وزير الخارجية الفرنسي يحث بغداد على اتباع سياسة «أكثر شمولية» إزاء المكونات العراقية

فابيوس: يتعين العمل سريعًا لمجيء حكومة من غير الأسد تضم المعارضة وعناصر من النظام

وزير الخارجية الفرنسي يحث بغداد على اتباع سياسة «أكثر شمولية» إزاء المكونات العراقية
TT

وزير الخارجية الفرنسي يحث بغداد على اتباع سياسة «أكثر شمولية» إزاء المكونات العراقية

وزير الخارجية الفرنسي يحث بغداد على اتباع سياسة «أكثر شمولية» إزاء المكونات العراقية

بعد الانتقادات «العسكرية» الأميركية للقوات العراقية وانعدام إرادة المواجهة عندها لمحاربة «داعش»، وجه وزير الخارجية الفرنسي انتقادات «سياسية» للحكومة العراقية ولرئيسها حيدر العبادي الذي من المقرر أن يحضر الاجتماع الدولي المخصص في الجزء الأكبر منه للعراق، وتحديدا لمحاربة تنظيم داعش، يوم الثلاثاء المقبل.
واغتنم فابيوس مناسبة الكلمة التي ألقاها أمس في الجمعية الوطنية ليقرع ناقوس الخطر وليؤكد أن «لا حل عسكريا في العراق من غير حل سياسي» مذكرًا بأن فرنسا ربطت في شهر سبتمبر (أيلول) الماضي انضمامها إلى التحالف العسكري ضد داعش بـ«تنفيذ الالتزامات السياسية التي أطلقتها الحكومة العراقية والتي تعني بالنسبة إلينا سياسة حاضنة لجميع الأطراف». وأضاف الوزير الفرنسي: «أقول بكل وضوح هنا إن هذا العقد بيننا وبين الحكومة العراقية يجب أن يحترم من الآن فصاعدا بشكل أفضل». كذلك لم يفت فابيوس أن يرى في سيطرة تنظيم داعش على مدينة الرمادي، عاصمة الأنبار، «هزيمة للقوى الأمنية العراقية» في الوقت الذي ترى فيه أوساط فرنسية فشلا للاستراتيجية العسكرية المتبعة حتى الآن في العراق لمحاربة «داعش».
وقالت مصادر فرنسية دبلوماسية لـ«الشرق الأوسط» إن اجتماع باريس، في الجزء المخصص منه للعراق ولمحاربة «داعش» هو «تتمة لاجتماع لندن»، الذي عقد في شهر مارس (آذار) الماضي وسيكون مقصورًا على الأطراف الأساسية والفاعلة في التحالف الدولي كما أنه سيكون ثلاثي الرئاسة (جون كيري ولوران فابيوس وحيدر العبادي).
وترى المصادر الفرنسية أن الاجتماع «أصبح أكثر من ضروري لتقويم ما آلت إليه الأمور في محاربة (داعش) في العراق وسوريا وإعادة النظر في الاستراتيجية المتبعة حتى الآن» والتي يعترف الجميع بأنها لم تعط النتائج المرجوة بعد تسعة أشهر من عمليات القصف التي شهدت حصول 3 آلاف طلعة جوية. وفي هذا السياق، قال فابيوس إنه «يتعين علينا الاعتراف اليوم بأن (داعش)، هذا التنظيم الإرهابي الدولي، حقق اختراقات مخيفة في العراق وسوريا». وبرأيه، فإن محاربة «داعش»: «تحتاج إلى نفس طويل»، وهو ما يقوله أيضا الطرف الأميركي.
أما في الملف السوري، فإن الوزير الفرنسي رأى في نجاحات «داعش» الأخيرة، «تأكيدا لما كانت تقوله باريس منذ شهور وهو أن (بشار) الأسد لم يعد يسيطر حقيقة على بلده وإنه لم يعد قادرا على حماية لا الشعب السوري ولا التراث الإنساني»، في إشارة إلى آثار تدمر التي يتخوف المجتمع الدولي أن يكون مصيرها مثل مصير متحف الموصل. لذا، فإن فابيوس يرى أن ما تحتاجه سوريا هو العمل «الآن وبسرعة على (إيجاد) حكومة جديدة تجمع المعارضة وعناصر من النظام ولكن من غير الأسد». وإذ أكد فابيوس أن باريس تناقش هذه المسائل مع الجميع، فإنها تعتبر هذا الحل هو «الوحيد الذي من شأنه أن يمكن من إنقاذ سوريا والتغلب على الإرهابيين». وفي أي حال، شدد فابيوس على الحاجة لتعبئة المجتمع الدولي «سريعا جدا» وإلا «فإننا ذاهبون إلى تقسيم العراق أو سوريا أو البلدين معا، مما سيترافق مع حصول مجازر جديدة وحلول نتائج كارثية».
وتأمل باريس، في الملف السوري حضور وزير الخارجية الروسي سيرجي لافروف الاجتماع، خصوصًا أن مصادرها تقول إن موسكو «لم تعد جامدة كما في الماضي لجهة مواقفها من الحرب في سوريا لكن تحركها ما زال بطيئا». وبحسب مصادر فرنسية، فإن خوف باريس هو أن ينجح «داعش»، إذا استمر على قوة الدفع التي أظهرها حتى الآن رغم الضربات الجوية والهزيمة التي مني بها في كوباني (عين العرب) في مواجهة الأكراد، في الوصول إلى دمشق «وهو احتمال وارد لكن غير مرجح». لذا، يبرز الإلحاح في كلمة الوزير فابيوس لأن بلاده «تستشعر» الخطر كما أنها ترفض تغيير مقاربتها القائمة على رفض استمرار النظام واعتباره «محترقا» من جهة وبالطبع رفض «داعش» وما يمثله من خطر على السوريين وعلى الأقليات وخصوصا المسيحيين، والتركيز على الترويج لـ«الخيار الثالث» أي لحكومة تضم عناصر من النظام والمعارضة المعتدلة مما يعني عمليا العودة إلى صيغة بيان جنيف الصادر نهاية يونيو (حزيران) عام 2012.
وحتى أمس، لم تكن باريس قد وجهت الدعوة للائتلاف الوطني السوري المعارض لحضور الاجتماع، رغم أنه يحتل موقعا متميزا في المقاربة الفرنسية. ورجحت أوساط سورية معارضة أن يكون السبب رغبة باريس في عدم إحراج الطرف الروسي وتشجيعه على الحضور.



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».