نازحو شمال سوريا يخشون توقف المساعدات الإنسانية

بعد تهديد روسي بوقف إيصالها عبر الحدود مع تركيا

مخيم للنازحين في شمال سوريا (أ.ب)
مخيم للنازحين في شمال سوريا (أ.ب)
TT

نازحو شمال سوريا يخشون توقف المساعدات الإنسانية

مخيم للنازحين في شمال سوريا (أ.ب)
مخيم للنازحين في شمال سوريا (أ.ب)

حذّر ناشطون ومنظمات إنسانية محلية ومديرو مخيمات للنازحين في شمال غربي سوريا، من توقف آلية إدخال المساعدات الإنسانية للسوريين، عبر منفذ باب الهوى الحدودي مع تركيا، شمال إدلب، بضغط من روسيا. الأمر الذي سيحدث كارثة إنسانية كبيرة، ومجاعة حقيقية تطول أكثر من مليون ونصف مليون نازح، ومثلهم من الفقراء، يعيشون في مخيمات ومناطق نائية، شمال غربي سوريا، ويعتمدون في معيشتهم على المساعدات الغذائية المقدمة من برنامج «النظام الغذائي العالمي»، في الأمم المتحدة.
ويترقب نحو 4 ملايين سوري (نصفهم نازحون في مخيمات الشمال السوري) ما سيصدر عن جلسة مجلس الأمن، والتصويت على قرار آلية تمديد نقل المساعدات الإنسانية عبر الحدود، في 10 يوليو (تموز) المقبل، أمام التهديدات الروسية والتلويح باستخدام حق «الفيتو» ضد قرار تمديد إدخال المساعدات عبر معبر باب الهوى، ما يعني ذلك حرمان أكثر من 3.5 مليون سوري، يستفيدون من المساعدات الإنسانيّة التي تصل من «الأمم المتحدة». وفيما لو استطاعت روسيا منع تمديد قرار مجلس الأمن، فإن ذلك سيفاقم الوضع الاقتصادي والمعيشي في مناطق شمال غربي سوريا، ويحدث كارثة إنسانية كبيرة، ومجاعة حقيقية.
وقال أبو أحمد، مدير مخيم «الأمل» بالقرب من منطقة دير حسان والحدود التركية، إن «توقف المساعدات الإنسانية المقدمة من الأمم المتحدة للسوريين، وتحديداً للنازحين منهم، يعني أن الجميع مقبلون على مشاهد من الموت وتفاقم الأمراض والعوز في أوساط النازحين الذين لا يملكون وسيلة لتأمين الغذاء والدواء ومياه الشرب إلا عن طريق برامج الدعم الإنساني من قبل المنظمات الإنسانية المعتمدة من قبل الأمم المتحدة و(برنامج الأغذية العالمي)، في وقت لا تتوفر فرص عمل كافية للنازحين تمكنهم من سدّ رمق الأطفال وحاجتهم للغذاء والدواء وحليب الأطفال».
وأوضح أنه يدير المخيم يؤوي نحو 700 أسرة نازحة من قرى ريف إدلب الجنوبي وريف حماة الشمالي، منذ 5 أعوام، و«معظم هذه الأسر تعتمد بالدرجة الأولى على ما تحصل عليه من معونات وسلل غذائية من المنظمات الإنسانية المرتبطة بـ(برنامج الغذاء العالمي)، وحرمانهم منها يعني الجوع وتفاقم الأمراض، وعلى المجتمع الدولي أن يراعي ظروف هؤلاء النازحين، وينصفهم ويحافظ على استمرار تدفق المساعدات الإنسانية والوقوف بوجه روسيا التي تطالب بإغلاق معبر باب الهوى أمام المساعدات الإنسانية الأممية».
