كاترين كولونا... الخارجية الفرنسية في عهدة «شيراكية» لا من اليمين ولا اليسار

الوزيرة الجديدة: خبرة ومهنية وتعلّق بحياة الأرياف

كاترين كولونا... الخارجية الفرنسية في عهدة «شيراكية» لا من اليمين ولا اليسار
TT

كاترين كولونا... الخارجية الفرنسية في عهدة «شيراكية» لا من اليمين ولا اليسار

كاترين كولونا... الخارجية الفرنسية في عهدة «شيراكية» لا من اليمين ولا اليسار

لم يشكل تعيين كاترين كولونا (66 سنة) على رأس وزارة الخارجية في فرنسا مفاجأة كبيرة، ومع أن وزيرة الخارجية الجديدة غير معروفة عند عامة الفرنسيين فإن سيرتها الذاتية حافلة بالإنجازات. ثم إن رجال السياسة وكبار موظفي الخارجية يعرفون جيداً «مدام كاترين» – كما تلقب - التي تتميز بالانضباط والمهنية، والتي تعرف عن ظهر قلب كل الملفات الساخنة بحكم خبرة طويلة مرت فيها بمناصب سفيرة وناطقة رسمية لقصر الإليزيه (مقر رئاسة الجمهورية) ووزيرة للشؤون الأوروبية.
تسلمت كاترين كولونا مهامها كوزيرة للخارجية الفرنسية خلفاً لنظيرها السابق جان إيف لو دريان الذي شغل هذا المنصب طوال السنوات الخمس الأخيرة، وبذا غدت ثاني امرأة تشغل هذا المنصب في تاريخ فرنسا بعد الوزيرة المخضرمة ميشيل أليو ماري.
بدأت كولونا مشوارها الدبلوماسي كمستشارة سياسية ثم إعلامية لدى السفارة الفرنسية في العاصمة الأميركية واشنطن. ووفق شهادة صديقها السفير السابق ميشال دوكلو، أسهمت فترة إقامتها ونشاطاتها في الولايات المتحدة في إتقانها اللغة الإنجليزية – التي تتكلمها بطلاقة – والتعرف على عدد من كبار السياسة الأميركيين، وبالأخص، الديمقراطيين، وتتابع عن كثب تطور العلاقات الثنائية، وهي الفترة التي تعرفت فيها أيضاً على دومينيك دو فيلبان الذي سيصبح صديقا حميماً ورفيقاً في العمل.
بعد عودة كاترين كولونا إلى فرنسا فإنها شغلت منصب مستشارة قانونية بمكتب وزير التجهيز والسكن في حكومة رولان دوما اليسارية. إلا أن أهم محطة في مشوارها السياسي جاءت بعد تعيينها ناطقةً رسمية للإليزيه عشية فوز الرئيس جاك شيراك في الانتخابات الرئاسية مايو (أيار) 1995، وهو المنصب الذي مكثت فيه أكثر من تسع سنوات محطمة رقماً قياسياً لم يصل إليه أي ناطق رسمي آخر في العالم.
- كفاءة واحترام دولي
حينذاك وصفت كاترين كولونا بالناطقة الرسمية «الصارمة» و«المجتهدة» التي تجيب على كل أسئلة الصحافيين مهما كان نوعها وتوقيتها. وكان الرئيس شيراك، بالتحديد، معجباً بعملها وحريصاً على اصطحابها معه في كل تنقلاته الخارجية. وحقاً، نقلت تقارير صحافية عديدة كيف أن الرئيس الفرنسي كان يعتمد عليها في كل صغيرة وكبيرة. وغالباً ما كان يلتفت إلى خلفه حين تغيب عن ذاكرته معلومة أو يفوته تاريخ أو اسم شخصية معينة، فكنا لا نرى الرئيس شيراك إلا ونرى وراءه «مدام كاترين» حاضرة.
على صعيد السياسة الخارجية، حظيت كاترين كولونا، ولا تزال، باحترام شخصيات عالمية مهمة كالرئيس الأميركي جورج بوش، الذي كان يناديها باسم «كاترين» مجرداً... أما الرئيس الروسي فلاديمير بوتين فقد كتب لها رسالة وداع حين تركت منصبها كناطقة رسمية للإليزيه عام 2004. وللعلم، فهي دافعت عن موقف فرنسا الرافض للهجوم الأميركي على العراق وتعد من أشد المدافعين عن وحدة أوروبا.
كذلك كانت من أبرز الملتحقين بحكومة دو فيلبان للمساعدة في حلحلة أزمة الاستفتاء الأوروبي عام 2005. ورغم أنها لم تكشف يوماً عن انتمائها السياسي ولم تنضم لأي تشكيلة حزبية، لا من اليمين ولا من اليسار، فإنها أعربت غير مرة عن إعجابها بسياسات جاك شيراك حتى قيل بأنها «شيراكية» في القلب. ومن جهة ثانية، قالت بأنها لم تصرح يوماً عن مواقف رسمية لم تكن مقتنعة بها إزاء قضايا كالعلمانية والعراق والنزاع في الشرق الأوسط أو أوروبا... وإن اختيار الرئيس (شيراك) كان الأصح.
وفي سياق متصل، مع أن كولونا تلقت طلبات كثيرة وجهها الناشرون من أجل كتابة مذكراتها، ولا سيما، تفاصيل غير معروفة عن مشوارها السياسي مع الرئيس شيراك، فإنها كانت ترفض باستمرار مشددة في كل مرة على القول بأنها كانت «في خدمة الدولة... ولا يصح أن يستغل هذا الأمر لأغراض شخصية». وهنا نشير إلى أن عدة شخصيات قبلها كانت استغلت فرصة وجودها في موقع بهه الحساسية لإصدار سير ذاتية، كما فعل جاك أتالي - مثلاً - الذي كتب عن ذكرياته مع الرئيس الأسبق فرنسوا ميتران حين كان مستشاراً له ولاقت «سيرته» نجاحاً تجارياً واسعاً.
