جرائم القتل وسرقة السيارات إلى ارتفاع في لبنان

TT

جرائم القتل وسرقة السيارات إلى ارتفاع في لبنان

أعادت الجريمة التي شهدتها بلدة الدوير الجنوبية، مطلع الأسبوع، وأدَّت لمقتل شخصين وإصابة خمسة؛ أحدهم في حالة خطرة، الدفع بملف الأمن إلى الواجهة، في ظل الأوضاع الاجتماعية المتردية، والسلاح المتفلّت، الذي تبدو الجهات المعنية عاجزة عن ضبطه.
صحيح أن جريمة الدوير ذات خلفيات فردية بين أفراد من عائلتين، لكن استسهال القاتل توجيه سلاحه باتجاه شخص من الذين توافدوا لحل الإشكال، وتوجيه سبع رصاصات إلى بطنه، يعزز المخاوف من تطورات دراماتيكية، وإن كانت القوى الأمنية نجحت إلى حد بعيد بضبط الوضع الأمني، رغم الأزمة المالية المتفاقمة منذ عامين، التي تنعكس على كل القطاعات وعلى كل نواحي الحياة في لبنان. ويؤكد رئيس مركز الشرق الأوسط للدراسات الاستراتيجية، العميد المتقاعد الدكتور هشام جابر، أن الجريمة التي شهدتها الدوير غير مألوفة في الجنوب، ولا شك أنها نتيجة الضغوط التي يتعرض لها اللبنانيون والغضب الذي يرافق يومياتهم، ما يؤدي لانفعالات وردّات فعل غير طبيعية، معتبراً أنه «رغم ذلك يبقى الوضع الأمني ممسوكاً والوضع الاجتماعي متماسكاً». ويعتبر جابر في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أن «الوضع الممسوك رغم الانهيار الاجتماعي هو إنجاز للقوى الأمنية اللبنانية التي تكشف مقترفي تسع جرائم من أصل عشر، فيما لا يتجاوز العدد ستّاً في الدول الأوروبية»، لافتاً إلى قيام أجهزة الاستخبارات «بعمل ممتاز، خصوصاً بعد عودة التنسيق فيما بينها». ولا يستبعد جابر أن «تتكاثر الأحداث الأمنية والجرائم ككرة ثلج، في حال استمر الوضع الاقتصادي والمعيشي على ما هو عليه، فتكثر عمليات السرقة والسلب ويزيد عدد قُطَّاع الطرق»، مطمئناً أنه «لا انفلات أو انفجار أمنياً واسع النطاق». من جهتها، تتوقع الدكتورة منى فياض، الأستاذة في علم النفس والناشطة السياسية، أن «تتواصل الانهيارات على كل الصعد، بوقت لا تتخذ السلطات المعنية أي تدابير لوقف هذا الانحدار، مع وصول سعر صفيحة البنزين إلى مستويات غير مسبوقة. أضف إليها المخاوف من انقطاع الخبز». وتعتبر فياض في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أن كل الاحتمالات تبقى واردة لجهة سلوك الأمور منحى أسوأ، خاصة في ظل الظروف الاقتصادية الصعبة التي ترزح تحتها العناصر الأمنية.
ويصف رئيس مركز «الشرق الأوسط والخليج للتحليل العسكري - أنيغما»، رياض قهوجي، الوضع بـ«المتفلّت»، معتبراً أن «القوى الأمنية لا تستطيع سحب السلاح من المواطنين بسبب رفض القيادات الحزبية التي تحمي العديد من العصابات التي تمارس الخوة وتقوم بعمليات التهريب ونشاطات غير شرعية». ويضيف قهوجي في تصريح لـ«الشرق الأوسط»: «معظم هذه العصابات المسلحة موجودة بعلم الجهات الأمنية التي لا تستطيع الاقتراب منها خوفاً من ردود الفعل السياسية. وبنهاية المطاف الأمن بالتراضي هو خدعة كبيرة تقوض هيبة وجدية دولة القانون. والسلاح غير الشرعي أكبر خطر على السلم الأهلي في لبنان مهما قيل عنه وتعددت حجج وجوده».
وكانت «الشركة الدولية للمعلومات» أفادت، قبل أيام واستناداً إلى تقارير قوى الأمن الداخلي، بأنّ «المؤشرات الأمنية سجلت خلال الأشهر الخمسة الأولى من العام الحالي ارتفاعاً طفيفاً، مقارنة بالفترة ذاتها من عام 2021؛ فقد ارتفعت سرقة السيارات بنسبة 3.2 في المائة وجرائم القتل بنسبة 9 في المائة وجرائم السرقة بنسبة 1.2 في المائة، بينما تراجعت حالات الانتحار بنسبة 7.7 في المائة».
ولفتت إلى أنه «في مقارنة بين شهر مايو (أيار) 2021 - 2022 نتبين ارتفاعاً في جرائم سرقة السيارات بنسبة 19 في المائة، وفي جرائم القتل بنسبة 20 في المائة، بينما تراجعت جرائم السرقة بنسبة 33 في المائة، وحالات الانتحار بنسبة 38.5 في المائة». ويعول لبنان هذا الصيف على قدوم ما يزيد على مليون سائح لضخ نحو أربعة مليارات دولار في اقتصاده المتهالك، وقد تشكل أي هزة أمنية تطوراً كارثياً في هذا المجال. وتؤكد مصادر أمنية لبنانية أن «الوضع الأمني تحت السيطرة، وإن كان هناك بعض الجرائم والأحداث التي تقع هنا وهناك، إلا أن السرعة في ملاحقة المرتكبين وسوقهم إلى العدالة غير مسبوقة»، معتبرة في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أن «نجاح القوى الأمنية في الحفاظ على الاستقرار في العامين الماضيين رغم كل التحديات أشبه بأعجوبة أمنية، وليس فقط إنجازاً».


