الحوثيون يستنسخون النموذج الأمني الإيراني لمراقبة السكان

تقسيم صنعاء إلى مربعات أمنية

عنصر من ميليشيا الحوثي يفحص رجلاً عن نقطة تفتيش في صنعاء (إ.ب.أ)
عنصر من ميليشيا الحوثي يفحص رجلاً عن نقطة تفتيش في صنعاء (إ.ب.أ)
TT

الحوثيون يستنسخون النموذج الأمني الإيراني لمراقبة السكان

عنصر من ميليشيا الحوثي يفحص رجلاً عن نقطة تفتيش في صنعاء (إ.ب.أ)
عنصر من ميليشيا الحوثي يفحص رجلاً عن نقطة تفتيش في صنعاء (إ.ب.أ)

لم يكن عبد الرحمن يعلم أن وجبة غداء ستقوده إلى السجن بسبب استضافته صديقاً انتقد أداء سلطة الميليشيات الحوثية، لكنها أيضاً كشفت له ولثلاثة آخرين طبيعة القبضة الأمنية التي تنتهجها الميليشيات لمواجهة الغضب الشعبي المتزايد في العاصمة اليمنية صنعاء من هذا الحكم السلالي، حيث استنسخت الجماعة التجربة الإيرانية في التعامل مع السكان عبر تقسيم الأحياء إلى مربعات أمنية صغيرة، وتحويل المنتمين لها والموظفين ومسؤولي الأحياء إلى مخبرين لمراقبة السكان وتحركاتهم.
ووفق ما قاله اثنان من أقارب عبد الرحمن لـ«الشرق الأوسط» فقد دعا بعض أصدقائه ومن بينهم صديق حوثي إلى وجبة غداء في منزله وفي أثناء تناول الوجبة كان صديق آخر ضمن الموجودين الذين يناقشون الوضع بشكل عام يوجه انتقادات لسلطة الميليشيات متحدثاً عن فساد مشرفيها بينما الناس يموتون من الجوع، وبعد انتهاء الدعوة وذهاب كل منهم في حاله فوجئ عبد الرحمن بوصول مسلحَين اثنين من قسم شرطة تديره الميليشيات لأخذه لأنه مطلوب لديهم.
وحسبما ذكر المصدران تبين لعبد الرحمن أن المسلحين تلقوا بلاغاً من صديقه الحوثي يفيد بأنه يستضيف معارضين لحكم الميليشيات، ليتم احتجازه عدة أيام قبل أن يفرَج عنه بعد تدخل كثير من الوسطاء والأقارب وتعهده بعدم تكرار ما حدث.
ويذكر أحد الأقارب أن الرجل اكتشف بعد ذلك أن المكان الذي يسكنه جزء من مربعات أمنية تم تقسيمها بحيث يراقب السكان عبر ثلاثة مستويات ويتم تلقي المعلومات من عناصر الميليشيات الذين يقيمون في هذا الجزء من الحي، ومعهم موظفون أو باحثون عن مصدر للرزق من الذكور والإناث، حيث يكون في أعلى سلم المراقبة المشرف، ومن بعده مندوب الأمن الوقائي (جهاز المخابرات الداخلي) ثم مسؤول الحي، وهو أمر جعل السكان يشعرون بأن حركتهم مرصودة طوال الوقت حتى فيما يخص استقبال الضيوف فإنهم ملزمون بالإبلاغ عنهم إذا طالت إقامتهم أكثر من ثلاثة أيام.
من جهته يقول معتقل سابق لدى الميليشيات الحوثية لـ«الشرق الأوسط» إنه ورغم الإفراج عنه بموجب وساطة عالية المستوى فإنه ممنوع من مغادرة صنعاء، ومطلوب منه عدم استقبال أي أشخاص من غير الأقارب في منزله، مع ضرورة أن يعود إلى المنزل عند السابعة مساء.
