العملات المشفرة تواجه «كابوس العمر»

سوقها تفقد ثلثي قيمتها مع مخاوف وهروب رساميل وتنظيمات هرمية

سوق العملات المشفرة تفقد نحو ثلثي قيمتها (رويترز)
سوق العملات المشفرة تفقد نحو ثلثي قيمتها (رويترز)
TT

العملات المشفرة تواجه «كابوس العمر»

سوق العملات المشفرة تفقد نحو ثلثي قيمتها (رويترز)
سوق العملات المشفرة تفقد نحو ثلثي قيمتها (رويترز)

تواجه العملات المشفرة أحد أسوأ أوقاتها منذ ظهورها، مع تهاوي قيمتها خلال الأسبوع الأخير إلى ما دون 20 ألف دولار، وتراجع الثقة بها إلى أحد أدنى مستوياتها، ما راكم خسائرها لتتجاوز 72 في المائة منذ بلوغ ذروتها في نوفمبر (تشرين الثاني) عام 2021.
ويوم السبت الماضي، هبطت العملة المشفرة الأبرز بتكوين إلى مستوى قياسي متدنٍ عند 17762 دولارًا... وهو مستوى غير مسبوق للعملة منذ نوفمبر 2020. كما تراجعت جميع العملات المشفرة الرئيسية بشكل حاد، وفقدت إيثر، ثاني أكثر العملات الرقمية استخداماً، نحو 10 في المائة من قيمتها.
ورغم أن بتكوين حسنت أسعارها، لتعتلي 10 ألف دولار يوم الاثنين، فإن السوق لا تزال شديدة الاضطراب، ومعدومة الثقة. وفي حين كانت سوق العملات المشفرة تساوي أكثر من 3 تريليونات دولار في ذروتها قبل سبعة أشهر، تراجعت إلى ما دون تريليون دولار مطلع هذا الأسبوع.
وفي عام 2021 اجتذب هذا القطاع الذي ما زال يعد ناشئاً عدداً متزايداً من المستثمرين الماليين التقليديين الذين فتحت شهيتهم على المخاطر السياسات المتساهلة للغاية للبنوك المركزية في جميع أنحاء العالم.
وتزامن تهاوي العملات المشفرة مع تراجع البورصات الكبرى الأسبوع الماضي، ويعزى ذلك إلى الخوف من أن المصارف المركزية، وعلى رأسها الاحتياطي الفيدرالي الأميركي، لن تبدو متشددة في إرادة كبح التضخم، ما يهدد بإضعاف الاقتصاد العالمي... ودفت تلك التحركات في بداية الأسبوع إلى حراك المستثمرين للتخلص من الأصول مرتفعة المخاطر بسبب مخاوف من رفع الفيدرالي الكبير لأسعار الفائدة.
إضافة إلى ذلك، تسارع انخفاض عملة البتكوين بعد تعليق منصتي «سلسيوس» و«بابل فاينانس» عمليات السحب. حيث اقترحت الشركة الأولى التي تبلغ قيمتها 12 مليار دولار، على مستخدميها استخدام عملاتهم المشفرة «التاريخية» مثل البتكوين والإيثر للاستثمار في عملات رقمية جديدة. أما الثانية فقالت لعملائها الجمعة إنها ستعلق جميع عمليات السحب بسبب «ضغوط غير اعتيادية على السيولة».
كما أسهم تجميد وجيز لعمليات سحب البتكوين من أكبر منصة في العالم، «باينانس» خلال الأسبوع الماضي، في تراجع الاستثمار في العملات المشفرة. وأعلنت منصة «كوينبيز» من جهتها أنها ستلغي 18 في المائة من الوظائف فيها، أي نحو 1100 منصب.
وبرر المؤسس الشريك والمدير العام «كوينبيز» براين أرمسترونغ عمليات الطرد الواسعة النطاق بأنها متعلقة على ما يبدو «بمرحلة ركود ندخلها بعد طفرة اقتصادية استمرت أكثر من عشرة أعوام».
وبدورها قالت بت أويسس، وهي منصة لتداول العملات المشفرة تركز على الشرق الأوسط ومقرها الإمارات، يوم الأحد إنها استغنت عن تسعة من موظفيها، لتصبح أحدث شركة في القطاع تلغي وظائف في مواجهة انكماش واضطراب السوق. وقال متحدث باسم الشركة إن هذا يمثل ما يقرب من خمسة في المائة من القوى العاملة في الشركة.
وبالتزامن مع ذلك، رفع مستثمر في العملة الإلكترونية دوغكوين يوم الخميس دعوى قضائية على إيلون ماسك يطالبه فيها بتعويض قدره 258 مليار دولار، متهما إياه بالتورط في صورة غير قانونية من صور الاستثمار، تُعرف باسم المخطط الهرمي، لدعم العملة المشفرة.
وفي شكوى رُفعت في محكمة اتحادية في مانهاتن، وجه المدعي كيث جونسون اتهاماً لماسك وشركتي تسلا لتصنيع السيارات الكهربائية وسبيس إكس للسياحة الفضائية بالابتزاز عبر الترويج لدوغكوين ورفع سعرها، قبل ترك السعر ينخفض فيما بعد.
وماسك هو الرئيس التنفيذي لكل من تسلا وسبيس إكس. وجاء في الشكوى: «كان المتهمون يعلمون منذ عام 2019 أن دوغكوين ليست لها قيمة، ورغم ذلك قاموا بالترويج لها للتربح من تداولها... استخدم ماسك مركزه كأغنى رجل في العالم لإدارة دوغكوين والمضاربة عليها في مخطط هرمي (غير قانوني) لجني الأرباح والتسلية».
وأُدرجت في الشكوى أيضاً تعليقات من وارين بافيت وبيل جيتس وآخرين يشككون في قيمة العملة المشفرة. ولم ترد تسلا وسبيس إكس ومحامو ماسك بعد على طلبات للتعليق. ولم يرد محامي جونسون بعد على طلبات للتعليق بشأن الأدلة المحددة التي يملكها موكله أو يتوقع الحصول عليها والتي تثبت أن دوغكوين لا قيمة لها وأن المدعى عليهم أداروا مخططاً هرمياً في استثمار غير قانوني.
ويطلب جونسون تعويضات بقيمة 86 مليار دولار، وهو مقدار الانخفاض في القيمة السوقية للعملة المشفرة منذ مايو (أيار) 2021، ويريد مضاعفتها لثلاثة أمثال. كما يريد منع ماسك وشركاته من الترويج لدوغكوين مع إعلان من القاضي بأن تداولها مقامرة بموجب القانون الاتحادي وقانون نيويورك.
وقالت تسلا في فبراير (شباط) 2021 إنها اشترت بما قيمته 1.5 مليار دولار من عملة بتكوين المشفرة وقبلتها لفترة قصيرة ثمناً لمركباتها. كما أعلنت سبيس إكس العام الماضي أنها ستقبل الدفع بعملة دوغكوين المشفرة في إحدى مهماتها على سطح القمر. وقال ماسك على تويتر في أبريل (نيسان) 2021 إن سبيس إكس ستضع «دوغكوين حرفياً على سطح القمر». وحولت تغريدات ماسك هذه العملة الرقمية، التي كانت غامضة في السابق وبدأت على شكل مزحة على وسائل التواصل الاجتماعي، إلى حلم للمضاربين.


