3 قتلى إثر تجدد الاشتباكات بين ميليشيات الدبيبة وباشاغا في طرابلس

المنفي يدشن «الرؤية الاستراتيجية لمشروع المصالحة الوطنية»

صورة وزّعها المجلس الرئاسي لتدشين رئيسه ونائبيه استراتيجية المصالحة الوطنية أمس في طرابلس
صورة وزّعها المجلس الرئاسي لتدشين رئيسه ونائبيه استراتيجية المصالحة الوطنية أمس في طرابلس
TT

3 قتلى إثر تجدد الاشتباكات بين ميليشيات الدبيبة وباشاغا في طرابلس

صورة وزّعها المجلس الرئاسي لتدشين رئيسه ونائبيه استراتيجية المصالحة الوطنية أمس في طرابلس
صورة وزّعها المجلس الرئاسي لتدشين رئيسه ونائبيه استراتيجية المصالحة الوطنية أمس في طرابلس

دخل الصراع على السلطة في العاصمة الليبية طرابلس بين حكومتي عبد الحميد الدبيبة، وغريمه فتحي باشاغا، مرحلة جديدة من المواجهات العسكرية المباشرة، بعدما اندلعت اشتباكات عنيفة مجدداً بين الميليشيات المسلحة الموالية للحكومتين، ما أدى إلى مقتل 3 أشخاص على الأقل. جاء ذلك قبل ساعات فقط من تدشين المجلس الرئاسي استراتيجية للمصالحة الوطنية.
وقال سكان محليون ووسائل إعلام غير رسمية إن ميليشيات تابعة لصلاح النمروش، آمر منطقة الساحل الغربي العسكرية الموالي للدبيبة، أغلقت مساء أول من أمس الطريق الساحلي، الرابط بين طرابلس ومدينة الزاوية، مع انتشار آليات مسلحة بالمنطقة. وأظهرت لقطات مصورة إغلاق الطريق بالسواتر الترابية، وإعادة المارة في الاتجاه المعاكس منذ ساعات الصباح الأولى، بينما سمع دوي إطلاق رصاص كثيف داخل معسكر اليرموك بمنطقة صلاح الدين في طرابلس.
كما تحدثت وسائل إعلام محلية عما وصفته بحالة من الهلع بين العائلات والمارة، إثر اشتباكات مفاجئة نشبت بين «جهاز دعم الاستقرار» و«قوات الردع»، أسفرت عن احتراق بعض السيارات ومقتل 3 أشخاص على الأقل، حسب تقارير غير رسمية.
وعلى الرغم من نفي «الجهاز» دعم مشاركته في هذه الاشتباكات، فقد رصد تحرك لعناصره من معسكر الحديقة في منطقة أبو سليم لمنطقة الاشتباكات بزاوية الدهماني في طرابلس. وقد نقلت وسائل إعلام أن الدبيبة استخدم طائرة مروحية للوصول إلى مدينة جادو، بعد تعذر وصوله إليها براً بسبب خروج جميع الطرق عن سيطرة حكومته.
لكن الدبيبة تجاهل هذه التطورات، ولم يعلق عليها، غير أنه جادل أمس بشأن شرعية حكومته، وقال مخاطباً وزراءه خلال اجتماع للحكومة بمدينة جادو إن أصواتاً فاعلة بالمنظمة الدولية، والأمم المتحدة، ضد استخدام أي تاريخ محدد لانتهاء الاتفاق السياسي كأداة للضغط، بدلاً من إيجاد حل سياسي شامل. في إشارة إلى انتهاء ولاية حكومته قانونياً ودستورياً، بموجب الاتفاق المبرم في جنيف، ودعا لإجراء الانتخابات البرلمانية مجدداً، والمحافظة على حالة الاستقرار التي أوجدها الاتفاق السياسي. معلناً موافقته مبدئياً على مقترح محمد عون، وزير النفط، بشأن تغيير مصطفى صنع الله، رئيس المؤسسة الوطنية للنفط، لكنه طلب دراسة الأسماء البديلة المرشحة.
