال: «أردت أن أفجر نفسي في استاد فرنسا؛ لكنني تراجعت». لكن المحققين يعتقدون أن حزامه الناسف كان معطلاً. وكتب في رسالة نُسبت إليه: «كنت أتمنى أن أكون من الشهداء. أود فقط أن أكون أكثر استعداداً للمستقبل». وخلال محاكمته في بلجيكا؛ حيث حُكم عليه بالسجن لمدة 20 عاماً لتبادل إطلاق النار مع الشرطة قبل اعتقاله، بدا إسلامياً مقتنعاً، وكذلك خلال محاكمته في فرنسا من اليوم الأول في الثامن من سبتمبر.


مقالات ذات صلة

الشرطة الباكستانية: اختطاف 17 موظفاً على يد عناصر إرهابية شمال غربي البلاد

آسيا يقف مسؤولون أمنيون باكستانيون حراساً عند نقطة تفتيش في كويتا عاصمة إقليم بلوشستان بباكستان يوم 6 يناير 2025 حيث تشهد باكستان موجة من عنف المتمردين خصوصاً في المقاطعات الغربية في إقليم خيبر بختونخوا (إ.ب.أ)

الشرطة الباكستانية: اختطاف 17 موظفاً على يد عناصر إرهابية شمال غربي البلاد

أعلنت الشرطة الباكستانية أن مسلحين من العناصر الإرهابية اختطفوا 17 موظفاً مدنياً في منطقة قبول خيل، الواقعة على الحدود بين إقليم البنجاب وإقليم خيبر بختونخوا.

«الشرق الأوسط» (إسلام آباد)
المشرق العربي عناصر من الفصائل الموالية لتركية تشارك في الاشتباكات مع «قسد» بشرق حلب (أ.ف.ب)

تركيا متمسكة بالتحرك ضد «قسد»... ومحاولات أميركية لمنعها

اتهمت تركيا «قسد» باستخدام المدنيين دروعاً بشرية في «قسد» وأكدت تمسكها بعملية عسكرية في شمال سوريا وسط مساعٍ أميركية لمنعها.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
شؤون إقليمية إردوغان ملوحاً بالتحية لمواطنين في أثناء استقبال بهشلي له أمام منزله في أنقرة الخميس (الرئاسة التركية)

تركيا: لقاء بين إردوغان وبهشلي وسط جدل حول الحوار مع أوجلان

تشهد تركيا حراكاً مكثفاً حول عملية لحل المشكلة الكردية عبر الحوار مع زعيم حزب «العمال الكردستاني» السجين عبد الله أوجلان، وانقساماً حول مسألة العفو عنه.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
أفريقيا محمد ديبي ورث حكم تشاد من والده وتمت ترقيته مؤخراً إلى رتبة ماريشال (صحافة محلية)

تحت تأثير الكحول والمخدرات... 24 شخصاً هاجموا القصر الرئاسي في تشاد

استبعدت تشاد أن يكون الهجوم على القصر الرئاسي ليل الأربعاء/الخميس، له أي طابع «إرهابي»، مشيرة إلى أن من نفذوه كانوا مجموعة من الأشخاص في حالة سكر ومسلحين.

الشيخ محمد (نواكشوط )
أوروبا جنود بريطانيون عائدون من أفغانستان خلال احتفال في اسكوتلندا عام 2013 (غيتي)

تحقيقات: القوات الخاصة البريطانية سُمح لها بـ«التملص من القتل» في أفغانستان

الأدلة التي نشرتها لجنة تحقيق رسمية في جرائم الحرب المزعومة ترسم صورة مزعجة لقوة قتالية نخبوية اعتادت ثقافة الإفلات من العقاب في أفغانستان.

«الشرق الأوسط» (لندن - واشنطن ) «الشرق الأوسط» (لندن - واشنطن )

2025... عام ملء الفراغات؟

الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب (أرشيفية - رويترز)
الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب (أرشيفية - رويترز)
TT

2025... عام ملء الفراغات؟

الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب (أرشيفية - رويترز)
الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب (أرشيفية - رويترز)

لا يوجد فراغ مسموح به في الطبيعة. فالطبيعة لا تغيّر طبيعتها، لأنها تكره الفراغ. في الفراغ لا حياة، لا صراع ولا تاريخ. فالتاريخ يتنقّل بين الفوضى والنظام. يُفرض النظام بالإكراه، فتوضع القوانين لتُفرض بالقوّة والإكراه أيضاً. هكذا كتب ألبير كامو، الفيلسوف الفرنسي في كتابه «الإنسان المتمرّد»، (The Rebel): «في النظام، كما في الفوضى، هناك شيء من العبوديّة». تستهدف الثورة النظام القائم، فتخلق الفوضى. لكنها مُلزمة بإعادة تكوين نظام جديد. وبين الفوضى والنظام، يدفع الإنسان العاديّ الأثمان.

