{إكسبو 2015} معرض ميلانو الدولي.. كثير من الصخب وقليل من المحتوى

8 دول عربية مشاركة بأجنحة خلابة في أكبر تظاهرة عالمية

جناح بريطانيا
جناح بريطانيا
TT

{إكسبو 2015} معرض ميلانو الدولي.. كثير من الصخب وقليل من المحتوى

جناح بريطانيا
جناح بريطانيا

ما هي أطول مسافة يمكنك أن تقطعها على رجليك تحت أشعة الشمس لتشاهد أكبر معرض دولي في العالم ورؤية أجنحة خمسين دولة وشركة ومؤسسة؟
الكل في إيطاليا يتحدث عن «إكسبو 2015» في المدينة الراقية الأنيقة ميلانو عبر حملة دعائية مركزة منذ افتتاحه في الأول من الشهر الحالي وحتى آخر أكتوبر (تشرين الأول) القادم. الهدف إخراج إيطاليا من أزمتها الاقتصادية وشعار الحملة «الغذاء والطاقة المستدامة» والتقديرات أن عدد الزوار سيتجاوز 29 مليون زائر.
حين تتفقد المعرض ستدهشك أبنية الأجنحة بتصميمها المبتكر والمنتشرة على مسافات واسعة في منطقة خارج ميلانو تمتد على مسافة 110 هكتارات أو ما يزيد على مليون متر مربع من أرض زراعية سابقا. لكي تصل إلى معرض إكسبو من وسط المدينة عليك أن تأخذ الخط الجديد لقطار تحت الأرض (المترو) الذي يتوقف في 15 محطة قبل وصولك إلى المعرض، حيث تستغرق الرحلة 25 دقيقة بكلفة 5 يورو ذهابا وإيابا (أي 5 دولارات ونصف) وتذكرة الدخول ستكلف 39 يورو (أو 43 دولارا). ثم تبدأ رحلتك المضنية على الأقدام لعدم وجود أي وسيلة للتنقل داخل المعرض أو خريطة تدلك على مواقع الأجنحة، بل عليك سؤال المتطوعين كدليل سياحي الذين يملكون نسخة واحدة من الخريطة المطبوعة. بعد هذا الإزعاج يمكنك أن تتمتع برؤية العالم بأجمعه والتلذذ بأطعمته المتنوعة، وعليك أن تنسى سوء معاملة المكتب الصحافي للمعرض والفوضى التي يكونها الهواة من العاملين فيه.
كانت الفكرة الأصلية للمعرض التركيز على التغذية في العالم، لكنها تبدلت تدريجيا إلى الطعام والغذاء والمطاعم من كل بلد ومقاطعة. جميع المشاركين يحاولون لفت انتباه الزائر بكل الوسائل المغرية وحتى الأصوات العالية، لكن الكثيرين من سكان ميلانو ما زالوا يذكرون المظاهرات الدموية التخريبية في اليوم التالي للافتتاح والمواجهة مع الشرطة وهم يحملون لافتات كتب عليها «لا للمعرض» و«المعرض أفضل طريقة لحرق المال العام».
يتفق الكثير من المراقبين على أن معرض إكسبو جدير بالزيارة، لكنه مثير للجدل وشعاره حول توفير الغذاء للعالم والطاقة المستدامة مدى الحياة جيد، لكنه يبقى بعيد المنال في المدى القصير رغم كل الحملات الدعائية وكل المحاضرات وورش العمل اليومية. بلغت تكاليف إنشاء هذه التظاهرة العالمية خلال السنوات السبع الماضية نحو 13 مليار دولار وهناك اتهامات كثيرة بالفساد والرشوة والتبذير، لكن حين تزور المعرض بنفسك سترى أنه سيترك أثرا إيجابيا على إيطاليا وربما العالم رغم أنه يمثل طريقة تقليدية في جذب الانتباه وتوعية الجماهير والسياح منذ أن أقيم معرض لندن الشهير عام 1851.
