«التجارة العالمية» تعاود الاجتماع في «زمن المحنة»

مديرتها أكدت صعوبة إبرام اتفاقات دولية

تعقد منظمة التجارة العالمية أول مؤتمر وزاري لها منذ خمس سنوات (إ.ب.أ)
تعقد منظمة التجارة العالمية أول مؤتمر وزاري لها منذ خمس سنوات (إ.ب.أ)
TT
20

«التجارة العالمية» تعاود الاجتماع في «زمن المحنة»

تعقد منظمة التجارة العالمية أول مؤتمر وزاري لها منذ خمس سنوات (إ.ب.أ)
تعقد منظمة التجارة العالمية أول مؤتمر وزاري لها منذ خمس سنوات (إ.ب.أ)

في أوقات صعبة لكل ظروف الاقتصاد العالمي، ومن بينها التجارة، عبرت نغوزي أوكونجو إيويلا، المديرة العامة لمنظمة التجارة العالمية، عن تفاؤل حذر يوم الأحد بأن ما يزيد على 100 من وزراء التجارة الذين يجتمعون في جنيف سيبرمون اتفاقا أو اثنين عالميين هذا الأسبوع، لكنها حذرت من أن المسار سيكون وعرا وصخريا.
وقالت المديرة العامة النيجيرية إن العالم تغير منذ آخر مؤتمر وزاري لمنظمة التجارة العالمية قبل نحو خمس سنوات. وأضافت في مؤتمر صحافي قبل الاجتماع الذي يعقد بين يومي 12 و15 يونيو (حزيران) الجاري: «أتمنى أن أقول ما هو أفضل. أصبح الأمر بالتأكيد أكثر تعقيدا»، مُدرجة جائحة (كوفيد - 19) والحرب في أوكرانيا وأزمات الغذاء والطاقة الكبرى على أنها أجزاء من «أزمة كبرى متعددة المخاطر».
وفي دليل على الانقسامات بين أعضاء منظمة التجارة العالمية البالغ عددهم 164 عضوا، انسحب ممثلو عدد يتراوح بين 30 و40 دولة عندما تحدث وزير التنمية الاقتصادية الروسي مكسيم ريشيتنيكوف... وفي وقت سابق، التقى وزراء التجارة من الاتحاد الأوروبي، مع 29 وزيرا آخرين، مع ممثل أوكرانيا للتعبير عن تضامنهم ودعمهم ورغبتهم في التخفيف من مشكلات الإمدادات الغذائية.
وفي حديثها إلى الوزراء في الافتتاح، حثت المديرة العامة الوزراء على أن «يظهروا للعالم أن منظمة التجارة العالمية يمكنها اتخاذ الإجراء المناسب»، وإنجاز اتفاقات تتعلق بموضوعات مثل خفض دعم الصيد وتوفير لقاحات (كوفيد - 19) والأمن الغذائي وتحديد مسار إصلاح منظمة التجارة العالمية نفسها. وقالت إن «تقرير ما يتبقى يتطلب إرادة سياسية، وأنا أعلم أنها لديكم، لتوصيلنا إلى خط النهاية».
ومع ذلك، حذرت من أن ذلك سيكون صعبا. وتابعت أوكونجو إيويلا: «دعوني أكن واضحة، حتى إبرام اتفاق واحد أو اثنين لن يكون طريقا سهلا. الطريق سيكون وعرا وصخريا. قد تكون هناك ألغام على الطريق»، مضيفة أنها «متفائلة بحذر» بأن الاجتماع سيُفضي إلى اتفاق واحد أو اثنين.
كما نبهت الوزراء إلى الاعتراف بأن الحلول الوسط ليست مثالية على الإطلاق. وتتخذ الدول الأعضاء في منظمة التجارة العالمية القرارات بالإجماع، مما يعني أن دولة واحدة يمكنها عرقلة التقدم، وغالبا ما تجري المفاوضات على مدى سنوات.
وفي إشارة إلى الصعوبات العالمية، خُصص اجتماع الجلسة الافتتاحية يوم الأحد «للتحديات التي تواجه نظام التجارة المتعدد الأطراف». وتجمعت مجموعات بالقرب من مقر المنظمة في مطلع الأسبوع، وندد البعض بالرأسمالية ودعا البعض الآخر إلى إنهاء التمييز المتعلق بتوزيع اللقاحات. وبحسب رسالة بريد إلكتروني اطلعت عليها «رويترز»، مُنع هؤلاء جميعا من دخول مقر منظمة التجارة العالمية يوم الأحد لأسباب أمنية.
وفقدت المنظمة من أهميتها بسبب عجزها عن إبرام اتفاقات رئيسية، يعود تاريخ آخرها إلى عام 2013، وليست هناك أي ضمانات بتحقيق نتائج مهمة في جنيف رغم جهود حثيثة تبذلها أوكونجو إيويلا التي تتولى منصب المديرة العامة منذ أكثر من سنة.
ومن الآمال المعلقة على اجتماع هيئة القرار العليا هذه في المنظمة، أن تساهم في إيجاد مخرج لخطر حدوث أزمة غذائية ناجمة عن الغزو الروسي لأوكرانيا والذي تسبب بارتفاع الأسعار.