ويذكر المعتقل السابق الذي طلب عدم ذكر اسمه لاعتبارات تتعلق بسلامته، أنه سبق وذهب إلى حفل زفاف ابن أحد أصدقائه وظل هناك حتى الثامنة مساء إلا أن ابنه اتصل به ليخبره بأن مندوب «الأمن الوقائي» في الحي الذي يسكنه يسأل عنه وعن سبب تأخره في العودة، باعتبار أن ذلك من شروط إطلاق سراحه.
وحسبما يقول مطلعون على سلوك الميليشيات الحوثية فإن الجماعة استنسخت التجربة الإيرانية في التعامل مع التذمر الشعبي، حيث قامت بتقسيم أحياء مدينة صنعاء إلى مربعات أمنية يشرف عليها خالد المداني، القيادي المقرب من زعيم الميليشيات والمعيّن في منصب وكيل أول أمانة العاصمة صنعاء.
ووسط هذه المربعات الأمنية تتولى مكاتب الجهاز المخابراتي الخاص المعروف باسم «الأمن الوقائي» الذي تشكَّل على يد عناصر من «حزب الله» اللبناني، مهمة رفع التقارير اليومية عن حركة السكان وعمل مسؤولي الأحياء والإشراف على توزيع الغاز المنزلي وحتى عمل المدارس إلى جانب توزيع متدربين عن هذا الجهاز في أقسام الشرطة، حسبما ذكرت المصادر لـ«الشرق الأوسط».
وأفاد سكان في صنعاء بأن الميليشيات قامت بعد الاحتجاجات التي شهدتها المدينة غير مرة على تردي الأوضاع المعيشية وانعدام الوقود وارتفاع أسعاره بشكل غير مسبوق بإعادة حصر سكان الأحياء والمباني وأرقام هواتف أرباب الأسر، وشددت من الرقابة على التحركات في الأحياء وعلى القادمين إليها أو المغادرين منها، ورصد المعارضين.
وطبقاً للسكان فإن هذه الإحصائيات تستخدم أيضاً في مجال جمع الدعم لما يسمى المجهود الحربي وأيضاً في حشد المقاتلين وإقامة المعسكرات الصيفية الطائفية لصغار السن والمراهقين، حيث اعتُقل العشرات من السكان بوشاية من جيرانهم المنتمين للميليشيات أو بسبب خلاف مع مسؤولي الأحياء.
وفي الجامعات استحدث الجهاز الأمني للحوثيين ما يسمى «الملتقى الطلابي» و«نادي الخريجين» حيث يكون على رأس كل منهما أحد العناصر التابعة للمخابرات الخاصة «الأمن الوقائي» ويضم الأول في عضويته العناصر التي تنتمي لسلالة الحوثيين ويتولى مهمة استقبال الطلبة الملتحقين حديثاً بالجامعة في مسعى لاستقطابهم، ومراقبة تجمعات الطلاب ومنع الاختلاط ومراقبة أداء الأساتذة وتحديد الأنشطة والفعاليات في كل كلية من الكليات بما فيها الجامعة الخاصة، في حين يتولى «نادي الخريجين» الذي تم استحداثه العام قبل الماضي مهمة الإشراف على حفلات التخرج وجمع الأموال من الشركات والجهات لدعم هذه الحفلات حيث تذهب في معظمها لدعم الأنشطة الطائفية.
ويقول طلبة في جامعة صنعاء إن حفلات التخرج تحولت إلى مهرجانات للترويج للقتال والفكر الطائفي، حيث أصبح «نادي الخريجين» أشبه بقسم شرطة يستولى على كل شيء ويوجهه بما يخدم فكر الميليشيات، كما زاد من نفوذه أن التزكيات التي يُصدرها للخريجين تؤخذ في الاعتبار عند البحث عن عمل في الجهات الحكومية أو الخاصة.


