في اليابان... مرشحة من أصل أويغوري تدعو إلى «احتضان التنوع»

المرشحة لانتخابات مجلس الشيوخ الياباني آرفيا إيري (أ.ف.ب)
المرشحة لانتخابات مجلس الشيوخ الياباني آرفيا إيري (أ.ف.ب)
TT

في اليابان... مرشحة من أصل أويغوري تدعو إلى «احتضان التنوع»

المرشحة لانتخابات مجلس الشيوخ الياباني آرفيا إيري (أ.ف.ب)
المرشحة لانتخابات مجلس الشيوخ الياباني آرفيا إيري (أ.ف.ب)

جذبت المرشحة لانتخابات مجلس الشيوخ الياباني، آرفيا إيري، الانتباه إذ إنها شابة تتقن سبع لغات ومسؤولة سابقة في الأمم المتحدة، لكنها تحمل معها أيضاً جذورها الأويغورية.
وفي حين لا تتمحور حملتها حول خلفيتها الإتنية، فإنها تلفت الأنظار، سلبا وإيجابا، في بلد ما زالت تعتبر فيه السياسة مسألة تجانس إلى حد كبير. تتحدر غالبية الأويغور من مقاطعة شينجيانغ الصينية حيث تتهم الحكومة باحتجاز أكثر من مليون منهم ومن غيرهم من الأقليات المسلمة في حملة قمع استمرت سنوات تقول جماعات حقوقية إنها تشمل «جرائم ضد الإنسانية».
وهذه الشابة التي تبلغ 33 عاما، تترشح لمجلس الشيوخ في البرلمان مع الحزب الليبرالي الديمقراطي الحاكم، على أساس برنامج يركز على قضايا أساسية مرتبطة بالحياة اليومية وهويتها كمواطنة يابانية فخورة. وكونها أول شخص من أصل أويغوري يكون مرشحا حزبيا رئيسيا في اليابان، قالت إيري إن البعض ينظر إلى حملتها من منظور تاريخ عائلتها. وأضافت «بدلا من طرح أسئلة علي حول رؤيتي السياسية وبرنامجي (...) يسألني الناس عن موضوع الأويغور». وتابعت «أستطيع أن أفهم سبب ذلك لكنه يبدو لي غريبا بعض الشيء».
لكن ذلك لا يعني أن التنوع ليس مصدر قلق لهذه الشابة التي تتقن سبع لغات، وتلقت تعليمها بين اليابان والصين والولايات المتحدة. على العكس، فقد ساهم في رغبتها في دخول معترك السياسة بعدما حضرت انتخابات في مقاطعتها الأصلية في فوكوكا (جنوب غربي اليابان) حيث صدمت بمدى تجانس المرشحين. وقالت إيري «أرى عدداً متزايدا من الأشخاص مثلي، ممثلين بشكل واضح في اليابان، بأسماء ليست يابانية تقليديا».وتابعت «النساء أيضاً أصبحن أكثر نشاطا ونجاحا... لكن في عالم السياسة، ما زال هذا التنوع غير ممثل».
وتشهد انتخابات 10 يوليو (تموز) في اليابان تنافس أكثر من 500 مرشح على نصف مقاعد مجلس الشيوخ المؤلف من 248 مقعدا والمعروف باسم مجلس المستشارين. ويتوقع أن يفوز الحزب الليبرالي الديمقراطي بقيادة رئيس الوزراء فوميو كيشيدا، لكن فرص آرفيا إيري ستعتمد أيضاً على مكانها في لائحة الحزب.
وتريد المرشحة أن تركز حملتها على توازن أفضل بين العمل والحياة والمساواة بين الجنسين وتعديل الدستور السلمي الذي يحظر استخدام القوة لتسوية النزاعات الدولية والذي يفسره البعض على أنه يمنع الدولة من أن يكون لديها قوة عسكرية.
تؤيد إيري السياسة المحافظة الرئيسية للحزب الليبرالي الديمقراطي، وتشدد على أن اليابان يجب أن «تكون حازمة بشأن أمننا القومي». كذلك، ترفض إيري استخدام اسم شينجيانغ للإقليم الصيني الذي تسكنه أغلبية من الأويغور، مشيرة إلى أن درايتها بانتهاكات حقوق الإنسان المشتبه بحصولها، شكلت آراءها. ووصفت المرشحة «انتهاكات حقوق الإنسان في منطقة الأويغور بأنها اضطهاد لا يوصف» وقالت إنها تعتقد أن انتهاكا بسيطا لحقوق الإنسان «يفتح الباب» أمام انتهاكات أسوأ.
انتقلت عائلة إيري من اليابان إلى الصين عندما كانت في سن المراهقة بسبب نقلة مهنية لوالدها وهو مهندس. تخرجت من مدرسة أميركية دولية، قبل أن تكمل تحصيلها العلمي في الولايات المتحدة وتنضم إلى الأمم المتحدة عام 2016 بعدما عملت لفترة في مصرف اليابان.
تعطيها سيرتها الذاتية الدولية أفضلية على العديد من المرشحين للانتخابات لكن «بدلا من خبراتي ومهاراتي الفعلية أو الشخص الذي أنا عليه، جذبت خلفيتي الاهتمام الأكبر». وكان الكثير من ذلك إيجابيا، لكن كان هناك أيضاً انتقاد لاذع عبر الإنترنت يشكك في هوية إيري وموثوقيتها وحتى وطنيتها.
وقال تومواكي إيواي، الأستاذ في السياسة اليابانية في جامعة نيهون، إن المرشحين مثل إيري قد يخسرون في الانتخابات إذا وضعوا تنوعهم الإتني في المقدمة في بلاد ذات عرق واحد في معظمها. لكنه أوضح أن الأمور بدأت تتغير، خصوصاً في المناطق الحضرية.
بدورها، قالت إيري إن على اليابان أن «تبني دولة تحتضن التنوع» رغم أنها أقرت بأن هناك طريقا طويلا لاجتيازه، بما في ذلك في الحزب الليبرالي الديمقراطي. وختمت «أعتقد أن هذا أمر حيوي لمستقبل اليابان».