من جهتها، قالت أم يوسف (36 عاماً)، وهي أرملة نازحة من ريف حلب، لديها 5 أطفال، وتقيم في مخيم دار السلام شمال مدينة الدانا، إن «معظم النساء اللواتي فقدن أزواجهن في الحرب السورية، خلال السنوات الماضية، ولجأن إلى المخيمات، يعتمدن في تربية أطفالهن على المساعدات الإنسانية الدولية (سلل غذائية وألبسة وقرطاسية وأدوية)، وليس لهن أي مدخول مادي من أي جهة أخرى، وتوقف هذه المساعدات يعني أننا أمام مأساة مؤثرة للغاية إنسانياً، وربما تضطر بعض النسوة إلى التسول والعمل في أعمال مجهدة، لإعالة أسرهن، وهذا الأمر لا يتوقف عند مخيم أو دار واحدة للأرامل أو الأيتام، وإنما سينطبق على عشرات الدور والتجمعات التي تؤوي الأيتام والأرامل في مناطق شمال غربي سوريا، وتحوي آلاف الأرامل وآلاف الأطفال».
من جهته، أصدر فريق «منسقو استجابة سوريا»، العامل في شمال غربي سوريا، مؤخراً، بياناً قال فيه إن «تبعات إغلاق معبر (باب الهوى) الحدودي مع تركيا، وتوسيع إدخال المساعدات عبر خطوط التماس، تؤدي إلى حرمان أكثر من مليوني نسمة من المساعدات الغذائية، وحرمان أكثر من 2.65 مليون نسمة، من الحصول على المياه النظيفة والصالحة للشرب، بالإضافة إلى انقطاع دعم مادة الخبز في أكثر من 650 مخيماً للنازحين، وحرمان أكثر من مليون نسمة من الحصول على الخبز بشكل يومي، إضافة إلى تقليص عدد المشافي والنقاط الطبية التي تقدم خدماتها الطبية للنازحين والأسر التي لا تملك المال الكافي للعلاج».
وأكدت لجنة «الأمم المتحدة» للتحقيق، بشأن سوريا مؤخراً، أنه «في الوقت الحالي الذي تواجه فيه البلاد أسوأ أزمة اقتصادية وإنسانية، منذ بداية الصراع في سوريا، يجب على المجتمع الدولي حماية المساعدات الحالية المنقذة للحياة (عبر الحدود)، وزيادة تعهداته التمويلية لدعم هذه المساعدات».
وقالت مساعدة وزير الخارجية الأميركي لشؤون الشرق الأدنى، السفيرة باربرا ليف، التي زارت المنطقة الحدودية مع تركيا أخيراً، إن «الاحتياجات الإنسانية في سوريا تتفاقم بسبب الوباء والمستويات التاريخية للجفاف وعقود من سوء الإدارة والفساد والآثار الرهيبة على الأمن الغذائي العالمي نتيجة لحرب بوتين على أوكرانيا، وإن تمديد تفويض مجلس الأمن للقرار 2585 القاضي بإيصال المساعدات عبر الحدود لسوريا هو أمر أساسي في استراتيجية الولايات المتحدة».
يأتي ذلك بعد أن هدّد مبعوث روسيا إلى «مجلس الأمن» فاسيلي نيبينزيا، أواخر شهر مايو (أيار) الماضي، بوقف تمديد آلية نقل المساعدات عبر الحدود، الصيف المقبل، وهي آلية تتطلب موافقة المجلس بالإجماع لتمديدها، كل عام.
وكانت روسيا قد ضغطت على مجلس الأمن واستصدرت قراراً، في 9 يوليو (تموز) 2021 لحصر دخول المساعدات الإنسانية من معبر (باب الهوى) فقط، بعد أن كانت تدخل من 4 معابر، وهي «باب السلامة، شمال حلب، باب الهوى، شمال إدلب، الحدوديين مع تركيا، ومعبر اليعربية الحدودي مع العراق، ومعبر نصيب الحدودي مع الأردن»، ويعد معبر باب الهوى بمثابة «شريان الحياة» الوحيد لما يقارب 4 ملايين نسمة تقريباً، يعيشون في مناطق سيطرة المعارضة السورية، شمال غربي سوريا، بينهم أكثر من مليون ونصف المليون نازح ومهجّر من مناطق مختلفة في سوريا، يعيشون في المخيمات على الحدود السورية التركية، ولا يملكون أي فرص للعمل، وأكثر من 85 في المائة منهم يعيشون تحت خط الفقر، بحسب إحصائيات دولية وناشطين حقوقيين.


