عقيلة صالح يتلقى دعوة {غير مسبوقة} لزيارة طرابلس

«الرئاسي» يستعد لإطلاق «استراتيجية المصالحة الوطنية»

صورة وزّعها المجلس الرئاسي لاجتماع نائبه عبد الله اللافي مع عقيلة صالح، رئيس مجلس النواب
صورة وزّعها المجلس الرئاسي لاجتماع نائبه عبد الله اللافي مع عقيلة صالح، رئيس مجلس النواب
TT

عقيلة صالح يتلقى دعوة {غير مسبوقة} لزيارة طرابلس

صورة وزّعها المجلس الرئاسي لاجتماع نائبه عبد الله اللافي مع عقيلة صالح، رئيس مجلس النواب
صورة وزّعها المجلس الرئاسي لاجتماع نائبه عبد الله اللافي مع عقيلة صالح، رئيس مجلس النواب

بينما سعت سـتيفاني ويليامز المستـشارة الأممية الخاصة لدى ليبيا لتفادي انهيار محادثات القاهرة الدستورية بين مجلسي «النواب» و«الدولة»، تلقى عقيلة صالح رئيس «مجلس النواب» «دعوة غير مسبوقة» لزيارة العاصمة طرابلس للمرة الأولى منذ سنوات، وذلك بمناسبة اعتزام المجلس الرئاسي إطلاق ما أسماه بـ«استراتيجية لمشروع المصالحة الوطنية في البلاد».
وتزامنت هذه التطورات مع رصد سكان ووسائل إعلام محلية أمس انتشاراً مفاجئاً لعدد كبير من المدرعات والآليات المُسلحة في منطقة مؤدية إلى مقر «حكومة الوحدة» برئاسة عبد الحميد الدبيبة بطريق السكة بالعاصمة طرابلس.
وأعلنت ويليامز أن يوم أمس هو ختام الجولة الثالثة والأخيرة للجنة المشتركة من مجلسي النواب والدولة لإعداد إطار دستوري، وأشارت إلى أن أعضاء اللجنة عكفوا خلال اليومين الماضيين على خوض مشاورات أثناء الجلسات العامة، بالإضافة إلى الاجتماعات الجانبية لتناول المواد المتبقية.
وقالت ويليامز، في بيان مقتضب، مساء أول من أمس، إن «لجنة الصياغة تعمل الآن على وضع اللمسات الأخيرة والصياغة اللازمة».
وتجاهلت المستشارة الأممية التطرق إلى فشل اجتماع عقيلة صالح رئيس مجلس النواب وخالد المشري رئيس مجلس الدولة، على الرغم من أنها دعت الأخير لحضور «المشاورات الختامية لاجتماعات القاهرة بشأن المسار الدستوري، ولعقد اجتماع مع صالح».
وبينما امتنع عبد الله بليحق الناطق الرسمي باسم مجلس النواب عن التعليق، قال مقربون من صالح إنه «غادر القاهرة متوجهاً إلى مدينة القبة (شرق ليبيا) بعد رفضه لقاء المشري، بسبب استمرار خلافات بينهما حول جدول الأعمال».
وكشفت مصادر مطلعة النقاب عن محاولة المشري إضافة مواد تمنع المشير خليفة حفتر القائد العام للجيش الوطني من الترشح لخوض الانتخابات الرئاسية المقبلة، وهو ما رفضه صالح، الذي سعى في المقابل إلى تركيز الاجتماع على نقاط الخلاف في مفاوضات «لجنة المسار الدستوري»، بينما عمل المشري لـ«حصول مجلس الدولة على دور أكبر خلال المرحلة الانتقالية المقبلة».
وأبلغ فرج الصوصاع عضو وفد الجيش الوطني باللجنة العسكرية المشتركة (5+5) وسائل إعلام محلية، أمس، أن «اللجنة اقترحت خلال لقائها لجنة المسار الدستوري في القاهرة إلغاء المادة التي تنص على عدم ترشح العسكريين خلال المرحلة المقبلة، ولمدة 5 سنوات، وترشيح أي مواطن دون إقصاء»، مؤكداً على أن «الصندوق الانتخابي هو الفيصل».
وتطابقت هذه التصريحات مع تأكيد أعضاء في اللجنة اجتماعهم بوفدي مجلسي النواب والدولة في القاهرة لمناقشة إمكانية ترشح العسكريين للانتخابات الرئاسية؛ حيث اقترح وفد الجيش إلغاء المادة التي تنص على منعهم.
ونقلت وكالة الأناضول التركية عن مصدر برلماني ليبي أن فشل اللقاء بين صالح والمشري سيؤثر على مفاوضات القاهرة، واعتبر أن «المستشارة الأممية ويليامز التي تدير مفاوضات لجنة المسار الدستوري في ورطة»، على حد قوله.