يقول ماتيو غاتو مدير التصميم في المعرض: «حاولنا إنشاء مسرح لكل الممثلين ليسمع الناس أصواتهم»، ويذكر ستيفانو بويري المهندس الإيطالي المسؤول سابقا عن الخطة العامة للمعرض «نعتقد أنها فرصة سانحة لعمل شيء مختلف جذريا لكي تستفيد مدينة ميلانو من التركة التي يخلفها المعرض». شارك بويري عددا من المهندسين المعماريين الدوليين في إرساء أسس هذا المشروع ومن بينهم مكتب هرتزوغ ودي مورون السويسري وريكي بورديت الأميركي وجون بوسكيت الإسباني الذي خطط ألعاب برشلونة الأولمبية عام 1992. كانت فكرة هؤلاء المخططين إشادة أجنحة يذكرها الزوار لا تلك الأجنحة الكثيرة المتنافسة التي لا يذكرها أحد كما رأينا في معرض شنغهاي عام 2010.
بالفعل ستجد في مجموعة «القهوة» ما يلفت انتباهك عن زراعة وإنتاج القهوة في جزر التيمور قرب إندونيسيا أو رواندا في أفريقيا ثم تتناول القهوة الإيطالية من نوع اسبريسو أو كابوتشينو في جناح شركة «إيلي» للقهوة أو القهوة العربية في جناح دولة الإمارات وننصحك بالابتعاد عن القهوة المخلوطة بشراب الجنسينغ القادم من كوريا الجنوبية. أما مجموعة الشوكولاته فسترى كيفية زراعة الكوكا ثم تصنيعها في الكاميرون والغابون في أفريقيا وبعدها تتناول الشوكولاته الساخنة في جناح شركة ليندت السويسرية أو المخلوطة بالبندق «نوتيلا» في جناح شركة فيريرو الإيطالية، علما بأن أفضل أنواع القهوة تنتج في كولومبيا والبرازيل وأفضل أنواع الكوكا في فنزويلا أو ساحل العاج.
تشارك في معرض إكسبو 8 دول عربية أغلبها من دول الخليج وهي الإمارات العربية المتحدة وقطر والكويت والبحرين وعمان والسودان ومصر والمغرب. جناح الإمارات يستحوذ على أكبر شعبية بين الزوار، فهناك طابور طويل من الجمهور الذي ينتظر دوره للدخول ورؤية فيلم ممتاز من إخراج إيطالي يعرض على شاشة واسعة ثلاثية الأبعاد ويروي قصة الإمارات وكيف تطورت من بلد فقير يعتمد على النخيل إلى دولة حديثة تتعالى فيها ناطحات السحاب والأبراج وكيف انتقل الحلم إلى حقيقة. يعمل في الجناح كثير من المرافقين والمرافقات لشرح محتوياته وهم مثال اللطف والأدب ومن بينهم عائشة مراد التي تعرف كل شاردة وواردة عن بلادها، وقالت إن معرض إكسبو القادم عام 2020 سيكون في دبي. نال تصميم جناح الإمارات وألوان الصحراء على جدرانه الخارجية إعجابا منقطع النظير، أما جناح السودان فكان جميلا ومتواضعا ويبيعون فيه المنتجات الجلدية المعروفة في السودان. جناح مملكة البحرين كان مثل واحة مريحة للاحتماء من حرارة الشمس والرطوبة العالية وتجد فيه آثار البحرين القديمة حين كانت تسمى ديلمون وأشجار الفاكهة فيها من العنب والرمان والتين والتمر وبإمكانك تناول وجبة بحرينية تقليدية مثل المضروبة بالدجاج والسبانخ والتوابل. مصمم الجناح مهندس معماري هولندي استوحى فكرة التصميم من أيام ديلمون، وذكر مدير الجناح خليفة بن أحمد آل خليفة ومعاونه محمد العلوي أن الجناح سيجري تفكيكه ونقله إلى البحرين بعد نهاية المعرض كي يتمكن سكان البحرين من رؤيته.