في أي حال، تجربة العمل مع رئيس من اليمين لم تمنع كاترين كولونا من العمل مع وزراء من اليسار مثل رولان دوما وهوبير فيدرين وموريس فور. ثم إن الرئيس شيراك أصر على بقائها في منصبها كناطقة رسمية حين قدمت استقالتها عام 2002، فقبلت التمديد لسنتين إضافيتين. وبعد انتهاء مهامها عام 2004 أقام لها حفلة تكريمية حضرتها ابنته كلود وزوجته برناديت التي كانت نادراً جداً ما تحضر حفلات تكريم المتعاونين، وتلقت فيه كولونا هدية هي عبارة عن شاشة تلفزيون بلازما.
محطة... مع السينما
بعد المهمة التي أحبتها كاترين كولونا بشغف، رغم كونها «مرهقة جداً»، بحسب شهادتها الشخصية، فإنها توجهت إلى مجال بعيد كل البعد عن السياسة هو مجال السينما حيث تولت مقاليد المركز الوطني للسينما.
في حينه كانت ترغب في قطيعة وتحديات جديدة. وفور تسلمها المنصب الجديد في «المركز» أعلنت أن بين أولوياتها ستكون محاربة القرصنة وتدعيم الاستثناء الثقافي الفرنسي. ويذكر المقربون من الوزيرة الجديدة وعارفوها أنها عاشقة للسينما الإيطالية، ولا سيما أعمال المخرج فريديكو فيليني، أما فيلمها المفضل فهو «ثمانية ونصف» الذي اضطلعت ببطولته النجمة كلوديا كاردينالي. والواقع أن كولونا بقيت في منصب بالمركز الوطني للسينما سنة واحدة، التحقت بعدها بصديقها رئيس الوزراء دومينيك دو فيلبان، الذي استدعاها لتشغل منصب وزيرة للشؤون الأوروبية (2005 – 2007) على إثر الأزمة التي خلقتها نتائج الاستفتاء على الدستور الأوروبي... التي رفض فيها الفرنسيون المشروع الأوروبي بنسبة 55 في المائة.
وبعد سنتين من العمل سفيرة فرنسا لدى منظمة «اليونيسكو» (2008 - 2010)، تركت كولونا السياسة من جديد لتلتحق بالفرع المالي لمجموعة برونزويك العالمية حيث شغلت منصب شريكة إدارية لمكتب المجموعة في العاصمة الفرنسية باريس. إلا أنها عادت على إثرها إلى السلك الدبلوماسي من جديد من خلال منصبي سفيرة فرنسا لدى إيطاليا (2014 - 2017) ثم لدى بريطانيا (2019 - 2022)، وتخلل الفترة بينهما (2017 - 2019) توليها منصب مندوب فرنسا الدائم لدى منظمة التجارة والتعاون الأوروبية.
- تحديات المنصب الجديد
تعيين كولونا أخيراً وزيرة للخارجية، يوم 20 مايو الماضي، جاء في ظروف خاصةً منها إعلان موظفي وزارة الخارجية الفرنسية الإضراب احتجاجاً على برنامج إصلاحات يهدد بتسريح عدد منهم، وتقليص امتيازاتهم المهنية، إضافة إلى إغلاق عدة قنصليات في أماكن مختلفة من العالم... وهذا حدث نادر جداً، بل إنها المرة الثانية فقط في تاريخ فرنسا فقط التي يعلن فيها إضراب من هذا النوع. وحسب شهادة السفير السابق في روسيا جان غلينياستي لصحيفة «الفيغارو» قد يكون هذا هو «التحدي الأول الذي سيواجه الوزيرة الجديدة... مع احتمال أن تنجح في اجتيازه بسلام بفضل سمعتها الجيدة وحنكتها الدبلوماسية».
الملف الآخر الذي ينتظر الوزيرة هو «الملف المالي» في ضوء تدهور العلاقات بين فرنسا ومالي، وطرد سلطات باماكو السفير الفرنسي جويل ماير بسبب تصريحات جان إيف لو دريان، وزير الخارجية السابق، الذي وصف المجلس العسكري المالي بـ«الحكومة غير الشرعية». وللتذكير يتمركز حوالي 2400 جندي فرنسي في مالي من أصل 4600 عسكري تنشرهم باريس في منطقة «الساحل والصحراء» الأفريقية. هذا، وقد بدأت العلاقات الثنائية تتأزم بعد طلب السلطات المالية من فرنسا سحب قواتها بحجة قلة رضاها عن العمليات التي نفذتها في هذه المنطقة لوقف زحف الجماعات المسلحة لتنظيم «القاعدة»، ومنها عملية «برخان» وعملية «سيرفال». وفي المقابل، تنظر باريس بعين القلق إلى المباحثات الأخيرة التي أجرتها أطراف مالية رسمية مع نظراء روسيين في الكرملين. وبالتالي، يتوقع أن تنكب الوزيرة كولونا على هذا الملف بالتعاون مع زميلها وزير الجيش سيبستيان لوكورنيو، وأيضاً الرئيس إيمانويل ماكرون بنفسه، نظراً لأهميته بالنسبة لفرنسا والمنطقة ككل. ثم هناك ملفات مهمة أخرى تنتظر البت موضوعة على طاولة رئيسة الدبلوماسية الفرنسية الجديدة، في طليعتها: الاتفاق بشأن الملف النووي الإيراني، والأزمة في ليبيا، والوضع في لبنان، وذلك بسبب نفوذ فرنسا الكبير في هذه المناطق.
- ملف أوكرانيا