يقول السياسيّ الراحل هنري كيسنجر ما معناه: إن الفراغ يجلب الحرب والهجوم. فهل سيكون عام 2025 عام ملء الفراغات، أو خلق بعضها؟

دخان يتصاعد من شمال قطاع غزة خلال قصف الجيش الإسرائيلي (أرشيفية - أ.ف.ب)

بعد عملية 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023، تغيّرت موازين القوى في المنطقة. سقطت «حماس». سقط «حزب الله». سقط النظام في سوريا... وبذلك انهارت وحدة الساحات، أو ما يُسمّى محور المقاومة. وبسبب ذلك، سقطت منظومات كانت قائمة. وتظهّرت الفراغات القاتلة. ها هي إسرائيل تدمّر قطاع غزّة، لتخلق فراغاً لا توجد فيه حركة «حماس»، ولتؤسّس لحالة معيّنة قد يُطلَق عليها «الاحتلال التغييريّ»، (Transformative). بكلام آخر، فُرض الاحتلال أمراً واقعاً خارج القانون الدوليّ، لكنه طويل، ومُكلف للمُحتلّ، الأمر الذي قد يخلق ثقافة جديدة، ومختلفة عما كانت قبلها، حتى ولو تطلّب الأمر جيلاً من الزمن.

دخلت إسرائيل لبنان خلال الحرب الأخيرة، فخلقت منطقة عازلة. وها هي اليوم تُحصّنها استباقاً للسيناريو السيّئ. خلقت إسرائيل هذا الفراغ على الحدود اللبنانيّة، كما في داخل قطاع غزّة بالقوّة العسكريّة المُفرطة. لكن البقاء في لبنان واحتلال المنطقة العازلة، هو أمر مختلف تماماً عن احتلال قطاع غزّة.

بعد سقوط النظام في سوريا، سارعت إسرائيل إلى احتلال مزيد من الأراضي السوريّة وتوسيع المنطقة العازلة. لكنه احتلال من دون استعمال للقوّة، حتى ولو دمّر الطيران الإسرائيليّ قدرات الجيش السوريّ المستقبليّ. إنه احتلال مؤقّت-طويل. لكن المفارقة هي إعلان إسرائيل أن الجولان لن يعود إلى سوريا، وهو احتلال كأمر واقع (De Facto). ولتحرير الجولان، لا بد من حرب أو تفاوض، وهذان أمران متعذّرَان حالياً لأسباب كثيرة. وعليه قد يمكن حالياً إعلان وفاة مقولة كسينجر: «لا حرب في الشرق الأوسط من دون مصر، ولا سلام من دون سوريا».

صورة نشرها الجيش الإسرائيلي وقال إنها لجولة رئيس الأركان هرتسي هاليفي الميدانية في جنوب لبنان (أرشيفية)

حال العالم

في أوكرانيا يستعين الرئيس بوتين في حربه بالتكنولوجيا الغربيّة لتصميم صواريخه، آخرها الصاروخ الفرط صوتيّ «أوريشنيك». كما يستعين بالمُسيّرات الإيرانيّة، والعسكر الكوري الشمالي لتحرير الأرض الروسية في كورسك. يريد بوتين الاحتلال التغييري للشرق الأوكرانيّ.

في منطقة نفوذ الصين، يسعى التنين إلى استرداد جزيرة تايوان على أنها جزء تاريخيّ من الصين الكبرى. فهي تحضّر البحريّة الصينيّة، كون الحرب، وفي حال حصولها، سيكون أغلبها في البحر. ورداً على ذلك، بدأ تشكُّل كثير من التحالفات ردّاً على السلوك الصينيّ.

