الدعوة لاستئناف مفاوضات «سد النهضة» تغيير مواقف أم مخاطبة لأميركا؟

«سد النهضة» الإثيوبي (أ.ف.ب)
«سد النهضة» الإثيوبي (أ.ف.ب)
TT

الدعوة لاستئناف مفاوضات «سد النهضة» تغيير مواقف أم مخاطبة لأميركا؟

«سد النهضة» الإثيوبي (أ.ف.ب)
«سد النهضة» الإثيوبي (أ.ف.ب)

جاءت دعوة السفير الإثيوبي في واشنطن سيليشي بيكيلي، لاستئناف مفاوضات «سد النهضة» مع مصر والسودان، لتشكل حدثاً فارقاً في النزاع المائي الدائر منذ أكثر من 10 أعوام، خصوصاً مع تجمد المفاوضات الثلاثية لأكثر من عام. وجرت آخر جلسة للمفاوضات بين مصر والسودان وإثيوبيا، في أبريل (نيسان) 2021، وفشلت في التوصل إلى اتفاق حول آلية ملء وتشغيل «السد»، المقام على الرافد الرئيسي لنهر النيل، الأمر الذي دعا مصر والسودان لعرض النزاع على مجلس الأمن الدولي. كان بيكيلي، وهو عضو سابق ضمن فريق المفاوضات الإثيوبي بشأن السد، قد عبر الجمعة الماضي، عن استعداد بلاده لاستئناف المفاوضات مع مصر والسودان. وذكر بيان للخارجية الإثيوبية، أن تصريحات السفير، التي جاءت خلال اجتماع مع المبعوث الأميركي الخاص الجديد إلى القرن الأفريقي مايك هامر، تسلط الضوء على «اهتمام إثيوبيا باستئناف المفاوضات الثلاثية التي يقودها الاتحاد الأفريقي بشأن سد النهضة الإثيوبي». وتخشى مصر أن يؤدي الملء السريع للسد إلى تقليص حصتها من مياه نهر النيل، وتسعى إلى إبرام اتفاق قانوني ملزم في حالة حدوث نزاع. وترى الدكتورة نجلاء مرعي الأستاذ المساعد في العلوم السياسية والخبيرة في الشؤون الأفريقية، أن إثيوبيا تريد «تقديم صورة أمام العالم بأنها ترحب بالتفاوض، لكن ما تسعى إليه هو استخدام المفاوضات كبابٍ خلفي لتكريس حق مطلق لذاتها لتشييد مشروعات مستقبلية على مجرى النيل الأزرق دون ضوابط أو معايير تحكمها، وتطالب دول المصب بالإقرار بسيطرة إثيوبيا المطلقة على النهر». وأضافت مرعي لـ«الشرق الأوسط»، أنها «ترغب في استكمال المفاوضات لكسب شرعية لإجراء الملء الثالث الشهر المقبل»، وتابعت: «لو حدث تخزين، فإن هذا يعني اختراق إثيوبيا الاتفاقات والأعراف الدولية للمرة الرابعة... وهو ما لا يعكس فقط انعدام المسؤولية لدى الجانب الإثيوبي وعدم المبالاة تجاه الضرر الذي قد يلحقه ملء هذا السد على مصر والسودان، لكنه يجسد أيضاً سوء النية الإثيوبية، والجنوح لفرض الأمر الواقع على دولتي المصب». كان مجلس الأمن، قد طالب في بيان رئاسي، في سبتمبر (أيلول) الماضي، باستئناف المفاوضات في إطار المسار التفاوضي الذي يقوده رئيس الاتحاد الأفريقي، بغرض الانتهاء سريعاً من صياغة نص اتفاق قانوني ملزم حول ملء وتشغيل السد في إطار زمني معقول. بدورها، جددت مصر رفضها المساس بما وصفتها بـ«الحقوق التاريخية المكتسبة» في مياه نهر النيل، مطالبة بضرورة التوصل إلى اتفاق قانوني مُلزم ينظم قواعد ملء وتشغيل «سد النهضة». وخلال استقباله وزيرة خارجية تنزانيا ليبراتا مولا، في القاهرة، الخميس الماضي، شدد الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، على موقف بلاده «الثابت في الحفاظ على أمنها المائي وعلى الحقوق التاريخية المكتسبة في مياه النيل».
، داعياً إلى «التوصل إلى اتفاق قانوني ملزم بشأن قواعد ملء وتشغيل السد على نحو يصون حق الأجيال الحالية والقادمة في مياه النيل المصدر الأساسي للمياه في مصر».