مقالات ذات صلة

أبو الغيط: لا أعلم إن كانت سوريا ستعود للجامعة

أبو الغيط: لا أعلم إن كانت سوريا ستعود للجامعة

أبو الغيط: لا أعلم إن كانت سوريا ستعود للجامعة

قال الأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط، إنَّه «لا يعلم ما إذا كانت سوريا ستعود إلى الجامعة العربية أم لا»، وإنَّه «لم يتسلَّم بصفته أميناً عاماً للجامعة أي خطابات تفيد بعقد اجتماع استثنائي لمناقشة الأمر».

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شؤون إقليمية سوريا وإيران: اتفاق استراتيجي طويل الأمد

سوريا وإيران: اتفاق استراتيجي طويل الأمد

استهلَّ الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي، أمس، زيارة لدمشق تدوم يومين بالإشادة بما وصفه «الانتصارات الكبيرة» التي حقَّقها حكم الرئيس بشار الأسد ضد معارضيه. وفي خطوة تكرّس التحالف التقليدي بين البلدين، وقّع رئيسي والأسد اتفاقاً «استراتيجياً» طويل الأمد. وزيارة رئيسي للعاصمة السورية هي الأولى لرئيس إيراني منذ عام 2010، عندما زارها الرئيس الأسبق محمود أحمدي نجاد، قبل شهور من بدء احتجاجات شعبية ضد النظام. وقال رئيسي، خلال محادثات موسَّعة مع الأسد، إنَّه يبارك «الانتصارات الكبيرة التي حققتموها (سوريا) حكومة وشعباً»، مضيفاً: «حقَّقتم الانتصار رغم التهديدات والعقوبات التي فرضت ضدكم».

«الشرق الأوسط» (دمشق)
العالم العربي أنقرة تستبق «رباعي موسكو» بمطالبة دمشق بموقف واضح تجاه قضايا التطبيع

أنقرة تستبق «رباعي موسكو» بمطالبة دمشق بموقف واضح تجاه قضايا التطبيع

استبقت تركيا انعقاد الاجتماع الرباعي لوزراء خارجيتها وروسيا وإيران وسوريا في موسكو في 10 مايو (أيار) الحالي في إطار تطبيع مسار العلاقات مع دمشق، بمطالبتها نظام الرئيس بشار الأسد بإعلان موقف واضح من حزب «العمال الكردستاني» والتنظيمات التابعة له والعودة الطوعية للاجئين والمضي في العملية السياسية.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
العالم العربي درعا على موعد مع تسويات جديدة

درعا على موعد مع تسويات جديدة

أجرت اللجنة الأمنية التابعة للنظام السوري في محافظة درعا (جنوب سوريا) اجتماعات عدة خلال الأيام القليلة الماضية، آخرها أول من أمس (الأربعاء)، في مقر الفرقة التاسعة العسكرية بمدينة الصنمين بريف درعا الشمالي، حضرها وجهاء ومخاتير ومفاوضون من المناطق الخاضعة لاتفاق التسوية سابقاً وقادة من اللواء الثامن المدعوم من قاعدة حميميم الأميركية. مصدر مقرب من لجان التفاوض بريف درعا الغربي قال لـ«الشرق الأوسط»: «قبل أيام دعت اللجنة الأمنية التابعة للنظام السوري في محافظة درعا، ممثلةً بمسؤول جهاز الأمن العسكري في درعا، العميد لؤي العلي، ومحافظ درعا، لؤي خريطة، ومسؤول اللجنة الأمنية في درعا، اللواء مفيد حسن، عد

