تمديد احتجاز صبي بريطاني متهم بقتل المبتعثة السعودية

الجاني مثل أمام المحكمة لمدة 6 دقائق.. وكان مرتاحًا وهو يلوح لوالديه

لقطة من كاميرا مراقبة لناهد المانع
لقطة من كاميرا مراقبة لناهد المانع
TT

تمديد احتجاز صبي بريطاني متهم بقتل المبتعثة السعودية

لقطة من كاميرا مراقبة لناهد المانع
لقطة من كاميرا مراقبة لناهد المانع

مددت محكمة تشيلمسفورد البريطانية، احتجاز قاتل المبتعثة السعودية ناهد المانع إلى يوم غد (الاثنين)، بعد توجيه الاتهام إليه في مقر شرطة كولشيستر ومثوله أمام المحكمة لنحو 6 دقائق، أكد فيها اسمه وعنوانه أمام القاضي، وأنه يفهم لائحة الاتهامات الموجهة إليه بقتل المبتعثة السعودية المانع ومواطن بريطاني آخر اسمه جيمس آتفيلد.
وخلال هذه الدقائق، كان الصبي البريطاني الذي يبلغ من العمر 16 عاما، يرتدي بدلة رمادية اللون. وفيما رفضت المحكمة أن تكشف عن اسم الصبي لأسباب قانونية، كان يبدو مرتاحا، وهو يلوح لوالديه اللذين حضرا جلسة أمس، و«كانا يبكيان عند سماع لائحة الاتهام بالقتل والطعن».
وكانت سفارة خادم الحرمين في المملكة المتحدة، أصدرت بيانا أول من أمس قالت فيه إن المتهم بقتل المبتعثة المانع، الذي يبلغ من العمر 16 عاما، مثل أمس أمام محكمة تشيلمسفورد البريطانية، عقب إلقاء القبض عليه في كولشيستر. وذكرت السفارة، في بيانها، أن شرطة مقاطعة إيسكس أعلنت أنه تم القبض على المجرم، الثلاثاء الماضي، عقب تردده على الطريق الذي قتلت فيه ناهد المانع وبحوزته سلاح هجومي حاد، وبعد القبض عليه وُجهت له تهمتا قتل المانع والمواطن البريطاني جيمس آتفيلد.
وأضافت السفارة في بيانها أن القضية ستظل من أولويات أعمال سفارة خادم الحرمين الشريفين ومحل اهتمامها ومتابعتها، ولها الأولوية حتى تأخذ العدالة مجراها، منوهةً بأن السلطات البريطانية بذلت جهودًا لكشف ملابسات الجريمة وتقديم الفاعل إلى العدالة ليأخذ العقاب الذي يستحقه.