مقالات ذات صلة

هل يحد «الحوار الوطني» من «قلق» المصريين بشأن الأوضاع السياسية والاقتصادية؟

شمال افريقيا هل يحد «الحوار الوطني» من «قلق» المصريين بشأن الأوضاع السياسية والاقتصادية؟

هل يحد «الحوار الوطني» من «قلق» المصريين بشأن الأوضاع السياسية والاقتصادية؟

حفلت الجلسة الافتتاحية لـ«الحوار الوطني»، الذي دعا إليه الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي قبل أكثر من عام، برسائل سياسية حملتها كلمات المتحدثين، ومشاركات أحزاب سياسية وشخصيات معارضة كانت قد توارت عن المشهد السياسي المصري طيلة السنوات الماضية. وأكد مشاركون في «الحوار الوطني» ومراقبون تحدثوا لـ«الشرق الأوسط»، أهمية انطلاق جلسات الحوار، في ظل «قلق مجتمعي حول مستقبل الاقتصاد، وبخاصة مع ارتفاع معدلات التضخم وتسببه في أعباء معيشية متصاعدة»، مؤكدين أن توضيح الحقائق بشفافية كاملة، وتعزيز التواصل بين مؤسسات الدولة والمواطنين «يمثل ضرورة لاحتواء قلق الرأي العام، ودفعه لتقبل الإجراءات الحكومية لمعالجة الأز

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شمال افريقيا السيسي يبحث انعكاسات التطورات الإقليمية على الأمن القومي المصري

السيسي يبحث انعكاسات التطورات الإقليمية على الأمن القومي المصري

عقد الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، اجتماعاً، أمس (الخميس)، مع كبار قادة القوات المسلحة في مقر القيادة الاستراتيجية بالعاصمة الإدارية الجديدة، لمتابعة دور الجيش في حماية الحدود، وبحث انعكاسات التطورات الإقليمية على الأمن القومي للبلاد. وقال المستشار أحمد فهمي، المتحدث الرسمي باسم الرئاسة المصرية، في إفادة رسمية، إن «الاجتماع تطرق إلى تطورات الأوضاع على الساحتين الإقليمية والدولية، وانعكاساتها على الأمن القومي في ظل الظروف والتحديات الحالية بالمنطقة». وقُبيل الاجتماع تفقد الرئيس المصري الأكاديمية العسكرية المصرية، وعدداً من المنشآت في مقر القيادة الاستراتيجية بالعاصمة الإدارية. وأوضح المتحدث ب

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شمال افريقيا مصر: ظاهرة «المقاتلين الأجانب» تهدد أمن واستقرار الدول

مصر: ظاهرة «المقاتلين الأجانب» تهدد أمن واستقرار الدول

قالت مصر إن «استمرار ظاهرة (المقاتلين الأجانب) يهدد أمن واستقرار الدول». وأكدت أن «نشاط التنظيمات (الإرهابية) في أفريقيا أدى لتهديد السلم المجتمعي».

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شمال افريقيا حادث تصادم بمصر يجدد الحديث عن مخاطر «السرعة الزائدة»

حادث تصادم بمصر يجدد الحديث عن مخاطر «السرعة الزائدة»

جدد حادث تصادم في مصر الحديث بشأن مخاطر «السرعة الزائدة» التي تتسبب في وقوع حوادث سير، لا سيما على الطرق السريعة في البلاد. وأعلنت وزارة الصحة المصرية، (الخميس)، مصرع 17 شخصاً وإصابة 29 آخرين، جراء حادث سير على طريق الخارجة - أسيوط (جنوب القاهرة).