رياض الزين (درعا)
شمال افريقيا مشاورات مصرية مع 6 دول عربية بشأن سوريا والسودان

مشاورات مصرية مع 6 دول عربية بشأن سوريا والسودان

أجرى وزير الخارجية المصري سامح شكري اتصالات هاتفية مع نظرائه في 6 دول عربية؛ للإعداد للاجتماع الاستثنائي لوزراء الخارجية العرب بشأن سوريا والسودان، المقرر عقده، يوم الأحد المقبل. وقال المتحدث الرسمي باسم وزارة الخارجية المصرية، السفير أحمد أبو زيد، في إفادة رسمية، الخميس، إن شكري أجرى اتصالات هاتفية، على مدار يومي الأربعاء والخميس، مع كل من وزير خارجية السودان علي الصادق، ووزير خارجية السعودية فيصل بن فرحان، ووزير خارجية العراق فؤاد محمد حسين، ووزير خارجية الجزائر أحمد عطاف، ووزير خارجية الأردن أيمن الصفدي، ووزير خارجية جيبوتي محمود علي يوسف. وأضاف أن «الاتصالات مع الوزراء العرب تأتي في إطار ا

«الشرق الأوسط» (القاهرة)

الحوثيون يؤكدون استمرار «العمليات بالصواريخ والمسيّرات» ضد إسرائيل

مناصرون لجماعة الحوثي المتمردة يرفعون أسلحتهم خلال احتجاج مناهض لإسرائيل في صنعاء (إ.ب.أ)
مناصرون لجماعة الحوثي المتمردة يرفعون أسلحتهم خلال احتجاج مناهض لإسرائيل في صنعاء (إ.ب.أ)
TT

الحوثيون يؤكدون استمرار «العمليات بالصواريخ والمسيّرات» ضد إسرائيل

مناصرون لجماعة الحوثي المتمردة يرفعون أسلحتهم خلال احتجاج مناهض لإسرائيل في صنعاء (إ.ب.أ)
مناصرون لجماعة الحوثي المتمردة يرفعون أسلحتهم خلال احتجاج مناهض لإسرائيل في صنعاء (إ.ب.أ)

أكد زعيم المتمردين اليمنيين عبد الملك الحوثي، اليوم (الخميس) استمرار الهجمات التي تشنها قواته «بالصواريخ والمسيرات» ضد إسرائيل مهدداً بهجمات «أقوى وأكبر»، غداة بدء سريان وقف لإطلاق النار بين الدولة العبرية و«حزب الله» في لبنان.

وقال زعيم الحوثيين المدعومين من إيران في كلمة بثتها قناة «المسيرة» إنّ «العمليات من جبهة اليمن المساندة للشعب الفلسطيني بالقصف بالصواريخ والمسيّرات على العدو الإسرائيلي مستمرة».

وأطلق المتمردون الحوثيون في اليمن طائرات مسيّرة وصواريخ على إسرائيل بشكل منتظم منذ بدء حرب غزة في أكتوبر (تشرين الأول) 2023.

كما استهدفوا سفن شحن يقولون إنها مرتبطة بإسرائيل أو متوجهة إليها في البحر الأحمر وخليج عدن، ما أدى إلى تعطيل هذا الطريق التجاري الحيوي بشكل كبير.

ووفق ما نقلته «وكالة الصحافة الفرنسية»، قال الحوثي «آمل من الجميع في الجيش وعلى المستوى الشعبي أن ندرك مسؤوليتنا لنبذل الجهد ونستعين بالله ليعيننا على فعل ما هو أقوى وأكبر ضد العدو الإسرائيلي».

وفي السياق ذاته، أفاد تلفزيون «المسيرة» التابع للحوثيين، مساء اليوم (الخميس)، بأن طائرات أميركية وبريطانية شنت غارتين على محافظة الحديدة في غرب اليمن.

وأوضح التلفزيون أن الغارتين استهدفتا مديرية باجل، دون ذكر مزيد من التفاصيل.