الرياضات الجماعية أفضل لصحة الأطفال النفسية

توفر فرصة جيدة لبناء الصداقات والشعور بالانتماء

الرياضات الجماعية أفضل لصحة الأطفال النفسية
TT

الرياضات الجماعية أفضل لصحة الأطفال النفسية

الرياضات الجماعية أفضل لصحة الأطفال النفسية

من المعروف أن لممارسة الأطفال الرياضة فوائد صحية كبيرة؛ لا على المستوى العضوي فقط، ولكن على مستوى الصحة النفسية أيضاً؛ إذ تعدّ وسيلة لتخفيف الضغوط النفسية والقلق.
وتناولت أحدث دراسة نشرت في النسخة الإلكترونية من «مجلة بلوس ون (the journal PLOS ONE)» الطبية في مطلع شهر يونيو (حزيران) الحالي، تأثير الرياضة على الأطفال، وأشارت إلى احتمالية أن تكون ممارسة الرياضة بشكل جماعي من خلال فريق (team sports) أفضل للصحة النفسية، من ممارسة الألعاب بشكل فردى.
- رياضة جماعية
وكانت الدراسة التي أجراها علماء من جامعة ولاية كاليفورنيا في فوليرتون California State University، in Fullerton. خلصت إلى هذه النتائج بعد تحليل بيانات 11 ألفاً من الطلبة الأميركيين تتراوح أعمارهم بين 9 أعوام و13 عاماً قاموا هم وذووهم بالإجابة عن استبيانات تتعلق بالصحة النفسية والنشاط البدني والمتاعب والمضايقات التي تحدث لهم سواء في المدرسة والنادي وبشكل عام جراء ذلك.
وكانت هناك أسئلة تتعلق ببداية ممارسة الرياضة، ومعدل الممارسة بشكل أسبوعي، ونوعية الرياضات التي يمارسها كل طفل، والتغيرات التي حدثت لهؤلاء الأطفال قبل وبعد ممارسة تلك الرياضة.
قام الباحثون بوضع درجات لكل عامل سلبي خاص بالصحة النفسية. على سبيل المثال؛ هناك درجات للقلق، وعدم التركيز، والعزلة الاجتماعية، والاكتئاب... وهكذا. وكلما زادت هذه الدرجات، كان ذلك مؤشراً على تدني الصحة النفسية؛ والعكس بالعكس. وكانت النتيجة أن الأطفال الذين يمارسون الألعاب الجماعية هم الأقل تسجيلاً لدرجات القلق والاكتئاب بين الأقران؛ سواء الذين لم يقوموا بممارسة أي رياضة على الإطلاق، والذين قاموا بممارسة ألعاب فردية. وفي الوقت نفسه كانت درجات الأطفال الذين قاموا بممارسة النوعين من الرياضات (الجماعية والفردية) مساوية للذين لم يمارسوا الرياضة.
أوضح العلماء أن هناك بعض النظريات يمكن أن تفسر هذه الظاهرة؛ أهمهما ما يمكن عدّها المشاركة في تحمل الأعباء؛ بمعنى أن الهزيمة في الألعاب الفردية مسؤولية اللاعب فقط؛ بينما في الفريق يمكن أن تكون مسؤولية الهزيمة موزعة على الجميع حتى في حال قيام بعض العناصر بواجبهم على الوجه الأمثل، وهو الأمر الذي يخفف من حدة القلق والاكتئاب. وحتى في حال الفوز يجد اللاعب الدعم النفسي من خلال تهنئة المشاركين في اللعبة نفسها.
وفي المجمل؛ كانت نسبة الأعراض النفسية السيئة، مثل القلق والتوتر والانعزال، أقل بنسب تتراوح بين 10 و19 في المائة لدى الأطفال الذين يمارسون الرياضات الجماعية. وكان الأطفال الذين مارسوا رياضات، مثل الجمباز والتنس والمصارعة، هم الأكثر عرضة لظهور أعراض القلق والتوتر؛ ربما للضغوط الموجودة في مثل هذه الألعاب.
