قال الفنان المصري عبد العزيز مخيون، إن تكريمه في المهرجان القومي للسينما المصرية قد رفع كثيراً من معنوياته، وأوضح في حواره مع «الشرق الأوسط» أنه فشل في إدارة موهبته، وندم لتجاهله نصيحة النجمة الراحلة سعاد حسني له.
وكرم المهرجان القومي للسينما المصرية، مخيون، وأصدر كتاباً عنه بعنوان «المتفرد» للناقد ماهر زهدي: «التكريم رفع من معنوياتي كثيراً وشعرت بتقدير المجتمع لعطاء الفنان والثناء على جهوده، والحقيقة أنهم تأخروا في تكريمي، ويبدو أنني كنت منسياً عندهم، ولم يكن هذا التكريم ليتم لولا أن الناقد كمال رمزي رئيس المهرجان زميل دفعتي بمعهد الفنون المسرحية عام 1967 الذي وجه نظرهم إلى أن هناك فناناً يستحق التكريم، وقد سبقهم مهرجان قرطاج السينمائي في هذا المنحى العام الماضي».
التكريم والجوائز وجهان لعملة واحدة، بحسب مخيون الذي يبدي اعتزازه بالجوائز العديدة التي أحرزها خلال مسيرته الفنية، فيقول: «الحمد لله نلت جوائز عديدة على مدى مشواري، منها جائزة مهرجان القاهرة السينمائي 1992 عن مجمل أعمالي، وجائزة جمعية الفيلم أكثر من مرة، والجمعية المصرية لفن السينما عن فيلم (الحكم آخر الجلسة)، وجائزتان من المركز الكاثوليكي للسينما، وجائزة التمثيل في الدورة الأولى لمهرجان الفيلم القومي عن فيلم (الهروب) وأخرى من مهرجان الإسكندرية، وكل هذه الجوائز وغيرها أعتز وأحتفظ بها في غرفة مكتبي».
وسجل الفنان الكبير حضوراً مميزاً في دراما شهر رمضان الماضي من خلال أربعة مسلسلات، اتسم منحه فيها بالتنوع والثراء، ورغم صغر مساحة دوره في كل منها، فإنه ترك أثراً كبيراً بأدائه، في مقدمتها شخصية «الشيخ مدين» في مسلسل «جزيرة غمام»: «المسلسل كتبه المؤلف عبد الرحيم كمال، بشكل متميز، وهو عمل يحمل رسائل مهمة، ولم يفرق معي إذا كنت أشارك في حلقة أو عشر فقد تجاوزت هذه الأشياء، فطالما أحببت الدور لا يهمني عدد المشاهد، وأعمل بذات الحماس والدأب، وقد بذلت جهداً كبيراً لأن الحوار جاء بلغة صوفية وتضمن مقاطع طويلة من قصيدة منسوبة للإمام علي استغرقت أياماً لحفظها».
وفي مسلسل «الاختيار 3» جسد مخيون شخصية مرشد جماعة الإخوان، وفي «انحراف» أدى شخصية «سالم الإجرامي» الذي يدير المؤامرات ويدفع بشقيقته لحبل المشنقة، بينما جسد شخصية الأب الذي يتمتع بقدر من الثقافة ويعمل في تصليح الساعات، ويشعر بالقهر والحزن لأجل الظروف التي عاشها ابنه في مسلسل «توبة».
يعبر الفنان عن سعادته بهذه الأدوار، ويعلق: «استمتعت بها كممثل، وسعدت بردود الأفعال من الجمهور والنقاد، لكنني أتمنى أن يكون لها رد فعل عند الكتاب الذين لا يمنحون مساحة أدوار جيدة لكبار الفنانين، وللمنتجين الذين لا يقدرون تاريخ الفنان، وكثيراً ما اصطدم بجهل بعض شركات الإنتاج التي تحاول أن تقلل من أجر الفنانين الكبار، وهذه مسألة مقيتة جداً».
يعترف مخيون بأنها المرة الأولى التي يرتبط فيها بتصوير أربعة أعمال في وقت واحد، حسبما يقول: «لولا أن هناك إدارة نظمت لي ذلك لما نجحت في الجمع بينها، فأنا بمفردي فاشل في إدارة نفسي، والفنان مهما كانت موهبته دون إدارة ناجحة لن يحقق كل ما يتمناه ويستحقه، كثيرون نصحوني بذلك، وأولهم الفنانة سعاد حسني، وكذلك السيناريست الراحل عبد الحي أديب، والناقد عصام بصيلة، كانوا يرون جميعاً أنني موهبة بحاجة لمن يديرها، ولم أستطع تحقيق ذلك، فقد تعاملت مع الفن بروح الهواية، وهذا أمر قد يكون له أثر طيب في منتجي الفني، لكنه أضرني في التعامل».
ويتابع: لا أنسي ما قاله عني الشاعر أمل دنقل، فقد وصفني بأنني «ريشة في مهب الريح»، وكان يرى أنني منطلق بلا أي حسابات، وقد كان صديقي وعشنا معاً سنوات طويلة في شقتي بوسط البلد، وألقيت كثيراً من أشعاره، وسجلت بصوتي قصيدته «لا تصالح» وهي من أجمل قصائده.
ويعترف الفنان بأن تاريخه الفني حافل بالاعتذارات عن أعمال ترشح لها، موضحاً: «أعتذر إما لعدم توافق العمل مع توجهاتي السياسية، أو معتقداتي، وإما لأنه كتب بشكل ركيك، وقد خسرت أعمالاً كثيرة لتوجهاتي السياسية لكنني راضٍ عن نفسي، وأذكر أنه أثناء وجودي في فرنسا بعدما حصلت على منحة دراسية بها كنت أكتب مقالات للصحف لتساعدني على المعيشة، في ذلك الوقت عرض على بطولة فيلم (كما البحر وأمواجه) تأليف وإخراج الإسرائيلية (إيت نابوليتي) وهي يهودية لبنانية تحكي فيه قصتها والفيلم يحمل دعوة للتطبيع، كان ذلك عقب معاهدة كامب ديفيد مباشرة، لكنني اعتذرت عنه لموقفي الرافض للتطبيع رغم أنه تم عرض أجر كبير كنت في أشد الحاجة إليه».
وأسس عبد العزيز مخيون «مسرح الفلاحين» تأثراً بكتابات الأديب يوسف إدريس، وكما يروي: قرأت 3 مقالات للكاتب الكبير يوسف إدريس تحت عنوان «نحو مسرح مصري» ثم جاء كتاب «قالبنا المسرحي» للأديب توفيق الحكيم الذي أثار جدلاً كبيراً، وتأثراً بما طرحه إدريس والحكيم وبمقالات الناقد د. علي الراعي، أخذت زمام المبادرة واتجهت للقرية في محاولة لاستنباط شكل مسرحي نابع من ظروفنا وبيئتنا، وقدمت مسرحية «الصفقة» لتوفيق الحكيم تحت عنوان «صفقة توفيق الحكيم كما يراها فلاحو قرية زكي أفندي» وهي القرية التي اخترتها لأبدأ منها، وبعد ذلك أخرجت مسرحيات قصيرة صغيرة من تأليف مواطني القرية، كنصوص من أرض الواقع، كنت أعمل فيها كمخرج ومؤلف ومنشط فني وثقافي وخضت لأجلها تجربة محو لأمية أهالي القرية، وقد عطلتني عن عملي كممثل ولم تجد التجربة ترحيباً ولا دعماً من الدولة وسجلتها في كتابي «يوميات مخرج مسرحي في قرية مصرية.