وبعد عام تقريبا على مقتل المبتعثة سعودية، اتهمت الشرطة البريطانية أول من أمس مراهقا اعتقلته الثلاثاء الماضي بأنه قاتلها، بتسديده 16 طعنة في رأسها وصدرها وعنقها وذراعيها، وكان عمر القتيلة 31 سنة في 17 يونيو (حزيران) الماضي، حيث كانت المبتعثة تدرس الإنجليزية في جامعة «إيسكس» وتقيم منذ وصولها قبل 6 أشهر من مقتلها مع شقيق لها هناك اسمه رائد، وحين حققت الشرطة بشأن السلاح مع المراهق، وجدت فيه قرائن تشير إلى أنه قاتلها الذي تبحث عنه، وليس سواه، فاحتجزوه في مخفر الشرطة نفسها.
وذكرت تقارير محلية أن القاتل أردى مواطنه بـ120 طعنة، كما سبق أن أردى المانع بـ16 طعنة وهي في طريقها إلى الجامعة.
واعتقلت شرطة كولشيستر القاتل بالقرب من مكان وقوع الجريمة، التي قتل فيها المانع، وبحوزته سلاح حاد، بالقرب من حديقة سالاري بروك تريل، حيث قُتلت المانع العام الماضي، وهو الآن مودع في الحجز القضائي بعد تمديد احتجازه إلى الغد. المصادر المقربة من شرطة إيسكس قالت إن كلا القتيلين قتلا بطريقة وحشية، لكن من المرجح أنه تم استخدام السلاح نفسه.
وكانت قضية مقتل المانع شغلت الرأي العام، بعد أن وُجدت مقتولة طعنا، وهي في طريقها المعتاد إلى الحرم الجامعي.
وكانت شرطة كولشيستر كشفت لـ«الشرق الأوسط» أن المشتبه به هو نفسه من قام بطعن جيمس آتفيلد الذي قتل بطريقة قتل المانع نفسها، مما يرجح وجود رابط بين الجريمتين. وأضافت المتحدثة باسم الشرطة لـ«الشرق الأوسط» أنها تحتجز القاتل حاليا بمركز للشرطة بالمدينة، داعية كل من لديه معلومات يمكن أن تفيد التحقيقات للإدلاء بها للفريق المختص.
وتم اعتقال الصبي للاشتباه بضلوعه في عملية قتل آتفيلد والمانع، وذلك عقب استجوابه من قبل محققين في إدارة الجرائم الخطيرة في كينت وإيسكس. والصبي المشتبه به حاليا رهن الاحتجاز بقسم شرطة كلوشيستر. ويعتقد أن المانع تعرضت للاعتداء نحو الساعة 10:40 صباحا، وتوفيت جراء طعنات أصيبت بها. وكانت المبتعثة السعودية قتلت غدرًا في يونيو من العام الماضي، وتركها الجاني تنزف حتى الموت، وكانت الشرطة البريطانية قد ألقت القبض على عدد من المشتبه بهم، واستجوبت العشرات، حتى ألقت القبض الثلاثاء الماضي على الفاعل الحقيقي.



رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
TT

رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»

إنه «فضلو» في «بياع الخواتم»، و«أبو الأناشيد الوطنية» في مشواره الفني، وأحد عباقرة لبنان الموسيقيين، الذي رحل أول من أمس (الأربعاء) عن عمر ناهز 84 عاماً.
فبعد تعرضه لأزمة صحية نقل على إثرها إلى المستشفى، ودّع الموسيقي إيلي شويري الحياة. وفي حديث لـ«الشرق الأوسط» أكدت ابنته كارول أنها تفاجأت بانتشار الخبر عبر وسائل التواصل الاجتماعي قبل أن تعلم به عائلته. وتتابع: «كنت في المستشفى معه عندما وافاه الأجل. وتوجهت إلى منزلي في ساعة متأخرة لأبدأ بالتدابير اللازمة ومراسم وداعه. وكان الخبر قد ذاع قبل أن أصدر بياناً رسمياً أعلن فيه وفاته».
آخر تكريم رسمي حظي به شويري كان في عام 2017، حين قلده رئيس الجمهورية يومها ميشال عون وسام الأرز الوطني. وكانت له كلمة بالمناسبة أكد فيها أن حياته وعطاءاته ومواهبه الفنية بأجمعها هي كرمى لهذا الوطن.
ولد إيلي شويري عام 1939 في بيروت، وبالتحديد في أحد أحياء منطقة الأشرفية. والده نقولا كان يحضنه وهو يدندن أغنية لمحمد عبد الوهاب. ووالدته تلبسه ثياب المدرسة على صوت الفونوغراف الذي تنساب منه أغاني أم كلثوم مع بزوغ الفجر. أما أقرباؤه وأبناء الجيران والحي الذي يعيش فيه، فكانوا من متذوقي الفن الأصيل، ولذلك اكتمل المشوار، حتى قبل أن تطأ خطواته أول طريق الفن.
- عاشق لبنان
غرق إيلي شويري منذ نعومة أظافره في حبه لوطنه وترجم عشقه لأرضه بأناشيد وطنية نثرها على جبين لبنان، ونبتت في نفوس مواطنيه الذين رددوها في كل زمان ومكان، فصارت لسان حالهم في أيام الحرب والسلم. «بكتب اسمك يا بلادي»، و«صف العسكر» و«تعلا وتتعمر يا دار» و«يا أهل الأرض»... جميعها أغنيات شكلت علامة فارقة في مسيرة شويري الفنية، فميزته عن سواه من أبناء جيله، وذاع صيته في لبنان والعالم العربي وصار مرجعاً معتمداً في قاموس الأغاني الوطنية. اختاره ملك المغرب وأمير قطر ورئيس جمهورية تونس وغيرهم من مختلف أقطار العالم العربي ليضع لهم أجمل معاني الوطن في قالب ملحن لا مثيل له. فإيلي شويري الذي عُرف بـ«أبي الأناشيد الوطنية» كان الفن بالنسبة إليه منذ صغره هَوَساً يعيشه وإحساساً يتلمسه في شكل غير مباشر.
عمل شويري مع الرحابنة لفترة من الزمن حصد منها صداقة وطيدة مع الراحل منصور الرحباني. فكان يسميه «أستاذي» ويستشيره في أي عمل يرغب في القيام به كي يدله على الصح من الخطأ.
حبه للوطن استحوذ على مجمل كتاباته الشعرية حتى لو تناول فيها العشق، «حتى لو رغبت في الكتابة عن أعز الناس عندي، أنطلق من وطني لبنان»، هكذا كان يقول. وإلى هذا الحد كان إيلي شويري عاشقاً للبنان، وهو الذي اعتبر حسه الوطني «قدري وجبلة التراب التي امتزج بها دمي منذ ولادتي».
تعاون مع إيلي شويري أهم نجوم الفن في لبنان، بدءاً بفيروز وسميرة توفيق والراحلين وديع الصافي وصباح، وصولاً إلى ماجدة الرومي. فكان يعدّها من الفنانين اللبنانيين القلائل الملتزمين بالفن الحقيقي. فكتب ولحن لها 9 أغنيات، من بينها «مين إلنا غيرك» و«قوم تحدى» و«كل يغني على ليلاه» و«سقط القناع» و«أنت وأنا» وغيرها. كما غنى له كل من نجوى كرم وراغب علامة وداليدا رحمة.
مشواره مع الأخوين الرحباني بدأ في عام 1962 في مهرجانات بعلبك. وكانت أول أدواره معهم صامتة بحيث يجلس على الدرج ولا ينطق إلا بكلمة واحدة. بعدها انتسب إلى كورس «إذاعة الشرق الأدنى» و«الإذاعة اللبنانية» وتعرّف إلى إلياس الرحباني الذي كان يعمل في الإذاعة، فعرّفه على أخوَيه عاصي ومنصور.