مقالات ذات صلة

رحيل الموسيقار اللبناني إيلي شويري

المشرق العربي رحيل الموسيقار اللبناني إيلي شويري

رحيل الموسيقار اللبناني إيلي شويري

تُوفّي الموسيقار اللبناني إيلي شويري، عن 84 عاماً، الأربعاء، بعد تعرُّضه لأزمة صحية، نُقل على أثرها إلى المستشفى، حيث فارق الحياة. وأكدت ابنته كارول، لـ«الشرق الأوسط»، أنها تفاجأت بانتشار الخبر عبر وسائل التواصل الاجتماعي، قبل أن تعلم به العائلة، وأنها كانت معه لحظة فارق الحياة.

المشرق العربي القضاء اللبناني يطرد «قاضية العهد»

القضاء اللبناني يطرد «قاضية العهد»

وجّه المجلس التأديبي للقضاة في لبنان ضربة قوية للمدعية العامة في جبل لبنان القاضية غادة عون، عبر القرار الذي أصدره وقضى بطردها من القضاء، بناء على «مخالفات ارتكبتها في إطار ممارستها لمهمتها القضائية والتمرّد على قرارات رؤسائها والمرجعيات القضائية، وعدم الامتثال للتنبيهات التي وجّهت إليها». القرار التأديبي صدر بإجماع أعضاء المجلس الذي يرأسه رئيس محكمة التمييز الجزائية القاضي جمال الحجار، وجاء نتيجة جلسات محاكمة خضعت إليها القاضية عون، بناء على توصية صدرت عن التفتيش القضائي، واستناداً إلى دعاوى قدمها متضررون من إجراءات اتخذتها بمعرض تحقيقها في ملفات عالقة أمامها، ومخالفتها لتعليمات صادرة عن مرجع

يوسف دياب (بيروت)
المشرق العربي جعجع: فرص انتخاب فرنجية للرئاسة باتت معدومة

جعجع: فرص انتخاب فرنجية للرئاسة باتت معدومة

رأى رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع أن فرص انتخاب مرشح قوى 8 آذار، رئيس تيار المردة سليمان فرنجية، «باتت معدومة»، مشيراً إلى أن الرهان على الوقت «لن ينفع، وسيفاقم الأزمة ويؤخر الإصلاح». ويأتي موقف جعجع في ظل فراغ رئاسي يمتد منذ 31 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، حيث فشل البرلمان بانتخاب رئيس، وحالت الخلافات السياسية دون الاتفاق على شخصية واحدة يتم تأمين النصاب القانوني في مجلس النواب لانتخابها، أي بحضور 86 نائباً في دورة الانتخاب الثانية، في حال فشل ثلثا أعضاء المجلس (86 نائباً من أصل 128) في انتخابه بالدورة الأولى. وتدعم قوى 8 آذار، وصول فرنجية إلى الرئاسة، فيما تعارض القوى المسيحية الأكثر

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي بخاري يواصل جولته على المسؤولين: الاستحقاق الرئاسي شأن داخلي لبناني