مقالات ذات صلة

السودان وأوكرانيا على طاولة مباحثات السيسي ورئيس الوزراء الياباني

شمال افريقيا السودان وأوكرانيا على طاولة مباحثات السيسي ورئيس الوزراء الياباني

السودان وأوكرانيا على طاولة مباحثات السيسي ورئيس الوزراء الياباني

أكد الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، اليوم (الأحد)، على ضرورة الوقف الفوري لإطلاق النار في السودان، وذلك خلال لقائه مع رئيس الوزراء الياباني فوميو كيشيدا في القاهرة. ووصف الرئيس المصري المباحثات مع رئيس الوزراء اليباني بأنها كانت «إيجابية وبناءة»، حيث جرى استعراض ما تشهده الساحة الدولية اليوم من تحديات.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
الرياضة سالم الدوسري في مرمى النيران بعد تصرف غير مبرر في «ذهاب الأبطال»

سالم الدوسري في مرمى النيران بعد تصرف غير مبرر في «ذهاب الأبطال»

تحول المهاجم سالم الدوسري من بطل محتمل للهلال في نهائي دوري أبطال آسيا لكرة القدم إلى «مفسد للحفل» بعد طرده في الدقائق الأخيرة بلقاء الذهاب، بسبب اعتداء على منافس في الدقائق الأخيرة خلال تعادل محبط 1 - 1 في الرياض أمس (السبت). وافتتح الدوسري التسجيل في الدقيقة 13 من متابعة لكرة عرضية، ليثبت مجدداً أنه رجل المواعيد الكبرى، إذ سبق له التسجيل في مرمى أوراوا في نهائي نسخة 2019، حين أسهم في تتويج الهلال. وخلد اسمه في الذاكرة بتسجيل هدف فوز السعودية التاريخي على الأرجنتين في كأس العالم بقطر العام الماضي، ليهز الشباك في نسختين بالنهائيات، فضلاً عن التسجيل في 3 نسخ لكأس العالم للأندية. لكن الدوسري (31

«الشرق الأوسط» (الرياض)
العالم ما دلالات جولة رئيس وزراء اليابان الأفريقية؟

ما دلالات جولة رئيس وزراء اليابان الأفريقية؟

في ظل التداعيات الجيوستراتيجية للحرب الروسية - الأوكرانية، والتنافس المحموم من جانب الدول الكبرى على النفوذ في أفريقيا، تسعى اليابان لزيادة تأثيرها في القارة، وهو ما يراه خبراء تقاطعاً وتكاملاً مع استراتيجية واشنطن الجديدة، وتأسيساً لأدوار جديدة تحاول طوكيو من خلالها مجابهة تصاعد النفوذ الصيني. في هذا السياق، زار رئيس الوزراء الياباني فوميو كيشيدا، أمس، مصر في بداية جولة أفريقية تشمل أيضاً غانا وكينيا وموزمبيق.