كما توقع المصدر إرجاء إعلان نتائج الجولة الحالية لوقت لاحق، بعد إرسال نقاط الخلاف لرئاسة المجلسين لدراستها، كل على حدة، بعد فشل دراستها مجتمعة.
وكان يفترض أن تحسم الجولة الأخيرة نحو 30 في المائة من النقاط الخلافية حول القاعدة الدستورية، بعد أن حسم المجتمعون قبل أسبوعين نحو 70 في المائة منها خلال الجولة الثانية، علماً بأن ويليامز التي تقود مبادرة أممية للتسوية السياسية كانت تأمل في أن يحسم ممثلو مجلسي النواب والدولة في القاهرة المجتمعين منذ الأحد الماضي في جولة ثالثة وأخيرة وضع قاعدة دستورية لإجراء الانتخابات الرئاسية والبرلمانية المؤجلة منذ نهاية العام الماضي في أقرب وقت ممكن.
وكان لافتاً اجتماع عبد الله اللافي عضو المجلس الرئاسي، مساء أول من أمس، في مدينة القبة مع رئيس مجلس النواب عقيلة صالح؛ حيث أطلعه على مقترح الرؤية الاستراتيجية لمشروع المصالحة الوطنية الذي سيتم إطلاقه نهاية هذا الأسبوع، كما ناقشا مستجدات الأوضاع السياسية ومسارات الحوارات الليبية المختلفة للعمل على تنسيق الجهود الوطنية لإنجاح مساعي الحل السياسي، وإنجاز استحقاقي المسار الدستوري والانتخابات.
وقال بيان للمجلس الرئاسي إن اللافي وجّه الدعوة لصالح لإلقاء كلمة بالمناسبة في العاصمة طرابلس، في سابقة هي الأولى من نوعها منذ انتقال مجلس النواب إلى مقره في مدينة طبرق بأقصى شرق البلاد قبل سنوات.
ولم يوضح البيان ما إذا كان صالح قد وافق على تلبية هذه الدعوة أم لم يوافق، لكن مصادر بمجلس النواب قالت في المقابل إنه ليس من المحتمل أن يتمكن صالح من زيارة العاصمة طرابلس لأسباب أمنية، مشيرة إلى «خضوع المدينة لسيطرة حكومة الدبيبة المنتهية صلاحيتها قانونياً والخاضعة بدورها لهيمنة الميليشيات المسلحة» من وجهة النظر الرسمية لمجلس النواب.
وكان المجلس الرئاسي قد أعلن أنه سيعقد يوم الخميس المقبل مؤتمراً صحافياً في طرابلس على هامش حفل إطلاق مشروعه لاستراتيجية عمل المفوضية العليا للمصالحة بعد انتهاء أعمال اللجان المكلفة باقتراحها.
واستغل موسى الكوني عضو المجلس الرئاسي اجتماعه أمس في طرابلس مع سفيرة بريطانيا، كارولاين هوريندل، للتأكيد مجدداً على حرص المجلس على إجراء انتخابات برلمانية ورئاسية، ودعمه مساعي الوصول لأطر دستورية توافقية تحقيقاً لرغبة الشعب الليبي في الاستقرار عن طريق الانتخابات.
في غضون ذلك، تحدثت وسائل إعلام محلية عن بدء مجموعة من أعضاء مجلس الدولة مشاورات لاختيار شخصية بديلة لخالد المشري تتولى رئاسة المجلس في الانتخابات المرتقبة الشهر المقبل.
وفي محاولة لاحتواء انشقاق جديد، أمر خالد مازن وزير الداخلية بحكومة «الوحدة» باستدعاء والتحقيق مع مدير أمن الجفارة، وكل من شارك في البيان الذي أصدره أول من أمس ضباط المنطقة الغربية الذي صدر ضد حكومته.
إلى ذلك، نفذت قوة مكافحة الإرهاب التابعة لحكومة الدبيبة مناورات عسكرية، تحاكي وجود مجموعة إرهابية في إحدى الأودية، تم خلالها استخدام كثير من الأسلحة الثقيلة، منها 122 مليمتراً و152 مليمتراً وقواذف الغراد، في إطار رفع كفاءة وقدرة منتسبي القوة، وفقاً لبيان أصدرته رئاسة أركان القوات الموالية للحكومة.
وتزامنت هذه المناورات مع إطلاق منتسبي الفرقة البحرية بجهاز دعم الاستقرار الموالي للحكومة ما وصفوه بعملية أمنية واسعة في الساحل الغربي الممتد من سواحل طرابلس إلى زوارة لمكافحة الهجرة غير الشرعية ومحاربة تجار المخدرات وتهريب الوقود.
وأعلنوا، في بيان مصور، تلاه ناطق باسمهم، إغلاق الحدود البحرية للساحل الغربي ضمن هذه العملية، وتعهدوا بـ«نجاح الخطة الأمنية الأولى من نوعها لتطهير المنطقة من المجرمين»، على حد قولهم.