- اختيارات وتبعات
أشار العلماء إلى احتمالية أن تكون طبيعة الطفل هي التي تحدد اللعبة التي يختارها؛ سواء فردية وجماعية، وبالتالي ينعكس ذلك سلباً أو إيجاباً عليه. والأطفال الانطوائيون والذين يعانون من الخجل في الأغلب يختارون الألعاب الفردية لممارستها، بينما الأطفال المنفتحون على الآخرين ويرغبون في ممارسة تجارب جديدة والتعرف على الآخرين يختارون الألعاب الجماعية، وهؤلاء تكون صحتهم النفسية أفضل بطبيعة تكوينهم النفسي.
أكد العلماء أن هناك كثيراً من العوامل التي يمكن أن تؤثر في الصحة النفسية سواء أكان الطفل يمارس رياضة فردية أم جماعية؛ منها مستوى الدخل المادي للعائلة؛ حيث إنه يحدد في الأغلب نوعية الرياضة التي يمارسها كل طفل تبعاً لمستواه الاجتماعي، خصوصاً أن العديد من الرياضات تحتاج إلى أدوات وملابس معينة، فضلاً عن ضرورة توفر أماكن معينة لممارستها مثل الأندية أو الصالات المغلقة، عكس بعض الرياضات التي يمكن ممارستها في الحدائق أو الأماكن العامة.
أشارت الدراسة إلى بعض العوامل الأخرى التي تلعب دوراً في الصحة النفسية، مثل حداثة عمر اللاعبين في الألعاب الفردية كالتنس والجمباز والسباحة، مما يضيف من الأعباء النفسية على اللاعب في طفولته المبكرة، بخلاف الألعاب الجماعية التي تبدأ في الأغلب في الطفولة المتأخرة أو بداية المراهقة، كما أن الرياضات الجماعية توفر فرصة جيدة لبناء الصداقات والشعور بالانتماء لمجتمع معين، وتكسب من يمارسها مهارات اجتماعية مهمة؛ مثل التعاون مع الآخرين، والتعامل مع التحديات المختلفة من خلال الجماعة.
وقال الباحثون إن الرياضات الفردية تحتاج إلى تدريب مستمر يتطلب الانعزال عن بقية الزملاء، مما يسبب التوتر والإرهاق، بجانب أن بدء التدريبات في عمر مبكر يعرض اللاعب لاحتمالات الإصابة أكثر، مما يؤدي إلى التأثير بشكل سلبي على نفسية اللاعب، بعكس الألعاب الجماعية التي يتم فيها المران مع تجمع كبير من اللاعبين، وأيضاً حتى في حال حدوث الإصابات تكون العظام أكثر قوة وتحملاً.
وأكد الباحثون أن الهدف من الدراسة ليس إثناء الأطفال عن ممارسة الألعاب الفردية بالطبع، ولكن هدفها مجرد رصد للحالة النفسية للرياضيين في مرحلة عمرية مبكرة، والتأثيرين الإيجابي والسلبي للألعاب المختلفة على نفسية من يمارسها، خصوصاً أن الأصل في ممارسة الرياضة هو المتعة والحفاظ على الجسم في حالة صحية جيدة وليس إنجاز البطولات فقط.
ونصحت الآباء بضرورة عدم الضغط على الأبناء أو السماح للمدربين بممارسة هذه الضغوط عليهم، والتأكد من أن الطفل يستمتع بممارسة هذه الرياضة بغض النظر عن النتائج، ويجب أيضاً أن يقوم الآباء بتشجيع الأبناء على الاهتمام بنشاطات أخرى توفر لهم حياة اجتماعية مع أشخاص لهم الميول نفسها بعيداً من التنافس الرياضي.

