بعد عقود طويلة من ابتعادها عن استضافة الفعاليات الموسيقية والغنائية الكبرى، رغم شهرتها العالمية، وأهميتها الاقتصادية والجغرافية لمصر، وقربها من العاصمة المصرية القاهرة، تحتضن مدينة السويس (شرق القاهرة) أول مهرجان رسمي كبير للموسيقى والغناء.
وانطلقت مساء أول من أمس، فعاليات الدورة الأولى من مهرجان السويس للموسيقى والغناء، أمام متحف السويس القومي، بحضور 5 آلاف شخص وعدد من المسؤولين المصريين، على أنغام فرقة «صحبة سمسمية»، التي قدمت مجموعة من الأغنيات الفلكلورية الخاصة بمدن قناة السويس، ثم قدم المطرب الشاب محمد حليم أحد أبناء محافظة السويس عدداً من الأغنيات، بينما شهدت الفقرة الثالثة من الحفل غناء الفنان المصري هاني شاكر عدداً من أشهر أعماله على غرار «بلدي، نسيانك صعب، يا ريتني، غلطة، جانا الهوى، علي الضحكاية».
وقالت الدكتورة إيناس عبد الدايم، وزيرة الثقافة المصرية، إن «مهرجان السويس يعد فعالية مهمة طال انتظارها لتحقيق منظومة العدالة التي تم الاتفاق عليها بين وزارتي الثقافة والسياحة والآثار، والتي تستهدف إقامة الفعاليات الفنية والثقافية بالأماكن الأثرية والسياحية، وكانت البداية من دندرة بقنا، وأبيدوس في سوهاج بصعيد مصر، وتل بسطا بمحافظة الشرقية (دلتا مصر)، حتى مهرجان السويس».
واعتبر الدكتور عبد الله رمضان، نائب محافظ السويس، أن مهرجان السويس الغنائي، بمثابة «دعوة لزيارة المدينة العريقة التي تضم مجموعة من الإمكانيات السياحية الكبيرة من بينها شواطئ ومتاحف ومتنزهات تؤهلها لتكون في مقدمة المحافظات السياحية، إذ تم تنفيذ عدة مشروعات خلال السنوات القليلة الماضية على غرار (ممشى أهل السويس) والشاطئ العام بجانب تطوير شاليهات بور توفيق التراثية».
فيما شدد الدكتور مجدي صابر، رئيس دار الأوبرا المصرية، أن المهرجانات الموسيقية والغنائية التي شهدتها مدن مصرية أخيراً تأتي في سياق نشر ودعم الفن والثقافة لتحقيق العدالة بين المحافظات المختلفة.
وقال الخبير الأثري الدكتور علي أبو دشيش، لـ«الشرق الأوسط» إن «هذا الحدث يشجع على الوعي الأثري والثقافي لزيادة الإقبال على مدينة السويس، نظراً لما تتمتع به من مقومات وتاريخ عريق منذ الملك سنوسرت الثالث (1874 قبل الميلاد) أول من حفر قناة بها.
ويضم المتحف القومي للسويس 2500 قطعة أثرية تحكي قصة المدينة الباسلة بداية من عصور ما قبل التاريخ حتى العصر الحديث، وتم تصميم المتحف بشكل متميز، حيث يتكون المبنى من طابقين تفصل بينهما صالة عرض مكشوفة، بالإضافة إلى حديقة متحفية يعرض بها نموذج لإحدى سفن أسطول الملكة حتشبسوت داخل حوض مياه صناعي.
وكشف محمد منير، المستشار الإعلامي لوزيرة الثقافة المصرية، في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أنه تم تدشين مبادرة خلال مهرجان السويس لأول مرة تتيح الفرصة للمواهب الشابة للمشاركة في فعاليات المهرجانات الموسيقية». مؤكداً أن «المهرجانات الغنائية ستجوب مختلف المحافظات المصرية»، لافتاً إلى أن المهرجان القادم سيكون بمحافظة البحيرة، وتحديداً في متحف مدينة رشيد (شمال مصر)، عقب إجازة عيد الأضحى المبارك.
وأنجبت محافظة السويس عدداً من الفنانين، أبرزهم الفنان الكوميدي الراحل إسماعيل ياسين، والكاتب يوسف معاطي، والفنان صلاح يحيى، والفنان الشاب حمدي الميرغني وغيرهم من فناني العزف على السمسمية، وتكمن أهميتها في أنها تطل على المدخل الجنوبي لقناة السويس.
ويجمع برنامج الدورة الأولى من مهرجان السويس للموسيقى والغناء أشكالاً فنية متنوعة، على مدار 3 ليال، يشارك فيها الفنان الكبير هاني شاكر بمصاحبة الفرقة الموسيقية بقيادة المايسترو مصطفى حلمي، والعازفة نسمة عبد العزيز وفرقتها، والفنان أحمد جمال وفرقته، ونجوم الأوبرا للموسيقى العربية رحاب مطاوع، وحسناء، ووليد حيدر، وأشرف وليد، وأخيراً المطربة ريهام عبد الحكيم، بمصاحبة الفرقة الموسيقية بقيادة المايسترو أحمد عامر.