لكن الملف الأكثر أهمية وإلحاحاً لباريس راهناً يبقى مسألة الحرب الروسية الأوكرانية، ولذا افتتحت الوزيرة كولونا مهامها على رأس «الكيه دورسيه» (مقر وزارة الخارجية في وسط باريس) بزيارة أوكرانيا، وبالذات مدينة بوتشا التي أصبحت رمزاً لفظائع الحرب التي تنسبها أوكرانيا لروسيا بعد انسحاب الجنود الروس... واكتشاف مئات الجثث من المدنيين العزل. وبعد زيارة كولونا لهذه المدينة الصغيرة المنكوبة شددت الوزيرة على أن «فرنسا ستقف إلى جانب أصدقائها وحلفائها الأوكرانيين، وستبذل قصارى جهدها لإعادة السلام». ومع أنها لم تؤكد لنظرائها الأوكرانيين موافقة باريس على طلبهم الأساسي المتمثل بتسليم أوكرانيا أسلحة حربية جديدة، مكتفية بالإجابة بأن «الطلب في طور الدراسة»، إلا أنها أعلنت عن مساعدة لإعادة بناء هذه المنطقة بحوالي ملياري دولار.
وفي الشأن نفسه، كانت كولونا، قبل الزيارة التي قام بها الرئيس ايمانويل ماكرون لكييف يوم الخميس، هي المسؤولة الفرنسية الأعلى التي تزور أوكرانيا منذ بدء العملية العسكرية الروسية في 24 فبراير (شباط) الفائت. وهي رغم إعلانها على إثر الندوة الصحافية التي عقدتها مع نظيرها الأوكراني عن رغبة بلادها في «لعب دور الوسيط» بين موسكو وكييف، فإن المراقبين السياسيين يستبعدون هذا الاحتمال بسبب انحياز فرنسا لأوكرانيا وإمدادها لها بالأسلحة والمساعدات.
أخيراً، سواءً كان مصدرها من اليمين أو اليسار، فكل آراء الساسة الفرنسيين اتفقت على أن كاترين كولونا قد تكون «المرأة المناسبة في المكان المناسب» خلال هذه العهدة الثانية من ولاية الرئيس إيمانويل ماكرون، وهذا بفضل خبرتها الواسعة في التفاوض والمباحثات الدبلوماسية وحل الأزمات التي تأكدت قدرتها مراراً. وضمن هذا الإطار نذكر أنها قادت مباحثات «البريكست» في مواجهة نظرائها البريطانيين وتمكنت من انتزاع موافقتهم على منح الصيادين الفرنسيين تصاريح للصيد في المياه البريطانية. وفي الفترة التي شغلت فيها كولونا منصب سفيرة فرنسا في لندن، فإنها احتفظت بالحزم والمرونة في آن معاً إبان فترة تأزم العلاقات الفرنسية البريطانية. إذ شهدت هذه الفترة عدة مناوشات كلامية بين البلدين في ملفات اعتبرت شائكة كملف الصيد، والمهاجرين غير الشرعيين في بحر المانش، والعقود الأسترالية للغواصات، والبروتوكول الخاص بآيرلندا الشمالية، ولقاحات أسترازينيكا... وهذا بجانب كونها في واجهة الأحداث إبان الأزمة الفرنسية الأميركية عام 2003 بخصوص غزو العراق.
بطاقة هوية
- ولدت كاترين كولونا في منطقة لوش بمحافظة إندر أي لوار (وعاصمتها مدينة تور في غرب وسط فرنسا)، لأب محام وأم أستاذة. وبعد الزواج، قرر والداها التخلي عن نشاطهما المهني وصخب المدينة للاستقرار مختارين العيش في المزرعة العائلية مع الجدة وسط الحقول الخضراء والهواء النقي.
- والد كاترين، الذي ولد في قرية بجزيرة كورسيكا، كان يعتبر أن العيش في الريف سيسمح بتوفير متعة وملاذ آمن لابنتيه كاترين وآن ماري. وفعلاً تلقت كاترين وأختها الكبرى تربية علمانية اتسمت بدفء الأواصر والحوار المتبادل.
- حصلت كاترين على شهادة في الحقوق من جامعة تور «فرنسوا رابليه» العريقة، وتابعت دراساتها في معهد العلوم السياسية «سيانس بو» في باريس وتخصصت في الإدارة من المدرسة العليا للإدارة «إينا» - وهي إحدى أهم المعاهد الجامعية الفرنسية.
- لم تتزوج ولم تنجب أطفالا. وتمتاز بشخصية كتومة، فهي تتفادى الأضواء ولا تتكلم عن حياتها الخاصة ولا يعرف لها أي علاقات عاطفية.
- تتذكر آن ماري (الأخت الكبرى) أن أختها الصغرى كاترين كانت طفلة فطنة ومضحكة، غالباً ما ترافق والدها لاصطياد الأرانب البرية أو طائر الدراج أو لتصليح معدات المزرعة. وهذه الطبيعة أكدتها كاترين نفسها حين صرحت لصحيفة «ليبيراسيون» بأنها «ريفية... برغماتية ومتعلقة بالأرض»، كما أنها تعترف في الوقت نفسه بأن حياتها مملوءة بالمفارقات، إذ تقول للصحيفة ذاتها «أحب الطبيعة لكنني أعيش في الصالونات، وأنا مثقفة لكني أحب العمل اليدوي... وكأنني منذ البداية أفعل ما لم يكن مقرراً لي أن أفعله...».
- تستقل كاترين كولونا مرتين في الشهر «القطار السريع» لزيارة والدها، الذي لا يزال على قيد الحياة، والاستمتاع بهدوء الريف. وهناك تمضي وقتها في تقليم الأشجار أو صنع الأثاث المنزلي، وكان آخر القطع كان مصباحا من طراز الأربعينيات وطاولة من الخشب.


