توقيع «سيرة نضال» للمغربي عبد القادر البدوي

الفنانتان المغربيتان كريمة وحسناء البدوي توقعان كتاب والدهما عبد القادر البدوي (الشرق الأوسط)
الفنانتان المغربيتان كريمة وحسناء البدوي توقعان كتاب والدهما عبد القادر البدوي (الشرق الأوسط)
TT

توقيع «سيرة نضال» للمغربي عبد القادر البدوي

الفنانتان المغربيتان كريمة وحسناء البدوي توقعان كتاب والدهما عبد القادر البدوي (الشرق الأوسط)
الفنانتان المغربيتان كريمة وحسناء البدوي توقعان كتاب والدهما عبد القادر البدوي (الشرق الأوسط)

وُقع نهاية الأسبوع الماضي كتاب «سيرة نضال» لمؤلفه المسرحي المغربي الراحل عبد القادر البدوي (1934 - 2022)، الذي صدر حديثاً عن دار النشر «سليكي أخوين» في مدينة طنجة (شمال المغرب)، وذلك في ختام فعاليات «المعرض الدولي للنشر والكتاب»، بحضور عدد من الفعاليات الفكرية والفنية والإعلامية.
ويعدّ البدوي مؤسس المسرح العمالي في المغرب، وأحد رواد المسرح فيه، وأول من قدم مسرح توفيق الحكيم في المغرب من خلال مسرحية «بنك القلق»، وحول نص الروائي محمد الماغوط «المهرج» وقدمه في مسرحيته الشهيرة «الحلقة فيها وفيها».
وكان «المهرجان الدولي للمسرح التجريبي في القاهرة» قد كرم البدوي بدار الأوبرا في العاصمة المصرية سنة 2008، كما شارك في المؤتمر العالمي بمناسبة مئوية توفيق الحكيم بوصفه أحد رواد المسرح العربي.
ويتضمن الكتاب الواقع في 305 صفحات، الذي وقعته كريمتاه الفنانتان حسناء وكريمة البدوي، أزيد من 90 نصاً، ويستعرض فيه والدهما مساره الفني، ومنجزه في المجال المسرحي الذي راكم فيه تجربة جد غنية. ويتوقف المؤلف طويلاً عند التحديات التي تواجه المسرح المغربي في العصر الراهن، والصعوبات التي واجهته طوال مسيرته المسرحية والفنية، موضحاً أن المسرحيات التي كان يعرضها قبل وفي بداية الاستقلال، كانت تحمل بين طياتها المطالبة باستكمال الاستقلال، وذلك بـ«التخلص من فلوله وأعوانه»، عادّاً أن الحكومة التي ترأسها عبد الله إبراهيم عام 1959 يعود إليها الفضل في إنهاء التوجه الاستعماري، وإعادة المسرح إلى دوره الطبيعي، بعدما كانت فرنسا قد خلقت مسرحاً استعمارياً ضم بعض الفنانين، الذين قدموا مسرحيات للسخرية أمام الفرنسيين من المواطن المغربي البسيط. وحول ما يخص أولى عروضه المسرحية، يحكي البدوي في كتابه أنها كانت تلك التي قدمها أمام العاهل المغربي الراحل الملك الحسن الثاني، حينما كان ولياً للعهد عام 1947، كما أن أول فرقة مسرحية أسسها كانت في التبغ بتنسيق مع النقابيين، وأن أول مركز لتكوين الممثلين كان قد أحدثه بالموازاة مع فرقة «العهد الجديد».
وبالعودة إلى كتاب «سيرة نضال»، يستحضر البدوي أول لقاء له مع الفنان المصري يوسف وهبي عام 1954 خلال زيارته المغرب، التي تميزت بتقديم فرقته 3 مسرحيات، هي «راسبوتين» و«المائدة المستديرة»، و«أولاد الشوارع»؛ الرواية التي اختير فيها البدوي للمشاركة بدور صغير، في حين كان آخر لقاء جمعهما بعد الاستقلال، حينما قدم له البدوي النص المسرحي الذي كان بصدد تأليفه بعنوان «العاطلون»، وحثه بالمناسبة على مواصلته العمل المسرحي وإثراء تجربته بالقراءة والاطلاع على التاريخ والغوص في كتب علم النفس.