في غضون ذلك، أطلق محمد المنفي، رئيس المجلس الرئاسي أمس، بالعاصمة «الرؤية الاستراتيجية لمشروع المصالحة الوطنية»، التي تتضمن جدولاً زمنياً ينتهي بحلول نهاية العام الحالي، مؤكداً أن البلاد تحتاج إلى جهود وطنية تخرجها من دائرة التدخلات الأجنبية والتبعية، وأنه «لا سبيل لذلك إلا بمصلحة وطنية تُعلي مصلحة الوطن على كل المصالح»، وموضحاً مسؤولية مجلسه في تأسيس مشروع حقيقي للمصالحة الوطنية الجامعة، يجمع شمل الليبيين، ويعيد لهم نسيجهم المجتمعي ليكونوا شركاء في الإدارة والإرادة.
في السياق ذاته، دعا عقيلة صالح، رئيس مجلس النواب، المجلس الرئاسي للاطلاع بمهمته الوطنية، وعرض مشروع قانون المصالحة الوطنية على مجلس النواب في أقرب وقت، لافتاً إلى أن ليبيا «ليست للارتهان أو المساومة، وهي الأرض التي قدّم أهلها التضحيات من أجل حريتها واستقلالها».
من جهة أخرى، اندلعت ملاسنة كلامية، أمس، بين وزارتي الخارجية المصرية وخارجية حكومة «الوحدة»؛ حيث وصفت الأخيرة ردّ الخارجية المصرية حول شكوى مواطنين ليبيين على الحدود الليبية - المصرية، بأنه «في غير محله ومجافياً للواقع والحقيقة».
واستغربت خارجية «الوحدة» تصريحات المتحدث باسم الخارجية المصرية بشأنها، وبشأن خريطة طريق «ملتقى الحوار السياسي»، الموقع في جنيف، واعتبرته «تدخلاً في الشأن الليبي وتعدياً على السيادة الوطنية، باعتبار أن العملية السياسية ملكية وطنية لليبيين وحدهم، وليس لدولة أن تحدد تاريخ بدء، أو انتهاء المواعيد السياسية الوطنية».
وأكدت خارجية «الوحدة» أن اتفاق جنيف أكد على انتهاء المرحلة الانتقالية بإجراء الانتخابات، وجعل المواعيد تنظيمية، وليست ملزمة. كما أن مثل هذه البيانات لها تداعيات خطيرة على أمن واستقرار ليبيا، موضحة أن ليبيا قادرة بقياداتها وشبابها أن تقرر مصيرها.
وكان السفير أحمد حافظ، المتحدث الرسمي باسم الخارجية المصرية، قد نفى مساء أول من أمس ما نُسب إلى رئيس البعثة الدبلوماسية المصرية في ليبيا، تامر مصطفى، من تصريحات في بيان الجانب الليبي، مؤكداً أن الحكومة المصرية توفر سبل الرعاية كافة، وحسن المعاملة للأشقاء الليبيين في بلدهم الثاني مصر، وذلك على ضوء العلاقات الأخوية، والروابط التاريخية بين البلديّن والشعبين الشقيقين.
وأضاف حافظ أن مصر مستمرة في جهودها الرامية إلى مساعدة الأشقاء الليبيين على «استعادة أمن واستقرار البلاد، وصولاً إلى عقد الانتخابات الرئاسية والبرلمانية بالتزامن في أقرب وقت، وبما يُتيح للشعب الليبي الشقيق المجال الحر لاختيار قياداته الوطنية التي تمثله وتحظى بثقته في الإطار الشرعي». معتبراً أنه ليس من المستغرب أن تحاول بعض الأطراف تناول بيانات غير دقيقة في محاولة لتشتيت الانتباه، خاصة مع حلول أول من أمس كموعد انتهاء خريطة طريق «ملتقى الحوار السياسي»، وولاية حكومة «الوحدة» المنبثقة عنه.