مقالات ذات صلة

فرنسا تدين احتجاز إيران ناقلة نفط في مياه الخليج

شؤون إقليمية فرنسا تدين احتجاز إيران ناقلة نفط في مياه الخليج

فرنسا تدين احتجاز إيران ناقلة نفط في مياه الخليج

ندّدت فرنسا باحتجاز البحرية التابعة للحرس الثوري الإيراني ناقلة النفط «نيوفي» التي ترفع عَلَم بنما، في مضيق هرمز الاستراتيجي، وذلك صبيحة الثالث من مايو (أيار)، وفق المعلومات التي أذاعها الأسطول الخامس، التابع لـ«البحرية» الأميركية، وأكدها الادعاء الإيراني. وأعربت آن كلير لوجندر، الناطقة باسم «الخارجية» الفرنسية، في مؤتمرها الصحافي، أمس، أن فرنسا «تعرب عن قلقها العميق لقيام إيران باحتجاز ناقلة نفطية» في مياه الخليج، داعية طهران إلى «الإفراج عن الناقلات المحتجَزة لديها في أسرع وقت».

ميشال أبونجم (باريس)
العالم باريس «تأمل» بتحديد موعد قريب لزيارة وزير الخارجية الإيطالي

باريس «تأمل» بتحديد موعد قريب لزيارة وزير الخارجية الإيطالي

قالت وزارة الخارجية الفرنسية إنها تأمل في أن يُحدَّد موعد جديد لزيارة وزير الخارجية الإيطالي أنطونيو تاياني بعدما ألغيت بسبب تصريحات لوزير الداخلية الفرنسي حول سياسية الهجرة الإيطالية اعتُبرت «غير مقبولة». وكان من المقرر أن يعقد تاياني اجتماعا مع وزيرة الخارجية الفرنسية كاترين كولونا مساء اليوم الخميس. وكان وزير الداخلية الفرنسي جيرار دارمانان قد اعتبر أن رئيسة الوزراء الإيطالية جورجيا ميلوني «عاجزة عن حل مشاكل الهجرة» في بلادها. وكتب تاياني على «تويتر»: «لن أذهب إلى باريس للمشاركة في الاجتماع الذي كان مقررا مع الوزيرة كولونا»، مشيرا إلى أن «إهانات وزير الداخلية جيرالد دارمانان بحق الحكومة وإي