مع أفراد عائلته عند تقلده وسام الأرز الوطني عام 2017

ويروي عن هذه المرحلة: «الدخول على عاصي ومنصور الرحباني يختلف عن كلّ الاختبارات التي يمكن أن تعيشها في حياتك. أذكر أن منصور جلس خلف البيانو وسألني ماذا تحفظ. فغنيت موالاً بيزنطياً. قال لي عاصي حينها؛ من اليوم ممنوع عليك الخروج من هنا. وهكذا كان».
أسندا إليه دور «فضلو» في مسرحية «بياع الخواتم» عام 1964. وفي الشريط السينمائي الذي وقّعه يوسف شاهين في العام التالي. وكرّت السبحة، فعمل في كلّ المسرحيات التي وقعها الرحابنة، من «دواليب الهوا» إلى «أيام فخر الدين»، و«هالة والملك»، و«الشخص»، وصولاً إلى «ميس الريم».
أغنية «بكتب اسمك يا بلادي» التي ألفها ولحنها تعد أنشودة الأناشيد الوطنية. ويقول شويري إنه كتب هذه الأغنية عندما كان في رحلة سفر مع الراحل نصري شمس الدين. «كانت الساعة تقارب الخامسة والنصف بعد الظهر فلفتني منظر الشمس التي بقيت ساطعة في عز وقت الغروب. وعرفت أن الشمس لا تغيب في السماء ولكننا نعتقد ذلك نحن الذين نراها على الأرض. فولدت كلمات الأغنية (بكتب اسمك يا بلادي عالشمس الما بتغيب)».
- مع جوزيف عازار
غنى «بكتب اسمك يا بلادي» المطرب المخضرم جوزيف عازار. ويخبر «الشرق الأوسط» عنها: «ولدت هذه الأغنية في عام 1974 وعند انتهائنا من تسجيلها توجهت وإيلي إلى وزارة الدفاع، وسلمناها كأمانة لمكتب التوجيه والتعاون»، وتابع: «وفوراً اتصلوا بنا من قناة 11 في تلفزيون لبنان، وتولى هذا الاتصال الراحل رياض شرارة، وسلمناه شريط الأغنية فحضروا لها كليباً مصوراً عن الجيش ومعداته، وعرضت في مناسبة عيد الاستقلال من العام نفسه».
يؤكد عازار أنه لا يستطيع اختصار سيرة حياة إيلي شويري ومشواره الفني معه بكلمات قليلة. ويتابع لـ«الشرق الأوسط»: «لقد خسر لبنان برحيله مبدعاً من بلادي كان رفيق درب وعمر بالنسبة لي. أتذكره بشوشاً وطريفاً ومحباً للناس وشفافاً، صادقاً إلى أبعد حدود. آخر مرة التقيته كان في حفل تكريم عبد الحليم كركلا في الجامعة العربية، بعدها انقطعنا عن الاتصال، إذ تدهورت صحته، وأجرى عملية قلب مفتوح. كما فقد نعمة البصر في إحدى عينيه من جراء ضربة تلقاها بالغلط من أحد أحفاده. فضعف نظره وتراجعت صحته، وما عاد يمارس عمله بالشكل الديناميكي المعروف به».
ويتذكر عازار الشهرة الواسعة التي حققتها أغنية «بكتب اسمك يا بلادي»: «كنت أقفل معها أي حفل أنظّمه في لبنان وخارجه. ذاع صيت هذه الأغنية، في بقاع الأرض، وترجمها البرازيليون إلى البرتغالية تحت عنوان (أومينا تيرا)، وأحتفظ بنصّها هذا عندي في المنزل».
- مع غسان صليبا
مع الفنان غسان صليبا أبدع شويري مرة جديدة على الساحة الفنية العربية. وكانت «يا أهل الأرض» واحدة من الأغاني الوطنية التي لا تزال تردد حتى الساعة. ويروي صليبا لـ«الشرق الأوسط»: «كان يعد هذه الأغنية لتصبح شارة لمسلسل فأصررت عليه أن آخذها. وهكذا صار، وحققت نجاحاً منقطع النظير. تعاونت معه في أكثر من عمل. من بينها (كل شيء تغير) و(من يوم ما حبيتك)». ويختم صليبا: «العمالقة كإيلي شويري يغادرونا فقط بالجسد. ولكن بصمتهم الفنية تبقى أبداً ودائماً. لقد كانت تجتمع عنده مواهب مختلفة كملحن وكاتب ومغنٍ وممثل. نادراً ما نشاهدها تحضر عند شخص واحد. مع رحيله خسر لبنان واحداً من عمالقة الفن ومبدعيه. إننا نخسرهم على التوالي، ولكننا واثقون من وجودهم بيننا بأعمالهم الفذة».
لكل أغنية كتبها ولحنها إيلي شويري قصة، إذ كان يستمد موضوعاتها من مواقف ومشاهد حقيقية يعيشها كما كان يردد. لاقت أعماله الانتقادية التي برزت في مسرحية «قاووش الأفراح» و«سهرة شرعية» وغيرهما نجاحاً كبيراً. وفي المقابل، كان يعدها من الأعمال التي ينفذها بقلق. «كنت أخاف أن تخدش الذوق العام بشكل أو بآخر. فكنت ألجأ إلى أستاذي ومعلمي منصور الرحباني كي يرشدني إلى الصح والخطأ فيها».
أما حلم شويري فكان تمنيه أن تحمل له السنوات الباقية من عمره الفرح. فهو كما كان يقول أمضى القسم الأول منها مليئة بالأحزان والدموع. «وبالقليل الذي تبقى لي من سنوات عمري أتمنى أن تحمل لي الابتسامة».