مقالات ذات صلة

غروندبرغ يتحدث عن «نقاش جوهري» مع العليمي ويدعو لتقديم التنازلات

العالم العربي غروندبرغ يتحدث عن «نقاش جوهري» مع العليمي ويدعو لتقديم التنازلات

غروندبرغ يتحدث عن «نقاش جوهري» مع العليمي ويدعو لتقديم التنازلات

وصف المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الخميس) اللقاء الذي جمعه برئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني رشاد العليمي في عدن بـ«المثمر والجوهري»، وذلك بعد نقاشات أجراها في صنعاء مع الحوثيين في سياق الجهود المعززة للتوصل إلى تسوية يمنية تطوي صفحة الصراع. تصريحات المبعوث الأممي جاءت في وقت أكدت فيه الحكومة اليمنية جاهزيتها للتعاون مع الأمم المتحدة والصليب الأحمر لما وصفته بـ«بتصفير السجون» وإغلاق ملف الأسرى والمحتجزين مع الجماعة الحوثية. وأوضح المبعوث في بيان أنه أطلع العليمي على آخر المستجدات وسير المناقشات الجارية التي تهدف لبناء الثقة وخفض وطأة معاناة اليمنيين؛ تسهيلاً لاستئناف العملية السياسية

علي ربيع (عدن)
العالم العربي الحوثيون يفرجون عن فيصل رجب بعد اعتقاله 8 سنوات

الحوثيون يفرجون عن فيصل رجب بعد اعتقاله 8 سنوات

في خطوة أحادية أفرجت الجماعة الحوثية (الأحد) عن القائد العسكري اليمني المشمول بقرار مجلس الأمن 2216 فيصل رجب بعد ثماني سنوات من اعتقاله مع وزير الدفاع الأسبق محمود الصبيحي شمال مدينة عدن، التي كان الحوثيون يحاولون احتلالها. وفي حين رحب المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ بالخطوة الحوثية الأحادية، قابلتها الحكومة اليمنية بالارتياب، متهمة الجماعة الانقلابية بمحاولة تحسين صورتها، ومحاولة الإيقاع بين الأطراف المناهضة للجماعة. ومع زعم الجماعة أن الإفراج عن اللواء فيصل رجب جاء مكرمة من زعيمها عبد الملك الحوثي، دعا المبعوث الأممي في تغريدة على «تويتر» جميع الأطراف للبناء على التقدم الذي تم إنجازه

علي ربيع (عدن)
العالم العربي أعداد اللاجئين الأفارقة إلى اليمن ترتفع لمعدلات ما قبل الجائحة

أعداد اللاجئين الأفارقة إلى اليمن ترتفع لمعدلات ما قبل الجائحة

في مسكن متواضع في منطقة البساتين شرقي عدن العاصمة المؤقتة لليمن، تعيش الشابة الإثيوبية بيزا ووالدتها.

محمد ناصر (عدن)
العالم العربي كيانات الحوثيين المالية تتسبب في أزمة سيولة نقدية خانقة

كيانات الحوثيين المالية تتسبب في أزمة سيولة نقدية خانقة

فوجئ محمود ناجي حين ذهب لأحد متاجر الصرافة لتسلّم حوالة مالية برد الموظف بأن عليه تسلّمها بالريال اليمني؛ لأنهم لا يملكون سيولة نقدية بالعملة الأجنبية. لم يستوعب ما حصل إلا عندما طاف عبثاً على أربعة متاجر.

محمد ناصر (عدن)
العالم العربي تحذيرات من فيضانات تضرب اليمن مع بدء الفصل الثاني من موسم الأمطار

تحذيرات من فيضانات تضرب اليمن مع بدء الفصل الثاني من موسم الأمطار

يجزم خالد محسن صالح والبهجة تتسرب من صوته بأن هذا العام سيكون أفضل موسم زراعي، لأن البلاد وفقا للمزارع اليمني لم تشهد مثل هذه الأمطار الغزيرة والمتواصلة منذ سنين طويلة. لكن وعلى خلاف ذلك، فإنه مع دخول موسم هطول الأمطار على مختلف المحافظات في الفصل الثاني تزداد المخاطر التي تواجه النازحين في المخيمات وبخاصة في محافظتي مأرب وحجة وتعز؛ حيث تسببت الأمطار التي هطلت خلال الفصل الأول في مقتل 14 شخصا وإصابة 30 آخرين، كما تضرر ألف مسكن، وفقا لتقرير أصدرته جمعية الهلال الأحمر اليمني. ويقول صالح، وهو أحد سكان محافظة إب، لـ«الشرق الأوسط» عبر الهاتف، في ظل الأزمة التي تعيشها البلاد بسبب الحرب فإن الهطول ال

محمد ناصر (عدن)

«مركز الملك سلمان» يوقع اتفاقيات لتعزيز التعليم والصحة في اليمن

مركز الملك سلمان وقع اتفاقية تعاون لتنفيذ مشروع العودة إلى المدارس في اليمن (واس)
مركز الملك سلمان وقع اتفاقية تعاون لتنفيذ مشروع العودة إلى المدارس في اليمن (واس)
TT

«مركز الملك سلمان» يوقع اتفاقيات لتعزيز التعليم والصحة في اليمن

مركز الملك سلمان وقع اتفاقية تعاون لتنفيذ مشروع العودة إلى المدارس في اليمن (واس)
مركز الملك سلمان وقع اتفاقية تعاون لتنفيذ مشروع العودة إلى المدارس في اليمن (واس)

وقع «مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية»، اتفاقيات متنوعة لتعزيز القطاعين التعليمي والطبي في محافظات يمنية عدة يستفيد منها ما يزيد على 13 ألف فرد.