«الشرق الأوسط» (باريس)
طرد الطيور في مطار «أورلي الفرنسي»  بالألعاب النارية

طرد الطيور في مطار «أورلي الفرنسي» بالألعاب النارية

يستخدم فريق أساليب جديدة بينها الألعاب النارية ومجموعة أصوات لطرد الطيور من مطار أورلي الفرنسي لمنعها من التسبب بمشاكل وأعطال في الطائرات، حسب وكالة الصحافة الفرنسية. وتطلق كولين بليسي وهي تضع خوذة مانعة للضجيج ونظارات واقية وتحمل مسدساً، النار في الهواء، فيصدر صوت صفير ثم فرقعة، مما يؤدي إلى فرار الطيور الجارحة بعيداً عن المدرج. وتوضح "إنها ألعاب نارية. لم تُصنّع بهدف قتل الطيور بل لإحداث ضجيج" وإخافتها. وتعمل بليسي كطاردة للطيور، وهي مهنة غير معروفة كثيراً لكنّها ضرورية في المطارات.

«الشرق الأوسط» (لندن)
العالم فرنسا: المجلس الدستوري يصدر عصراً قراره بشأن قبول إجراء استفتاء على قانون العمل الجديد

فرنسا: المجلس الدستوري يصدر عصراً قراره بشأن قبول إجراء استفتاء على قانون العمل الجديد

تتجه الأنظار اليوم إلى فرنسا لمعرفة مصير طلب الموافقة على «الاستفتاء بمبادرة مشتركة» الذي تقدمت به مجموعة من نواب اليسار والخضر إلى المجلس الدستوري الذي سيصدر فتواه عصر اليوم. وثمة مخاوف من أن رفضه سيفضي إلى تجمعات ومظاهرات كما حصل لدى رفض طلب مماثل أواسط الشهر الماضي. وتداعت النقابات للتجمع أمام مقر المجلس الواقع وسط العاصمة وقريباً من مبنى الأوبرا نحو الخامسة بعد الظهر «مسلحين» بقرع الطناجر لإسماع رفضهم السير بقانون تعديل نظام التقاعد الجديد. ويتيح تعديل دستوري أُقرّ في العام 2008، في عهد الرئيس الأسبق نيكولا ساركوزي، طلب إجراء استفتاء صادر عن خمسة أعضاء مجلس النواب والشيوخ.

ميشال أبونجم (باريس)
«يوم العمال» يعيد الزخم لاحتجاجات فرنسا

«يوم العمال» يعيد الزخم لاحتجاجات فرنسا

عناصر أمن أمام محطة للدراجات في باريس اشتعلت فيها النيران خلال تجدد المظاهرات أمس. وأعادت مناسبة «يوم العمال» الزخم للاحتجاجات الرافضة إصلاح نظام التقاعد الذي أقرّه الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون (أ.ف.ب)


الأردن على طريق الانتخابات النيابية المقبلة

صورة لداخل مجلس النواب الأردني (الديوان الملكي)
صورة لداخل مجلس النواب الأردني (الديوان الملكي)
TT

الأردن على طريق الانتخابات النيابية المقبلة

صورة لداخل مجلس النواب الأردني (الديوان الملكي)
صورة لداخل مجلس النواب الأردني (الديوان الملكي)

يتوجه الأردنيون في العاشر من سبتمبر (أيلول) المقبل لاختيار مجلسهم النيابي العشرين، الذي خصص من مقاعده 41 مقعداً للأحزاب من أصل 138 مقعداً، في تجربة هي الأولى من نوعها سيشهدها الأردن تحت شعار «تحديث المنظومة السياسية» في المملكة. ويذكر أنه على مدى العامين السابقين دخلت المملكة في حالة جدال نخبوي حاد، حول مدى مساهمة قانون الانتخاب الجديد في تجويد الأداء البرلماني، ولا سيما، بعد تراجع اقتناع الرأي العام بأداء المجالس النيابية التي سجلت نسباً متدنية من الثقة عند الرأي العام بعد استطلاعات رأي تحدث بعضها عن ما نسبته 17 في المائة فقط يثقون بمجلس النواب. وبالتالي، من المرجح أن يصدر العاهل الأردني، الملك عبد الله الثاني، خلال الأيام القليلة المقبلة مرسوماً يقضي بحل مجلس النواب التاسع عشر؛ تمهيداً لفتح باب الترشح للانتخابات النيابية، وبهذا القرار يتوقع أن يبدأ الحراك الانتخابي ويزداد سخونة مع قرب موعد يوم الاقتراع، لكن تبقى جملة من المحددات قد تؤثر على تحقيق أهداف التحديث البرلماني المنشود. إذ ستبدأ مرحلة الترشح للانتخابات المقبلة في الثلاثين من الشهر الحالي، وسط حراك حزبي يسعى لإثبات وجوده في السلطة التشريعية، التي هي ركن أساسي في معادلة الحكم، لكن الكلام عن استخدام المال لجذب القواعد الانتخابية فتح باب التخوف من إحباط التجربة الحزبية البرلمانية في نسختها الأولى، فعلى ثلاثة مواسم انتخابية سترتفع نسبة التمثيل الحزبي في البرلمان من 30 في المائة إلى 65 في المائة في انتخابات عام 2032.