مقالات ذات صلة

المنقوش تناقش في الجزائر الانتخابات الليبية وعودة المعابر

شمال افريقيا المنقوش تناقش في الجزائر الانتخابات الليبية وعودة المعابر

المنقوش تناقش في الجزائر الانتخابات الليبية وعودة المعابر

بحثت نجلاء المنقوش مع نظيرها وزير الخارجية الجزائري أحمد عطاف، خلال زيارة لها أمس إلى الجزائر، فتح المعابر البرية والنقل البحري والجوي أمام حركة التجارة وتنقل الأشخاص، بعد سنين طويلة من الإغلاق، بسبب الأزمة السياسية والأمنية في ليبيا. وذكرت الخارجية الجزائرية في بيان أن الوزيرين بحثا قضايا جارية في الساحتين المغاربية والعربية، منها تطورات ملف الصحراء، والمساعي العربية والدولية لوقف الاقتتال وحقن الدماء في السودان. وأكد البيان أن عطاف تلقى من المنقوش «عرضا حول آخر مستجدات العملية السياسية التي تقودها الأمم المتحدة، لإنهاء الأزمة في ليبيا».

شمال افريقيا وفدان أميركي وفرنسي يبحثان في ليبيا تطوير الجيش

وفدان أميركي وفرنسي يبحثان في ليبيا تطوير الجيش

بحث وفدان عسكريان، أميركي وفرنسي، في ليبيا سبل إعادة بناء وتطوير المؤسسة العسكرية المُنقسمة، بين شرق البلاد وغربها، منذ إسقاط النظام السابق، في وقت زار فيه المشير خليفة حفتر، القائد العام لـ«الجيش الوطني» روما، والتقى برئيسة الوزراء بالحكومة الإيطالية جورجا ميلوني، وعدد من وزراء حكومتها. وفي لقاءين منفصلين في طرابلس (غرباً) وبنغازي (شرقاً)، التقى الوفدان الأميركي والفرنسي قيادات عسكرية للتأكيد على ضرورة توحيد الجيش الليبي.

جمال جوهر (القاهرة)
شمال افريقيا المنقوش تبحث في الجزائر الانتخابات الليبية وعودة الحركة على المعابر

المنقوش تبحث في الجزائر الانتخابات الليبية وعودة الحركة على المعابر

بحثت وزيرة الخارجية الليبية نجلاء المنقوش مع نظيرها الجزائري أحمد عطاف، خلال زيارة لها اليوم الخميس إلى الجزائر، في فتح المعابر البرية والنقل البحري والجوي أمام حركة التجارة وتنقل الاشخاص، بعد سنوات طويلة من الإغلاق، بسبب الأزمة السياسية والامنية في ليبيا.

المنجي السعيداني (تونس)
شمال افريقيا «حبوب الهلوسة»... «سلاح قاتل» يستهدف عقول الليبيين

«حبوب الهلوسة»... «سلاح قاتل» يستهدف عقول الليبيين

لم يكن من قبيل الصدفة أن تقذف أمواج البحر المتوسط كميات متنوعة من المخدرات إلى السواحل الليبية، أو أن تتلقف شِباك الصيادين قرب الشاطئ «حزماً» من «الحشيش والكوكايين وحبوب الهلوسة»، فالبلاد تحوّلت -وفق تقرير أممي- إلى «معبر مهم» لهذه التجارة المجرّمة. وتعلن السلطات الأمنية في عموم ليبيا من وقت لآخر عن ضبط «كميات كبيرة» من المخدرات قبل دخولها البلاد عبر الموانئ البحري والبرية، أو القبض على مواطنين ووافدين وهو يروّجون هذه الأصناف التي يُنظر إليها على أنها تستهدف «عقول الشباب الليبي». غير أنه بات لافتاً من واقع عمليات الضبط التي تعلن عنها السلطات المحلية تزايُد تهريب المخدرات وتعاطيها، خصوصاً «حبوب