وفي المجال التعليمي، وقع «مركز الملك سلمان»، أمس (الثلاثاء)، اتفاقية تعاون مشترك مع إحدى مؤسسات المجتمع المدني؛ لتنفيذ المرحلة الثالثة من «مشروع العودة إلى المدارس» في مديرية المخا بمحافظة تعز ومنطقة ثمود بمحافظة حضرموت، وفي محافظات شبوة وأبين ولحج، التي يستفيد منها 6 آلاف فرد.

وجرى توقيع الاتفاق على هامش «المؤتمر الدولي للتوائم الملتصقة» في مدينة الرياض، حيث وقع الاتفاقية مساعد المشرف العام على مركز العمليات والبرامج، المهندس أحمد بن علي البيز.

وسيجري بموجب الاتفاقية توفير 60 فصلاً من الفصول البديلة المجهزة بالكامل، وتجهيز وتأثيث 10 مدارس؛ لتوفير بيئة تعليمية ملائمة للطلاب والطالبات، بالإضافة إلى توفير 6 آلاف زي مدرسي وحقيبة تحتوي على المستلزمات المدرسية، فضلاً عن إيجاد فرص عمل للأسر من ذوي الدخل المحدود (المستفيدة من مشاريع التدريب والتمكين السابقة) من خلال تجهيز الحقائب والزي المدرسي المحلي الصنع.

ويأتي ذلك في إطار الجهود الإغاثية والإنسانية التي تقدمها المملكة عبر ذراعها الإنسانية مركز الملك سلمان للإغاثة؛ بهدف تعزيز العملية التعليمية الآمنة وانتظامها، ومواجهة تسرب الطلاب من المدارس بالمناطق المستهدفة.

وفي القطاع الصحي، السياق وقع «مركز الملك سلمان» اتفاقية مع الجمعية الدولية لرعايا ضحايا الحروب والكوارث، لتشغيل مركز الأطراف الصناعية وإعادة التأهيل في محافظة مأرب.

وسيجري بموجب الاتفاقية تقديم خدمات التأهيل الجسدي لذوي الاحتياجات الخاصة، بالإضافة إلى متابعتهم والاستفادة منهم في خدمة المجتمع، والتشخيص وتحديد الخطة العلاجية لكل مريض على حدة، وتركيب الأطراف الصناعية بأنواعها.

ومن شأن الاتفاقية أن توفر خدمة إعادة التأهيل الوظيفي للأطراف الصناعية ومتابعتهم المستمرة، فضلاً عن رفع قدرات الكادر الطبي والفني مهنياً وعلمياً وتهيئته للتعامل مع الحالات النوعية، إضافة إلى الحد من هجرة الكوادر الطبية والفنية المتخصصة، ومن المقرر أن يستفيد منها 7174 فردًا.

من جهة أخرى، وقعت «منظمة الصحة العالمية» اتفاقية بقيمة 3.4 مليون يورو مع الحكومة الألمانية للحفاظ على خدمات الصحة والتغذية المنقذة للحياة في اليمن.

وقالت المنظمة في بيان نشرته على موقعها الإلكتروني، الأربعاء، إن «هذه المبادرة تأتي في وقت يواجه اليمن فيه حالة طوارئ ممتدة من الدرجة الثالثة، وهي أعلى مستوى للطوارئ الصحية للمنظمة».

وأضافت أن «اليمن يواجه تفشي للأمراض التي يمكن الوقاية منها باللقاحات بما في ذلك فيروس شلل الأطفال، والإسهال المائي الحاد، والكوليرا، والحصبة، والدفتيريا، والملاريا، وحمى الضنك».

وأشارت إلى أنه تم الإبلاغ عن 33 ألف حالة يشتبه في إصابتها بالحصبة منذ بداية العام الحالي، مع 280 حالة وفاة بسبب هذا المرض، فيما تم الإبلاغ عن 204 الآف حالة مشتبه في إصابتها بالكوليرا و 710 حالات وفاة، في الفترة التي بدأ فيها تفشي المرض في مارس (آذار) وحتى نهاية سبتمبر (أيلول) الماضيين.

وذكرت المنظمة أنه بحلول نهاية العام الحالي، من المتوقع أن تعاني أكثر من 223 ألف امرأة حامل ومرضع وأكثر من 600 ألف طفل من سوء التغذية.

وقالت: «من بين هؤلاء الأطفال، من المتوقع أن يعاني ما يقرب من 120 ألف طفل من سوء التغذية الحاد الوخيم، بزيادة قدرها 34 في المائة على العام السابق».