سمير الرفاعي

يبلغ متوسط نسب الاقتراع في الانتخابات النيابية الأردنية للمواسم الانتخابية الثلاثة الماضية نحو 32 في المائة. وإذا كانت هذه النسبة متدنية، ففي أفضل الحالات لم تتخطَّ نسب المشاركة حاجز الـ40 في المائة طوال السنوات الـ25 الماضية، أضف إلى ذلك أن الحافز العشائري يُعدّ من أهم روافع المشاركة والإقبال، في وقت تتراجع نسب الاقتراع في العاصمة عمّان ومراكز الثقل السكاني في محافظتي إربد والزرقاء.

وعلى الرغم من الجهود المؤسسية المبذولة لتحفيز المواطنين على المشاركة، يظل المزاج العام شديد التأثر بالسلبية عند مراجعة أداء البرلمانات في السنوات الأخيرة. وكل الضجيج الذي يسمعه الناس في خطابات النواب لم يأتِ بأي قرار يخالف التوجّهات الحكومية، بل عادة ما يجيء التصويت بعكس الموقف الذي يعلنه نائب أو كتلة نيابية.

مشاجرات وفصل نوابمن جهة ثانية، مشاهد المشاجرات والعنف، بالإضافة إلى تسجيل مجلس النواب الحالي عدداً من حالات الفصل وتجميد العضوية لعدد من النواب سوابق لم تحدث في مجالس نيابية سابقة. فلقد قرّر المجلس الحالي فصل نائبين وتجميد عضوية نائبين آخرين، ورُفعت الحصانة على نائب ما زال يَمثُل أمام محكمة أمن الدولة (قضاء عسكري) بتهمة تهريب السلاح إلى إسرائيل، وهذا بلا شك ساهم في العزوف عن متابعة أداء السلطة التشريعية.

وثمة مشاهد كثيرة أخرى ربما أدت أيضاً إلى صرف الناخبين عن المشاركة، منها ممارسات حزبية وُلدت من رحم برنامج التحديث السياسي وسبّبت حالة إحباط لدى الرأي العام، وبخاصة، أن تلك الأحزاب قدّمت نفسها على أنها «أحزاب الدولة»، ولكن مارس بعضها سلوكيات ساهمت في التشويه والتشويش على التجربة الحزبية الجديدة في البلاد. وكان آخرها إحالة أمين عام أحد الأحزاب إلى النائب العام بتهمة طلبه مبلغاً مالياً من مرشح مفترض أن يكون في صدارة قائمته للانتخابات المقبلة.

وطبعاً، يضاف إلى كل ذلك أن الضغوط الاقتصادية المعيشية المُصاحبة لحالة المواطن الأردني ساهمت بـ«حالة من قلة الاكتراث» - وفق مراقبين - بمجمل المشهد السياسي، ومنه الانتخابي على وجه الخصوص؛ بسبب الاقتناع المتجذر بعجز البرلمانات عن حل الأزمة الاقتصادية المتراكمة منذ أزمة جائحة «كوفيد - 19» التي شلّت وأغلقت قطاعات خدمية حيوية وصناعية؛ ما تسبب في تسريح عاملين يقفون اليوم في طوابير البطالة التي يختلف المتخصصون على نسبتها.

تأثير الحرب على غزة

وعلى صعيد موازٍ، هناك أسباب تتعلق بالتخوف الرسمي من نسب المشاركة في الانتخابات. فاستمرار الحرب على قطاع غزة، تركت انسحابات على الشارع الأردني المتصل بالقضية الفلسطينية جغرافياً وديموغرافياً. وهذه الانسحابات أدخلت الرأي العام في حالة من الإحباط بعد غياب آفاق وقف الحرب في المدى المنظور، وبالتلازم مع هذا الإحباط توجد مخاوف رسمية من استفراد الحركة الإسلامية في الأردن بحصة الأسد من أصوات المقترعين، المشحونين بعاطفة الانتصار للمقاومة الإسلامية في غزة. واستطراداً، يبقى لغز ضعف نسب المشاركة في الأوساط الأردنية من أصول فلسطينية، حالة محيرة لمركز القرار، الذي نفّذ دراسة اجتماعية مسكوت عنها لم تصل إلى نتائج حاسمة في تعريف المشكلة على طريق صناعة الحلول.

نخب تقليدية بمواجهة طامحين

في هذه الأثناء ظهرت مساحات من الصراع بين تيارين: التيار الأول، تيار النخب التقليدية الذي يحمل موقفاً سلبياً من القفزات التي جاءت في قانوني الأحزاب والانتخاب، وأساس سلبيته شعوره بـ«تغييبه» عن مراكز القرار كواعظين وناصحين، بعد فترة ازدحمت بإطلاق الأوصاف بحقهم كـ«الحرس القديم» و«النخب المحافظة» و«قوى الشد العكسي» و«قوى الوضع القائم». والتيار الآخر يتمثل بأعضاء من اللجنة الملكية لتحديث المنظومة السياسية، الذين بشّروا بانطلاق مرحلة التحول الديمقراطي بالتزامن مع دخول المملكة مئويتها الثانية... والصراع هنا كان وقوده الرأي العام الذي انقسم بين التيارين المتعارضين، في حالة عزّزت من مشاعر «قلة الاكتراث» بالانتخابات النيابية في نسختها الحالية.