جمال جوهر (القاهرة)
شمال افريقيا «النواب» و«الدولة» يقران آلية عمل لجنة قوانين الانتخابات الليبية

«النواب» و«الدولة» يقران آلية عمل لجنة قوانين الانتخابات الليبية

استهلّت اللجنة المُشتركة لممثلي مجلسي «النواب» و«الدولة» (6+6) المكلفة بإعداد قوانين الانتخابات الليبية، اجتماعاتها في العاصمة طرابلس بـ«الاتفاق على آلية عملها». وطبقاً لما أعلنه عبد الله بليحق، المتحدث الرسمي باسم مجلس النواب، فقد شهد الاجتماع ما وصفه بتقارب في وجهات النظر بين أعضاء اللجنة حول القوانين الانتخابية، مشيراً، في بيان مقتضب مساء أول من أمس، إلى أنه «تم أيضاً الاتفاق على التواصل مع الجهات والمؤسسات ذات العلاقة بالعملية الانتخابية».

خالد محمود (القاهرة)

القاهرة تعزز مشاركتها في قوات حفظ السلام بأفريقيا

بدر عبد العاطي يلتقي كتيبة الشرطة المصرية المشاركة في حفظ السلام بالكونغو (الخارجية المصرية)
بدر عبد العاطي يلتقي كتيبة الشرطة المصرية المشاركة في حفظ السلام بالكونغو (الخارجية المصرية)
TT

القاهرة تعزز مشاركتها في قوات حفظ السلام بأفريقيا

بدر عبد العاطي يلتقي كتيبة الشرطة المصرية المشاركة في حفظ السلام بالكونغو (الخارجية المصرية)
بدر عبد العاطي يلتقي كتيبة الشرطة المصرية المشاركة في حفظ السلام بالكونغو (الخارجية المصرية)

تأكيدات مصرية على لسان وزير الخارجية، بدر عبد العاطي، بشأن «الدور النبيل» الذي تقوم به القوات المصرية ضمن بعثات حفظ السلام عبر «تعزيز السلم والأمن» في أفريقيا، وأنها تعكس «الالتزام المصري التاريخي بدعم الاستقرار في القارة السمراء».

تصريحات وزير الخارجية جاءت خلال زيارته للكتيبة المصرية ضمن قوات حفظ السلام في الكونغو الديمقراطية، التي تأتي أيضاً قبيل أسابيع من مشاركة جديدة مرتقبة مطلع العام المقبل في الصومال ضمن قوات حفظ سلام أفريقية، وسط تحفظات إثيوبية التي أعلنت مقديشو استبعاد قواتها رسمياً، وأرجعت ذلك إلى «انتهاكها الصارخ لسيادة واستقلال الصومال».

الزيارة المصرية للقوات التي يمر على وجودها نحو 25 عاماً، تعد بحسب خبراء تحدثوا مع «الشرق الأوسط»، تأكيداً على «الحضور المتنامي للقاهرة، وتعزيزاً لمشاركاتها بالقارة السمراء»، مستبعدين أن تتحول أي تحفظات إثيوبية تجاه الوجود المصري بمقديشو لمواجهات أو تصعيد عسكري.

وبحسب ما كشفته «الخارجية المصرية» في أواخر مايو (أيار) 2024، «فمنذ عام 1960، عندما أرسلت مصر قواتها إلى عمليات الأمم المتحدة في الكونغو، خدم ما يزيد على 30 ألفاً من حفظة السلام المصريين في 37 بعثة لحفظ السلام في 24 دولة، وبصفتها واحدة من كبريات الدول التي تسهم بقوات نظامية في عمليات حفظ السلام، تنشُر مصر حالياً 1602 من حفظة السلام من النساء والرجال المصريين في عمليات الأمم المتحدة لحفظ السلام في الكونغو الديمقراطية والسودان وجنوب السودان والصحراء الغربية».

ووفق تقديرات نقلتها «هيئة الاستعلامات» المصرية الرسمية، منتصف يونيو (حزيران) 2022، تسترشد مصر في عمليات حفظ السلام بثلاثة مبادئ أممية أساسية، وهي «موافقة الأطراف والحياد، وعدم استعمال القوة إلا دفاعاً عن النفس، ودفاعاً عن الولاية».