بخاري يواصل جولته على المسؤولين: الاستحقاق الرئاسي شأن داخلي لبناني

جدد سفير المملكة العربية السعودية لدى لبنان، وليد بخاري، تأكيد موقف المملكة من الاستحقاق الرئاسي اللبناني بوصفه «شأناً سياسياً داخلياً لبنانياً»، حسبما أعلن المتحدث باسم البطريركية المارونية في لبنان بعد لقاء بخاري بالبطريرك الماروني بشارة الراعي، بدأ فيه السفير السعودي اليوم الثاني من جولته على قيادات دينية وسياسية لبنانية. وفي حين غادر السفير بخاري بكركي من دون الإدلاء بأي تصريح، أكد المسؤول الإعلامي في الصرح البطريركي وليد غياض، أن بخاري نقل إلى الراعي تحيات المملكة وأثنى على دوره، مثمناً المبادرات التي قام ويقوم بها في موضوع الاستحقاق الرئاسي في سبيل التوصل إلى توافق ويضع حداً للفراغ الرئا

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي شيا تتحرك لتفادي الفراغ في حاكمية مصرف لبنان

شيا تتحرك لتفادي الفراغ في حاكمية مصرف لبنان

تأتي جولة سفيرة الولايات المتحدة الأميركية لدى لبنان دوروثي شيا على المرجعيات الروحية والسياسية اللبنانية في سياق سؤالها عن الخطوات المطلوبة لتفادي الشغور في حاكمية مصرف لبنان بانتهاء ولاية رياض سلامة في مطلع يوليو (تموز) المقبل في حال تعذّر على المجلس النيابي انتخاب رئيس للجمهورية قبل هذا التاريخ. وعلمت «الشرق الأوسط» من مصادر نيابية ووزارية أن تحرك السفيرة الأميركية، وإن كان يبقى تحت سقف حث النواب على انتخاب رئيس للجمهورية لما للشغور الرئاسي من ارتدادات سلبية تدفع باتجاه تدحرج لبنان من سيئ إلى أسوأ، فإن الوجه الآخر لتحركها يكمن في استباق تمدد هذا الشغور نحو حاكمية مصرف لبنان في حال استحال عل

محمد شقير (بيروت)

دمشق تشدّد إجراءات تسجيل عقود الإيجارات

جانب من الأضرار التي سببها التفجير في حي المزة في 14 الحالي (الشرق الأوسط)
جانب من الأضرار التي سببها التفجير في حي المزة في 14 الحالي (الشرق الأوسط)
TT

دمشق تشدّد إجراءات تسجيل عقود الإيجارات

جانب من الأضرار التي سببها التفجير في حي المزة في 14 الحالي (الشرق الأوسط)
جانب من الأضرار التي سببها التفجير في حي المزة في 14 الحالي (الشرق الأوسط)

شدَّدت وزارة الداخلية السورية إجراءات تسجيل عقود الإيجار، ومنحت الوحدات الشرطية صلاحية إخلاء العقارات السكنية في حال شغلها شخص مُلاحَق جزائياً، أو يشكل خطورة على الأمن والنظام العام. جاء ذلك في ظل تنامي المخاوف لدى السوريين من تأجير المنازل لعائلات أو أشخاص مرتبطين بـ«حزب الله» وإيران، بعد تزايد الاستهدافات الإسرائيلية عناصر «حزب الله» والإيرانيين داخل سوريا.

مع دخول أكثر من عشرة آلاف و600 شخص من لبنان إلى سوريا منذ بدء التصعيد الإسرائيلي زاد الطلب على العقارات وارتفعت أسعار الإيجارات مقارنة بالعام الماضي الذي كان سجل بدوره ارتفاعاً قياسياً تزيد نسبته على 300 في المائة نتيجة التضخم، وهبوط قيمة العملة المحلية، حيث تجاوز سعر صرف الدولار الـ14 ألفاً و650 ليرة سورية.

وقال صاحب مكتب عقاري وسط دمشق لـ«الشرق الأوسط» إنه مع بداية التصعيد وبدء توافد اللبنانيين إلى سوريا زاد العرض طمعاً برفع الأسعار باعتبار القادمين سيدفعون بالدولار. وتجاوزت أسعار المنازل في الأحياء الراقية مثل المزة وتنظيم كفرسوسة عشرة ملايين ليرة، أي ما يقارب 700 دولار ومنها وصل إلى 1000 دولار، وفي الأرياف تراوح بين 80 و300 دولار بحسب مواصفات العقار، لكن بعد الضربات الإسرائيلية تراجع العرض وراح الناس يخشون على أرواحهم وممتلكاتهم، وفق ما قاله صاحب المكتب العقاري.

