أشاد الرئيس فولوديمير زيلينسكي بتأييد المفوضية الأوروبية لمنح أوكرانيا وضع الدولة المرشحة للانضمام إلى الاتحاد الأوروبي، معتبراً أنه «خبر إيجابي» للبلاد، في وقت تدور فيه معارك شرسة قرب سيفيرودونيتسك بإقليم لوغانسك الشرقي. وكانت المفوضية الأوروبية أوصت، الجمعة، بمنح أوكرانيا وضع الدولة المرشحة للانضمام إلى الاتحاد. وستتم مناقشة هذه التوصية الخميس والجمعة، في قمة أوروبية ينبغي أن يوافق عليها قادة الدول الـ27 الأعضاء في الاتحاد الأوروبي، لتحصل كييف رسمياً على هذا الوضع.
وقال زيلينسكي إنه «يتوقع نتيجة إيجابية» لهذه القمة، كما نقلت وكالة الصحافة الفرنسية. وأضاف أن «هذه هي الخطوة الأولى على طريق الانضمام إلى الاتحاد الأوروبي». وفي كلمته المسائية عبر الفيديو، أكد زيلينسكي أن أوكرانيا «تستحق هذه الأخبار الإيجابية»، مرحباً بـ«نجاح تاريخي لكل الذين يعملون من أجل دولتنا».
من جهتها، صرحت رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين: «نعلم جميعاً أن الأوكرانيين مستعدون للموت من أجل تطلعاتهم الأوروبية. نريد أن يعيشوا معنا من أجل الحلم الأوروبي». وأضافت أن «المفوضية توصي المجلس بمنح أوكرانيا آفاقاً أوروبية أولاً، ووضع الدولة المرشحة ثانياً». وكانت رئيسة المفوضية تتحدث غداة زيارة لكييف قام بها قادة ألمانيا وفرنسا وإيطاليا الذين أوصلوا الرسالة نفسها إلى أوكرانيا.
أما الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، فقد رأى في حديثه أمام المنتدى الاقتصادي في سان بطرسبرغ الجمعة، أن روسيا «ليس لديها أي شيء ضد» انضمام أوكرانيا في الاتحاد الأوروبي، لكنه قال إن «أوكرانيا ستتحول إلى شبه مستعمرة» للدول الغربية.
معارك شرسة
جاءت هذه التصريحات في وقت تدور فيه معارك شرسة قرب سيفيرودونيتسك (شرق) التي تحاول القوات الروسية السيطرة عليها منذ أسابيع. ولا تزال القوات الأوكرانية تواجه صعوبات في منطقة دونباس التي يسيطر الانفصاليون الموالون لروسيا على جزء منها منذ 2014.
وقال حاكم المنطقة الشرقية من لوغانسك، سيرغي غايداي، عبر تطبيق «تليغرام»: «الآن، المعارك الأشرس تدور قرب سيفيرودونيتسك». وأضاف: «في القرى المجاورة، المعارك صعبة جداً، في توشكيفسكا وزولوتي. يحاولون التقدم لكنهم يفشلون». وتابع: «مدافعونا يقاتلون الروس في جميع الاتجاهات«». وصرّح غايداي أيضاً بأن ليسيتشانسك، وهي مدينة يسيطر عليها الأوكرانيون ويفصلها عن سيفيرودونيتسك نهر، تتعرّض «لقصف شديد». وأكد أن الروس «لا يمكنهم الاقتراب منها، ولذلك لا يفعلون سوى شنّ ضربات جوية على المدينة».
ويستعدّ سكان ليسيتشانسك للإجلاء. وقال ألا بور وهو أستاذ تاريخ: «نترك كل شيء ونرحل. لا يمكن لأحد أن ينجو من مثل هذه الضربات». وتحدث غايداي عن «مزيد من الدمار» في مصنع آزوت الكيميائي في سيفيرودونيتسك، حيث يختبئ 568 شخصاً بينهم 38 طفلاً.
وضع مقلق
وحذرت الأمم المتحدة، الجمعة، من أن الوضع الإنساني في أوكرانيا، لا سيما في شرق دونباس «مقلق للغاية». وقام زيلينسكي الذي نادراً ما يتنقل خارج العاصمة منذ بدء الحرب، بزيارته الأولى لمدينة ميكولايف في جنوب البلاد أمس، حيث التقى بجنود حاربوا على الجبهة الجنوبية. ولا تزال هذه المدينة الخاضعة لسيطرة الأوكرانيين، هدفاً لموسكو لأنها تقع على الطريق المؤدي إلى أوديسا، أكبر ميناء في أوكرانيا. وأعلن الجيش الروسي أن نحو سبعة آلاف «مرتزقة أجانب» من 64 دولة وصلوا إلى أوكرانيا منذ بدء النزاع، قُتل ألفان منهم.
وفي مقطع مصور نُشر في حسابه الرسمي على «تليغرام»، سلّم الرئيس الأوكراني الذي كان يرتدي قميصه العسكري المميز، الجنود أوسمة والتقط معهم صوراً شخصية في داخل ما بدا أنه مخبأ تحت الأرض.
وقال: «(هؤلاء) رجالنا الشجعان. كل واحد منهم يقدم كل ما لديه... بالتأكيد سنصمد! بالتأكيد سنكسب!». ووصلت القوات الروسية إلى ضواحي مدينة ميكولايف عاصمة الإقليم في أوائل مارس (آذار)، لكن القوات الأوكرانية أجبرتها على التراجع في ذلك الوقت إلى الحواف الشرقية والجنوبية للمنطقة، حيث يدور القتال.