مقالات ذات صلة

المنقوش تناقش في الجزائر الانتخابات الليبية وعودة المعابر

شمال افريقيا المنقوش تناقش في الجزائر الانتخابات الليبية وعودة المعابر

المنقوش تناقش في الجزائر الانتخابات الليبية وعودة المعابر

بحثت نجلاء المنقوش مع نظيرها وزير الخارجية الجزائري أحمد عطاف، خلال زيارة لها أمس إلى الجزائر، فتح المعابر البرية والنقل البحري والجوي أمام حركة التجارة وتنقل الأشخاص، بعد سنين طويلة من الإغلاق، بسبب الأزمة السياسية والأمنية في ليبيا. وذكرت الخارجية الجزائرية في بيان أن الوزيرين بحثا قضايا جارية في الساحتين المغاربية والعربية، منها تطورات ملف الصحراء، والمساعي العربية والدولية لوقف الاقتتال وحقن الدماء في السودان. وأكد البيان أن عطاف تلقى من المنقوش «عرضا حول آخر مستجدات العملية السياسية التي تقودها الأمم المتحدة، لإنهاء الأزمة في ليبيا».

شمال افريقيا وفدان أميركي وفرنسي يبحثان في ليبيا تطوير الجيش

وفدان أميركي وفرنسي يبحثان في ليبيا تطوير الجيش

بحث وفدان عسكريان، أميركي وفرنسي، في ليبيا سبل إعادة بناء وتطوير المؤسسة العسكرية المُنقسمة، بين شرق البلاد وغربها، منذ إسقاط النظام السابق، في وقت زار فيه المشير خليفة حفتر، القائد العام لـ«الجيش الوطني» روما، والتقى برئيسة الوزراء بالحكومة الإيطالية جورجا ميلوني، وعدد من وزراء حكومتها. وفي لقاءين منفصلين في طرابلس (غرباً) وبنغازي (شرقاً)، التقى الوفدان الأميركي والفرنسي قيادات عسكرية للتأكيد على ضرورة توحيد الجيش الليبي.

جمال جوهر (القاهرة)
شمال افريقيا المنقوش تبحث في الجزائر الانتخابات الليبية وعودة الحركة على المعابر

المنقوش تبحث في الجزائر الانتخابات الليبية وعودة الحركة على المعابر

بحثت وزيرة الخارجية الليبية نجلاء المنقوش مع نظيرها الجزائري أحمد عطاف، خلال زيارة لها اليوم الخميس إلى الجزائر، في فتح المعابر البرية والنقل البحري والجوي أمام حركة التجارة وتنقل الاشخاص، بعد سنوات طويلة من الإغلاق، بسبب الأزمة السياسية والامنية في ليبيا.

المنجي السعيداني (تونس)
شمال افريقيا «حبوب الهلوسة»... «سلاح قاتل» يستهدف عقول الليبيين

«حبوب الهلوسة»... «سلاح قاتل» يستهدف عقول الليبيين

لم يكن من قبيل الصدفة أن تقذف أمواج البحر المتوسط كميات متنوعة من المخدرات إلى السواحل الليبية، أو أن تتلقف شِباك الصيادين قرب الشاطئ «حزماً» من «الحشيش والكوكايين وحبوب الهلوسة»، فالبلاد تحوّلت -وفق تقرير أممي- إلى «معبر مهم» لهذه التجارة المجرّمة. وتعلن السلطات الأمنية في عموم ليبيا من وقت لآخر عن ضبط «كميات كبيرة» من المخدرات قبل دخولها البلاد عبر الموانئ البحري والبرية، أو القبض على مواطنين ووافدين وهو يروّجون هذه الأصناف التي يُنظر إليها على أنها تستهدف «عقول الشباب الليبي». غير أنه بات لافتاً من واقع عمليات الضبط التي تعلن عنها السلطات المحلية تزايُد تهريب المخدرات وتعاطيها، خصوصاً «حبوب

جمال جوهر (القاهرة)
شمال افريقيا «النواب» و«الدولة» يقران آلية عمل لجنة قوانين الانتخابات الليبية

«النواب» و«الدولة» يقران آلية عمل لجنة قوانين الانتخابات الليبية

استهلّت اللجنة المُشتركة لممثلي مجلسي «النواب» و«الدولة» (6+6) المكلفة بإعداد قوانين الانتخابات الليبية، اجتماعاتها في العاصمة طرابلس بـ«الاتفاق على آلية عملها». وطبقاً لما أعلنه عبد الله بليحق، المتحدث الرسمي باسم مجلس النواب، فقد شهد الاجتماع ما وصفه بتقارب في وجهات النظر بين أعضاء اللجنة حول القوانين الانتخابية، مشيراً، في بيان مقتضب مساء أول من أمس، إلى أنه «تم أيضاً الاتفاق على التواصل مع الجهات والمؤسسات ذات العلاقة بالعملية الانتخابية».