سوريون يعاينون الأضرار في حي المزة التي سببها تفجير 14 الحالي (الشرق الأوسط)

الإيرانيون رفعوا الإيجارات

ساهم الوجود الإيراني في سوريا خلال سنوات الحرب في رفع أسعار العقارات سواء في الأحياء الحديثة كحي المزة وتنظيم كفرسوسة وفي الضواحي كيعفور والصبورة والديماس التي يسكنها الأثرياء والمسؤولون الحكوميون، ويسهل ضبطها أمنياً، أو في المناطق الشعبية كحيي الأمين والجورة في دمشق القديمة ومنطقة السيدة زينب وطريق المطار بريف دمشق، حيث يتركز عناصر الميليشيات التابعة لإيران وعائلاتهم.

وسعت إيران بشتى الوسائل إلى شراء أكبر عدد ممكن من المنازل والعقارات في تلك المناطق، بما يتيح للقياديين والعناصر التابعين لها التنقل بشكل مستمر وتبديل المواقع، وهي إجراءات أمنية لتجنب الاستهداف الإسرائيلي.

وجاء التغلغل الإيراني في قطاع العقارات بسوريا في الوقت الذي كانت فيه الحكومة السورية تصادر ممتلكات المعارضين، وتتشدد في إجراءات بيع وتأجير العقارات للسوريين أنفسهم، لا سيما النازحين داخلياً ممن فقدوا منازلهم في المناطق الساخنة، حيث تم فرض الحصول على موافقة أمنية شرطاً مسبقاً لإتمام العقود، وذلك لغاية عام 2019.

أضرار في مبانٍ سكنية سببها التفجير في حي المزة (الشرق الأوسط)

صلاحيات واسعة للشرطة

بحسب ما أفادت مصادر محلية في دمشق لـ«الشرق الأوسط»، فقد عادت وزارة الداخلية إلى تشديد إجراءات تنظيم عقود الإيجار بعد نحو خمس سنوات من إلغاء شرط الموافقة الأمنية، وذلك بعد انتشار ظاهرة قيام عناصر من ميليشيات محلية تابعة لإيران أو عناصر أمن ممارسة ضغوط على أصحاب العقارات لتأجيرها للإيرانيين أو لعناصر من «حزب الله» والميليشيات، بلا تنسيق مع السلطات المحلية. ويضاف إلى ذلك التحايل بتسجيل حالات استئجار لإيرانيين عبر وسطاء سوريين يسجلون العقود بأسمائهم، ليشغلها فعلياً إيرانيون، أو عناصر من جنسيات أخرى، وعند كشف التحايل يصعب فض العقد وإخلاء المنزل.

وبحسب قرار تعديل إجراءات عقود الإيجار بات على من يؤجر عقاراً للسكن، أو لمزاولة أي مهنة علمية، أو فكرية، أو تجارية، أو صناعية، أو سواها تسجيل عقد الإيجار في مركز خدمة المواطن المخول تسجيل عقود الإيجار أو الوحدات الإدارية التي تبلّغ بدورها مركز الشرطة في المنطقة التي يقع فيها العقار المؤجر. وكذلك على المالك والمستأجر ملء استمارة إعلام لمراكز الشرطة في المنطقة.

ويتولى كل مركز من مراكز الشرطة المختصة تدقيق وضع المستأجر، وفي حال تبين أنه «ملاحق جزائياً، أو يشكل خطورة على الأمن والنظام العام»، تُتخذ بحقه الإجراءات القانونية من توقيف ووضع تحت المراقبة... إلخ.

كذلك، تكلف الوحدات الشرطية المختصة بتلقي الإخبارات الواردة بوجود شخص في عقار بلا صفة قانونية في الإشغال فتقوم عندها الوحدة الشرطية بالانتقال إلى موقع العقار المذكور، وتتحقق من صحة الإخبار الوارد، وفي حال ثبوت الواقعة يتم تنظيم الضبط اللازم واستكمال إجراءاته الشكلية والموضوعية، ومنها استدعاء المالك أو المؤجر وتقوم الوحدة الشرطية منظمة الضبط بتكليف الشاغل تصحيح وضعه القانوني أو الإخلاء خلال 30 يوماً.

ورأت المصادر في تكليف الوحدات الشرطية المختصة تلقي الإخبارات منح فرصة للجوار بممارسة الرقابة على العقارات المؤجرة في الحي أو البناء، وإذا كان البلاغ صحيحاً يمكن للشرطة إخلاء المنزل، دون الحاجة إلى العودة للقضاء.