وقال مكتب زيلينسكي إن الرئيس زار المدينة أيضاً، وتفقّد مكتب إدارة الإقليم، حيث لقي 37 شخصاً حتفهم في أواخر مارس (آذار)، بعدما أصاب صاروخ روسي المبنى. إلى ذلك، زار زيلينسكي مستشفى في ميكولايف ومنح كلاً من رئيس البلدية أولكسندر سينكيفيتش، وحاكم الإقليم فيتالي كيم نوط الشجاعة لعملهما خلال الحرب المستمرة منذ أربعة أشهر.
«أسيران» أميركيان
بثّت قناة تلفزيونية روسية عامّة مقاطع فيديو على شبكات التواصل الاجتماعي الجمعة، لأميركيَين تطوعا للقتال مع القوات الأوكرانية وفُقدا قبل أيام.
وقال الرئيس الأميركي جو بايدن لصحافيين، الجمعة، إنه لا يعرف مكان وجود الرجلين، وهما جنديان أميركيان سابقان لم يعرف أقاربهما عنهما شيئاً منذ الأسبوع الماضي. وأضاف بايدن: «يجب على الأميركيين ألا يذهبوا إلى أوكرانيا». كذلك، قالت وزارة الخارجية الأميركية إن هناك معلومات عن اختفاء مواطن أميركي ثالث «خلال الأسابيع الأخيرة».
ونشر الصحافي الروسي رومان كوساريف، الذي يعمل مع القناة التلفزيونية الروسية العامة «آر تي»، مساء الجمعة عبر «تليغرام» مقطع فيديو لألكسندر درويك، وهو يتحدث أمام الكاميرا. وقال درويك وهو يرتدي زياً عسكرياً، وبدا أنه جالس في مكتب: «أمي؛ أريد فقط إخباركِ بأنني على قيد الحياة وآمل في أن أعود إلى المنزل بأسرع ما يمكنني».
كما بثت «آر تي» عبر حسابها الرسمي في «تليغرام» مقطع فيديو لأندي هوين، يوضح فيه أنه هو وألكسندر درويك منخرطان «في قتال مع القوات الروسية» بالقرب من خاركيف (شرق أوكرانيا). وأضاف هوين: «سيطرت القوات الروسية على مواقعنا. اضطررنا إلى التراجع». وقال إنهما استسلما للقوات الروسية بعد الاختباء ساعات عدة. كما تم تصوير الرجلين في مقاطع فيديو أخرى بثتها قناة «آر تي»، قالا فيها إنهما «ضد الحرب». ولم تتضح حتى الآن الظروف التي تحدث فيها الجنديان السابقان أو الجهة التي تحتجزهما.
وأكد متحدث باسم الخارجية الأميركية السبت، أن السلطات الأميركية اطلعت على صوَر ومقاطع فيديو للمواطنَين الأميركيَين اللذين «يُعتقد أن القوات العسكرية الروسية أسرتهما في أوكرانيا». وقال المتحدث لوكالة الصحافة الفرنسية: «نراقب الوضع عن كثب، وقلوبنا مع عائلتيهما في هذا الوقت العصيب».
صراع نفوذ
خلال هذا الأسبوع الحاسم في صراعها على النفوذ مع الغرب، أرفقت موسكو الأقوال بالأفعال وقلصت تدريجياً، لكن بكميات كبيرة، الغاز المرسل إلى أوروبا الغربية التي تعتمد على هذه الشحنات إلى حد كبير.
وأعلنت الشركة المشغلة لشبكة الغاز الفرنسية «جي آر تي - غاز» الجمعة، أنها لم تعد تتسلم غازاً روسياً عبر الأنابيب منذ 15 يونيو (حزيران)، مع «توقف التدفق المادي بين فرنسا وألمانيا». وخفّضت مجموعة «غازبروم» الروسية العملاقة شحناتها بشكل كبير في الأيام الأخيرة، لا سيما إلى ألمانيا عبر خط أنابيب الغاز «نورد ستريم1» (السيل الشمالي1)، ما تسبب في ارتفاع هائل في الأسعار.
وفي إيطاليا، أعلنت مجموعة «إيني» أن «غازبروم» ستسلم 50 في المائة فقط من الغاز الذي طلبته المجموعة الجمعة. فيما قال وزير الاقتصاد والمناخ الألماني روبرت هابيك: «لا ينبغي أن تكون لدينا أوهام، فنحن في مواجهة مع بوتين». وأضاف: «هكذا يتصرف الطغاة».
واتّهم الرئيس الأميركي جو بايدن، الذي تعد بلاده مصدراً محتملاً لاستيراد الغاز الطبيعي المسال إلى أوروبا، الجمعة، روسيا بالتسبب في «أزمة طاقة عالمية» بحربها ضد أوكرانيا.
ورد الرئيس الروسي في منتدى سان بطرسبرغ الاقتصادي. وقال إن «أعمالنا لتحرير دونباس لا علاقة لها بذلك»، موضحاً أن الأمر حصل «نتيجة أخطاء لمجمل النظام ارتكبتها الإدارة الأميركية والبيروقراطية الأوروبية». واتهم مسؤول السياسة الخارجية للاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل، أمس، روسيا بتعريض العالم لخطر المجاعة على خلفية منع صادرات الحبوب من أوكرانيا والقيود المفروضة على صادراتها.