وفي مكان آخر من العالم، يُحضّر الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب مأسسة الصراع مع التنين الصينيّ. فهو يريد استعادة السيطرة على قناة بنما، نظراً إلى أهمية هذه القناة على الأمن القومي الأميركيّ. فهي الشريان الحيويّ الذي يربط الشرق الأميركي بالغرب. وهي التي أوصى بها المفكّر الاستراتيجيّ الأميركي البحريّ ألفريد ماهان. وهي التي أشرفت على بنائها الولايات المتحدة الأميركيّة، وذلك بعد انفصال بنما عن كولومبيا وبمساعدة البحريّة الأميركيّة آنذاك، خلال فترة حكم الرئيس الأميركي الراحل تيودور روزفلت. وبذلك، تكون القناة قد مرّت بثلاث مراحل هي: 1906 البناء مع الرئيس روزفلت، و1977 مع الرئيس جيمي كارتر الذي أعادها إلى بنما، واليوم مع الرئيس ترمب الذي يريد استردادها.

صور الرئيس الأسبق حافظ الأسد ممزقة للمرة الأولى في تاريخ سوريا (الشرق الأوسط)

يرى البعض أن تصريحات الرئيس ترمب مجرّد كلام عاديّ بسبب شخصيّته الفريدة. لكن الأكيد أن تصريحاته تنمّ عن عمق جيوسياسيّ بعيد المدى. فما معنى طرحه موضوع شراء جزيرة غرينلاند من الدنمارك؟ ما أهميّة هذه الجزيرة؟

إن ثقافة دبلوماسيّة الدولار (Dollar Diplomacy) في التاريخ الأميركي ليست جديدة. فهي قد اشترت لويزيانا من فرنسا عام 1803 بـ15 مليون دولار. كما اشترت من روسيا ولاية ألاسكا الحاليّة بـ7.2 مليون دولار.

شكّلت لويزيانا الربط بين الشرق والغرب الأميركيّ، كما سيطرت على أهمّ مرفأ أميركيّ يطلّ على خليج المكسيك. وبالحدّ الأدنى أخرجت دولة أوروبيّة من الأرض الأميركيّة. أما شراء ألاسكا، فقد أعطى أميركا إطلالة على مضيق بيرينغ الذي يطلّ بدوره على الأرض الروسيّة.

التحّولات الجيوسياسيّة الحاليّ

مع صعود الصين، تبدّلت موازين القوى العالميّة عمَّا كانت عليه خلال الحرب الباردة. فللصين قدرات كونيّة وفي كل الأبعاد، خصوصاً الاقتصاديّة والعسكريّة، وهذه أبعاد افتقر إليها الاتحاد السوفياتيّ. تسعى الصين إلى التموضع في القارة الأميركيّة. يُضاف إلى هذا التحوّل، الكارثة البيئيّة والاحتباس الحراري، الأمر الذي قد يفتح طرقاً بحريّة جديدة، حول الشمال الأميركيّ. خصوصاً أن ذوبان المحيط المتجّمد الشمالي سوف يُغيّر جغرافيّة الصراع الجيوسياسيّ بالكامل. ونتيجة لذلك، ستصبح الولايات المتحدة الأميركيّة تطلّ على ثلاثة محيطات بعد أن كانت تطلّ على محيطين.

وحدة مدفعية أوكرانية في منطقة زابوريجيا تطلق النار باتجاه القوات الروسية على خط المواجهة (أرشيفية - رويترز)

تتميّز غرينلاند بمساحتها الكبيرة، نحو مليوني كيلومتر مربع، مع عديد لا يتجاوز 56 ألف نسمة، وثروات مهمّة قد تجعل أميركا تستغني عن استيراد كثير من الثروات الطبيعيّة من الصين. خلال الحرب الباردة حاول الرئيس هاري ترومان شراء الجزيرة، وهي لا تزال تضمّ قاعدة عسكريّة جويّة أميركيّة.

في الختام، إذا استطاع الرئيس ترمب استعادة السيطرة على قناة بنما، وسيطر بشكل ما على غرينلاند، سيتكوّن مثلثّ جيوسياسيّ دفاعيّ حول الولايات المتحدة الأميركيّة يرتكز على: غرينلاند، وألاسكا، وقناة بنما. كل ذلك، بانتظار الرئيس ترمب في البيت الأبيض، وكيف سيتعامل مع العالم خصوصاً الصين. فهل سيكون انعزاليّاً أم انخراطيّاً أم مزيجاً من المقاربتين؟