انقسام ليبي حول طلب التمديد للقوات التركية

سياسيون يرفضون وجود أي عناصر أجنبية بالبلاد

مسؤولون ليبيون وأتراك خلال حضور مناورات «أفس 2022» في مدينة أزمير التركية الشهر الحالي (الحكومة)
مسؤولون ليبيون وأتراك خلال حضور مناورات «أفس 2022» في مدينة أزمير التركية الشهر الحالي (الحكومة)
TT

انقسام ليبي حول طلب التمديد للقوات التركية

مسؤولون ليبيون وأتراك خلال حضور مناورات «أفس 2022» في مدينة أزمير التركية الشهر الحالي (الحكومة)
مسؤولون ليبيون وأتراك خلال حضور مناورات «أفس 2022» في مدينة أزمير التركية الشهر الحالي (الحكومة)

انقسم سياسيون وأكاديميون ليبيون حول اعتزام تركيا التمديد لبقاء قواتها في ليبيا 18 شهراً إضافية، ففيما حذر البعض من هذا الوجود العسكري في البلاد، وتأثيره على زيادة الاستقطاب، اعتبره آخرون ضمانة لعدم العودة للاقتتال.
وتقدمت الحكومة التركية إلى البرلمان، منتصف الأسبوع الماضي، بمذكرة تطلب فيها تمديد مهام قواتها في ليبيا لمدة 18 شهراً إضافياً، تبدأ من الثاني من يوليو (تموز) المقبل.
وربط عضو مجلس النواب الليبي، محمد الهاشمي، تزامن هذا التحرك مع ما تشهده ليبيا من انعكاس للصراع الراهن في أوكرانيا، معبراً عن أسفه لـ«وجود قوات أجنبية في بلاده تمثل أطرافاً رئيسية في الصراع المحتدم».
ورأى الهاشمي في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، أن تمديد تركيا لقواتها في ليبيا «ينذر بتكرار الأمر من دول أخرى، مما يبقي الأوضاع على ما هي عليه في البلاد»، مستكملاً: «وجود قوات أجنبية من أي دولة في بلادنا مرفوض، كما أنه مقلق للجميع وليس للنخبة السياسية فقط».
وتابع: «الأتراك ينسقون مع تشكيلات مسلحة محلية ما يعزز نفوذ تلك الجماعات، وهذا يتعارض مع كافة المخرجات الأممية الداعية لنزع سلاح تلك التشكيلات وإعادة دمجهم في المؤسسات الأمنية والمدنية».
بينما دافع زميل أول بمعهد الدراسات الدولية في جامعة «جونز هوبكنز» الليبي حافظ الغويل، عن الوجود التركي في ليبيا، واعتبره «ضرورياً لضمان عدم العودة للحرب».
ورغم إقراره بتوظيف تركيا لليبيا ورقة ضغط لتحقيق مصالحها الخاصة، يرى الغويل أن هذا «التوظيف لم يكن حكراً على تركيا، ولكن تم من قبل أغلب الدول المتدخلة بالمشهد الليبي»، متابعاً: «إلا أنه يحسب لأنقرة كونها الدولة الوحيدة التي حالت دون سقوط العاصمة طرابلس في يد قوات متحالفة مع مرتزقة (فاغنر)».
أما عضو المؤتمر الوطني العام السابق (المنتهية ولايته)، عبد المنعم اليسير، فتوقع قيام تركيا بـ«توظيف وجودها في ليبيا لتحقيق أكبر قدر من المكاسب على هامش الصراع الراهن بين الولايات المتحدة وأوروبا وروسيا».
وقال اليسير في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، إن الرئيس التركي رجب طيب إردوغان، «ينتظر ليرى نتيجة الحرب العسكرية الروسية على أوكرانيا، فهو يهادن موسكو مؤقتاً لتقاطع مصالحه معها في مواقع أخرى، ولكن لو انتصرت واشنطن وحلفاؤها، فسيسارع بالتنسيق معهم».
ورأى أن ليبيا باتت «نقطة انطلاق لإعادة تشكيل واستعادة (الإمبراطورية العثمانية)، ولن يخرج منها، لكونها تشكل مجالاً حيوياً مهماً لسياساته الخارجية والأمنية والاقتصادية».
ولفت اليسير إلى «توظيف تركيا لوجودها في الغرب الليبي لإحداث نزاع بشأن التنقيب عن النفط والغاز بشرق المتوسط، فضلاً عن نزاعاتها مع الاتحاد الأوروبي واليونان».
على الصعيد السياسي، فتوقع اليسير استمرار أنقرة في التلاعب بكل من رئيسي الحكومتين المتصارعين فتحي باشاغا، وعبد الحميد الدبيبة، حتى بعد «انتهاء شرعية الأخير» بانقضاء خريطة الطريق الأممية، وزاد: «تركيا عمقت وجودها في ليبيا بفضل تحالفها مع تنظيم (الإخوان) والانتهازيين من السياسيين وقادة التشكيلات المسلحة، وهذا أوجد لها أذرعاً في كل قطاع ومؤسسة، وبالتالي أياً كان الفائز من الرجلين أو تم استحضار شخصية ثالثة سيكون لديها أعوان أقوياء بفريقه». ودعا أستاذ القانون والعلاقات الدولية التركي، الدكتور سمير صالحة، الجميع، لضرورة الانتباه إلى أن التدخل العسكري التركي جاء من البداية بناء على طلب تقدمت به حكومة «الوفاق الوطني» التي كان معترفاً بها دولياً حينذاك، وتم تنظيم الأمر باتفاقيات رسمية معلنة بين الدولتين، وهو ما يجعل المقارنة بين القوات التركية وبين قوات أجنبية توجد على الأراضي الليبية «مجحفة»!
وأشار صالحة في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، إلى أن «الذي يتم هو الالتزام بالاتفاقيات والعقود طالما لا يوجد اعتراض من قبل أي طرف على النص الموقع، فهذه الاتفاقية سارية المفعول».
وذهب صالحة إلى أن هناك قدراً من التنسيق والتوافق بين بلاده وبين كل من مصر والإمارات العربية المتحدة في دعم جهود الأمم المتحدة في تلبية تطلعات الشعب الليبية لإجراء الانتخابات، معتبراً أن مثل هذا التنسيق يعد «إحدى الركائز الداعمة للحفاظ على التهدئة بالداخل الليبي، والداعم للأفرقاء الليبيين للمضي قدماً لاستكمال مسار الحوار والحل السياسي وتجنب العودة للحرب مهما كانت الضغوط».
وإلى جانب تأكيده على أن بلاده باتت منفتحة على الأطراف الليبية كافة، دعا أستاذ العلاقات الدولية التركي، «لضرورة رصد ومراعاة التحولات بالمشهد الداخلي الليبي خلال العام الأخير، وقدر التغيير بالتحالفات بين فرقاء من قوى سياسية وعسكرية، وكيف يجهض هذا حديث البعض عن حصرية صناعة القرار بيد اللاعبين الإقليميين».