وعلى مدى السنتين الماضيتين أنتجت مرحلة التحديث السياسي - بعد إقرار قانوني الأحزاب والانتخاب، والتعديلات على الدستور - 38 حزباً، بعدما كان عدد الأحزاب 56 حزباً. إلا أن هذا المشهد لم يختصر الكم الحزبي، كما لم يأتِ بالنوع المتفرد. إذ انقسم المشهد على ثلاثة تيارات تقليدية، هي:

- تيار اليسار والقوميين، الذي يعاني أزمة انتشار بسبب التشبث بخطابه التقليدي ويعاني تراجع دعم المؤازرين له.

- التيار الوسطي الذي يحاول إعادة إنتاج نفسه متمسكاً بأدبياته نفسها، ومكتفياً بتغيير قياداته التي جاءت بدعم من مراكز قرار.

- التيار الثالث... وهو اليمين الإسلامي، الذي احتكر تمثيله حزب «جبهة العمل الإسلامي» الذراع الحزبية لجماعة «الإخوان المسلمين» غير المرخصة في الأردن.

تحدٍ رسمي يراهن على نسب مشاركة كبيرة رغم الإحباطات الكثيرة

 المشهد السابق دفع برئيس اللجنة الملكية، رئيس الوزراء الأسبق سمير الرفاعي، إلى ممارسة النقد الذاتي لتجربة التوافق على مخرجات لجنته. لكنه لم ينتقد التوافق في حد ذاته، بل بعض الممارسات الحزبية التي اختطفت التجربة لتعيدها وتختصرها في شخوص من أسسوا أحزاباً جديدة، تاركين الفكرة في مهب التشكيك والتشويه. وهنا برز عدد من المريدين لإلقاء المسؤولية بعيداً عنهم، وتحميل تخبّط النسخة الأولى من التجربة لمؤسسات وجهات مدنية وأمنية. وأيضاً، هاجم بعض هؤلاء الهيئة المستقلة للانتخاب التي حمّلوها مسؤولية التقصير في دورها ومتابعة شؤون الأحزاب ومدى تطبيقها شروط القانون وأحكامه. لكن «المستقلة للانتخاب» ردّت بإجراءات على الأرض أسفرت عن إحالات للادعاء العام بشبهة استخدام المال في ارتكاب جرائم انتخابية بقصد التأثير على إرادة الناخبين من جهة، وطلب مبالغ مالية من مرشحين من جهة أخرى لحملهم نحو مقاعد مجلس النواب الجديد.

في هذه الأثناء، الطامحون بخوض التجربة الحزبية في الانتخابات المقبلة يعتقدون أن ولادة الحكومة البرلمانية اقتربت، إلا أن الرفاعي في محاضرته الأخيرة أكد أن خريطة التحديث لم تقلّ عن إنتاج حكومات حزبية بالمعنى التقليدي في المدى المنظور، لكن من شأن تراكم الحضور الحزبي أن يوصل إلى حكومات برلمانية تقابلها معارضة حزبية في سباق لكسب تأييد الناخب الأردني ضمن مفاهيم التعددية السياسية وتداول السلطة.

كذلك، بدا سمير الرفاعي وكأنه يُذكّر بأن الجمع بين مقعدي النيابة والوزارة أمر بات منتهياً في ظل حظر الدستور، بموجب التعديلات الأخيرة مطلع عام 2022، الجمع بين الموقعين تكريساً لمبدأ الفصل بين السلطتين، وتأكيداً بأن الثقة البرلمانية بالحكومات ستأتي حتماً بشخصيات حزبية ليست من أعضاء مجلس النواب. وهكذا، حرّك كلام الرفاعي المياه الراكدة، وأيقظ طامحين منبهاً إياهم بضرورة الكف عن الترويج لمفاهيم غير موجودة على خريطة الإصلاح البرلماني التي جاءت في وثيقة التحديث الملكي لمئوية جديدة، تحاكي المستقبل وتغادر الحاضر المشبع بتحديات الثقة والسلبية السائدة - وخصوصاً خلال السنوات الخمس عشرة الماضية.

خروج أقطاب يمهّد لوجوه جديدةمن جهة أخرى، لم يكن من المتوقع من بعض الأقطاب من النواب إعلانهم باكراً العزوف عن الترشح لهذا الموسم الانتخابي. ولكن هذا ما حدث، بعد إعلان المحامي عبد الكريم الدغمي، البرلماني المخضرم الذي لم يغب عن مجالس النواب منذ عام 1989 وحتى اليوم، وترأس المجلس في دورتين متباعدتين، واعتُبر عرَّاب التشريعات. وبعده تبعه النائب خليل عطية الذي قرر العزوف عن خوض الانتخابات التي داوم على حضورها منذ عام 1997، وتلاه أيمن المجالي، ورئيس مجلس النواب الأسبق عبد المنعم العودات، والنائب الاقتصادي خير أبو صعيليك.