خالد محمود (القاهرة)

القاهرة تعزز مشاركتها في قوات حفظ السلام بأفريقيا

بدر عبد العاطي يلتقي كتيبة الشرطة المصرية المشاركة في حفظ السلام بالكونغو (الخارجية المصرية)
بدر عبد العاطي يلتقي كتيبة الشرطة المصرية المشاركة في حفظ السلام بالكونغو (الخارجية المصرية)
TT

القاهرة تعزز مشاركتها في قوات حفظ السلام بأفريقيا

بدر عبد العاطي يلتقي كتيبة الشرطة المصرية المشاركة في حفظ السلام بالكونغو (الخارجية المصرية)
بدر عبد العاطي يلتقي كتيبة الشرطة المصرية المشاركة في حفظ السلام بالكونغو (الخارجية المصرية)

تأكيدات مصرية على لسان وزير الخارجية، بدر عبد العاطي، بشأن «الدور النبيل» الذي تقوم به القوات المصرية ضمن بعثات حفظ السلام عبر «تعزيز السلم والأمن» في أفريقيا، وأنها تعكس «الالتزام المصري التاريخي بدعم الاستقرار في القارة السمراء».

تصريحات وزير الخارجية جاءت خلال زيارته للكتيبة المصرية ضمن قوات حفظ السلام في الكونغو الديمقراطية، التي تأتي أيضاً قبيل أسابيع من مشاركة جديدة مرتقبة مطلع العام المقبل في الصومال ضمن قوات حفظ سلام أفريقية، وسط تحفظات إثيوبية التي أعلنت مقديشو استبعاد قواتها رسمياً، وأرجعت ذلك إلى «انتهاكها الصارخ لسيادة واستقلال الصومال».

الزيارة المصرية للقوات التي يمر على وجودها نحو 25 عاماً، تعد بحسب خبراء تحدثوا مع «الشرق الأوسط»، تأكيداً على «الحضور المتنامي للقاهرة، وتعزيزاً لمشاركاتها بالقارة السمراء»، مستبعدين أن تتحول أي تحفظات إثيوبية تجاه الوجود المصري بمقديشو لمواجهات أو تصعيد عسكري.

وبحسب ما كشفته «الخارجية المصرية» في أواخر مايو (أيار) 2024، «فمنذ عام 1960، عندما أرسلت مصر قواتها إلى عمليات الأمم المتحدة في الكونغو، خدم ما يزيد على 30 ألفاً من حفظة السلام المصريين في 37 بعثة لحفظ السلام في 24 دولة، وبصفتها واحدة من كبريات الدول التي تسهم بقوات نظامية في عمليات حفظ السلام، تنشُر مصر حالياً 1602 من حفظة السلام من النساء والرجال المصريين في عمليات الأمم المتحدة لحفظ السلام في الكونغو الديمقراطية والسودان وجنوب السودان والصحراء الغربية».

ووفق تقديرات نقلتها «هيئة الاستعلامات» المصرية الرسمية، منتصف يونيو (حزيران) 2022، تسترشد مصر في عمليات حفظ السلام بثلاثة مبادئ أممية أساسية، وهي «موافقة الأطراف والحياد، وعدم استعمال القوة إلا دفاعاً عن النفس، ودفاعاً عن الولاية».

بدر عبد العاطي يصافح كتيبة الشرطة المصرية المشاركة في حفظ السلام بالكونغو (الخارجية المصرية)

وتاريخياً، شاركت مصر في قوات حفظ السلام بأفريقيا في «الكونغو أثناء فترة الحرب الأهلية من 1960 إلى 1961، ثم من نوفمبر (تشرين الثاني) 1999، وكوت ديفوار لمساعدة الأطراف الإيفوارية على تنفيذ اتفاق السلام الموقع بينهما في يناير (كانون الثاني) 2003، والصومال في الفترة من ديسمبر (كانون الأول) 1992 إلى فبراير (شباط) 1995، وأفريقيا الوسطى من يونيو 1998 إلى مارس (آذار) 2000، وأنغولا من 1991 وحتى 1999، وموزمبيق من فبراير 1993 إلى يونيو 1995، وجزر القمر من 1997 وحتى 1999، وبوروندي منذ سبتمبر (أيلول) 2004، وإقليم دارفور بالسودان منذ أغسطس (آب) 2004».