ويُعبر مشروع إعلان وزاري عن القلق حيث تَعِد فيه الدول الأعضاء الـ164 «باتخاذ إجراءات ملموسة لتسهيل التجارة وتحسين عمل ومرونة أسواق الأغذية والزراعة المستدامة بما يشمل الحبوب والأسمدة وكذلك منتجات زراعية أخرى».
ويُعطي النص انتباها خاصا للدول الأكثر فقرا والأكثر اعتمادا على هذه المنتجات. ولم ينس المسؤولون الدوليون أعمال الشغب المرتبطة بالجوع والربيع العربي التي وقعت قبل حوالي عشر سنوات. وقالت نغوزي للمندوبين: «آمل أن تفعلوا الشيء الصائب بشكل جماعي». ويبقى صيد السمك الملف الرئيسي للاجتماع. فقد أعلنت منظمة التجارة العالمية السبت أن مسودة نص يدعو إلى إلغاء الدعم المالي الضار لصيد السمك الذي يشغل المنظمة منذ عشرين عاما، أصبحت الآن بين أيدي الوزراء، والأمر متروك لهم لمحاولة إيجاد أرضية مشتركة بشأن النقاط الخلافية المتبقية.
وفي بيان نشر ليل الجمعة السبت، قال سانتياغو ويلز السفير الكولومبي الذي تولى إدارة المفاوضات: «لم تُحَل كل المشاكل، وهناك في المسودة أمور لا يتفق عليها الأعضاء ولم أرَ أرضية تفاهم حولها». لكنه شدد على إحراز تقدم في الأشهر الأخيرة.
ويفترض أن يسمح الاتفاق حول صيد السمك الذي أدرج بين أهداف الأمم المتحدة للألفية، بوقف الدعم المالي الذي يمكن أن يشجع على الصيد الجائر أو الصيد غير القانوني.
وأُحرز تقدم في تحديد آلية المعاملة التفضيلية المخصصة للبلدان النامية. فقد أدرجت إعفاءات موقتة بشأن الدعم المالي الذي يساهم في الاستهلاك المفرط للطاقة والصيد الجائر لكن مدتها ليست موضع إجماع، بينما تطالب الهند بـ25 عاما. وهو ما اعتبرته عدة دول أعضاء مدة طويلة.
وقالت نغوزي: «هل سيغفر لنا أولادنا، هل سيغفر لنا الصيادون الفقراء إذا قبلنا إفراغ محيطاتنا؟» في حين يعتمد نجاح الاجتماع إلى حد كبير على مصير هذا النص. ويمكن أن يؤدي تعنت الهند إلى تعطيل ملفات أخرى. وقال سفير يقيم في جنيف: «ليس هناك موضوع واحد لا تعطله الهند. إنه أمر مقلق»، مشيرا خصوصا إلى مسألتي إصلاح منظمة التجارة العالمية والزراعة الذي يفترض أن يضع الوزراء برنامج عمل من أجله.
ومن جانبها، دعت آن ماري تريفيليان وزيرة التجارة الدولية البريطانية، إلى اتخاذ إجراءات لحماية حرية وعدالة التجارة العالمية، قبيل مشاركتها في أول اجتماع وزاري لمنظمة التجارة العالمية منذ خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي (بريكست).
وقالت تريفيليان، في بيان، إن ضمان حرية حركة التجارة العالمية يجب أن يكون على رأس أجندة المنظمة الدولية «لضمان استفادة المجتمعات المحلية وحول العالم من قوة التجارة الحرة»، مضيفة من جهة أخرى أنه يجب أن يكون هناك عمل دولي موحد للتضامن مع أوكرانيا وإدخال إصلاحات للحد من الاعتماد على روسيا اقتصاديا.
وتطالب بريطانيا بإحراز تقدم في اجتماعات منظمة التجارة العالمية على صعيد القضايا التجارية العالمية والأمن الغذائي والصيد الجائر، وإلغاء الرسوم على التجارة الإلكترونية، وانسحبت بريطانيا رسميا من الاتحاد الأوروبي مطلع العام الماضي، وبات الآن باستطاعتها إبرام اتفاقيات تجارة حرة مع دول العالم بشكل منفرد بمعزل عن التكتل الأوروبي.
ويفترض أن يبحث الوزراء أيضا في تصدي منظمة التجارة العالمية لـ(كوفيد - 19) وسيناقش الوزراء نصين تم الانتهاء من صوغهما الجمعة. ويتعلق النص الأول بتسهيل تداول المكونات اللازمة لمكافحة الأوبئة الحالية والمستقبلية، بينما يفترض أن يسمح النص الثاني برفع مؤقت لبراءات الاختراع عن اللقاحات المضادة لفيروس «كورونا». ويتسبب النص الثاني بانقسام لأن قطاع الصناعات الصيدلانية يرى فيه إضعافا للملكية الفكرية.