وراهناً، تبدو احتمالات عودة نواب حاليين ضعيفة أمام ما ترسخه الأعراف العشائرية في الانتخابات النيابية من عملية (الدور) في الترشح، والقائمة على منح فرص متساوية لأبناء العشائر في التقدم نحو المناصب القيادية. وهذا غالباً ما يحدث في الدوائر الانتخابية البعيدة عن مراكز المدن الرئيسية الثلاث (عمان، وإربد، والزرقاء)، فدوائر الأطراف تُسجل عادة نسباً عالية في المشاركة، ومنافسة ساخنة في بعض المواسم السابقة.

للعلم، تعدّ العشيرة في الأردن حزباً اجتماعياً نافذاً ومتجذراً، ولها في العملية السياسية مساحة فاعلة. وهي عادة ما تمثّل درجة الحسم في كثير من مستويات المشاركة السياسية، وتعتبر من أهم روافع الأمن والاستقرار، نتيجة الاستجابة للمصلحة العامة، من دون أن تقايض بمواقفها في الملفات المهمة. بيد أن ما ذهبت إليه فكرة «الدائرة العامة المخصصة للأحزاب»، وبحصة متصاعدة في ثلاثة مواسم انتخابية، أسهم في كسر الحدود الإدارية بين الدوائر الانتخابية، وصولاً إلى فكرة الدائرة الوطنية الواحدة، التي قد تساهم في تجاوز التمثيل الأضيق على حساب التمثيل الأوسع... وهكذا، يذهب الناخب لاختيار من يمثّله على اتساع الرقعة الجغرافية الكاملة للمملكة؛ ما يساهم في صهر المجتمع، وتجاوز الفوارق التنموية والديموغرافية.

وللتذكير، تُجرى الانتخابات النيابية المقبلة وفق قانون انتخاب جديد أدخل حزمة من الإجراءات الجديدة، على رأسها إنشاء دائرة عامة على مستوى الوطن بـ41 مقعداً مخصصة للأحزاب، و18 دائرة محلية لها 97 مقعداً. ونص القانون أيضاً على «درجة الحسم» (العتبة) شرطاً للتنافس على المقاعد الحزبية بنسبة 2.5 في المائة والمحلية بنسبة 7 في المائة، في حين جاء القانون بفرص زيادة تمثيل المرأة بواقع تخصيص مقعد امرأة لكل دائرة انتخابية، ومقعدين من أول ستة مترشحين في القائمة الحزبية، مع حرية اختيار مسار «التنافس الحصصي» أو «الكوتا». وهي الفرص ذاتها التي مُنحت للشركس والمسيحيين، مع ضمان تمثيل الحد الأدنى لهم ضمن «كوتات» لعضوية المجلس المقبل.

عبدالكريم الدغمي

 

لمحة تاريخية عن المجالس النيابية الأردنية خلال 35 سنة

> دخل الأردن مرحلة التحوّل الديمقراطي عام 1989، بعد أحداث ما عرف بـ«هبّة نيسان» (أبريل)، ولم تنقطع الحياة البرلمانية خلال عقد التسعينات من القرن الماضي، فأجريت الانتخابات في السنوات 1989 و1993 و1997. وفي مطلع الألفية الجديدة تعطل البرلمان لمدة سنتين بسبب تداعيات «الانتفاضة (الفلسطينية) الثانية»، وما رافقها من تداعيات على الساحة المحلية، وأجريت الانتخابات في عام 2003 بعد ثلاثة أشهر من احتلال بغداد، وعاش ذلك المجلس لمدة أطول من مدته الدستورية. في نهاية عام 2007 أجريت الانتخابات الشهيرة في الأردن، التي شهدت عمليات تزوير اعترف بها الرسميون، وأغضبت العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني، ليدعو إلى إجراء انتخابات مبكرة عام 2010. لكن هذه أيضاً شهدت تدخلات رسمية، ساهمت في فقدان الثقة بالعملية الديمقراطية أردنياً. وعلى الأثر، حل البرلمان وتعطلت الحياة البرلمانية لمدة سنة. وكانت جميع تلك الانتخابات قد أجريت وفق أحكام قانون الصوت الواحد الذائع الصيت الذي انتقدته تيارات سياسية عريضة في البلاد. بعد «الربيع الأردني» دُعي إلى انتخابات نيابية بعد إنشاء هيئة مستقلة للانتخاب، وأجريت الانتخابات في مطلع عام 2013. ومنذ ذلك التاريخ لم تنقطع الحياة النيابية ولم يحدث فراغ تشريعي، بعدما أكملت المجالس مدتها الدستورية بواقع أربع سنوات شمسية؛ إذ يُحّل المجلس قبلها بأربعة أشهر لإجراء الانتخابات بموعدها.