مقالات ذات صلة

ترمب يدفع «البتكوين» نحو 100 ألف دولار... ارتفاع جنوني في أسبوعين

الاقتصاد عملة «البتكوين» في صورة توضيحية تم التقاطها في «لا ميزون دو بتكوين» بباريس (رويترز)

ترمب يدفع «البتكوين» نحو 100 ألف دولار... ارتفاع جنوني في أسبوعين

لامست «البتكوين» أعلى مستوى قياسي جديد، يوم الجمعة، مع توجه أنظارها نحو حاجز 100 ألف دولار، في ارتفاع مذهل للعملة المشفرة مدفوع بتوقعات بيئة تنظيمية أكثر ودية.

«الشرق الأوسط» (لندن)
الاقتصاد تمثيلات عملات الريبل والبتكوين والإيثيريوم واللايتكوين الرقمية (رويترز)

عصر ذهبي جديد للعملات المشفرة مع تجاوز قيمتها السوقية 3 تريليونات دولار

وسط موجة من التفاؤل والتوقعات بتحولات جذرية، حافظت سوق العملات المشفرة على زخم صعودي قوي عقب فوز الرئيس المنتخب دونالد ترمب في انتخابات 5 نوفمبر.

«الشرق الأوسط» (لندن)
الاقتصاد تمثيل لعملة البتكوين يظهر أمام مخطط للأسهم (رويترز)

«البتكوين» تواصل صعودها التاريخي... هل تتجاوز حاجز الـ100 ألف دولار؟

تسارعت وتيرة ارتفاع سعر «البتكوين» نحو الـ100 ألف دولار يوم الخميس؛ حيث يراهن المستثمرون على نهج أكثر دعماً للعملات الرقمية في عهد دونالد ترمب.

«الشرق الأوسط» (لندن)
الاقتصاد تعهّد الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب بجعل الولايات المتحدة العاصمة العالمية للبيتكوين والعملات الرقمية (رويترز)

«البيتكوين» تتخطى عتبة الـ95 ألف دولار للمرة الأولى في تاريخها

تخطّى سعر عملة البتكوين الرقمية، اليوم، عتبة الـ95 ألف دولار للمرة الأولى في تاريخها، وذلك بدفع من الآمال المعقودة على قُرب عودة الرئيس ترمب إلى البيت الأبيض.