مقالات ذات صلة

أنقرة تستبق «رباعي موسكو» بمطالبة دمشق بموقف واضح تجاه قضايا التطبيع

شؤون إقليمية أنقرة تستبق «رباعي موسكو» بمطالبة دمشق بموقف واضح تجاه قضايا التطبيع

أنقرة تستبق «رباعي موسكو» بمطالبة دمشق بموقف واضح تجاه قضايا التطبيع

استبقت تركيا انعقاد الاجتماع الرباعي لوزراء خارجيتها وروسيا وإيران وسوريا في موسكو في 10 مايو (أيار) الحالي في إطار تطبيع مسار العلاقات مع دمشق، بمطالبتها نظام الرئيس بشار الأسد بإعلان موقف واضح من حزب «العمال الكردستاني» والتنظيمات التابعة له والعودة الطوعية للاجئين والمضي في العملية السياسية. وقال المتحدث باسم الرئاسة التركية إبراهيم كالين إن بلاده تتوقع موقفاً واضحاً من دمشق حيال «تنظيم حزب العمال الكردستاني الإرهابي» والتنظيمات التابعة له، في إشارة إلى وحدات حماية الشعب الكردية، أكبر مكونات قوات سوريا الديمقراطية (قسد)، التي تنظر إليها أنقرة على أنها امتداد لـ«العمال الكردستاني» في سوريا.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
شؤون إقليمية خصوم إردوغان يتهمونه بـ«مفاوضة» أوجلان في سجنه طلباً لأصوات كردية

خصوم إردوغان يتهمونه بـ«مفاوضة» أوجلان في سجنه طلباً لأصوات كردية

واجه الرئيس التركي رجب طيب إردوغان ادعاءً جديداً من خصومه في المعارضة، بشأن إرساله مبعوثين للتفاوض مع زعيم «حزب العمال الكردستاني» السجين مدى الحياة، عبد الله أوجلان، من أجل توجيه رسالة للأكراد للتصويت لصالحه في الانتخابات الرئاسية المقررة في 14 مايو (أيار) الحالي. وقالت رئيسة حزب «الجيد» المعارض، ميرال أكشنار، إن إردوغان أرسل «شخصية قضائية» إلى أوجلان في محبسه، وإنها تعرف من الذي ذهب وكيف ذهب، مشيرة إلى أنها لن تكشف عن اسمه لأنه ليس شخصية سياسية. والأسبوع الماضي، نفى المتحدث باسم الرئاسة التركية، إعلان الرئيس السابق لحزب «الشعوب الديمقراطية» السجين، صلاح الدين دميرطاش، أن يكون إردوغان أرسل وف

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
شؤون إقليمية دخول تركيا «النادي النووي» مهم... وزوال مخاوف «تشيرنوبل» مسألة وقت