منى أبو النصر (القاهرة)
شمال افريقيا مصريون يساهمون في إغاثة النازحين من السودان

مصريون يساهمون في إغاثة النازحين من السودان

بعد 3 أيام عصيبة أمضتها المسنة السودانية زينب عمر، في معبر «أشكيت» من دون مياه نظيفة أو وجبات مُشبعة، فوجئت لدى وصولها إلى معبر «قسطل» المصري بوجود متطوعين مصريين يقدمون مياهاً وعصائر ووجبات جافة مكونة من «علب فول وتونة وحلاوة وجبن بجانب أكياس الشيبسي»، قبل الدخول إلى المكاتب المصرية وإنهاء إجراءات الدخول المكونة من عدة مراحل؛ من بينها «التفتيش، والجمارك، والجوازات، والحجر الصحي، والكشف الطبي»، والتي تستغرق عادة نحو 3 ساعات. ويسعى المتطوعون المصريون لتخفيف مُعاناة النازحين من السودان وخصوصاً أبناء الخرطوم الفارين من الحرب والسيدات والأطفال والمسنات، بالتعاون مع جمعيات ومؤسسات أهلية مصرية، على


مؤتمر القاهرة لـ«إغاثة غزة»... مساعٍ لتخفيف حدة الأزمة الإنسانية

صورة جماعية للمشاركين في مؤتمر القاهرة الوزاري لتعزيز الاستجابة الإنسانية بغزة (الخارجية المصرية)
صورة جماعية للمشاركين في مؤتمر القاهرة الوزاري لتعزيز الاستجابة الإنسانية بغزة (الخارجية المصرية)
TT

مؤتمر القاهرة لـ«إغاثة غزة»... مساعٍ لتخفيف حدة الأزمة الإنسانية

صورة جماعية للمشاركين في مؤتمر القاهرة الوزاري لتعزيز الاستجابة الإنسانية بغزة (الخارجية المصرية)
صورة جماعية للمشاركين في مؤتمر القاهرة الوزاري لتعزيز الاستجابة الإنسانية بغزة (الخارجية المصرية)

شهدت العاصمة المصرية، الاثنين، مؤتمر «القاهرة الوزاري لتعزيز الاستجابة الإنسانية في غزة»، بتنظيم مصري - أممي وحضور فلسطيني، ومشاركة 103 وفود للدول والمنظمات والهيئات الدولية والمؤسسات المالية.

ويهدف المؤتمر، وفق بيان صحافي لوزارة الخارجية المصرية، إلى «تأمين التزامات واضحة بتقديم المساعدات لغزة، وتعزيز الدعم الدولي لضمان استدامة الاستجابة للأزمة الإنسانية في غزة، وحشد الجهود لتوفير المساعدات الإنسانية العاجلة لأهل غزة، والتخطيط للتعافي المبكر داخل القطاع».

وهو ما يراه المحلل السياسي الفلسطيني والقيادي بحركة «فتح»، الدكتور أيمن الرقب، في حديث مع «الشرق الأوسط»، بأنه يحمل أهمية كبيرة لدعم مسار المساعدات الإغاثية بهذا التوقيت، مؤكداً أن المؤتمر نقل رسالة قوية بأنه لا بديل عن «الأونروا» التي كان مفاوضها فيليب لازاريني أحد المتحدثين.

وباعتقاد الرقب، فإن المؤتمر شهد زخماً كبيراً، خاصة في ظل تنامي الاهتمام بقضية المساعدات، متوقعاً أن تكون التعهدات المالية على مستوى الكارثة الإنسانية التي أشارت لها مصر وكلمات الحضور بوضوح خلال المؤتمر.

وكان وضع غزة حاضراً بقوة في المؤتمر؛ حيث تحدث وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي عن «استمرار المأساة، غير الإنسانية، وغير المسبوقة، التي يعاني منها الشعب الفلسطيني في قطاع غزة نتيجة للعدوان الغاشم الإسرائيلي المستمر».

وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي خلال افتتاح مؤتمر القاهرة الوزاري لتعزيز الاستجابة الإنسانية في غزة (الخارجية المصرية)

و«فاق العدوان على قطاع غزة كل الحدود»، بحسب عبد العاطي، «إذ تواصل إسرائيل ارتكاب الفظائع على مرأى ومسمع من العالم منذ أكثر من عام دون رادع، وفي مشاهد مُرَوعة تعجزُ الكلماتُ عن وصفها، كما تستخدم إسرائيل التجويع والحصار سلاحاً، والتهجير عقاباً جماعياً للفلسطينيين، بالمخالفة الفادحة للقانون الدولي الإنساني والقانون الدولي».

وفي هذا الصدد، قال نائب رئيس الوزراء وزير الخارجية الأردني أيمن الصفدي، في كلمته، إن «الناس في قطاع غزة جوعى ولا بد من التحرك الآن».

وأضاف الصفدي: «تجب ممارسة كل أشكال الضغط الممكنة لإدخال المساعدات إلى قطاع غزة».

وقالت نائبة الأمين العام للأمم المتحدة أمينة محمد إن الكارثة في غزة تمثل تهديداً للإنسانية ويجب إنهاؤها بشكل فوري.

وأكد المفوض العام لوكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا) فيليب لازاريني ضرورة توفير استجابة طارئة في غزة وإنهاء الوضع الكارثي في القطاع.

دور «الأونروا»

وشهد المؤتمر تأكيداً على دور «الأونروا»، التي حظرت إسرائيل أعمالها في فلسطين الشهر الماضي، وسط مطالبات بوقف ذلك الحظر.

وأعرب الوزير المصري، في كلمته، عن إدانة مصر بشكل كامل إقرار التشريع غير القانوني من إسرائيل لحظر عمل وكالة «الأونروا»، مؤكداً أنه يمثل سابقة خطيرة بحظر دولة عضو بالأمم المتحدة عمل إحدى وكالاتها، ويعكس استخفافاً مرفوضاً بالمجتمع الدولي ومؤسساته.

وشدد على أن «(الأونروا) لا بديل لها ولا يمكن الاستغناء عنها داخل القطاع. ولا يمكن أن يحل محلها أو يقوم بدورها أي طرف آخر أياً كان».

وقال رئيس الوزراء الفلسطيني محمد مصطفى إن دور «الأونروا» غير قابل للاستبدال أو التقويض، وإن لها دوراً محورياً في مرحلة ما بعد الحرب، داعياً إلى رفض كل القوانين الإسرائيلية التي تستهدفها، شاكراً كل الدول الشقيقة والصديقة التي تدعم «الأونروا»، وتساعد على تقديم وتسهيل دخول المساعدات.

رئيس الوزراء الفلسطيني محمد مصطفى الاثنين خلال مؤتمر القاهرة الوزاري لتعزيز الاستجابة الإنسانية بغزة (وفا)

مطالب محددة

وشهد المؤتمر مطالب عدة بشأن الإغاثة وسبل وقف الحرب، ودعا الوزير المصري في كلمته جميع الوفود المشاركة إلى «الإعلان عن تقديم الدعم اللازم لأهل غزة والإعلان عن تعهدات مالية ملائمة وقابلة للتنفيذ الفوري، لإنقاذهم من الكارثة الإنسانية وبما يمهد الطريق أمام التعافي المبكر ثم إعادة الأعمار، حتى لا نخذلهم إنسانياً كما خذلناهم سياسياً».

كما طالب رئيس الوزراء الفلسطيني، في كلمته، بسرعة العمل على تنفيذ قرارات الأمم المتحدة، خاصة قرار مجلس الأمن 2735 من أجل وقف العدوان وتأمين دخول المساعدات ووصولها بشكل فوري وعاجل، وبما يمهد لعودة الخدمات الأساسية كالرعاية الصحية والتعليم، والبدء بالعمل من أجل إعادة الحياة إلى طبيعتها، وصولاً إلى إعادة الإعمار والتنمية، وإعادة قطاع غزة إلى فضائه الطبيعي بوصفه جزءاً لا يتجزأ من دولة فلسطين، بدعم المجتمع الدولي.

وكشف المسؤول الفلسطيني، في كلمته، عن خطط مستقبلية بشأن الوضع في فلسطين، موضحاً أن الحكومة تضع حالياً خططاً للتعافي المبكر وإعادة الإعمار، تمهيداً لإطلاق عملية التنمية الشاملة، لافتاً إلى أنها وضعت خطة لإعادة توحيد وتطوير المؤسسات الوطنية في قطاع غزة والضفة الغربية، بما يمكّن من توسيع وتطوير الخدمات المدنية القائمة، لتلبية احتياجات المواطنين بعد الحرب.

كما وضعت الحكومة الفلسطينية خطة لإطلاق أعمال التعافي في قطاع غزة واستعادة الخدمات الأساسية الحيوية، وتمهيد الطريق لإنعاش الاقتصاد، بالشراكة مع أطراف دولية عدة، وشكلت فريقاً حكومياً لإعداد الخطط التفصيلية لإعادة إعمار غزة وبناء اقتصادها، بالشراكة مع المؤسسات الوطنية، والبنك الدولي، والأمم المتحدة، والاتحاد الأوروبي، وفق مصطفى.