- استشاري طب الأطفال


مقالات ذات صلة

طريقة كلامك قد تتنبأ باحتمالية إصابتك بألزهايمر

صحتك امرأة تعاني مرض ألزهايمر (رويترز)

طريقة كلامك قد تتنبأ باحتمالية إصابتك بألزهايمر

أكدت دراسة جديدة أن طريقة الكلام قد تتنبأ باحتمالية الإصابة بمرض ألزهايمر.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
صحتك التحفيز العميق لمناطق معينة من الدماغ باستخدام الأقطاب الكهربائية قد يساعد مرضى الشلل على المشي (رويترز)

أقطاب كهربائية بالدماغ تمكّن مصابين بالشلل من المشي مسافات قصيرة

خلصت دراسة وشهادة، نُشرتا أمس (الاثنين)، إلى أن التحفيز العميق لمناطق معينة من الدماغ باستخدام الأقطاب الكهربائية يمكن أن يساعد بعض المصابين بالشلل على المشي.

«الشرق الأوسط» (برن)
صحتك يرصد البحث أن ارتفاع مستويات الدهون الحشوية يرتبط بانكماش مركز الذاكرة في الدماغ (رويترز)

دهون البطن مرتبطة بألزهايمر قبل 20 عاماً من ظهور أعراضه

أفاد بحث جديد بأن نمو حجم البطن يؤدي إلى انكماش مركز الذاكرة في الدماغ.

«الشرق الأوسط» (لندن)
صحتك الخضراوات الورقية تعدّ من الأطعمة الغنية بالمغنيسيوم (رويترز)

مفتاح النوم ومحارب القلق... إليكم أفضل 10 أطعمة لتعزيز مستويات المغنيسيوم

إنه مفتاح النوم الأفضل والعظام الأكثر صحة والتغلب على القلق، ولكن انخفاض مستويات المغنيسيوم أمر شائع. إليك كيفية تعزيز تناولك للمغنيسيوم.

«الشرق الأوسط» (لندن)
الولايات المتحدة​ استدعت شركة «صن فيد بروديوس» الخيار المعبأ في حاويات من الورق المقوى بكميات كبيرة (إدارة الغذاء والدواء الأميركية)

سحب شحنات من الخيار بعد تفشي السالمونيلا في ولايات أميركية

تحقق السلطات الأميركية في تفشي عدوى السالمونيلا التيفيموريوم المرتبطة بتناول الخيار في ولايات عدة.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)

النظام الغذائي الصحي في الحمل يعزز ذكاء الطفل

النظام الغذائي الصحي في الحمل يعزز ذكاء الطفل
TT

النظام الغذائي الصحي في الحمل يعزز ذكاء الطفل

النظام الغذائي الصحي في الحمل يعزز ذكاء الطفل

كشفت أحدث دراسة هولندية تناولت التغذية الصحية للحوامل عن الآثار الإيجابية الكبيرة لنوعية الغذاء أثناء الحمل على صحة الأم والأطفال، ليس فقط على المدى القصير (أي فترة الحمل) لضمان ولادة رضيع سليم مكتمل النمو من دون مشاكل طبية، ولكن لدورها المهم لاحقاً في نمو المخ وزيادة معدلات ذكاء الأطفال، حينما تتراوح سنهم بين 10 و14 عاماً.

ونُشرت هذه الدراسة في «المجلة الأميركية للتغذية السريرية» (The American Journal of Clinical Nutrition) في نهاية شهر نوفمبر (تشرين الثاني) من العام الحالي.

التغذية في أول 1000 يوم

من المعروف أن مخ الجنين ينمو بسرعة كبيرة أثناء شهور الحمل والمراحل المبكرة من الطفولة، ما يتطلب ضرورة التغذية الصحية الكافية لإمداده بالطاقة الكبيرة التي يحتاجها. ولذلك تُعد التغذية السليمة خلال أول 1000 يوم من حياة الطفل أمراً بالغ الأهمية للتطور الإدراكي، وفي المقابل يمكن أن يؤدي سوء التغذية أثناء الحمل إلى الإضرار بالنمو العصبي والتطور المعرفي وحدوث تغييرات دائمة في خلايا المخ.

بيانات غذائية للحوامل والأمهات

أجرى الباحثون الهولنديون دراسة كبيرة على مجموعة من النساء الحوامل اللاتي ولدن في الفترة بين أبريل (نيسان) 2002 ويناير (كانون الثاني) 2006، وشملت الدراسة البيانات الغذائية الكاملة لما يزيد على 6 آلاف سيدة. وأيضاً وزَّعوا استبياناً على الأمهات يتعلق بنوعية النظام الغذائي لكل منهن خلال الأشهر الثلاثة الأولى من الحمل، لمعرفة القيمة الغذائية لجميع الأطعمة التي يتناولنها.

وقام العلماء بتثبيت كل العوامل التي يمكن أن تؤثر في النتيجة، مثل: سن الأم، وعرقها، ودخلها المادي، ومستوى التعليم، وحالتها النفسية، وأيضاً مدة الرضاعة الطبيعية.

وشمل الاستبيان جميع العناصر الغذائية تقريباً، وقام العلماء بإعطاء درجات لتقييم جودة النظام الغذائي، بداية من الصفر وحتى 15 درجة، تبعاً للمقاييس الغذائية في هولندا؛ حيث تشير الدرجات الأعلى إلى أنظمة غذائية تحتوي على طعام صحي، بينما تشير الدرجات الأقل إلى تدني القيمة الغذائية للطعام.

عناصر مفيدة لمخ الأطفال

ولاحظ الباحثون أن الدرجات الأعلى ارتبطت بتناول العناصر المفيدة، مثل الألياف والخضراوات والفاكهة، وفي المقابل ارتبطت الدرجات الأقل بالمكونات الضارة، مثل الدهون المشبعة والسكريات المخلقة.

كذلك قام العلماء بعمل أشعات رنين مغناطيسي على المخ (MRI) للمواليد؛ حيث تم تقسيمهم إلى 3 مجموعات: الأولى أُجري الرنين لهم حينما كانوا في سن العاشرة، وعددهم 2223، والمجموعة الثانية كانوا في سن الرابعة عشرة وعددهم 1582، والمجموعة الأخيرة تم عمل أشعة الرنين لهم في سن 10 و14 عاماً معاً، وبلغ عددهم 872 طفلاً. وتضمنت الأشعة قياس حجم المخ لكل طفل، ومقارنته بالنسب العالمية، بما في ذلك المادة البيضاء والمادة الرمادية white matter and gray matter (الأنسجة المكونة لخلايا المخ). كما خضع الأطفال لأربعة اختبارات لقياس معدل الذكاء بناءً على سرعة التفكير والذاكرة والمنطق والفهم.

جودة غذاء الأم ومعدل الذكاء

وجد الباحثون أن جودة النظام الغذائي للأم أثناء الحمل انعكست بالإيجاب على مخ الأطفال، بداية من المراحل الأولى للحمل؛ حيث كان حجم مخ الجنين أكبر وأكثر تعقيداً. وبعد الولادة في سن الثامنة كان معدل الذكاء نحو 102 (أعلى من المتوسط) وذلك في وجود نظام غذائي متوسط. وكان حجم المخ أكبر من المقاييس العالمية، ونفس الأمر تكرر في سن العاشرة والرابعة عشرة، وتطورت القدرات الإدراكية والمعرفية.

وتُعد هذه الدراسة هي الأولى التي تظهر ارتباطاً طويل الأمد بين نوعية النظام الغذائي قبل الولادة، وشكل morphology المخ حتى بداية مرحلة المراهقة، وتوضح الأهمية الكبيرة للغذاء الصحي للأم أثناء فترة الحمل على المخ والجهاز العصبي من الناحية العضوية والوظيفية.