ويرى البدوي الذي كان من أوائل المطالبين بتأسيس «المعهد العالي للفن المسرحي» في المغرب، وهو المعهد الذي أنشأ بمبادرة من وزير الثقافة الأسبق محمد بن عيسى، أن «الهزيمة النفسية للفنانين اكتملت بهدم المسرح البلدي» في الدار البيضاء عام 1984، معبراً عن الأسف لكون السلطات لم توفر للمسرح المغربي بنياته الأساسية بعد الاستقلال. ولاحظ، من جهة أخرى، أن هناك اهتماماً محدوداً بتجربته في الإنتاج، وأن بعض النقاد «جلدوا» مسرحه دون أن يشاهدوه. بيد أن البدوي استدرك قائلاً: «إن رسالة الملك الراحل الحسن الثاني عن المسرح حسمت الجدل في مفهوم الفنان المحترف»، غير أن محاولة النهوض بواقع المسرح «انتهت بانقلاب على مضامين الرسالة الملكية»، (ص 158 من الكتاب)؛ إذ رأى أن من شأن تحديد مفهوم المهن الفنية تشجيع الاستثمار الأكاديمي.
وخصص المؤلف صفحات من كتابه لعلاقة المسرح بالتلفزيون المغربي، الذي كان يبث المسرحيات في «سهرة السبت» في ستينات القرن الماضي، «عرساً فنياً تتابعه الأسر». لكنه سجل في المقابل أن التلفزيون الذي كانت إدارته ترفض تصوير مسرحياته السياسية، وتكتفي بالدراما الاجتماعية، «كان يعطي الوعود بفتح سوق الإنتاج، وفي النهاية حصد اللوبي الفرنكفوني مليارات المال العام»، في الوقت الذي عانى من «مقص الرقيب، وعرض أعماله في السنوات الأخيرة بعد منتصف الليل».
وعن التحول الذي يجب أن يطال «أبو الفنون»، وفي مدينة الدار البيضاء خصوصاً، يجد فيه عزاءً عن كل ما لاقاه من صعوبات ومحن في مساره الفني، عبر عن الأمل (ص 297) في أن يحقق مسرح الدار البيضاء الكبير، «مصالحة وطنية حقيقية مع المسرح المغربي ورواده الذين طالهم الشتات، بعد هدم المسرح البلدي» في العاصمة الاقتصادية للمغرب، و«يخرجهم من سياج الإقصاء والاضطهاد. وأن يكون جزءاً من المشروع الثقافي الوطني المغربي، يحترم المرجعية المغربية ويدافع عن هويتها ومقوماتها».
ووجه عبد القادر البدوي في ختام كتاب «سيرة نضال»، الدعوة إلى الشباب المغربي لإعادة قراءة تاريخهم جيداً وأن يثمنوه حتى لا يفرطوا في المكتسبات التي حققها أجدادهم لهذا الوطن؛ لأن أمة من دون جذور من السهل أن تتهاوى.
وقالت كريمة وحسناء البدوي لـ«الشرق الأوسط»، على هامش توقيع كتاب والدهما، إن عبد القادر البدوي، كان قيد حياته يحدوه الأمل في أن يجري حفل توقيع إصداره الجديد، بمناسبة الذكرى الـ70 لتأسيس مسرح البدوي، «بيد أن القدر المحتوم كان له رأي آخر؛ إذ اختطفته يد المنون قبل أن يرى كتابه النور».
وبعد رحيله واصلت كريمة وحسناء التعريف بما أسداه والدهما للمسرح المغربي، حفظاً لذاكرته في هذا المجال الفني. وأعربتا عن الأمل في أن يشكل الكتاب «لحظة اعتراف وتقدير لجليل الأعمال التي خلفها من ورائه طيلة مساره الذي شرع فيه قبل الاستقلال وخلال مرحلة مقاومة الاستعمار».
ومن أهم أعمال البدوي المسرحية: «العاطلون»، و«التطهير»، و«مطربة الحي»، و«راس الدرب»، و«المصلحة العامة»، و«يد الشر»، و«الكواليس»، و«تضحية وألم»، و«مدرسة العمال»، و«العامل المطرود»، و«الهاربون»، و«غيثة»، و«شجرة العائلة»، و«دار الكرم»، و«المعلم زغلول». وتعد السلسلة الاجتماعية «نماذج بشرية» من أبرز الأعمال التلفزيونية لفرقة مسرح البدوي.