«الشرق الأوسط» (طوكيو)
الاقتصاد العملة المشفرة بتكوين في صورة توضيحية (رويترز)

البتكوين تحلق فوق 94 ألف دولار مع تفاؤل بدعم ترمب العملات المشفرة

ارتفع سعر البتكوين؛ العملة المشفرة الأكبر والأكثر شعبية في العالم، بأكثر من الضِّعف، هذا العام.

«الشرق الأوسط» (لندن)

عضو في «المركزي الأوروبي»: المصرف سيراقب من كثب خطر عدم بلوغ هدف التضخم

أعلام الاتحاد الأوروبي ترفرف خارج مقر البنك المركزي الأوروبي في فرنكفورت (رويترز)
أعلام الاتحاد الأوروبي ترفرف خارج مقر البنك المركزي الأوروبي في فرنكفورت (رويترز)
TT

عضو في «المركزي الأوروبي»: المصرف سيراقب من كثب خطر عدم بلوغ هدف التضخم

أعلام الاتحاد الأوروبي ترفرف خارج مقر البنك المركزي الأوروبي في فرنكفورت (رويترز)
أعلام الاتحاد الأوروبي ترفرف خارج مقر البنك المركزي الأوروبي في فرنكفورت (رويترز)

قال رئيس البنك المركزي الفرنسي، فرنسوا فيليروي دي غالهاو يوم الجمعة، إن «المركزي الأوروبي» لم يتأخر في خفض أسعار الفائدة، لكنه يحتاج إلى مراقبة خطر عدم تحقيق هدفه للتضخم من كثب، وهو ما قد يؤدي إلى تثبيط النمو بشكل غير ضروري.

وخفّض البنك المركزي الأوروبي معدلات الفائدة ثلاث مرات هذا العام بالفعل، ويتوقع المستثمرون مزيداً من التيسير النقدي في كل اجتماع حتى يونيو (حزيران) المقبل، وهو ما قد يؤدي إلى خفض سعر الفائدة على الودائع، الذي يبلغ حالياً 3.25 في المائة، إلى 2 في المائة على الأقل وربما أقل، وفق «رويترز».

ومع ذلك، تدعم البيانات الاقتصادية الضعيفة، كما يتضح من تقرير مسح الأعمال المخيّب للآمال الذي نُشر يوم الجمعة، الرأي القائل إن البنك المركزي الأوروبي قد يحتاج إلى تسريع إجراءات التيسير النقدي، وقد يضطر إلى اتخاذ تدابير إضافية لدعم الاقتصاد.

وقال دي غالهاو في فرنكفورت: «نحن لسنا متأخرين في المسار اليوم. الاقتصاد الأوروبي يسير نحو هبوط ناعم».

واعترف بوجود مخاطر على التوقعات المستقبلية، مشيراً إلى أنه يجب على صانعي السياسات التأكد من أن أسعار الفائدة لا تبقى مرتفعة لمدة طويلة، مما قد يضرّ بالنمو الاقتصادي.

وأضاف قائلاً: «سوف نراقب بعناية توازن المخاطر، بما في ذلك احتمال عدم بلوغ هدف التضخم لدينا، وكذلك تأثير ذلك في الحفاظ على النشاط الاقتصادي بمستويات منخفضة بشكل غير ضروري».

وكانت التوقعات تشير إلى خفض للفائدة بمقدار 25 نقطة أساس في 12 ديسمبر (كانون الأول) بوصفه أمراً شبه مؤكد، لكن بعد نشر أرقام مؤشر مديري المشتريات الجديدة يوم الجمعة، أصبح هناك احتمال بنسبة 50 في المائة لخيار خفض أكبر يبلغ 50 نقطة أساس، نتيجة لتزايد المخاوف من ركود اقتصادي.

ومع ذلك، يشير صانعو السياسات إلى أن المسوحات الاقتصادية قد تكون قد قدّمت صورة أكثر تشاؤماً عن وضع الاقتصاد مقارنة بالبيانات الفعلية التي كانت أكثر تفاؤلاً.

ورغم التباطؤ في التضخم الذي وصل إلى أدنى مستوى له بنسبة 1.7 في المائة هذا الخريف، فإنه يُتوقع أن يتجاوز 2 في المائة هذا الشهر، مما يجعل من الصعب اتخاذ قرار بخفض أكبر في الفائدة.

ومع ذلك، شدّد دي غالهاو على أن التضخم في طريقه للعودة إلى الهدف المتمثل في 2 في المائة، وأنه من المتوقع أن يتحقّق بشكل مستدام قبل الموعد الذي حدّده البنك المركزي الأوروبي في نهاية 2025.

وقال: «نحن واثقون للغاية بأننا سنصل إلى هدفنا البالغ 2 في المائة بشكل مستدام». وأضاف: «من المرجح أن نحقّق هذا الهدف في وقت أقرب من المتوقع في 2025، مقارنة بتوقعاتنا في سبتمبر (أيلول) الماضي».