من الأجنحة التي يستوجب التوقف عندها جناح الأمم المتحدة الكبير وفيه شرح يفيد الأطفال والكبار عن أولويات العالم في توفير الغذاء للجميع والمحافظة على البيئة والحفاظ على المياه، لكن الإضاءة فيه قاتمة نوعا ما، وكذلك جناح دولة الفاتيكان وإنجلترا التي يمتاز تصميم جناحها بشكل خلية للنحل، وكذلك الجناح الأميركي والبلجيكي وجناح تركمانستان على الطريقة السوفياتية الضخمة المنتفخة والطريف أن جناح مطاعم ماكدونالد يجاوره ويعطي انطباعا معاكسا له. جناح إيطاليا فريد من نوعه، ويقول ماركو باليك مدير الجناح: «إن التفوق الفني والثقافي في دمنا وعروقنا، وهدفنا أن يشعر الشباب بالفخر لما ننتجه، فالقول إن ما نرمي إليه هو توفير الغذاء للعالم كله يعني أن نحافظ على تراثنا الغني من موارد طبيعية وفنية وحسن الأكل، وبذا يشعر الزائر أن إيطاليا بلد خصب جيد يسير على الطريق السليم».
نشاطات المعرض اليومية متنوعة ووافرة وتتطلب إقامة مستمرة لمدة أسبوع على الأقل، فهناك عرض خاص للتوابل في آسيا والبدانة كمشكلة غذائية وهناك حفلات غنائية ورقصة التانغو من الأرجنتين ومسرح في الهواء الطلق تشارك فيه مجموعة «سيرك دو سوليه» وحلقة دراسية عن الجوع وسوء التغذية ومنافسة بين ملكتي جمال إيطاليا كلاريسا ماركيزي وجوليا أرينا حول الطبخ في بلاد البحر الأبيض المتوسط، وجلسة تذوق للأجبان من بعض المقاطعات الإيطالية وشرح مبسط عن فكرة الغذاء البطيء (على عكس الوجبات السريعة) و26 طاهيا إيطاليا يتحدثون عن مطبخ بلادهم ومحاضرة عن صحارى العالم وأخرى عن قصة الأرز ومناظرة عن براعة جمهورية التشيك في إنتاج مربات الفواكه تتلوها مذاقات لتلك المربات وجلسة عمل بين الطهاة العالميين بعنوان «العالم في صحن».
انتهزت ميلانو الفرصة لتجديد نفسها وترويج منتجاتها وأقامت معرضا فنيا خارج إكسبو عن دورها في أواخر القرون الوسطى وبدء عصر النهضة الأوروبية من إيطاليا كما جرى تجديد أكبر كنيسة في المدينة وهي الدومو، وتعتبر من أكبر كنائس أوروبا التي استغرق بناؤها خمسة قرون فتم تبديل الرخام القديم فيها وستعرض في الساحة الواسعة أمامها أوبرا «موسى في مصر» للموسيقار روسيني، بينما تعرض أوبرا لا سكالا المجاورة العريقة أوبرا «توراندو» الشهيرة للموسيقار بوتشيني التي تدور أحداثها في الصين.
هل سيعود الأمل إلى إيطاليا بهذا المعرض؟ إنها محاولة جدية لتبديل الوضع النفسي للإيطاليين وحثهم على مشاركة العالم في النمو بترويج السياحة والطعام الإيطالي اللذيذ والتصميم المبتكر للأبنية ولمعدات المطبخ من آلة تحميص الخبز إلى الثلاجة وشعارهم «حين يصبح الطعام فنا».



رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
TT

رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»

إنه «فضلو» في «بياع الخواتم»، و«أبو الأناشيد الوطنية» في مشواره الفني، وأحد عباقرة لبنان الموسيقيين، الذي رحل أول من أمس (الأربعاء) عن عمر ناهز 84 عاماً.
فبعد تعرضه لأزمة صحية نقل على إثرها إلى المستشفى، ودّع الموسيقي إيلي شويري الحياة. وفي حديث لـ«الشرق الأوسط» أكدت ابنته كارول أنها تفاجأت بانتشار الخبر عبر وسائل التواصل الاجتماعي قبل أن تعلم به عائلته. وتتابع: «كنت في المستشفى معه عندما وافاه الأجل. وتوجهت إلى منزلي في ساعة متأخرة لأبدأ بالتدابير اللازمة ومراسم وداعه. وكان الخبر قد ذاع قبل أن أصدر بياناً رسمياً أعلن فيه وفاته».
آخر تكريم رسمي حظي به شويري كان في عام 2017، حين قلده رئيس الجمهورية يومها ميشال عون وسام الأرز الوطني. وكانت له كلمة بالمناسبة أكد فيها أن حياته وعطاءاته ومواهبه الفنية بأجمعها هي كرمى لهذا الوطن.
ولد إيلي شويري عام 1939 في بيروت، وبالتحديد في أحد أحياء منطقة الأشرفية. والده نقولا كان يحضنه وهو يدندن أغنية لمحمد عبد الوهاب. ووالدته تلبسه ثياب المدرسة على صوت الفونوغراف الذي تنساب منه أغاني أم كلثوم مع بزوغ الفجر. أما أقرباؤه وأبناء الجيران والحي الذي يعيش فيه، فكانوا من متذوقي الفن الأصيل، ولذلك اكتمل المشوار، حتى قبل أن تطأ خطواته أول طريق الفن.
- عاشق لبنان
غرق إيلي شويري منذ نعومة أظافره في حبه لوطنه وترجم عشقه لأرضه بأناشيد وطنية نثرها على جبين لبنان، ونبتت في نفوس مواطنيه الذين رددوها في كل زمان ومكان، فصارت لسان حالهم في أيام الحرب والسلم. «بكتب اسمك يا بلادي»، و«صف العسكر» و«تعلا وتتعمر يا دار» و«يا أهل الأرض»... جميعها أغنيات شكلت علامة فارقة في مسيرة شويري الفنية، فميزته عن سواه من أبناء جيله، وذاع صيته في لبنان والعالم العربي وصار مرجعاً معتمداً في قاموس الأغاني الوطنية. اختاره ملك المغرب وأمير قطر ورئيس جمهورية تونس وغيرهم من مختلف أقطار العالم العربي ليضع لهم أجمل معاني الوطن في قالب ملحن لا مثيل له. فإيلي شويري الذي عُرف بـ«أبي الأناشيد الوطنية» كان الفن بالنسبة إليه منذ صغره هَوَساً يعيشه وإحساساً يتلمسه في شكل غير مباشر.
عمل شويري مع الرحابنة لفترة من الزمن حصد منها صداقة وطيدة مع الراحل منصور الرحباني. فكان يسميه «أستاذي» ويستشيره في أي عمل يرغب في القيام به كي يدله على الصح من الخطأ.
حبه للوطن استحوذ على مجمل كتاباته الشعرية حتى لو تناول فيها العشق، «حتى لو رغبت في الكتابة عن أعز الناس عندي، أنطلق من وطني لبنان»، هكذا كان يقول. وإلى هذا الحد كان إيلي شويري عاشقاً للبنان، وهو الذي اعتبر حسه الوطني «قدري وجبلة التراب التي امتزج بها دمي منذ ولادتي».
تعاون مع إيلي شويري أهم نجوم الفن في لبنان، بدءاً بفيروز وسميرة توفيق والراحلين وديع الصافي وصباح، وصولاً إلى ماجدة الرومي. فكان يعدّها من الفنانين اللبنانيين القلائل الملتزمين بالفن الحقيقي. فكتب ولحن لها 9 أغنيات، من بينها «مين إلنا غيرك» و«قوم تحدى» و«كل يغني على ليلاه» و«سقط القناع» و«أنت وأنا» وغيرها. كما غنى له كل من نجوى كرم وراغب علامة وداليدا رحمة.
مشواره مع الأخوين الرحباني بدأ في عام 1962 في مهرجانات بعلبك. وكانت أول أدواره معهم صامتة بحيث يجلس على الدرج ولا ينطق إلا بكلمة واحدة. بعدها انتسب إلى كورس «إذاعة الشرق الأدنى» و«الإذاعة اللبنانية» وتعرّف إلى إلياس الرحباني الذي كان يعمل في الإذاعة، فعرّفه على أخوَيه عاصي ومنصور.