مقالات ذات صلة

الاقتصاد أوراق نقدية من فئة الدولار الأميركي (رويترز)

تراجع الدولار مع تزايد المخاوف بشأن النمو الأميركي وترقب بيانات الوظائف

تراجع الدولار الأميركي يوم الجمعة ليقترب من أدنى مستوى له في أربعة أشهر، في ظل تزايد القلق بشأن آفاق النمو في أكبر اقتصاد في العالم.

«الشرق الأوسط» (طوكيو)
الاقتصاد شاشة تعرض مؤشرات الأسهم في بورصة نيويورك (رويترز)

الأسواق المالية العالمية تتأرجح وسط تحولات كبرى في الإنفاق الأوروبي

شهدت الأسواق المالية العالمية، يوم الخميس، حالة من إعادة الضبط الجذرية، بعد أن أطلق الرئيس الأميركي، دونالد ترمب، إعادة هيكلة جذرية للعلاقات عبر المحيط الأطلسي.

«الشرق الأوسط» (لندن)
خاص جانب من مضيق هرمز الذي تطل عليه محافظة مسندم العمانية (الشرق الأوسط)

خاص مسندم العمانية تشهد تحولات تنموية تعزز مكانتها الاستراتيجية على مضيق هرمز

تشهد محافظة مسندم تحولات تنموية كبيرة تهدف إلى تعزيز مكانتها الاستراتيجية، وتحقيق نهضة اقتصادية وسياحية متكاملة.

آيات نور (مسندم)
الاقتصاد عامل في مصنع «هيونداي موتور» في آسام بكوريا الجنوبية (رويترز)

تباطؤ قطاع التصنيع في كوريا الجنوبية مع تراجع التوظيف

سجل نشاط المصانع في كوريا الجنوبية انكماشاً في فبراير، مع تراجع التوظيف بأسرع وتيرة في عامين ونصف عام، وسط تصاعد حالة عدم اليقين بشأن الأوضاع الاقتصادية.

«الشرق الأوسط» (سيول )

ترمب يقلل من المخاوف حول الرسوم... ولا يستبعد حدوث ركود هذا العام

ترمب يستمع إلى المستشار الاقتصادي للبيت الأبيض كيفن هاسيت في البيت الأبيض (رويترز)
ترمب يستمع إلى المستشار الاقتصادي للبيت الأبيض كيفن هاسيت في البيت الأبيض (رويترز)
TT
20

ترمب يقلل من المخاوف حول الرسوم... ولا يستبعد حدوث ركود هذا العام

ترمب يستمع إلى المستشار الاقتصادي للبيت الأبيض كيفن هاسيت في البيت الأبيض (رويترز)
ترمب يستمع إلى المستشار الاقتصادي للبيت الأبيض كيفن هاسيت في البيت الأبيض (رويترز)

رفض الرئيس الأميركي دونالد ترمب المخاوف التجارية بشأن حالة عدم اليقين الناجمة عن التعريفات الجمركية المخطط لها على مجموعة من الشركاء التجاريين الأميركيين، واحتمال ارتفاع الأسعار، دون أن يستبعد احتمال حدوث ركود، هذا العام.

بعد فرض تعريفات جمركية بنسبة 25 في المائة على الواردات من المكسيك وكندا، والتي دفعت الأسواق إلى الانهيار بسبب مخاوف من حرب تجارية، قال ترمب إن خططه لفرض تعريفات «متبادلة» أوسع نطاقاً ستدخل حيز التنفيذ في 2 أبريل (نيسان) المقبل، وترفعها لتتناسب مع ما تُقدره الدول الأخرى.

وقال، في مقابلة مسجلة مع قناة «فوكس نيوز»: «في 2 أبريل، يصبح كل شيء متبادلاً. ما يفرضونه علينا، نفرضه عليهم».

وعندما سُئل عن تحذير بنك الاحتياطي الفيدرالي في أتلانتا من انكماش اقتصادي، في الربع الأول من العام، أقرّ ترمب، على ما يبدو، بأن خططه قد تؤثر على النمو في الولايات المتحدة. ومع ذلك، زعم أنها ستكون في النهاية «رائعة بالنسبة لنا».

وعندما سُئل عما إذا كان يتوقع ركوداً في عام 2025، ردَّ ترمب: «أكره التنبؤ بأشياء من هذا القبيل. هناك فترة انتقالية لأن ما نقوم به كبير جداً. نحن نعيد الثروة إلى أميركا. هذا شيء كبير». ثم أضاف: «يستغرق الأمر بعض الوقت».

في «وول ستريت»، كان أسبوعاً صعباً مع تقلبات جامحة تهيمن عليها المخاوف بشأن الاقتصاد وعدم اليقين بشأن تعريفات ترمب.

وقد تجاهل ترمب المخاوف من جانب الشركات التي تسعى إلى الاستقرار، أثناء اتخاذ قرارات الاستثمار. وقال إن «العولميين، العولميين الكبار، كانوا، لسنوات، ينهبون الولايات المتحدة، والآن كل ما نفعله هو استعادة بعضٍ منها، وسنعامل بلدنا بشكل عادل... كما تعلمون، يمكن أن ترتفع التعريفات الجمركية مع مرور الوقت، وقد ترتفع، كما تعلمون، لا أعرف ما إذا كان ذلك قابلاً للتنبؤ».

وكان ترمب قد رفع، الأسبوع الماضي، التعريفات الجمركية على المكسيك وكندا على شركات تصنيع السيارات الأميركية، ثم جميع الواردات إلى الولايات المتحدة تقريباً، لكنه أبقاها على السلع من الصين.

وهناك مزيد من التعريفات الجمركية، هذا الأسبوع، حيث قال وزير التجارة هوارد لوتنيك، لقناة «إن بي سي»، إن التعريفات الجمركية بنسبة 25 في المائة على واردات الصلب والألمنيوم ستدخل حيز التنفيذ، يوم الأربعاء. وأوضح لوتنيك أن التعريفات الجمركية التي هدّد بها ترمب على منتجات الألبان والأخشاب الكندية ستنتظر حتى أبريل.

وقال: «هل ستكون هناك تشوهات؟ بالطبع... قد تصبح السلع الأجنبية أكثر تكلفة قليلاً. لكن السلع الأميركية ستصبح أرخص، وسوف نضطر إلى خفض أسعارها. إنك ستساعد الأميركيين من خلال شراء المنتجات الأميركية».