وضمن متابعة مصرية لقواتها، التقى بدر عبد العاطي، الجمعة، مع أعضاء كتيبة الشرطة المصرية المُشاركة في مهام حفظ السلام ضمن بعثة الأمم المتحدة لحفظ الاستقرار في الكونغو الديمقراطية خلال زيارته التي بدأت الخميس، واستمرت ليومين إلى العاصمة كينشاسا، لتعزيز التعاون بكل المجالات، وفق بيان صحافي لـ«الخارجية المصرية».

وقال عبد العاطي إن «مصر إحدى كبرى الدول المساهمة في قوات حفظ السلام الأممية»، مؤكداً أن «وجود الكتيبة المصرية في الكونغو الديمقراطية يعكس عمق العلاقات التاريخية بين البلدين وأهمية الشراكة الاستراتيجية مع دول حوض النيل الجنوبي». كما نقل وزير الخارجية، رسالة إلى رئيس الكونغو الديمقراطية، فيليكس تشيسيكيدي، من الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، تتضمن سبل تعزيز العلاقات، وإحاطة بما تم توقيعه من اتفاقيات تعاون خلال زيارته وتدشين «مجلس أعمال مشترك».

ووفق الخبير في الشؤون الأفريقية، عبد الناصر الحاج، فإن كلمة السر في مشاركة مصر بشكل معتاد ضمن قوات حفظ السلام في أفريقيا بشكل عام هي «طبيعة القوات المصرية حيث تتجلى الإمكانات العالية والخبرات التاريخية المتراكمة، ما جعل مصر دائمة المشاركة والحضور ضمن قوات حفظ السلام منذ أزمان بعيدة»، مؤكداً أن لمصر تجارب عدة في العمل ضمن بعثات حفظ السلام في كثير من دول أفريقيا التي شهدت نزاعات وأوضاع أمنية بالغة التعقيد، مثل ساحل العاج، والكونغو، وأفريقيا الوسطى، وأنغولا، وموزمبيق، وليبيريا، ورواندا، وجزر القمر، ومالي وغيرها.

جانب من كتيبة الشرطة المصرية المشاركة في مهام حفظ السلام بالكونغو الديمقراطية (الخارجية المصرية)

الحاج أشار إلى أنه رغم أن الاضطرابات السياسية التي تشهدها كثير من دول أفريقيا «تزيد من تعقيد» عمل بعثات الأمم المتحدة الخاصة بحفظ السلام في أفريقيا، وعدم قدرة هذه البعثات على إحراز أي تقدم في ظل نقص المؤسسات الديمقراطية الفعالة في عدد من البلدان الأفريقية؛ فإن مصر تدرك جيداً مدى أهمية تكثيف حضورها الأمني في القارة السمراء، باعتبار أن «العدول عن المشاركة المصرية ضمن بعثات حفظ السلام، سوف يترك فراغاً عريضاً» ربما تستغله دول أخرى تنافس مصر في خارطة التمركز الفاعل في أفريقيا.

الخبير الاستراتيجي المصري، اللواء سمير فرج، أوضح أن هناك قوات لحفظ السلام تتبع الأمم المتحدة، وأخرى تتبع الاتحاد الأفريقي، وكل له ميزانية منفصلة؛ لكن يتعاونان في هذا المسار الأمني لحفظ الاستقرار بالدول التي تشهد اضطرابات ومصر لها حضور واسع بالاثنين، مؤكداً أن مشاركة القاهرة بتلك القوات يتنامى ويتعزز في القارة الأفريقية بهدف استعادة الحضور الذي عرف في الستينات بقوته، وكان دافعاً ومساهماً لتأسيس الاتحاد الأفريقي والحفاظ على استقرار واستقلال دوله.