مع أفراد عائلته عند تقلده وسام الأرز الوطني عام 2017

ويروي عن هذه المرحلة: «الدخول على عاصي ومنصور الرحباني يختلف عن كلّ الاختبارات التي يمكن أن تعيشها في حياتك. أذكر أن منصور جلس خلف البيانو وسألني ماذا تحفظ. فغنيت موالاً بيزنطياً. قال لي عاصي حينها؛ من اليوم ممنوع عليك الخروج من هنا. وهكذا كان».
أسندا إليه دور «فضلو» في مسرحية «بياع الخواتم» عام 1964. وفي الشريط السينمائي الذي وقّعه يوسف شاهين في العام التالي. وكرّت السبحة، فعمل في كلّ المسرحيات التي وقعها الرحابنة، من «دواليب الهوا» إلى «أيام فخر الدين»، و«هالة والملك»، و«الشخص»، وصولاً إلى «ميس الريم».
أغنية «بكتب اسمك يا بلادي» التي ألفها ولحنها تعد أنشودة الأناشيد الوطنية. ويقول شويري إنه كتب هذه الأغنية عندما كان في رحلة سفر مع الراحل نصري شمس الدين. «كانت الساعة تقارب الخامسة والنصف بعد الظهر فلفتني منظر الشمس التي بقيت ساطعة في عز وقت الغروب. وعرفت أن الشمس لا تغيب في السماء ولكننا نعتقد ذلك نحن الذين نراها على الأرض. فولدت كلمات الأغنية (بكتب اسمك يا بلادي عالشمس الما بتغيب)».
- مع جوزيف عازار
غنى «بكتب اسمك يا بلادي» المطرب المخضرم جوزيف عازار. ويخبر «الشرق الأوسط» عنها: «ولدت هذه الأغنية في عام 1974 وعند انتهائنا من تسجيلها توجهت وإيلي إلى وزارة الدفاع، وسلمناها كأمانة لمكتب التوجيه والتعاون»، وتابع: «وفوراً اتصلوا بنا من قناة 11 في تلفزيون لبنان، وتولى هذا الاتصال الراحل رياض شرارة، وسلمناه شريط الأغنية فحضروا لها كليباً مصوراً عن الجيش ومعداته، وعرضت في مناسبة عيد الاستقلال من العام نفسه».
يؤكد عازار أنه لا يستطيع اختصار سيرة حياة إيلي شويري ومشواره الفني معه بكلمات قليلة. ويتابع لـ«الشرق الأوسط»: «لقد خسر لبنان برحيله مبدعاً من بلادي كان رفيق درب وعمر بالنسبة لي. أتذكره بشوشاً وطريفاً ومحباً للناس وشفافاً، صادقاً إلى أبعد حدود. آخر مرة التقيته كان في حفل تكريم عبد الحليم كركلا في الجامعة العربية، بعدها انقطعنا عن الاتصال، إذ تدهورت صحته، وأجرى عملية قلب مفتوح. كما فقد نعمة البصر في إحدى عينيه من جراء ضربة تلقاها بالغلط من أحد أحفاده. فضعف نظره وتراجعت صحته، وما عاد يمارس عمله بالشكل الديناميكي المعروف به».
ويتذكر عازار الشهرة الواسعة التي حققتها أغنية «بكتب اسمك يا بلادي»: «كنت أقفل معها أي حفل أنظّمه في لبنان وخارجه. ذاع صيت هذه الأغنية، في بقاع الأرض، وترجمها البرازيليون إلى البرتغالية تحت عنوان (أومينا تيرا)، وأحتفظ بنصّها هذا عندي في المنزل».
- مع غسان صليبا
مع الفنان غسان صليبا أبدع شويري مرة جديدة على الساحة الفنية العربية. وكانت «يا أهل الأرض» واحدة من الأغاني الوطنية التي لا تزال تردد حتى الساعة. ويروي صليبا لـ«الشرق الأوسط»: «كان يعد هذه الأغنية لتصبح شارة لمسلسل فأصررت عليه أن آخذها. وهكذا صار، وحققت نجاحاً منقطع النظير. تعاونت معه في أكثر من عمل. من بينها (كل شيء تغير) و(من يوم ما حبيتك)». ويختم صليبا: «العمالقة كإيلي شويري يغادرونا فقط بالجسد. ولكن بصمتهم الفنية تبقى أبداً ودائماً. لقد كانت تجتمع عنده مواهب مختلفة كملحن وكاتب ومغنٍ وممثل. نادراً ما نشاهدها تحضر عند شخص واحد. مع رحيله خسر لبنان واحداً من عمالقة الفن ومبدعيه. إننا نخسرهم على التوالي، ولكننا واثقون من وجودهم بيننا بأعمالهم الفذة».
لكل أغنية كتبها ولحنها إيلي شويري قصة، إذ كان يستمد موضوعاتها من مواقف ومشاهد حقيقية يعيشها كما كان يردد. لاقت أعماله الانتقادية التي برزت في مسرحية «قاووش الأفراح» و«سهرة شرعية» وغيرهما نجاحاً كبيراً. وفي المقابل، كان يعدها من الأعمال التي ينفذها بقلق. «كنت أخاف أن تخدش الذوق العام بشكل أو بآخر. فكنت ألجأ إلى أستاذي ومعلمي منصور الرحباني كي يرشدني إلى الصح والخطأ فيها».
أما حلم شويري فكان تمنيه أن تحمل له السنوات الباقية من عمره الفرح. فهو كما كان يقول أمضى القسم الأول منها مليئة بالأحزان والدموع. «وبالقليل الذي تبقى لي من سنوات عمري أتمنى أن تحمل لي الابتسامة».