بدر عبد العاطي يصافح كتيبة الشرطة المصرية المشاركة في حفظ السلام بالكونغو (الخارجية المصرية)

وتاريخياً، شاركت مصر في قوات حفظ السلام بأفريقيا في «الكونغو أثناء فترة الحرب الأهلية من 1960 إلى 1961، ثم من نوفمبر (تشرين الثاني) 1999، وكوت ديفوار لمساعدة الأطراف الإيفوارية على تنفيذ اتفاق السلام الموقع بينهما في يناير (كانون الثاني) 2003، والصومال في الفترة من ديسمبر (كانون الأول) 1992 إلى فبراير (شباط) 1995، وأفريقيا الوسطى من يونيو 1998 إلى مارس (آذار) 2000، وأنغولا من 1991 وحتى 1999، وموزمبيق من فبراير 1993 إلى يونيو 1995، وجزر القمر من 1997 وحتى 1999، وبوروندي منذ سبتمبر (أيلول) 2004، وإقليم دارفور بالسودان منذ أغسطس (آب) 2004».

وضمن متابعة مصرية لقواتها، التقى بدر عبد العاطي، الجمعة، مع أعضاء كتيبة الشرطة المصرية المُشاركة في مهام حفظ السلام ضمن بعثة الأمم المتحدة لحفظ الاستقرار في الكونغو الديمقراطية خلال زيارته التي بدأت الخميس، واستمرت ليومين إلى العاصمة كينشاسا، لتعزيز التعاون بكل المجالات، وفق بيان صحافي لـ«الخارجية المصرية».

وقال عبد العاطي إن «مصر إحدى كبرى الدول المساهمة في قوات حفظ السلام الأممية»، مؤكداً أن «وجود الكتيبة المصرية في الكونغو الديمقراطية يعكس عمق العلاقات التاريخية بين البلدين وأهمية الشراكة الاستراتيجية مع دول حوض النيل الجنوبي». كما نقل وزير الخارجية، رسالة إلى رئيس الكونغو الديمقراطية، فيليكس تشيسيكيدي، من الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، تتضمن سبل تعزيز العلاقات، وإحاطة بما تم توقيعه من اتفاقيات تعاون خلال زيارته وتدشين «مجلس أعمال مشترك».

ووفق الخبير في الشؤون الأفريقية، عبد الناصر الحاج، فإن كلمة السر في مشاركة مصر بشكل معتاد ضمن قوات حفظ السلام في أفريقيا بشكل عام هي «طبيعة القوات المصرية حيث تتجلى الإمكانات العالية والخبرات التاريخية المتراكمة، ما جعل مصر دائمة المشاركة والحضور ضمن قوات حفظ السلام منذ أزمان بعيدة»، مؤكداً أن لمصر تجارب عدة في العمل ضمن بعثات حفظ السلام في كثير من دول أفريقيا التي شهدت نزاعات وأوضاع أمنية بالغة التعقيد، مثل ساحل العاج، والكونغو، وأفريقيا الوسطى، وأنغولا، وموزمبيق، وليبيريا، ورواندا، وجزر القمر، ومالي وغيرها.

جانب من كتيبة الشرطة المصرية المشاركة في مهام حفظ السلام بالكونغو الديمقراطية (الخارجية المصرية)

الحاج أشار إلى أنه رغم أن الاضطرابات السياسية التي تشهدها كثير من دول أفريقيا «تزيد من تعقيد» عمل بعثات الأمم المتحدة الخاصة بحفظ السلام في أفريقيا، وعدم قدرة هذه البعثات على إحراز أي تقدم في ظل نقص المؤسسات الديمقراطية الفعالة في عدد من البلدان الأفريقية؛ فإن مصر تدرك جيداً مدى أهمية تكثيف حضورها الأمني في القارة السمراء، باعتبار أن «العدول عن المشاركة المصرية ضمن بعثات حفظ السلام، سوف يترك فراغاً عريضاً» ربما تستغله دول أخرى تنافس مصر في خارطة التمركز الفاعل في أفريقيا.

الخبير الاستراتيجي المصري، اللواء سمير فرج، أوضح أن هناك قوات لحفظ السلام تتبع الأمم المتحدة، وأخرى تتبع الاتحاد الأفريقي، وكل له ميزانية منفصلة؛ لكن يتعاونان في هذا المسار الأمني لحفظ الاستقرار بالدول التي تشهد اضطرابات ومصر لها حضور واسع بالاثنين، مؤكداً أن مشاركة القاهرة بتلك القوات يتنامى ويتعزز في القارة الأفريقية بهدف استعادة الحضور الذي عرف في الستينات بقوته، وكان دافعاً ومساهماً لتأسيس الاتحاد الأفريقي والحفاظ على استقرار واستقلال دوله.