مقالات ذات صلة

«تيك توك» أكثر جدوى من دور النشر في تشجيع الشباب على القراءة

يوميات الشرق «تيك توك» أكثر جدوى من دور النشر  في تشجيع الشباب على القراءة

«تيك توك» أكثر جدوى من دور النشر في تشجيع الشباب على القراءة

كشفت تقارير وأرقام صدرت في الآونة الأخيرة إسهام تطبيق «تيك توك» في إعادة فئات الشباب للقراءة، عبر ترويجه للكتب أكثر من دون النشر. فقد نشرت مؤثرة شابة، مثلاً، مقاطع لها من رواية «أغنية أخيل»، حصدت أكثر من 20 مليون مشاهدة، وزادت مبيعاتها 9 أضعاف في أميركا و6 أضعاف في فرنسا. وأظهر منظمو معرض الكتاب الذي أُقيم في باريس أواخر أبريل (نيسان) الماضي، أن من بين مائة ألف شخص زاروا أروقة معرض الكتاب، كان 50 ألفاً من الشباب دون الخامسة والعشرين.

أنيسة مخالدي (باريس)
يوميات الشرق «تيك توك» يقلب موازين النشر... ويعيد الشباب إلى القراءة

«تيك توك» يقلب موازين النشر... ويعيد الشباب إلى القراءة

كل التقارير التي صدرت في الآونة الأخيرة أكدت هذا التوجه: هناك أزمة قراءة حقيقية عند الشباب، باستثناء الكتب التي تدخل ضمن المقرّرات الدراسية، وحتى هذه لم تعد تثير اهتمام شبابنا اليوم، وهي ليست ظاهرة محلية أو إقليمية فحسب، بل عالمية تطال كل مجتمعات العالم. في فرنسا مثلاً دراسة حديثة لمعهد «إبسوس» كشفت أن شاباً من بين خمسة لا يقرأ إطلاقاً. لتفسير هذه الأزمة وُجّهت أصابع الاتهام لجهات عدة، أهمها شبكات التواصل والكم الهائل من المضامين التي خلقت لدى هذه الفئة حالةً من اللهو والتكاسل.

أنيسة مخالدي (باريس)
يوميات الشرق آنية جزيرة تاروت ونقوشها الغرائبية

آنية جزيرة تاروت ونقوشها الغرائبية

من جزيرة تاروت، خرج كم هائل من الآنية الأثرية، منها مجموعة كبيرة صنعت من مادة الكلوريت، أي الحجر الصابوني الداكن.

يوميات الشرق خليل الشيخ: وجوه ثلاثة لعاصمة النور عند الكتاب العرب

خليل الشيخ: وجوه ثلاثة لعاصمة النور عند الكتاب العرب

صدور كتاب مثل «باريس في الأدب العربي الحديث» عن «مركز أبوظبي للغة العربية»، له أهمية كبيرة في توثيق تاريخ استقبال العاصمة الفرنسية نخبةً من الكتّاب والأدباء والفنانين العرب من خلال تركيز مؤلف الكتاب د. خليل الشيخ على هذا التوثيق لوجودهم في العاصمة الفرنسية، وانعكاسات ذلك على نتاجاتهم. والمؤلف باحث وناقد ومترجم، حصل على الدكتوراه في الدراسات النقدية المقارنة من جامعة بون في ألمانيا عام 1986، عمل أستاذاً في قسم اللغة العربية وآدابها في جامعة اليرموك وجامعات أخرى. وهو يتولى الآن إدارة التعليم وبحوث اللغة العربية في «مركز أبوظبي للغة العربية». أصدر ما يزيد على 30 دراسة محكمة.

يوميات الشرق عمارة القاهرة... قصة المجد والغدر

عمارة القاهرة... قصة المجد والغدر

على مدار العقود الثلاثة الأخيرة حافظ الاستثمار العقاري في القاهرة على قوته دون أن يتأثر بأي أحداث سياسية أو اضطرابات، كما شهد في السنوات الأخيرة تسارعاً لم تشهده القاهرة في تاريخها، لا يوازيه سوى حجم التخلي عن التقاليد المعمارية للمدينة العريقة. ووسط هذا المناخ تحاول قلة من الباحثين التذكير بتراث المدينة وتقاليدها المعمارية، من هؤلاء الدكتور محمد الشاهد، الذي يمكن وصفه بـ«الناشط المعماري والعمراني»، حيث أسس موقع «مشاهد القاهرة»، الذي يقدم من خلاله ملاحظاته على عمارة المدينة وحالتها المعمارية.

عزت القمحاوي

ملتقى دولي في الرياض يعزز التبادل الفكري بين قراء العالم

يجمع «ملتقى لقراءة» محبي أندية القراءة والمهتمين بها لتعزيز العادات والممارسات القرائية (هيئة المكتبات)
يجمع «ملتقى لقراءة» محبي أندية القراءة والمهتمين بها لتعزيز العادات والممارسات القرائية (هيئة المكتبات)
TT

ملتقى دولي في الرياض يعزز التبادل الفكري بين قراء العالم

يجمع «ملتقى لقراءة» محبي أندية القراءة والمهتمين بها لتعزيز العادات والممارسات القرائية (هيئة المكتبات)
يجمع «ملتقى لقراءة» محبي أندية القراءة والمهتمين بها لتعزيز العادات والممارسات القرائية (هيئة المكتبات)

تنظم هيئة المكتبات «ملتقى القراءة الدولي» الهادف إلى تعزيز العادات القرائية، في الفترة من 19 إلى 21 ديسمبر (كانون الأول) الحالي، بقاعة المؤتمرات في «مركز الملك عبد الله المالي (كافد)» بالعاصمة السعودية الرياض.

ويجمع الملتقى محبي أندية القراءة والمهتمين بها، والتي تُسهم في ترسيخ الممارسات القرائية، من خلال توفير منصاتٍ للتبادل الفكري والنقاش البنّاء، واستعراض أنماطٍ وأساليب عملية في المجالات القرائية، حيث تُمثّل هذه الأندية جسوراً متينة تربط بين القراء للوصول إلى مستقبل واعد.

ويجمع «ملتقى القراءة الدولي» ثقافات مختلفة تسهم في زيادة الحصيلة الثقافية وتقريب المسافات بين المثقفين، إضافة إلى المساهمة في تعزيز العادات والممارسات الخاصة بالقراء. كما تمثل الأندية المشاركة نوافذ تربط بين الثقافات، وتعزز التفاهم والتعايش، من خلال الرجوع للأدب والقضايا الإنسانية المشتركة.

وسيشهد الملتقى عدداً من الجلسات الحوارية وورشات العمل المختصة، كما تصاحب الملتقى، الذي يحتضنه «كافد»، فعاليات وأنشطة مختصة في القراءة وتبادل الكتب، وسيكون بوسع الحاضرين الوصول إلى المسرح، إضافة إلى المشاركة في ورشات العمل، التي تُسهم في بناء وتطوير الأفراد، وتتيح لهم الاطلاع على مزيد من الأطروحات الأدبية المختلفة، التي من شأنها بناء أجيال من القراء في مختلف المناهل والمصادر.

يأتي تنظيم هيئة المكتبات «ملتقى القراءة الدولي» في إطار جهودها المستمرة لإيجاد فعالية قرائية، ومعرفية، تجمع القُراء من مختلف مشاربهم، وتعزز التبادل الفكري والنقاشات الهادفة، ولتحفيز المجتمع على الاطلاع، وتعزيز العادات القرائية في ظل التحديات الكبيرة التي تواجهها مع التطوّر السريع الذي يشهده العالم، كما يهدف «الملتقى» إلى دعم مسيرة التحول الوطني الطموح، وإثراء الحوار الثقافي العالمي، وترسيخ قيم الثقافة والقراءة، وإبراز المبدعين المحليين.