أفريقيا ما دلالات الجولة الأفريقية لرئيس وزراء اليابان؟

ما دلالات الجولة الأفريقية لرئيس وزراء اليابان؟

في ظل التداعيات الجيوستراتيجية للحرب الروسية - الأوكرانية، وما استتبعها من تنافس محموم من جانب الدول الكبرى على النفوذ في أفريقيا، تسعى اليابان لزيادة نفوذها في القارة، وهو ما يراه خبراء تقاطعاً وتكاملاً مع استراتيجية واشنطن الجديدة، وتأسيساً لأدوار جديدة تحاول طوكيو من خلالها مجابهة تصاعد النفوذ الصيني. في هذا السياق، زار رئيس الوزراء الياباني، فوميو كيشيدا، اليوم (السبت)، مصر، في بداية جولة أفريقية تشمل أيضاً غانا وكينيا وموزمبيق.

العالم البرلمان الياباني يوافق على اتفاقيتي التعاون الدفاعي مع أستراليا وبريطانيا

البرلمان الياباني يوافق على اتفاقيتي التعاون الدفاعي مع أستراليا وبريطانيا

وافق البرلمان الياباني (دايت)، اليوم (الجمعة)، على اتفاقيتين للتعاون الدفاعي مع أستراليا وبريطانيا، ما يمهّد الطريق أمام سريان مفعولهما بمجرد أن تستكمل كانبيرا ولندن إجراءات الموافقة عليهما، وفق وكالة الأنباء الألمانية. وفي مسعى مستتر للتصدي للصعود العسكري للصين وموقفها العدائي في منطقة المحيطين الهادئ والهندي، سوف تجعل الاتفاقيتان لندن وكانبيرا أول وثاني شريكين لطوكيو في اتفاق الوصول المتبادل، بحسب وكالة كيودو اليابانية للأنباء. ووافق مجلس المستشارين الياباني (مجلس الشيوخ) على الاتفاقيتين التي تحدد قواعد نقل الأفراد والأسلحة والإمدادات بعدما أعطى مجلس النواب الضوء الأخضر لها في وقت سابق العام

«الشرق الأوسط» (طوكيو)

كيف كسرت الحرب في أوكرانيا المحرّمات النووية؟

نظام صاروخي باليستي عابر للقارات من طراز «يارس» الروسي خلال عرض في «الساحة الحمراء» بموسكو يوم 24 يونيو 2020 (رويترز)
نظام صاروخي باليستي عابر للقارات من طراز «يارس» الروسي خلال عرض في «الساحة الحمراء» بموسكو يوم 24 يونيو 2020 (رويترز)
TT

كيف كسرت الحرب في أوكرانيا المحرّمات النووية؟

نظام صاروخي باليستي عابر للقارات من طراز «يارس» الروسي خلال عرض في «الساحة الحمراء» بموسكو يوم 24 يونيو 2020 (رويترز)
نظام صاروخي باليستي عابر للقارات من طراز «يارس» الروسي خلال عرض في «الساحة الحمراء» بموسكو يوم 24 يونيو 2020 (رويترز)

نجح الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، في خلق بيئة مواتية لانتشار أسلحة نووية جديدة في أوروبا وحول العالم، عبر جعل التهديد النووي أمراً عادياً، وإعلانه اعتزام تحويل القنبلة النووية إلى سلاح قابل للاستخدام، وفق تحليل لصحيفة «لوفيغارو» الفرنسية.

في عام 2009، حصل الرئيس الأميركي، باراك أوباما، على «جائزة نوبل للسلام»، ويرجع ذلك جزئياً إلى دعوته إلى ظهور «عالم خالٍ من الأسلحة النووية». وفي ذلك الوقت، بدت آمال الرئيس الأميركي الأسبق وهمية، في حين كانت قوى أخرى تستثمر في السباق نحو الذرة.

وهذا من دون شك أحد أخطر آثار الحرب في أوكرانيا على النظام الاستراتيجي الدولي. فعبر التهديد والتلويح المنتظم بالسلاح الذري، ساهم فلاديمير بوتين، إلى حد كبير، في اختفاء المحرمات النووية. وعبر استغلال الخوف من التصعيد النووي، تمكن الكرملين من الحد من الدعم العسكري الذي تقدمه الدول الغربية لأوكرانيا منذ بدء الغزو الروسي لأوكرانيا في فبراير (شباط) 2022، ومن مَنْع مشاركة الدول الغربية بشكل مباشر في الصراع، وتخويف جزء من سكان هذه الدول، الذين تغلّب عليهم «الإرهاق والإغراءات بالتخلي (عن أوكرانيا) باسم الأمن الزائف».

