ليس صدفة أن يائير لبيد، الذي سيتوّج رئيساً للحكومة الإسرائيلية إذا سارت الأمور بلا مفاجآت، قرر أن يسافر غداً (الخميس)، إلى أنقرة، كوزير للخارجية، والإعداد لأول زيارة سياسية إلى فرنسا كرئيس حكومة «للقاء صديقي الرئيس إيمانويل ماكرون»، كما قال.
وقد أعطى تعليماته للإعداد لاستقبال الرئيس الأميركي جو بايدن، بأرقى وأفخم طقوس. وطلب الاجتماع برؤساء الأجهزة الأمنية، الجيش والمخابرات الداخلية (الشاباك) والخارجية (الموساد) والعسكرية (أمان)، ليطلع بدقة على التحديات الأمنية. وحاول طمأنة المستوطنين بأنه «ليبرالي يميني لا يناصبهم العداء. فهو يدرك أن خصومه في اليمين واليمين المتطرف بقيادة بنيامين نتنياهو، سيسعون لقطع أنفاسه، ومنعه من التمتع يوماً واحداً بالمنصب الجديد كرئيس حكومة، بمحاولتهم تفكيك ائتلافه الحكومي من دون الحاجة إلى انتخابات جديدة. وإن فشلوا، كما هو متوقع، فسيخططون لتحطيم شخصيته السياسية وإظهاره ممثلاً سيئاً وسياسياً ضعيفاً ذا مقاس صغير لا يلائم مقعد رئاسة الحكومة»، كما يقول عنه المقرب من نتنياهو، النائب يوآب كيش من «الليكود».
وسيركز لبيد جهوده على إبراز حقيقة أنه مهندس الحكومة الحالية الذي جمع ثمانية أحزاب من أقصى اليمين وأقصى اليسار، ولعب دور «الأخ الأكبر» في هذه الحكومة، الذي ترفّع عن الصغائر، وعمل على توحيد الشعب وأعاد لوزارة الخارجية هيبتها ووسع علاقات إسرائيل السياسية. وسيكون عليه أن يقاتل لأجل الحفاظ على اسمه وفرصة البقاء وهزيمة نتنياهو، وأن يستخدم كل ما تعلمه في القتال، عندما كان لاعب كارتيه حاملاً الحزام «دان 3»، وربما لن تكفيه تلك الدرجة لمواجهة خصمه الثعلبي.
لبيد هو رجل سياسة جديد، دخلها فقط قبل 11 عاماً، عندما كان شاباً وسيماً ونجماً إعلامياً وممثلاً مبتدئاً في السينما والتلفزيون. قرر في عام 2011 أن رئيس الوزراء، نتنياهو، فاشل، ولا يفلح في تسوية الأزمات الاقتصادية، فأسس حزباً أطلق عليه اسم «يوجد مستقبل»، وخاض الانتخابات كمرشح لرئاسة الحكومة.
هو ابن رجل إعلام وسياسة أيضاً، يوسف لبيد، الذي دخل السياسة على رأس حزب جديد، في حينه، عام 1999 وحصد 6 مقاعد، وعُدّ ذلك نجاحاً مهماً. لكنّ لبيد الابن، حصد 19 مقعداً من أول ضربة، في عام 2013. والده كان معجباً به وكان يقول إنه يرى فيه انتصار اليهود على النازية. فهو من عائلة أبيدت في معسكرات النازيين، وهو فقط مَن نجا منها كطفل وبأعجوبة. الولد يائير، كان مهملاً لدراسته، وهذا ما أزعج والدته كاتبة السيناريو. لكنه أظهر مواهب بارزة في التمثيل وفي الكتابة وفي الروح القيادية، واختار طريقه بعيداً عن التعليم.
في الجيش خدم كصحافي في المجلة العسكرية «بمحنيه» (في المعسكر). وفي الحياة المدنية كان يكتب مقالة لصحيفة «معريب»، ثم لصحيفة «يديعوت أحرونوت». ثم أصبح مقدم برنامج في التلفزيون نهاية الأسبوع. وعلى الطريق شارك في التمثيل في فيلم سينمائي ومسلسل تلفزيوني ومارس هواية الملاكمة والكاراتيه.
دخل يائير لبيد السياسة كنجم إعلامي. وعرف كيف يطرح شعاراً مقنعاً: «أين المال؟» فقد اتهم حكومة نتنياهو بنهب أموال الدولة، جاء ذلك في الوقت الذي شهدت فيه إسرائيل هبة احتجاج ضخمة على خلفية الوضع الاقتصادي وأزمة السكن. لكن تجربته لم تكن زاهرة فقد عيّنه نتنياهو وزيراً للمالية، وكانت هذه مصيدة عسل، فقد فشل في معالجة الأزمة. وهبط في الانتخابات التالية إلى 11 مقعداً. لذلك، قرر البقاء في المعارضة وراح يتعلم فن القتال السياسي. وفي عام 2019 تمكن من تشكيل تجمع من عدة أحزاب مع رئيسي أركان سابقين للجيش هما موشيه يعلون وبيني غانتس، وفي ضوء اتهامه بالغرور والأنانية، سلم غانتس رئاسة الحزب لكي يبدو متواضعاً، وفازوا معاً بـ35 مقعداً، وهو نفس العدد الذي حصل عليه نتنياهو. ولكن غانتس تركه وتوجه لائتلاف مع نتنياهو على أساس تداول رئاسة الحكومة بينهما.
وكما هو معروف، أطعم نتنياهو غانتس مقلباً لا يُنسى، فقد أغراه بمنصب رئاسة الحكومة حتى يفرط تحالفه مع لبيد، ثم أدار له ظهره وفرط التحالف بينهما. وبدا أن نتنياهو يلعب بالمنافسين على هواه ويراهم على أنهم لاعبون صغار إلى جانبه. وقد انتقم لبيد بوضع حد لحكم نتنياهو، وذلك بإقامة حكومة غريبة عجيبة لشدة تناقضاتها، فجمع نفتالي بنيت من أقصى اليمين، مع نتسان هوروفتش من أقصى اليسار، إلى الحركة الإسلامية برئاسة منصور عباس. لكنّ نتنياهو لم يقبل الخسارة بسكينة، وهو يستلّ السيوف اليوم لينتقم من لبيد بضربة أكبر.
رئيس الحكومة الإسرائيلية الجديد من السينما والكاراتيه إلى قمة الهرم السياسي
رئيس الحكومة الإسرائيلية الجديد من السينما والكاراتيه إلى قمة الهرم السياسي
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة