الحكومة الليبية الجديدة بين نقص التمويل وتحديات الخصوم

(تحليل إخباري)

جانب من جلسة إقرار ميزانية حكومة باشاغا من البرلمان الليبي أول من أمس (المجلس)
جانب من جلسة إقرار ميزانية حكومة باشاغا من البرلمان الليبي أول من أمس (المجلس)
TT

الحكومة الليبية الجديدة بين نقص التمويل وتحديات الخصوم

جانب من جلسة إقرار ميزانية حكومة باشاغا من البرلمان الليبي أول من أمس (المجلس)
جانب من جلسة إقرار ميزانية حكومة باشاغا من البرلمان الليبي أول من أمس (المجلس)

باتت حكومة «الاستقرار» الليبية الجديدة، بقيادة فتحي باشاغا، في مواجهة مجموعة كبيرة من العراقيل، عشية إقرار قانون ميزانيتها العامة بشكل نهائي من مجلس النواب، خلال الجلسة التي عُقدت بمدينة سرت (وسط)، التي تجاوزت 89.7 مليار دينار ليبي (18.6 مليار دولار).
ويُعد نقص التمويل من أبرز التحديات التي يفترض أن تتداركها حكومة باشاغا سريعاً، لا سيما أن محافظ المصرف المركزي بطرابلس، الصديق الكبير، لم يتعاطَ سلباً أو إيجاباً مع المتغيرات الجديدة، في وقت تحدث فيه عبد الله بليحق، الناطق باسم مجلس النواب، عن وجود «إجراءات ستُتخذ خلال الأيام المقبلة لتوفير الميزانية للحكومة الشرعية».
وقال بليحق، في تصريحات صحافية، مساء أول من أمس، إنه سيتم دعم الحكومة «حتى تتمكن من ممارسة أعمالها بشكل قانوني، بعيداً عن ما يحاول البعض جرنا إليه، أي الصدام المسلح، لكنه أمر مرفوض بكل تأكيد»، مؤكداً أن مجلس النواب «سيظل يدعم الحكومة بكل الوسائل لممارسة عملها قريباً، بهدف الوصول إلى الانتخابات». فيما قالت حكومة باشاغا إنها بدأت ممارسة مهامها رسمياً من مدينة سرت، بعدما فشلت في الدخول إلى طرابلس مرتين لتسلم السلطة من حكومة «الوحدة» المؤقتة، التي يرأسها عبد الحميد الدبيبة.
وفي أول تعقيب من حكومة الدبيبة، قال المتحدث باسمها محمد حمودة، تعقيباً على إقرار الميزانية: «إن حكومة الدبيبة لن تعترف بميزانية حكومة باشاغا»، ورأى أن المصرف المركزي «لن يعتمدها».
وذهب في تصريحات صحافية، مساء أول من أمس، إلى أن إقرار مجلس النواب لهذه الميزانية «يعد خطوة أحادية بهدف عرقلة الوصول للانتخابات»، مشيراً إلى أن «البرلمان «يهدف إلى إعاقة التوافق على القاعدة الدستورية مع مجلس الدولة بهدف فرض أمر واقع».
وفيما لفت إلى أن «المركزي مؤسسة مالية مستقلة عن حكومة باشاغا، وهي ملك لليبيين»، شدد حمودة على أن الحكومة «لن تعترف بأي حكومة أخرى في ليبيا؛ ولن تسلم السلطة إلا لحكومة منتخبة من الشعب».
ويهدد الخلاف حول إيرادات الدولة بجر ليبيا مجدداً إلى الانقسام الإداري، ما يعوق أي حل سياسي قد ينهي الفوضى العنيفة التي تسود البلاد منذ 11 عاماً، في ظل توقف ضخ النفط منذ شهر أبريل (نيسان) الماضي.
ويتخذ المصرف المركزي من طرابلس مقراً له، وهو جهة الإيداع الوحيدة المعترف بها دولياً لعوائد النفط في البلاد. ومع ذلك فإنه يمول حكومة الدبيبة، ويدفع أيضاً رواتب لموظفين عبر الطيف السياسي الليبي المنقسم، بما يشمل رواتب مقاتلين من أطراف مختلفة في الصراع، بموجب اتفاقات سابقة.
ويتوقع أن يطلب مجلس النواب، حال رفض المصرف المركزي تمويل الحكومة الجديدة، من نائب محافظ المصرف بشرق البلاد تمويل الميزانية، لكن هذا الإجراء من شأنه تعميق الانقسام، وإضاعة فرصة توحيد المصرف، التي تسعى إليها جهات دولية منذ قرابة عام ونصف العام.
وسبق أن رفض مجلس النواب في أبريل 2021 خطة الميزانية، التي اقترحتها حكومة «الوحدة» المؤقتة، فور توليها مهامها في البلاد، وطالبها بتخفيض بعض بنودها، لكنها اعتمدت في إنفاقها على اعتمادات مالية من المصرف المركزي لحين إقرار الميزانية.
وعلاوة على غياب التمويل اللازم، تواجه حكومة باشاغا تحديات الخصوم، خصوصاً في طرابلس، إذ أثبتت التجارب السابقة صعوبة عودتها إلى العاصمة في ظل انقسام الميليشيات المسلحة، والتيارات المنتمية للإسلام السياسي بين الدبيبة وباشاغا، ما يضع البلاد على حافة التوتر.


مقالات ذات صلة

المنقوش تناقش في الجزائر الانتخابات الليبية وعودة المعابر

شمال افريقيا المنقوش تناقش في الجزائر الانتخابات الليبية وعودة المعابر

المنقوش تناقش في الجزائر الانتخابات الليبية وعودة المعابر

بحثت نجلاء المنقوش مع نظيرها وزير الخارجية الجزائري أحمد عطاف، خلال زيارة لها أمس إلى الجزائر، فتح المعابر البرية والنقل البحري والجوي أمام حركة التجارة وتنقل الأشخاص، بعد سنين طويلة من الإغلاق، بسبب الأزمة السياسية والأمنية في ليبيا. وذكرت الخارجية الجزائرية في بيان أن الوزيرين بحثا قضايا جارية في الساحتين المغاربية والعربية، منها تطورات ملف الصحراء، والمساعي العربية والدولية لوقف الاقتتال وحقن الدماء في السودان. وأكد البيان أن عطاف تلقى من المنقوش «عرضا حول آخر مستجدات العملية السياسية التي تقودها الأمم المتحدة، لإنهاء الأزمة في ليبيا».

شمال افريقيا وفدان أميركي وفرنسي يبحثان في ليبيا تطوير الجيش

وفدان أميركي وفرنسي يبحثان في ليبيا تطوير الجيش

بحث وفدان عسكريان، أميركي وفرنسي، في ليبيا سبل إعادة بناء وتطوير المؤسسة العسكرية المُنقسمة، بين شرق البلاد وغربها، منذ إسقاط النظام السابق، في وقت زار فيه المشير خليفة حفتر، القائد العام لـ«الجيش الوطني» روما، والتقى برئيسة الوزراء بالحكومة الإيطالية جورجا ميلوني، وعدد من وزراء حكومتها. وفي لقاءين منفصلين في طرابلس (غرباً) وبنغازي (شرقاً)، التقى الوفدان الأميركي والفرنسي قيادات عسكرية للتأكيد على ضرورة توحيد الجيش الليبي.

جمال جوهر (القاهرة)
شمال افريقيا المنقوش تبحث في الجزائر الانتخابات الليبية وعودة الحركة على المعابر

المنقوش تبحث في الجزائر الانتخابات الليبية وعودة الحركة على المعابر

بحثت وزيرة الخارجية الليبية نجلاء المنقوش مع نظيرها الجزائري أحمد عطاف، خلال زيارة لها اليوم الخميس إلى الجزائر، في فتح المعابر البرية والنقل البحري والجوي أمام حركة التجارة وتنقل الاشخاص، بعد سنوات طويلة من الإغلاق، بسبب الأزمة السياسية والامنية في ليبيا.

المنجي السعيداني (تونس)
شمال افريقيا «حبوب الهلوسة»... «سلاح قاتل» يستهدف عقول الليبيين

«حبوب الهلوسة»... «سلاح قاتل» يستهدف عقول الليبيين

لم يكن من قبيل الصدفة أن تقذف أمواج البحر المتوسط كميات متنوعة من المخدرات إلى السواحل الليبية، أو أن تتلقف شِباك الصيادين قرب الشاطئ «حزماً» من «الحشيش والكوكايين وحبوب الهلوسة»، فالبلاد تحوّلت -وفق تقرير أممي- إلى «معبر مهم» لهذه التجارة المجرّمة. وتعلن السلطات الأمنية في عموم ليبيا من وقت لآخر عن ضبط «كميات كبيرة» من المخدرات قبل دخولها البلاد عبر الموانئ البحري والبرية، أو القبض على مواطنين ووافدين وهو يروّجون هذه الأصناف التي يُنظر إليها على أنها تستهدف «عقول الشباب الليبي». غير أنه بات لافتاً من واقع عمليات الضبط التي تعلن عنها السلطات المحلية تزايُد تهريب المخدرات وتعاطيها، خصوصاً «حبوب

جمال جوهر (القاهرة)
شمال افريقيا «النواب» و«الدولة» يقران آلية عمل لجنة قوانين الانتخابات الليبية

«النواب» و«الدولة» يقران آلية عمل لجنة قوانين الانتخابات الليبية

استهلّت اللجنة المُشتركة لممثلي مجلسي «النواب» و«الدولة» (6+6) المكلفة بإعداد قوانين الانتخابات الليبية، اجتماعاتها في العاصمة طرابلس بـ«الاتفاق على آلية عملها». وطبقاً لما أعلنه عبد الله بليحق، المتحدث الرسمي باسم مجلس النواب، فقد شهد الاجتماع ما وصفه بتقارب في وجهات النظر بين أعضاء اللجنة حول القوانين الانتخابية، مشيراً، في بيان مقتضب مساء أول من أمس، إلى أنه «تم أيضاً الاتفاق على التواصل مع الجهات والمؤسسات ذات العلاقة بالعملية الانتخابية».

خالد محمود (القاهرة)

مصر: تطمينات رسمية بشأن انتشار متحور جديد لـ«كورونا»

الزحام من أسباب انتشار العدوى (تصوير: عبد الفتاح فرج)
الزحام من أسباب انتشار العدوى (تصوير: عبد الفتاح فرج)
TT

مصر: تطمينات رسمية بشأن انتشار متحور جديد لـ«كورونا»

الزحام من أسباب انتشار العدوى (تصوير: عبد الفتاح فرج)
الزحام من أسباب انتشار العدوى (تصوير: عبد الفتاح فرج)

نفى الدكتور محمد عوض تاج الدين، مستشار الرئيس المصري لشؤون الصحة والوقاية، وجود أي دليل على انتشار متحور جديد من فيروس «كورونا» في مصر الآن، وأوضح أن الفيروسات التنفسية التقليدية هي المنتشرة حالياً، مشيراً إلى أن الإصابة بنزلات البرد في هذا التوقيت، مع دخول فصل الشتاء: «أمر طبيعي يتكرر كل عام».

وقال تاج الدين، خلال مداخلة هاتفية متلفزة، الثلاثاء، إنه لا يوجد أي رصد لمتحورات جديدة من فيروس «كورونا» في مصر خلال الآونة الأخيرة. وهو ما أكد عليه الدكتور محمد حلمي، أستاذ مساعد ورئيس معمل «البايوانفورماتيكس وبيولوجيا النظم» في منظمة «اللقاحات والأمراض المعدية» بجامعة «ساسكاتشيوان» الكندية، بقوله إنه «لا وجود الآن لأي متحورات جديدة من فيروس (كورونا) في العالم»، مرجحاً أن الأعراض المنتشرة الآن «قد تعود لفيروسات الإنفلونزا الموسمية، التي تتسبب في ضعف مناعة الجسم، وقد تسهل الإصابة بأحد فيروسات (كورونا) القديمة الموجودة من حولنا بطبيعة الحال، وهو ما يضاعف من أعراض الإنفلونزا».

وأضاف حلمي موضحاً لـ«الشرق الأوسط»: «قد يكون ذلك أحد أسباب انتشار أخبار غير حقيقية عن وجود متحور جديد لفيروس (كورونا)»، مشدداً على أنه «وفقاً لبيانات منظمة الصحة العالمية، ومراكز السيطرة على الأمراض والوقاية منها بالولايات المتحدة، فإنه لا وجود لانتشار متحورات جديدة من فيروس (كورونا) الآن».

من جانبه، أوضح الدكتور إسلام عنان، أستاذ اقتصادات الصحة وعلم انتشار الأوبئة بجامعة «مصر الدولية»، أن آخر الأخبار التي تتعلق بظهور متحورات جديدة من فيروس «كورونا» عالمياً «تعود إلى شهر أغسطس (آب) الماضي، لكن لا وجود الآن لأي متحورات جديدة تدعو للقلق»، واصفاً الأخبار المتداولة حالياً بأنها «أقرب للفرقعة الإعلامية، التي لا تستند إلى أي دليل علمي».

وأشار عنان في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إلى أن المتحورات القديمة الموجودة من فيروس «كورونا» بالفعل «ربما تكون سريعة الانتشار لكنها قليلة الضرر».

وأوصى عنان كبار السن وأصحاب الأمراض المزمنة، وموظفي الرعاية الصحية، والفئات الأكثر عُرضة للعدوى، باتخاذ الإجراءات الاحترازية العادية، مشيراً إلى أن «بعض البلدان تنصح هذه الفئات بأخذ اللقاحات كل عام، لكنها لا تلزمهم بذلك»، مؤكداً على أن هذه أيضاً هي التوصيات التي تنصح بها منظمة الصحة العالمية.

وأضاف عنان: «نظراً لأن فيروس (كورونا) تنفسي، فإن ارتداء القناع الواقي في الأماكن المزدحمة سيكون وسيلة فعالة للوقاية من العدوى»، ناصحاً بالترطيب المستمر للجسم، والإكثار من تناول السوائل والأطعمة الصحية، والجلوس في الأماكن جيدة التهوية، مما يخفف كثيراً من أعراض ما بعد التعافي في حالة الإصابة بأي من هذه الفيروسات، ولافتاً إلى أن «الفيروسات الموجود حالياً لا تختلف كثيراً عن الإنفلونزا العادية، وإن اختلفت عنها في أن أعراضها قد تستمر لفترة أطول، تتراوح ما بين أسبوع وعشرة أيام».

وكان تاج الدين قد وجّه نصيحة لمن يصاب بنزلات البرد، أو الإنفلونزا أو «كورونا»، بالالتزام بالراحة في المنزل لمدة 3 أيام، وتناول السوائل الدافئة، وفي حال ارتفاع درجة حرارة الجسم يجب على المريض مراجعة الطبيب المختص.