وهو ما أكده وزير الخارجية المصري خلال زيارته للكتيبة المصرية بالكونغو الديمقراطية بالقول إن «المشاركة في بعثات حفظ السلام تعكس الالتزام المصري التاريخي بدعم الاستقرار في أفريقيا، والمساهمة الفاعلة في صون السلم والأمن الدوليين».

هذا التأكيد المصري يأتي قبل نحو شهر من المشاركة المصرية في قوات حفظ السلام الأفريقية، بالصومال، حيث أكد سفير مقديشو لدى مصر، علي عبدي أواري، في إفادة، أغسطس الماضي، أن «القاهرة في إطار اتفاقية الدفاع المشترك مع الصومال ستكون أولى الدول التي تنشر قوات لدعم الجيش الصومالي من يناير 2025 وتستمر حتى عام 2029. بعد انسحاب قوات الاتحاد الأفريقي الحالية»، قبل أن تعلن مقديشو، أخيراً «استبعاد القوات الإثيوبية رسمياً من المشاركة في عمليات البعثة الجديدة؛ بسبب انتهاكها الصارخ لسيادة واستقلال الصومال».

الرئيس الصومالي خلال توقيعه قانوناً في يناير الماضي يُبطل مذكرة تفاهم «أرض الصومال» وإثيوبيا (حساب الرئيس الصومالي على «إكس»)

ولم تعلق أديس أبابا رسمياً على هذا الاستبعاد، لكن تحدّث وزير الخارجية الإثيوبي السابق، تاي أصقي سيلاسي، في أغسطس الماضي، عن الموقف الإثيوبي بشأن البعثة الجديدة لقوات حفظ السلام في الصومال، حيث طالب بـ«ألا تشكّل تهديداً لأمننا القومي، هذا ليس خوفاً، لكنه تجنّب لإشعال صراعات أخرى بالمنطقة»، مؤكداً أن بلاده «أصبحت قوة كبرى قادرة على حماية مصالحها».

وعدَّ الخبير الاستراتيجي المصري أن استمرار الوجود المصري في قوات حفظ السلام على مدار السنوات الماضية والمقبلة، لاسيما بالصومال له دلالة على قوة مصر وقدرتها على الدعم الأمني والعسكري وتقديم كل الإمكانات، لاسيما التدريب وتحقيق الاستقرار، مستبعداً حدوث أي تحرك إثيوبي ضد الوجود المصري في الصومال العام المقبل.

فيما يرى الخبير في الشؤون الأفريقية أن الاستعداد القوي الذي أظهرته مصر للمشاركة ضمن بعثة حفظ السلام في الصومال، يأتي من واقع الحرص المصري على استتباب الأمن في هذه البقعة الاستراتيجية في القرن الأفريقي؛ لأن استتباب الأمن في الصومال يعني تلقائياً تأمين حركة الملاحة البحرية في البحر الأحمر، ومن ثم ضمان انسياب الحركة التجارية الدولية عبر قناة السويس. فضلاً عن أن مصر لن تنزوي بعيداً وتترك الصومال ملعباً مميزاً للقوات الإثيوبية، خصوصاً بعدما أبرمت إثيوبيا اتفاقاً مطلع العام مع إقليم «أرض الصومال» لاستغلال منفذ «بربرة» البحري المطل على ساحل البحر الأحمر.

وفي تقدير عبد الناصر الحاج فإن نجاح مصر في أي مشاركة فاعلة ضمن قوات حفظ السلام في أفريقيا، يتوقف في المقام الأول، على مدى قدرة مصر في انتزاع تفويضات واسعة من مجلس السلم والأمن الأفريقي لطبيعة عمل هذه البعثات، بحسبان أن إحدى المشكلات التي ظلت تسهم في إعاقة عمل بعثات حفظ السلام، هي نوعية التفويض الممنوح لها؛ وهو الذي ما يكون دائماً تفويضاً محدوداً وقاصراً يضع هذه البعثات وكأنها مُقيدة بـ«سلاسل».

وأوضح أنه ينبغي على مصر الاجتهاد في تقديم نماذج استثنائية في أساليب عمل قواتها ضمن بعثات حفظ السلام، بحيث يصبح الرهان على مشاركة القوات المصرية، هو خط الدفاع الأول لمدى جدواها في تحقيق غاية حفظ السلام.