دخول تركيا «النادي النووي» مهم... وزوال مخاوف «تشيرنوبل» مسألة وقت

<div>دفع إقدام تركيا على دخول مجال الطاقة النووية لإنتاج الكهرباء عبر محطة «أككويو» التي تنشئها شركة «روساتوم» الروسية في ولاية مرسين جنوب البلاد، والتي اكتسبت صفة «المنشأة النووية» بعد أن جرى تسليم الوقود النووي للمفاعل الأول من مفاعلاتها الأربعة الخميس الماضي، إلى تجديد المخاوف والتساؤلات بشأن مخاطر الطاقة النووية خصوصاً في ظل بقاء كارثة تشيرنوبل ماثلة في أذهان الأتراك على الرغم من مرور ما يقرب من 40 عاما على وقوعها. فنظراً للتقارب الجغرافي بين تركيا وأوكرانيا، التي شهدت تلك الكارثة المروعة عام 1986، ووقوعهما على البحر الأسود، قوبلت مشروعات إنتاج الكهرباء من الطاقة النووية باعتراضات شديدة في البد</div>

شؤون إقليمية أنقرة: وزراء خارجية تركيا وسوريا وروسيا قد يجتمعون في 10 مايو

أنقرة: وزراء خارجية تركيا وسوريا وروسيا قد يجتمعون في 10 مايو

قال وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو، اليوم الأربعاء، إن اجتماع وزراء خارجية تركيا وسوريا وروسيا قد يُعقَد بموسكو، في العاشر من مايو (أيار)، إذ تعمل أنقرة ودمشق على إصلاح العلاقات المشحونة. كان جاويش أوغلو يتحدث، في مقابلة، مع محطة «إن.تي.في.»

«الشرق الأوسط» (أنقرة)
شؤون إقليمية «أككويو» تنقل تركيا إلى النادي النووي

«أككويو» تنقل تركيا إلى النادي النووي

أصبحت تركيا رسمياً عضواً في نادي الدول النووية بالعالم بعدما خطت أولى خطواتها لتوليد الكهرباء عبر محطة «أككويو» النووية التي تنفذها شركة «روسآتوم» الروسية في ولاية مرسين جنوب البلاد. ووصف الرئيس التركي رجب طيب إردوغان خطوة تزويد أول مفاعل من بين 4 مفاعلات بالمحطة، بـ«التاريخية»، معلناً أنها دشنت انضمام بلاده إلى القوى النووية في العالم، مشيراً إلى أن «أككويو» هي البداية، وأن بلاده ستبني محطات أخرى مماثلة. على ساحل البحر المتوسط، وفي حضن الجبال، تقع محطة «أككويو» النووية لتوليد الكهرباء، التي تعد أكبر مشروع في تاريخ العلاقات التركية - الروسية.


نتنياهو: الضربات الإسرائيلية أثارت «ردود فعل متسلسلة» ستغير وجه المنطقة

رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو (أ.ف.ب)
رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو (أ.ف.ب)
TT

نتنياهو: الضربات الإسرائيلية أثارت «ردود فعل متسلسلة» ستغير وجه المنطقة

رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو (أ.ف.ب)
رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو (أ.ف.ب)

أعلن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، اليوم (الخميس)، أن الضربات التي وجّهتها إسرائيل إلى إيران وحلفائها في الشرق الأوسط أثارت «ردود فعل متسلسلة» ستغير وجه المنطقة برمتها في المستقبل، وفق ما ذكرته وكالة الصحافة الفرنسية.

وقال نتنياهو، في كلمة موجهة إلى الشعب الإيراني، إن «الأحداث التاريخية التي نشهدها اليوم هي ردود فعل متسلسلة».

وتابع: «ردود فعل متسلسلة على قصف (حركة) حماس والقضاء على (حزب الله) واستهداف (أمينه العام السابق حسن) نصر الله، والضربات التي سدّدناها لمحور الرعب الذي أقامه النظام الإيراني».

واتهم نتنياهو إيران بإنفاق عشرات مليارات الدولارات لدعم الرئيس السوري بشار الأسد، الذي أطاحه هجوم شنّته فصائل معارضة بقيادة «هيئة تحرير الشام»، ودعم حركة «حماس» في قطاع غزة و «حزب الله» في لبنان.

وأكد أن «كل ما تسعى إليه إسرائيل هو الدفاع عن دولتها، لكننا من خلال ذلك ندافع عن الحضارة بوجه الوحشية».

وقال للإيرانيين: «إنكم تعانون تحت حكم نظام يسخركم ويهددنا. سيأتي يوم يتغير هذا. سيأتي يوم تكون فيه إيران حرة». وتابع: «لا شك لديّ في أننا سنحقق هذا المستقبل معاً أبكر مما يظن البعض. أعرف وأؤمن بأننا سنحول الشرق الأوسط إلى منارة للازدهار والتقدم والسلام».

ومع سقوط الأسد، خسرت إيران في سوريا حلقة رئيسية في «محور المقاومة» الذي تقوده ضد إسرائيل، بعد أن خرج حليفها الآخر «حزب الله» ضعيفاً من الحرب مع إسرائيل.

ولطالما أدّت سوريا، التي تتشارك مع لبنان حدوداً طويلة سهلة الاختراق، دوراً استراتيجياً في إمداد «حزب الله» اللبناني المدعوم عسكرياً ومالياً من إيران، بالأسلحة.