بدأ استخفاف الكرملين بالأسلحة النووية في عام 2014، عندما استخدم التهديد بالنيران الذرية للدفاع عن ضم شبه جزيرة القرم من طرف واحد إلى روسيا. ومنذ ذلك الحين، لُوّح باستخدام السلاح النووي في كل مرة شعرت فيها روسيا بصعوبة في الميدان، أو أرادت دفع الغرب إلى التراجع؛ ففي 27 فبراير 2022 على سبيل المثال، وُضع الجهاز النووي الروسي في حالة تأهب. وفي أبريل (نيسان) من العام نفسه، استخدمت روسيا التهديد النووي لمحاولة منع السويد وفنلندا من الانضمام إلى «حلف شمال الأطلسي (ناتو)». في مارس (آذار) 2023، نشرت روسيا صواريخ نووية تكتيكية في بيلاروسيا. في فبراير 2024، لجأت روسيا إلى التهديد النووي لجعل النشر المحتمل لقوات الـ«ناتو» في أوكرانيا مستحيلاً. وفي الآونة الأخيرة، وفي سياق المفاوضات المحتملة مع عودة الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب إلى البيت الأبيض، جلبت روسيا مرة أخرى الخطاب النووي إلى الحرب، من خلال إطلاق صاروخ باليستي متوسط ​​المدى على أوكرانيا. كما أنها وسعت البنود التي يمكن أن تبرر استخدام الأسلحة الذرية، عبر مراجعة روسيا عقيدتها النووية.

الرئيس الروسي فلاديمير بوتين خلال اجتماع مع قيادة وزارة الدفاع وممثلي صناعة الدفاع في موسكو يوم 22 نوفمبر 2024 (إ.ب.أ)

التصعيد اللفظي

تأتي التهديدات النووية التي أطلقتها السلطات الروسية في الأساس ضمن الابتزاز السياسي، وفق «لوفيغارو». ولن تكون لدى فلاديمير بوتين مصلحة في اتخاذ إجراء عبر تنفيذ هجوم نووي تكتيكي، وهو ما يعني نهاية نظامه. فالتصعيد اللفظي من جانب القادة الروس ورجال الدعاية لم تصاحبه قط تحركات مشبوهة للأسلحة النووية على الأرض. ولم يتغير الوضع النووي الروسي، الذي تراقبه الأجهزة الغربية من كثب. وتستمر الصين أيضاً في لعب دور معتدل، حيث تحذّر موسكو بانتظام من أن الطاقة النووية تشكل خطاً أحمر مطلقاً بالنسبة إليها.

إن التهوين من الخطاب الروسي غير المقيد بشكل متنامٍ بشأن استخدام الأسلحة النووية ومن التهديد المتكرر، قد أدى إلى انعكاسات دولية كبيرة؛ فقد غير هذا الخطاب بالفعل البيئة الاستراتيجية الدولية. ومن الممكن أن تحاول قوى أخرى غير روسيا تقليد تصرفات روسيا في أوكرانيا، من أجل تغيير وضع سياسي أو إقليمي راهن محمي نووياً، أو إنهاء صراع في ظل ظروف مواتية لدولة تمتلك السلاح النووي وتهدد باستخدامه، أو إذا أرادت دولة نووية فرض معادلات جديدة.

يقول ضابط فرنسي: «لولا الأسلحة النووية، لكان (حلف شمال الأطلسي) قد طرد روسيا بالفعل من أوكرانيا. لقد فهم الجميع ذلك في جميع أنحاء العالم».

من الجانب الروسي، يعتبر الكرملين أن الحرب في أوكرانيا جاء نتيجة عدم الاكتراث لمخاوف الأمن القومي الروسي إذ لم يتم إعطاء روسيا ضمانات بحياد أوكرانيا ولم يتعهّد الغرب بعدم ضم كييف إلى حلف الناتو.

وترى روسيا كذلك أن حلف الناتو يتعمّد استفزاز روسيا في محيطها المباشر، أكان في أوكرانيا أو في بولندا مثلا حيث افتتحت الولايات المتحدة مؤخرا قاعدة عسكرية جديدة لها هناك. وقد اعتبرت موسكو أن افتتاح القاعدة الأميركية في شمال بولندا سيزيد المستوى العام للخطر النووي.