ضغوط على لبيد لتأييد اتفاق نووي دولي مع إيران

كشفت مصادر سياسية في تل أبيب أن وزير الخارجية الإسرائيلي يائير لبيد، الذي سيتولى رئاسة حكومة تصريف الأعمال هذا الأسبوع، يتعرض لضغوط متناقضة من قيادة الجيش وقيادة «الموساد» (المخابرات الخارجية)، بشأن الموقف الرسمي من الجهود الأميركية للتوصل إلى اتفاق نووي دولي جديد مع إيران. ففي حين يطالبه الجيش بتغيير الموقف الحالي الرافض لهذا الاتفاق، يطالبه الموساد بالاستمرار في الموقف والتشدد فيه أكثر.
وقالت هذه المصادر، وفقاً لصحيفة «يسرائيل هيوم» اليمينية أمس، إن معظم قادة الجيش الإسرائيلي يؤيدون العودة إلى الاتفاق النووي. وذكرت أسماء أبرز المؤيدين، وهم: رئيس الأركان أفيف كوخافي، وقادة شعبة الاستخبارات العسكرية «أمان» أهرون حليوة، ورئيس دائرة الأبحاث في «أمان» عميت ساعر، ورئيس اللواء الاستراتيجي أورن ستر، وقائد شعبة إيران طال كالمان، ويؤيدهم فيها أيضاً وزير الدفاع بيني غانتس.
ويرى هؤلاء أن العودة إلى الاتفاق النووي مع إيران، ستحافظ على موقف مشترك مع الإدارة الأميركية من جهة وسيوفر لإسرائيل من جهة ثانية، مهلة زمنية تمكنها من الاستعداد وبناء خيار عسكري حقيقي ضد المشروع النووي الإيراني.
لكن قادة جهاز «الموساد» يخشون من أن يتمكن الجيش من تغيير موقف لبيد وبالتالي تغيير الموقف الإسرائيلي الرسمي المعارض للاتفاق. ويقولون إن معارضة الاتفاق من جهة وتنفيذ عمليات ضد المشروع النووي الإيراني على الأرض، تشكل آلية ضغط ناجعة أكثر على طهران.
المعروف أن الحكومة الإسرائيلية بقيادة نفتالي بنيت، كانت قد غيرت النهج الرسمي لحكومة بنيامين نتنياهو في التعاطي مع الموضوع الإيراني. فحكومة نتنياهو دخلت في خلاف مع إدارة الرئيس جو بايدن وراحت تتهم واشنطن بالتعاون مع طهران بما يعارض مصالح حلفاء الولايات المتحدة في المنطقة.
وقد اختارت حكومة بنيت إبقاء الخلافات مع واشنطن داخلية وسرية، ولم تعلنها إلا في إطار التنسيق مع واشنطن، بغرض الضغط على إيران. وخلال السنة، لوحظ أن الولايات المتحدة اقتربت من الموقف الإسرائيلي من الموضوع الإيراني، وبالمقابل اقتربت إسرائيل من الموقف الأميركي بخصوص سوريا.
لكن الجيش الإسرائيلي، الذي انضم إلى القيادة المركزية الأميركية الوسطى (سنتكوم) العام الماضي، أسهم بشكل كبير في تغيير الموقف الإسرائيلي، لأنه اكتشف أهمية التقارب مع واشنطن. فهذه القيادة مسؤولة عن إدارة الحرب العالمية على الإرهاب، بما في ذلك العمليات في العراق، سوريا، أفغانستان، والخليج.
وأتاحت لإسرائيل فرصة الوقوف في حلف إقليمي ضد إيران ومخططاتها العدوانية. وفي السنة الأولى من هذا الانضمام، شارك الجيش الإسرائيلي في عشرات التدريبات العسكرية مع القوات الأميركية على مختلف المستويات، وتبادل معها التجربة، وفتح آفاقاً جديدة للدعم الأميركي المباشر وغير المباشر للعمليات العسكرية الإسرائيلية ضد إيران.
وهو يفضل ألا تكون هناك خلافات صدامية مع الأميركيين، حتى يعزز هذا التعاون وما ينجم عنه من دعم أميركي لإسرائيل. ولهذا راح قادة الجيش يقنعون بنيت ولبيد بضرورة تأييد الاتفاق النووي الإيراني، ما أثار تحفظاً بين قادة الموساد، الذين يعارضون أي ارتخاء في الموقف الإسرائيلي المتشدد. ووفقاً لمصادر أجنبية يتولى الموساد مسؤولية العمليات العسكرية الناجحة، التي نسبت لإسرائيل وتم فيها اغتيال عدد من علماء المشروع النووي الإيراني وقادة «الحرس الثوري» المسؤولين عن العمليات الحربية ضد إسرائيل.
وقد توجه هؤلاء إلى لبيد مع قرب تسلمه منصب رئيس حكومة تصريف الأعمال، طالبين عدم إجراء تغيير في الملف النووي أو في مسألة الاتفاق النووي، خصوصاً مع عودة المفاوضات حول الاتفاق مجدداً. وأشارت المصادر إلى أن لبيد سيبلور موقف حكومته بهذا الخصوص، حتى قبل زيارة الرئيس الأميركي جو بايدن، المقررة في 13 يوليو (تموز) المقبل.
ولهذا الغرض سيجري مشاورات مع قادة جهازي الأمن المختلفين، الجيش والموساد. وحسب قادة الموساد، فإنه «لا يجوز مهنياً ولا معنوياً تغيير السياسة الرسمية الإسرائيلية الحالية»، و«ليس بمقدور إسرائيل أن تكون شريكة لاتفاق سيئ، موعد سريانه لن يكون طويل الأمد».
وحسب مصادر أخرى فإن قادة الموساد لا يترددون في التدخل في الشؤون السياسية الداخلية للحكومة، ويعربون عن رغبتهم في أن يتولى نفتالي بنيت مسؤولية الملف الإيراني في عهد حكومة لبيد. وأكدت أن بنيت سيكون رئيس الحكومة البديل، ولكنه سيتولى في الحكومة الانتقالية مسؤولية عملية وتنفيذية. وهو يرغب في منصب «الوزير المسؤول عن القضية الإيرانية»، ولأنه يؤيد الموقف الذي يقوده الموساد، فإن الموساد يسر في رؤيته هناك. وليس مستبعداً، بحسب المصادر، أن يكون بنيت قد طالب بالاحتفاظ بالمسؤولية عن القضية الإيرانية لأنه تخوف من ضغوط الجيش الإسرائيلي على لبيد.