وهو ما أكده وزير الخارجية المصري خلال زيارته للكتيبة المصرية بالكونغو الديمقراطية بالقول إن «المشاركة في بعثات حفظ السلام تعكس الالتزام المصري التاريخي بدعم الاستقرار في أفريقيا، والمساهمة الفاعلة في صون السلم والأمن الدوليين».

هذا التأكيد المصري يأتي قبل نحو شهر من المشاركة المصرية في قوات حفظ السلام الأفريقية، بالصومال، حيث أكد سفير مقديشو لدى مصر، علي عبدي أواري، في إفادة، أغسطس الماضي، أن «القاهرة في إطار اتفاقية الدفاع المشترك مع الصومال ستكون أولى الدول التي تنشر قوات لدعم الجيش الصومالي من يناير 2025 وتستمر حتى عام 2029. بعد انسحاب قوات الاتحاد الأفريقي الحالية»، قبل أن تعلن مقديشو، أخيراً «استبعاد القوات الإثيوبية رسمياً من المشاركة في عمليات البعثة الجديدة؛ بسبب انتهاكها الصارخ لسيادة واستقلال الصومال».

الرئيس الصومالي خلال توقيعه قانوناً في يناير الماضي يُبطل مذكرة تفاهم «أرض الصومال» وإثيوبيا (حساب الرئيس الصومالي على «إكس»)

ولم تعلق أديس أبابا رسمياً على هذا الاستبعاد، لكن تحدّث وزير الخارجية الإثيوبي السابق، تاي أصقي سيلاسي، في أغسطس الماضي، عن الموقف الإثيوبي بشأن البعثة الجديدة لقوات حفظ السلام في الصومال، حيث طالب بـ«ألا تشكّل تهديداً لأمننا القومي، هذا ليس خوفاً، لكنه تجنّب لإشعال صراعات أخرى بالمنطقة»، مؤكداً أن بلاده «أصبحت قوة كبرى قادرة على حماية مصالحها».

وعدَّ الخبير الاستراتيجي المصري أن استمرار الوجود المصري في قوات حفظ السلام على مدار السنوات الماضية والمقبلة، لاسيما بالصومال له دلالة على قوة مصر وقدرتها على الدعم الأمني والعسكري وتقديم كل الإمكانات، لاسيما التدريب وتحقيق الاستقرار، مستبعداً حدوث أي تحرك إثيوبي ضد الوجود المصري في الصومال العام المقبل.

فيما يرى الخبير في الشؤون الأفريقية أن الاستعداد القوي الذي أظهرته مصر للمشاركة ضمن بعثة حفظ السلام في الصومال، يأتي من واقع الحرص المصري على استتباب الأمن في هذه البقعة الاستراتيجية في القرن الأفريقي؛ لأن استتباب الأمن في الصومال يعني تلقائياً تأمين حركة الملاحة البحرية في البحر الأحمر، ومن ثم ضمان انسياب الحركة التجارية الدولية عبر قناة السويس. فضلاً عن أن مصر لن تنزوي بعيداً وتترك الصومال ملعباً مميزاً للقوات الإثيوبية، خصوصاً بعدما أبرمت إثيوبيا اتفاقاً مطلع العام مع إقليم «أرض الصومال» لاستغلال منفذ «بربرة» البحري المطل على ساحل البحر الأحمر.

وفي تقدير عبد الناصر الحاج فإن نجاح مصر في أي مشاركة فاعلة ضمن قوات حفظ السلام في أفريقيا، يتوقف في المقام الأول، على مدى قدرة مصر في انتزاع تفويضات واسعة من مجلس السلم والأمن الأفريقي لطبيعة عمل هذه البعثات، بحسبان أن إحدى المشكلات التي ظلت تسهم في إعاقة عمل بعثات حفظ السلام، هي نوعية التفويض الممنوح لها؛ وهو الذي ما يكون دائماً تفويضاً محدوداً وقاصراً يضع هذه البعثات وكأنها مُقيدة بـ«سلاسل».

وأوضح أنه ينبغي على مصر الاجتهاد في تقديم نماذج استثنائية في أساليب عمل قواتها ضمن بعثات حفظ السلام، بحيث يصبح الرهان على مشاركة القوات المصرية، هو خط الدفاع الأول لمدى جدواها في تحقيق غاية حفظ السلام.